(1)
هيَّأتُ نفسي لجلسة أفضي بها عن خفاياي الضمنية الموزونة وغير الموزونة، الظاهرة فوق ابتسامة ضائعة، على جفن عين أسدلت من الألم، هيأتُ نفسي لإحياء ألم خفي، طال لسنين، أجتره.. وأجتره، حتى بدا حالكًا قاتما، يفوق ظلمات البحر، ويعود يَدْمَى من جديد، لا نهاية له، فقط نسيت بدايته، هيأت نفسي لأكشف حقيقتي الحائرة كسؤال هاملت الأسير عن إجابة استقبلت الشهداء في رحابها، هيأت نفسي أمام مرآتي، أنزع قناع الناس الملتصق بوجهي، ليتني استطعت شق الصدر، لأخرج القلب الحبيس، وأنفض عنه غبار الأيام الماضي، وآخذ أملا مَـجْدُولاً من أشعة الشمس الساقطة على شَعري، أضمد به حسرة النفس الذبيحة، ألُفُّ عليه ستائرَ الربيع الناعمة، وهي ترقص رقصة الحياة، بنسيم يداعب خصره.
فاهدأ يا قلب ولا تتنهد، فالحب والجمال يولد من رحم الألم، فأطلِق لعينيك العِنان بحثا عن حلم تحقق لأحده، وأفاقك للبحث عن ظل الأماكن ومرآها، حُلم وفرح، وتنشَّقْ عبير الأطياف السعيدة والورود المبتسم، واجعل ضمادةَ حياتك كأجنحة طير محلقة مرسلةٍ خلفها… لتسعى إلى محياها.
***
(2)
فنجان القهوة الصغير يتربع أمامي، لا يهدأ…لا يصب، يطلق زفراته الشفافة؛ لتتحلل في أصداء الفضاء، وأجلس كالطفل الصغير مُصوِّبـًا نظري على الزخرفات، والورود . اللونُ الأبيضُ يعانق الذهبيّ في سعادة فقط على الفنجان، فالذهبي في عالمي إن عانق الأبيض أفاض الحياة منه، ليتربع هو على كرسي الألوان.
***
(3)
ذهبت إلى الجدول البعيد، تهيأتُ لطقس فريد، أستمع لغناء الماء وجريانه، ليلاحق لحظات السعادة، اتحدتُ والجدولَ، اختلط ماؤه بالدماء في أوردتي بفرح القلب، ليزداد نقره الواثب، وكلانا غنى نشيدَه إلى الجدول البعيد، وضعتُ منديلي جانبًا، استحييتُ من صوت بكاء الجدول، كان غزيرًا قويًا، طغى على جدولي أنا .. كفانا يا جدولَ الحياة، سئمت الألمَ المفاجئ، سئمت الأملَ المفاجئ .. إليك يا جدول ذهبت، نعم المياه تجري، والعشبُ على الجانبين ينمو، وحان وقت الرحيل.
***
(4)
عقَـدْتُ زهرَ البنفسج صفوفًا فوق جبهتك القمرية، الزهر ذا الشجن الحسي، زهر بمعنى الحنين لذكريات مضت، وبقيت تنهش في الأحلام .. زهر يمضي على الخاطرة كالأمل، يبرق ويخطف الأبصار، ويضيء لك السماء كطاقة فضية، لترى واقعك وأحلامك وجها لوجه، وترسل بينهما خيوط السلسبيل، فأنت آلامي وأحلام، ولك أطلقت غنائي، فلا تُلقِي بالعقد المرصع فوق عينيكِ، بل املئِيه أملاً من حبك الصافي، لكي يتحول لزهر الياسمين.
***
(5)
جلستُ وحيدًا منسيًا أو وقفتُ .. لا أدري !! … تضاءلَتْ حركاتي في محيط متضاءل، نسيت ملامحي، تتبعتها بأصابعي؛ ما لمسته كان حارًّا/ من مُقلَةٍ أبت أن تجفّ، لتروي وتحصد حسراتٍ زُرعت، تساوت الألوان، وتلاشت الأضواء، أصبحتْ فقط رماديةً، لا أمل…لا عقاب. .. شكٌّ فقط يملؤه العذاب، خيط ضوء متقطع بخجل، يظهر لأمُـدّ إليه بوجهي، فأغتسل بنور الحياة، لعلها تروي جفاف روحي.
