كانت قطرات الماء تنفجر في حذائها الأحمر، فتنجب قطرات أصغر تطير عكس إتجاه حركتها السريعة.. قدماها تتحركان برشاقة عصفور، وكأنما تتلهف للوصول إلى مكان ما. مظلتها الشفافة تُدَرِّع شعرها الملفوف للأعلى من هجمات المطر، ترتدي معطفاً أسوداً يقيها من البرد. لا زالت رائحته عالقة بالمعطف. اليوم ستعيد له المعطف، وترمي له خطاباته الغرامية، وتقطع علاقتها به نهائياً وإلى الأبد. جهزت خطاباً قصيراً مكثفاً وحاسماً. كانت خائفة من التراجع في آخر لحظة كما تفعل دائماً. تتراجع لأنها تخاف من الخسارة، رغم أنها لا تعرف كيف يمكن أن تلحق بها الخسارة، ولكن جهلها بالمستقبل هو الذي يرسم صورة الخسارة الشيطانية أمام عينيها. ولكي تبعد عن رأسها التفكير السلبي، تخيلت أرانب ترتدي قبعات سوداء، أوركسترا من الأرانب، تسير في طابور وتعزف الحاناً غريبة، الأرانب تلتفت وتنظر إليها أثناء سيرها ثم تبتسم بخبث وتواصل السير البطيء كسير مجموعة من الجنود في طابور العرض. ترفع الأرانب قدمها اليمنى وتتركها معلقة في الهواء لبرهة، ثم تعود وتضرب بها الأرض وهي ترفع قدمها اليسرى، وهكذا.
كانت شقته مضيئة، إضاءة صفراء شاحبة. بل بدا لها أنها إضاءة متأرجحة. إذاً فقد جهز الجلسة الرومانسية حيث تتوسط المائدة شمعة على شمعدان فضي. إنه خبير في مثل هذه الأكاذيب. تعرف أنه نصاب، يخدرها، ويثبط غضبها، فتنطفئ جذوة الثورة داخلها، وتهبط روحها القتالية. يمتصها بكلماته وحركاته السريعة، حين يمسك بكفها ويضع يده الأخرى على خصرها، ثم يقودها إلى الطاولة فيبعد المقعد للوراء قليلاً ويدعوها إلى الجلوس، وكملكة تقف أمام المقعد فيدفعه هو بحذر ناحيتها فتجلس، وتفض عقدة شعرها فينساب خلف ظهرها. حينها ينظر إلى شعرها بذهول وعيناه تلمعان، يلقي قصيدة على جماله. وتنهار كل دفاعاتها. تتحطم حصونها. وتهجم جيوشه على قلبها، وتجهز عليه.
تصعد السلم بحذر، حذاؤها الأحمر يصدر طقطقة خفيفة، لكن صداها يرتد اعلى منها، درجة درجة تصعد ويدها تتشبث بقاعدة السلم الحديدية. كانت العمارة قديمة جداً، لذلك فدرجات السلم عالية، وهي لا تريد أن تتعرق أو يأخذ اللهاث برئتيها. لذلك تصعد كجنود ينقلون خبر وفاة جندي إلى زوجته. الدور الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، تتوقف وتخلع المعطف، ويظهر فستان الشفون الأحمر، ذو الياقة الطويلة المبطنة. فتلتقط أنفاسها، ثم تخرج المرآة من حقيبتها الحمراء، وتتأمل وجهها، ثم تعيدها وتخرج زجاجة عطر، وتهمس لنفسها، سأجعله يندم، يجب أن يندم، يجب أن يعرف أن هجري له خسارة أكبر مما كان يتصور. تلتقط أنفاساً أخيرة، وتشد فستانها لأسفل قليلاً حتى لا تظهر التجاعيد، ثم تتجه إلى باب الشقة، ومن خلف الزجاج القديم ترى ظل الشمعة والكأسين على الطاولة والباب مفتوح قليلاً، فتدفعه ببطء وعيناها غاضبتان، لكنها ترفع بصرها لأعلى ثم تطلق صرخة جزعة وتسقط مغشياً عليها.
الأرانب ذات أسنان رباعية طويلة، لذلك فضحكتها كريهة جداً، هناك الأرنب الذي يحمل الساكس في المؤخرة، أما في المقدمة فهناك الأرنب حامل الطبل، وبينهما الأرانب الأخرى، تسير وهي ترفع قدماً وتضع أخرى بحركة رتيبة وتعزف لحناً غريياً، لحناً لا يمكن تصنيفه أبداً.
(تمت)
كانت شقته مضيئة، إضاءة صفراء شاحبة. بل بدا لها أنها إضاءة متأرجحة. إذاً فقد جهز الجلسة الرومانسية حيث تتوسط المائدة شمعة على شمعدان فضي. إنه خبير في مثل هذه الأكاذيب. تعرف أنه نصاب، يخدرها، ويثبط غضبها، فتنطفئ جذوة الثورة داخلها، وتهبط روحها القتالية. يمتصها بكلماته وحركاته السريعة، حين يمسك بكفها ويضع يده الأخرى على خصرها، ثم يقودها إلى الطاولة فيبعد المقعد للوراء قليلاً ويدعوها إلى الجلوس، وكملكة تقف أمام المقعد فيدفعه هو بحذر ناحيتها فتجلس، وتفض عقدة شعرها فينساب خلف ظهرها. حينها ينظر إلى شعرها بذهول وعيناه تلمعان، يلقي قصيدة على جماله. وتنهار كل دفاعاتها. تتحطم حصونها. وتهجم جيوشه على قلبها، وتجهز عليه.
تصعد السلم بحذر، حذاؤها الأحمر يصدر طقطقة خفيفة، لكن صداها يرتد اعلى منها، درجة درجة تصعد ويدها تتشبث بقاعدة السلم الحديدية. كانت العمارة قديمة جداً، لذلك فدرجات السلم عالية، وهي لا تريد أن تتعرق أو يأخذ اللهاث برئتيها. لذلك تصعد كجنود ينقلون خبر وفاة جندي إلى زوجته. الدور الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، تتوقف وتخلع المعطف، ويظهر فستان الشفون الأحمر، ذو الياقة الطويلة المبطنة. فتلتقط أنفاسها، ثم تخرج المرآة من حقيبتها الحمراء، وتتأمل وجهها، ثم تعيدها وتخرج زجاجة عطر، وتهمس لنفسها، سأجعله يندم، يجب أن يندم، يجب أن يعرف أن هجري له خسارة أكبر مما كان يتصور. تلتقط أنفاساً أخيرة، وتشد فستانها لأسفل قليلاً حتى لا تظهر التجاعيد، ثم تتجه إلى باب الشقة، ومن خلف الزجاج القديم ترى ظل الشمعة والكأسين على الطاولة والباب مفتوح قليلاً، فتدفعه ببطء وعيناها غاضبتان، لكنها ترفع بصرها لأعلى ثم تطلق صرخة جزعة وتسقط مغشياً عليها.
الأرانب ذات أسنان رباعية طويلة، لذلك فضحكتها كريهة جداً، هناك الأرنب الذي يحمل الساكس في المؤخرة، أما في المقدمة فهناك الأرنب حامل الطبل، وبينهما الأرانب الأخرى، تسير وهي ترفع قدماً وتضع أخرى بحركة رتيبة وتعزف لحناً غريياً، لحناً لا يمكن تصنيفه أبداً.
(تمت)