هند زيتوني - أرسم بالسكين وأرقص على حافّةِ الألم..

لو أنني عجنتُ صلصالَ جسدي
وشكَّلْتهُ كما أُحِب
سأفضّلُ ان أكونَ سهلاً أخضر
يمتدُّ إلى حدائقِ المعاني الدافئة
أزرعُ نجمتينِ مضيئتينِ لأقودَ الظلامَ إلى النُّور
لو أنّني عجنتُ صلصالَ جسدي كما أشتهي
لكنتُ الآن شجرةً وارفةَ الحنين
تسجِّلُ أغانيَ العصافيرِ لتغنِّيَها في مواسمِ الحزن
سأفضِّلُ أن أكونَ كتاباً نافعاً
يزلزلُ النفوسَ
ويعيدُ تكوينَ صمتِها من جديد
كالبركانِ الذي يحوِّلُ جزُرَ هواي
إلى جنةٍ فريدةٍ بعد زوالِ لظاه
خُلقْنا جميعاً من طينٍ واحدٍ
لكنَّ نطفةَ الماء
كانت لعنةً مؤجَّلة
لا أدري كيف كُسرَتْ قارورةُ الدَّمِ الكبيرةُ
فغرقَ العالمُ بالموسيقا الجنائزيَّة و الأكفان
أرسمُ بالسِّكِّينِ كلَّ الوجوهِ المتعَبة
قبل أن تجعِّدَها أناملُ الخريف
قبلَ أن يطويَها الزَّمنُ المتساقط كورقةٍ صفراءَ ...
لتُنسى
أرقصُ على حافَّةِ الألمِ لأوقظَ الفرح
من غرقِهِ من سباتِهِ العميق .!
أعرفُ أن الموتَ جاءَ ليقودَنا
إلى فيلمٍ حزينٍ صامت
لنتحرَّرَ من مللِنا الطَّويل
ربما كان علينا أن نمشيَ إلى حتفِنا
منذ أن غادرْنا بطونَ أمهاتنا
لكنّ دمعةَ التابوتِ أجَّلتْ كلَّ المواعيد
يا سنابلَ الأرض
أعِدِّي أقلامَك لتكتبي
عن هذا العَنَاءِ الكبير
كوني شاهداً على قتامةِ الأيَّام
المغلفة بالمفاجآتِ و العواصف
المكممة بالأنين
يا أزهارَ الحلم
كوني سريراً وثيراً
للفقراءِ الذي تهشَّمتْ أحلامُهم
وقضوا تحتَ أقدام النهايات العابثة
قبل أن يتحوَّلوا
إلى دمعةٍ كبيرةٍ تغرقُ البرَّ و البحر .
هند زيتوني
ملاحظة : هذه اللوحة المرعبة للفنان الفرنسي وليام أدولف بوغورو . حيث استمدها من كتاب دانتي الكوميديا الإلهية .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...