عامر الطيب - حين يتحسن مزاجي سأحبكِ.. شعر

حين يتحسن مزاجي سأحبكِ
و ألعب بجنونٍ مع الكرسي
و الطاولة
مع غباء السجادة
و اشتعال البارود.
سأجعل نفسي شمساً كبيرة
أطلع فجأةً لأهب الموتى ظلالاً داكنة
و أغيب متعمداً لأخيف الازهار!

أنت فاطمةٌ صغيرةٌ، يسمونك فاطمة الموعودة
لقد ابتهج بك والداك
و قالوا إن الرب سيسلمك
مفتاح الجنة
لكنك عشت وحيدة و مرممة كشقوق الأرض .
أحبكِ رجال
و غابوا
ثم أحبوكِ و ماتوا
و ظللت تركضين مثل كائن خرافي
مفتوح الفم
إلى أن وصلت إلى الجنة
فلم تكن ثمة جنة
كانتْ يدكِ المفتوحة
و قد ضيعتِ المفتاح !

يجب أن تحبك الكنبة
التي تجلسين عليها و تدافع عن أثرك
حتى عندما يصنعون منها
كرسياً .
لقد دهنوا خشبه
و غيروا جلده
و اختاروا له مكاناً ثانياً
يجب أن تفهمي حياة الحب جيداً
إنه كرسي عندما يبدو فارغاً
إنها كنبة عندما تجلسين عليها !

الممرضة الجديدة تدوّن اسمي
و تفحص جسدي
و تمشي ببطء مثل زهرة على التل
أنا أتلعثم
لأن المرض كائن نبيل و أحمق
و الممرضات
الفاتنات
بأكف ساذجة
سيضعن الغطاء على جثتي
و يغمضن عيني
سيكون موتي حدثاً ضاجاً
يا للخسارة
كم أردت أن آخذ حياتي
كلها كما أضغط على جمرة مغلّفة
سبعين عاماً ثم أرفع قدمي !

أيها الغراب لا تنعب
لأن المواطنين و المغتربين يظنون
أنك فأل سيء
مع أنك تردد أغنيتك
مسروراً.
اليوم يوم ضبابي
البشر عامة سيكونون غاضبين
سيطلقون عليك النار
لا تقع
بسرعة
لا تجفف دمك
أيها الغراب
لقد اصفرت الأزهار الحليبية على النافذة
عندما متَّ
و صار نعيبك الأخير
مجداً للكاسيت !

أنا البيت الجديد لنفسي
أنا غرفتان فقط
لستم معتادين على سكناي
لا تحبونني ولا تضجرون مني
ظلام كثيف و عال
باب و نافذة
و مسمار و مصباح و مكنسة و ابريق
و رجل يضم امرأة
ثم دمية مركونة
سيسافر الرجل، يهرب أو يبتلع أو يشيخ
فتضمها المرأة الفاتنة
كساق مقوسة في وجه الريح .
أنا البيت الجديد لنفسي
بظهر محدودب
دون حفاوة أو امتنان
سأفتح لكم الباب
جميعاً
أمل كجرذ صغير كاف لتسليتي
بطيخة حمراء كافية لتنير طريقي!

أنا أرثي لأشياء عابرة
أرثي لأنني أضغط على قدميّ لأتبعك
وأنت تمشين بكعبك العالي
في ممر البهتان اللامع هذا
حتى أن الابدية
لم تعد إلا نكتة بنكهة شعبية
تذهبين
فأنظر بعيني لعيني في الكوب،
و تجيئين مثل الحب
وجهك دام و متململ كملاك عشوائي
و وقع حذائك العالي يصدّع رأسي!

محبتكِ تدندن و تصفر و تهذي
مثل أطفال كسالى
يلعبون عند طلوع الشمس
محبتك إذن هي
محبة مدندنة و هاذية و صافرة
أما محبتي
فهي محبة تشدو
حزينة أو مذبوحة
انظري كيف أرفع القرار
مع دموعي سهواً
فيختنق الجواب العالي مع دمي!

لم يكن بإرادتنا أن نصير
وحيدين على الأرجح
مثل أزهار صفراء
يتوهج لونها فتبدو شاخصة.
لم يكن بإرادة حياتنا
أن تصبح نجمة مجروحة
تتطلع لروحها في المياه
فتزمجر
أيها الروح أنت نائمة في ماء الريف
ببلادة رقبة مكسورة
ألا تفكرين
بالأذى؟
أنا جسدك العالي
وحدي سأخسر عند جفاف الأنهار!

من هذه الساعة
سأتدبر طريقي إلى آخر المساء
بمعجزة من يلهو
قريباً من المقبرة
ها أنا أستطرد مخلفاً الساعات الميتة ،
جثث الأميال على حد تعبير
صديقي الذي مات للتو
سمعت أنه مات
هل هي إشاعة أو لعبة للشهرة؟
حشود كاملة سترحل قريباً،
ملائكة الموت جزارون
و حياتي ثغر يتأوه.
حسناً لنعد إلى شبابنا الأصلي،
إلى حقيقتنا
قبل أن نصير حقولاً رمادية كالقنافذ.
لنسأل الموت عن حيلة نادرة
أيها الجزار
وجهك متخفٍ
و لحمنا يترهل تحت الساطور !

عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...