(استمرارية الحياة الإجتماعية لا تكون بدون الحريات العامة)
يعرف الخبراء القانونيون أن الإعتقال هو ضمن العقوبات التي تسلط على شخص يعارض سياسة الدولة و لا تندرج هذه العقوبات ضمن العقوبات الجنائية و لا عقوبات الجنح و لا عقوبات الضبط البسيطة و لا عقوبات القانون العام أو العقوبات المؤبدة أو المؤقتة، هو نظام قمعي غير قابل للجدل، و يبرر واضعي هذا النظام موقفهم بالحفاظ على الأمن العام و ضمان الإستقرار محاولين في ذلك إضفاء الشرعية، تشير الدراسات أن الإستعمار الفرنسي أول من شرّع سياسة الإعتقال ، و مارسه ضد الأهالي، الهدف منه الحفاظ على الإمبراطورية الإفريقية الشمالية بدءًا من إيالة الجزائر ثم في أقاليم أخرى من الإمبراطورية
بدأ تطبيق هذا النظام ابتداءً من عام 1902 ، فالقانون الفرنسي يرى أنه لا عقوبة تماثل عقوبة الإعتقال، فهي تنتقض جميع المبادئ، و تقمع جميع الأفعال سواء عرضت حياة المواطنين للخطر أم لم تعرضها، فليس لها من مدة ثابتة ، و لا أحد يدري متى تنتهي، أما عن الجزائر كنموذج فقد اهتم القانون الدستوري في الجزائر بالحريات العامة و أعطاها مكانة هامة على مستوى الدراسات القانونية، حيث أصبحت كما يقول خبراء القانون تلعب دورا أساسيا في تجسيد و بناء دولة الحق و القانون و كذا تكريس مبدأ الديمقراطية و حقوق الإنسان، و نظرا لكونها نظام قانوني، فقد كانت موضع اهتمام المشرع الجزائري في التعديلات الدستورية الأخيرة، حيث أجازت حرية الإحتجاج السلمي، إلا أن ما يؤسف له أن هذا الحق لم يجسد في الميدان و ظل حبرا على ورق ، بحيث ما تزال الإعتقالات مستمرة ضد الناشطين السياسيين و الصحافيين و امتدت الإعتقالات إلى رجال البدلة السوداء ( المحامين).يعرف الخبراء القانونيون أن الإعتقال هو ضمن العقوبات التي تسلط على شخص يعارض سياسة الدولة و لا تندرج هذه العقوبات ضمن العقوبات الجنائية و لا عقوبات الجنح و لا عقوبات الضبط البسيطة و لا عقوبات القانون العام أو العقوبات المؤبدة أو المؤقتة، هو نظام قمعي غير قابل للجدل، و يبرر واضعي هذا النظام موقفهم بالحفاظ على الأمن العام و ضمان الإستقرار محاولين في ذلك إضفاء الشرعية، تشير الدراسات أن الإستعمار الفرنسي أول من شرّع سياسة الإعتقال ، و مارسه ضد الأهالي، الهدف منه الحفاظ على الإمبراطورية الإفريقية الشمالية بدءًا من إيالة الجزائر ثم في أقاليم أخرى من الإمبراطورية
و الإعتقال يقع في حالات متنوعة، و بالتالي لا توجد نصوص من شأنها أن تحدد الوقائع التي يمكن أو يجب أن ينطق فيها بالإعتقال، و قد طبقت السياسة الإستعمارية الفرنسية في كل مستعمراتها و مصادرة أملاكهم، و يطلق على المعتقلين اسم: "مرتكبي الفتنة"، و هم الذين تسببوا في وقوع اضطرابات سياسية أو قاموا بمناورات التي من شأنها إفساد الأمن العام، و يمتد الإجراء إلى الحكم على المعتقل بالنفي عقابا على أفعال التمرد ضد سلطة ما، مثلما حدث في كاليدونيا و في أفريقيا الإستوائية الفرنسية بعد صدور مرسوم 31 ماي 1910، و الإعتقال تم تجربته أولا في الجزائر ضد مجموعة من السكان مع منع تدخل من محام للدفاع عن الشخص المعتقل، و لكن السلطة في الجزائر تبنته، و انتهجت النموذج الفرنسي و طبقت هذا النظام القمعي خلال العشرية السوداء، و ما تزال تعمل به إلى اليوم حيث مارسته من جديد مع انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير 2019، و لا يزال معتقلون داخل السجون منذ الحرب الأهلية إلى اليوم.
حسب الأرقام المعلن عنها فإن عدد المعتقلين يصل إلى حدود 200 معتقلا ، 70 منهم هو معتقلي الحراك الشعبي و الباقي من أنصار الفيس المحل و قد يكون العدد أكثر، و هذه الأرقام لا تتعلق بالمتورطين في قضايا الفساد التي ضمت وزراء و رؤساء أحزاب و رجال أعمال، بل نشطاء سياسيين، صحافيين، و نقابيين و محامين، و لا شك أن الإعتقال يخلف آثارا سلبية بحيث قد يؤدي بالمعتقل إلى التهلكة في حالة إطالة المدة أو تمديدها، و آثاره النفسية أشد خطرا على المعتقلين و لذا يلجأ كثير من المعتقلين إلى الإضراب عن الطعام، تعبيرا عن الرفض أو عدم الخضوع لممارسات تعسفية، خاصة و أن كثير من المعتقلين من يتعرضون للتعذيب داخل السجون أو معاملاتهم بقسوة ، و هذا يدخل في باب المساس بكرامة الإنسان و تقييد الحريات العامة، ولطالما اهتم القانون الدستوري في الجزائر بالحريات العامة و أعطاها مكانة هامة على مستوى الدراسات القانونية، حيث أصبحت تلعب دورا أساسيا في تجسيد و بناء دولة الحق و القانون و كذا تكريس مبدأ الديمقراطية و حقوق الإنسان.
