ردَّدت النظر بينهم وأنا في غاية العجب. خمسة توائم يتطابقون طولا وعرضا، لا تكاد تميِّز ملامح أحدهم عن الآخر. طيبون، وديعون، ظرفاء محبِّون للفكاهة، أنيسون للنفس.
ولابدَّ أنّ دهشتي كانت من الوضوح بحيث دفعت أقربهم لي للابتسام والقول:
- ماذا؟
- لا شيء.
- لماذا تُحملِق بنا هكذا؟
ضحكت...
- الحقيقة أن منظركم يدعو للعجب.
ابتسم ثمَّ سدَّد لي نظرة نافذة:
- ماذا لو علمت أننا لسنا بتوائم؟
ضحكت للنكتة الغريبة، غير أنَّ الرجل عاد فأكدَّ في صوت أشدُّ وضوحا:
- صدقني لسنا توائم كما تظن.
ووجدتهم جميعا يبتسمون لي، فرحت أتأمُّل ملامحهم، متِّهما عيني بقصر النظر، لكني لم أجد ما يغيِّر قناعتي، لولا أن مدَّ لي الأول بطاقته الشخصية، تبعه الثاني والثالث والرابع والخامس، فقرأت فيها العجب العجاب، فبين كل واحد منهم عام كامل، ورغم ذلك لا يختلفون في شيء.
قلت: سبحان الله.
ثم عرتني رعشة خوف، اصطكَّت لها أسناني، قلت على إثرها:
- لا أخالكم بشرا سويَّا.
وسارعت فنفضت جسمي، فانسلخ جلدي عنه، وبدوت على هيئتي هيكلا عظميا هائل الحجم.
أذهلتهم المفاجأة، وسارع كبيرهم للقول:
- أرجوك لا تفشي سِرَّنا لأحد.
- لكنني أفشيت سرِّي لكم.
قالوا في صوت واحد:
- نعدك أنَّنا لن نخبر أحدا بما شاهدناه.
وهكذا كان اتفاقي معهم.
عندها لم يجدوا سببا لأن يخفوا أشكالهم، فعادوا لصورهم الأولى هياكل عظمية، أكل الدهر من قِحاف جماجمهم وشرب.
جعفر الديري
ولابدَّ أنّ دهشتي كانت من الوضوح بحيث دفعت أقربهم لي للابتسام والقول:
- ماذا؟
- لا شيء.
- لماذا تُحملِق بنا هكذا؟
ضحكت...
- الحقيقة أن منظركم يدعو للعجب.
ابتسم ثمَّ سدَّد لي نظرة نافذة:
- ماذا لو علمت أننا لسنا بتوائم؟
ضحكت للنكتة الغريبة، غير أنَّ الرجل عاد فأكدَّ في صوت أشدُّ وضوحا:
- صدقني لسنا توائم كما تظن.
ووجدتهم جميعا يبتسمون لي، فرحت أتأمُّل ملامحهم، متِّهما عيني بقصر النظر، لكني لم أجد ما يغيِّر قناعتي، لولا أن مدَّ لي الأول بطاقته الشخصية، تبعه الثاني والثالث والرابع والخامس، فقرأت فيها العجب العجاب، فبين كل واحد منهم عام كامل، ورغم ذلك لا يختلفون في شيء.
قلت: سبحان الله.
ثم عرتني رعشة خوف، اصطكَّت لها أسناني، قلت على إثرها:
- لا أخالكم بشرا سويَّا.
وسارعت فنفضت جسمي، فانسلخ جلدي عنه، وبدوت على هيئتي هيكلا عظميا هائل الحجم.
أذهلتهم المفاجأة، وسارع كبيرهم للقول:
- أرجوك لا تفشي سِرَّنا لأحد.
- لكنني أفشيت سرِّي لكم.
قالوا في صوت واحد:
- نعدك أنَّنا لن نخبر أحدا بما شاهدناه.
وهكذا كان اتفاقي معهم.
عندها لم يجدوا سببا لأن يخفوا أشكالهم، فعادوا لصورهم الأولى هياكل عظمية، أكل الدهر من قِحاف جماجمهم وشرب.
جعفر الديري