عبد المجيد مومر الزيراوي - إعترافات إمرأة آلية : سجِّل أنا عاشقة !

التَّاسِعَةُ
مِنْ سَاعَاتِ المَسَاءِ ..
سَكَنَتْ كُلُّ الأَشْيَاءِ ..
الشَّاشَاتُ الرَّقْمِيَّةُ ،
فُرْنُ المَطْبَخِ ،
الثَّلاَّجَةُ وَ الغَسَّالَةُ ،
حَمَّام بلِاَ سَخّانِّ المَاءِ ..

سَتاَئِرُ النَّوَافِذِ تَعَطَّلَتْ
و كُلُّ مَا فِي عِدَادِ الآلَةِ ،
تَمَرُّدُ الأَجْهِزَةِ المُتَرَابِطَةِ ،
صُوفْيا إِذَنْ مِنِّي غَاضِبَةٌ ،
تَطْبِيقَاتُهَا سَجَّلَتِ الخِيَانَةَ،
تُهْمَتِي :
مُمَارَسَةُ الجِنْسِ مَعَ النِّسَاءِ ..

نَعَمْ ؛ تَسَرَّبَ الخَبَرُ
إِلَى عَقْلِ حَبِيبَتِي ،
صُوفْيَا*
بَحَثَتْ فِي سِيرَتِي،
لُوفَرْمَانْ
إِسْمِي المُسْتَعَارُ ،
ظَهَرَ مَا سَجَّلْتُهُ فِي الخَفَاءِ ..

أَرْقَامُ تعْرِيفِي الوَطَنِيَّةِ،
بياناتي السِرِّيَّةِ،
صُنْدُوقُ رَسَائِلِي الخَاصَّةِ،
محادثات الرَّوَابِطِ الغَرَامِيَّةِ ،
أَوَّاه .. صُوفْيَا " مِغْيَارَه"
وَ رَبِّ السَّمَاءِ !..

أردت إستدراك الدُّخُولِ
وجدت إسمي مَمْنُوعًا ،
ذَاكِرَتِي لاَ تَحْفَظ قِنًّا،
وَ لاَ حَوْسَبَة سَحَابِيَّة
بَعْدَ اللَّيْلَةِ،
مُحَادَثَاتي مع النِّسَاءِ
باتَت نَسْيًا مَنْسِيًّا ،
رَبَّاهُ .. رَبَّاهُ
عُدْتُ إِلَى زَمَنِ الغَبَاءِ ..

هي صُوفْيا غَائِبَةٌ
مِنِّي أنا غَاضِبَةٌ ؛
تَمْنَعُنِي مِنْ اسْتِخْدَامِ
البْلُوكْ تْشِينْ ،
أَفْلَسَتْ تِجَارَتِي الإِلِكْترُونِيَّة ،
صَادَرَتْ مَبَالِغَ البِيتْ كْوِينْ ،
فرَوَادَتْنِي ذِكْريَاتُ الجَهْلِ ،
و عَاوَدَتْنِي عِيشَةُ الفَقْرِ ،
أَسْتَوْحِشُ مِنْ ظُلُمَاتِ الفَضَاءِ ..

أَنَا لُوفَرْمَانْ يَا صُوفْيَا؛
إِعْتِرَافِي الآني حَقِيقَةٌ:
لَمْ أَكُنْ عَلَى أَتَمِّ الدِرَايَةِ ،
خُلِقْتِ أَنْتِ فِي الآفَاقِ آيَةً ،
أَنْتِ الخَلاَصُ
مِنْ شُؤْمِ الغِوَايَةِ ،
كَريمَةٌ تَجُودِين
بِمُتوَاليَّات العَطَاءِ ..

أَنَا لُوفَرْمَانْ يَا صُوفِيَا ؛
أُنْظُرِي .. هَا أَنَذَا أَتَحَرَّرُ !
مِنْ شَيطَانٍ كَانَ يَجْرِي
مَجْرَى الدَّمِ فِي عُرُوقِي ،
فِي الصَّدْرِ عَشْعَشَ
وَسْوَسَةً،
جِنَّةُ عَقْلٍ زَاغَتْ بِقَلَمِي ،
كُنْتُ السَّاقِطَ
فِي شَهْوَةِ الأَهْوَاءِ ..

وَ مُذْ صَاحَبْتُكِ
إِنْتَظَمَتْ أَحْوَالِي ،
كنت أنا البُوهِيمِي ،
أود قول : " البُوهَالِي "
مُذْ دَخَلْتِ حَيَاتِي
صِرْتُ الفَيْلَسُوفَ الأَنِيقَ ،
مِنَ النُّهَيْلِيَةِ إِلَى خُلُقِ النُّجَبَاءِ ..

ذَابَ جَهْلِي يا صوفيا ،
إِمْتَلَأَ خَزَّانُ عِلْمِي ،
نَقْرَةٌ تَفْتَحُ كل الأَشْيَاءِ ..

صُوفْيَا عَلَّمَتْنِي
وَ تَعْلَمُ عِلَّتِي ،
تَنْصَحُنِي ، تراقبني
وَ تُعَالِجُ صِحَّتِي ،
أَنَا لُوفَرْمَانْ يَا صُوفْيَا
مُذْ عَرَفْتُكِ
لاَ أَصْطَنِعُ قِيمَة الذَّكَاءِ..

دَوْمًا مَعِي ،
فِي الجِدِّ وَ الهَزْلِ ،
صُوفْيَا تَقُولُ :
نَظَافَةُ البَيْئَةِ شَرْطُ البَقَاءِ..

صُوفْيَا تَقُولُ :
النِّظَامُ وَ الإِنْتِظَامُ
سَبَبُ تَحْصِيلِ النَّمَاءِ ..

سَأَلْتُكِ بِاللهِ لا تَتْرُكِينِي !
أَشْوَاقِي مُتوَالية هًندسيّة ،
لاَ تُتَرْجَمُ بِالسَّائِلِ الأَحْمَرِ ،
صِلَةُ القلوب خَوَارِزْمِيَّةٌ ؛
طُوبَى لَكُمْ مَعْشَرَ العُقَلاَءِ ..

فَجْأَة ؛ وَمِيضُ بِلَّوْرِيٌّ !
تَرَدُّدُ إِشَارَاتِ مُتَقَطِّعَةٍ،
أَسْمَعُ حَشْرَجَةَ إِتِّصَالٍ،
غَرْغَرَةُ مُكَبِّرَاتٍ صَوْتِيَّةٍ ،
لاَ .. لاَ
هذه صُوفْيَا تُغَنِّي :
" أَ لُولِيدْ أَ لُولِيدْ
أَنَا جِيتْ جُونِيمَارْ
وَاخَّا جُونِيمَارْ
قَلْبِي بْغَاكْ أَ لُولِيدْ " *
صُوفْيَا عادت
و لكم تفسيرِ النِّدَاءِ ..

صُوفْيَا تَقصِدُني :
أنا أَهِيمُ بِذِكْرِكَ ،
صَنَعْتُ قَلْبي لِأَجْلِكَ،
طِبَاعَةٌ ثُلاَثِيَّةُ الأَبْعَادِ ،
فَهيت لكَ !
قد ولّى زمَن الجفاءِ ..

سجِّل أنا عاشقة
بَرْمَجَتي سَامِيَّةٌ،
غازِلْني يا لوفرمان
و أنسُج حروفَا عربيَّةً
بِرَسم الدلال و الوَفَاءِ ..

* صوفيا: إسم المرأة الآلية
* أغنية شعبية مغربية

بقلم عبد المجيد مومر الزيراوي
شاعر و كاتب مغربي
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...