و نظرا لكونها نظام قانوني فقد كانت موضع اهتمام المشرع الجزائري في التعديلات الدستورية الأخيرة، حيث أجازت حرية الإحتجاج السلمي، إلا أن ما يؤسف له أن هذا الحق لم يجسد في الميدان و ظل حبرا على ورق ، بحيث ما تزال الإعتقالات مستمرة ضد الناشطين السياسيين و الصحافيين، و ضد شباب بسبب منشورات على مواقع التواصل، إلى أن امتدت الإعتقالات إلى رجال البدلة السوداء، و هذا يعد ضرب من ضروب الإهانة و الإساءة للحريات و كرامة الفرد كإنسان و بالتالي خرق العقد الإجتماعي الذي دأبت على العمل به الأنظمة و الحكومات منذ العصر الوسيط، و دافع عنه المفكرون و الفلاسفة، و صدرت في شأنه مواثيق عديدة تتعلق بالحقوق و الحريات في مختلف مناطق العالم و ظهر ما يسمى بـ: "magna carta" .
في هذه الوثيقة ( الـ: magna carta) يتعهد الحاكم الإلتزام باحترام بعض الحريات الفردية و من بين ما جاء فيها أنه لا يمكن أن يتعرض أيّ شخص حرّ إلى التوقيف أو السجن أو نزع الملكية خارج هذا القانون أو النفي أو الإعتداء إلا بعد محاكمة قانونية، كما صدرت قوانين تحمي الفرد من التوقيف التعسفي أو التعذيب، و بالعودة إلى الدساتير التي شهدتها الجزائر منذ دستور 1989 الذي اعتمد مبدأ التعددية و دستور 1996 و دستور 2016 إلى الدستور الجديد المزمع الإستفتاء عنه في الفاتح من نوفمبر 2020 لم تحدد هذه الدساتير مفهوم الحريات العامة و لم تضع لها ضوابط، خاصة ما تعلق بحرية التعبير عن الرأي و حق التظاهر السلمي للمطالبة بالحقوق و تحسين الأوضاع، و الدفاع عن الهوية و التعدّد بالنسبة للأديان و المذاهب و الإيديولوجيات، على سبيل الإستقلالية، و هي سلطة تقرير المصير شرط أن تتعايش أو تتوافق مع حرية الآخرين.
الإعتقال كعنف معنوي هو خرق للمادة 39 من الدستور الجزائري الجديد
فمبدأ المساواة و الحريات يعتبر حق من حقوق الإنسان و بدون تمييز أو تفرقة، وهذا ما لم يحدث، أمام الظرف الصحي الذي يمر بها العالم و منه الجزائر جراء انتشار فيروس كورونا ، إذ تعرض كثير من المعتقلين إلى الإصابة بالفيروس، دعت فيه رابطة حقوق الإنسان إلى إطلاق سراح كل معتقلي الرأي والحراك، كما راح البعض يعلق أن خطابات الرئيس الحالي تعكس الواقع و هو الذي أكد أن الجزائر تسير نحو التغيير الديمقراطي المنبثق عن الحراك السلمي، و تعمل على ضمان الحقوق و الحريات و تحقيق العدالة الإجتماعية مثلما جاء في المادة 16 من الدستور الجديد، و المادة 34 في الباب المتعلق بالحقوق الأساسية و الحريات العامة، حيث أكد المشرع الجزائري عدم تقييد الحقوق و الحريات و الضمانات إلا بموجب قانون و لأسباب مرتبطة بحفظ النظام العام و الأمن، ( هي نفس المبررات التي جاء بها مرسوم 31 ماي 1910 الفرنسي) .حسب المادة 39 فإن الدولة تضمن عدم انتهاك حرمة الإنسان و تحظر أي عنف بدني أو معنوي أو أي مساس بالكرامة، و لذا يلاحظ أن الإعتقال عنف معنوي و يخرق هذه المادة الدستورية التي تضيف أن القانون يعاقب على التعذيب و على الممارسات القاسية و اللاإنسانية أو المهينة و الإتجار بالبشر، و كذلك ما جاء في المادة 44 الناصة على أن القانون يعاقب على أعمال و أفعال الإعتقال التعسفي، نشير هنا إلى ما حدث مع الوزير الأسبق للبريد وتكنولوجيا الاتصالات موسى بن حمادي الذي ظل في سجن الحراش دون محاكمة منذ اعتقاله في 18 سبتمبر 2019 ، و توفي داخل الحبس الإحتياطي بسبب الوباء ، و هذا طبعا لا يشرف العدالة الجزائرية على حد قول سعيد صالحي رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، الذي رفع شعار: "لا للعدالة الانتقامية، نعم للعدالة المستقلة والعادلة وللسلطة القضائية المستقلة..لا للإفراط في السجن الاحتياطي، إنه استثناء.. نعم لإطلاق سراح كل معتقلي الرأي والحراك"، الغريب أنه لا يزال كثير من المعتقلين السياسيين و معتقلي الرأي يشتكون من تأخر مواعيد محاكماتهم وبقائهم تحت طائلة الحبس المؤقت.
علجية عيش