أصابع حركت اللاشيء، لأعود بذاكرة سمعي إلى أنغام حركات الفؤاد الكسيح، آمال وأحلام علِقتْ معي، وصُفَّت حولنا الأصفاد، نسيتُ، ووَدِدْت أن أُنسَى، كيلا يعود جسدي لذاكرة الحياة، حتى يعود الضوء كاملا كثيفا !!
***
(6)
نسيتُ زُرقةَ السماء والغيوم المتعرجة بين الشمس والهواء، لم تنتظم خطاي على أرضٍ زاد اتساعها، شَقَّ على نفسي الوصول إليها، فتبرأت الخطوات من قدمي، لتجف الأصابع، طُرِحتُ على سرير لا أفرحني بفرشه الوثير ولا أمدني بأمل قريب، حتى عثرت على غيمة أحلامي شاردةً، مددتُ يدي لأهزها، فتناثرت حبات البَــرَد الفتية تروي نفسي، وعادت الخطوات إلى الأرض.
***
(7)
من دبيب النمل الهامس، إلى نقيق الضفادع البارد، والباب الأمامي يستحي من نفاذ أسهم هواء خلسةً، خيَّم الصمت بهيبته على المكان، أصبحنا ضمن عباءته، راح عقلي إلى منطقة الفراغ اللانهائية، جلبتُ المنظار الملقى بعيدا… ورافقت مسيرة النمل إلى النافذة ذات الحوافِّ النصفِ مُهشَّمة، أدرتُ المنظارَ، لتطير عيني بعيدًا، مستطلعةً أعاجيبَ وعوالمَ لم يستقبلها العقل من قبل .. تمردَتْ عيني .. سافرَتْ .. دققتْ النظر على النفيس والرخيص، تساوَوا أمامها، فكلاهما حملَ التفاصيل، حتى الشَّق بجانب زجاج النافذة كان يحمل داخله بُرعمَ زهرةٍ ناشئًا.
***
(8)
تمنيتُ لقاءَك، تمنيت نزولك عن جَوَاد أحلامي فأراك في أرضي، لأشعر بحبك .. خطف الأنفاس .. هروب العين إلى كل ركن خجلا من عينيك .. تلعثم اللسان ونطقه بغير الحق هروبا وسترا لما كتمه القلب. تمنيت لقاءك حتى يكاد الخصام يقطع أوصالنا، لا أستطيع مقاومة الشوق، تأبى قدماي إلا الذهاب إلى مكان اللقاء، لأراك من بعيد تمسح الدمع الخفيف.. متى اللقاء إذن؟ .. متى اللقاء؟
***
(9)
إن صمَتَ الكونُ الدائري
وثبَتَت الصورةُ الحيةُ
واستقرت الطاولةُ فوق الأرض العارية
لم يبق سوى شيءٍ ضئيلٍ يتحرك
رعشةِ أطرافٍ مُستَنفَرَة
بأعين دامعة
وومضاتِ عقلٍ
تكاد تغادره
فلا يسعها
إثر سهم لعين مسنن بالسُّمّ
اخترق الجسد
ما خلَّف إلا غازًا
يسري كالهلاك المبين بالأوردة
ليفورَ ويعلو
بخروج الهواء الساخن
مِن رئتيك
وتبقى أنت كما الصورةِ الحية
أقول لك…
إن انتشر الغازُ المسمم
إلى شرايينك
ليخنقَ القلبَ برماده
لا تدعه….
لا تدعه يتلذذ بموتك الضعيف
تحاملتَ من قبلُ
لن تخذِلَك نفسُك
كُنْ هادئًا أمام ثورِه الهائج
وإن تشيطن
كن هادئا لتذيب عنك
كلَّ الثلوجِ السوداء
لتخرجَ نقيا
صفيًّا
لا تذكر ما حدث
ولمَ حدث !!
تخرج كالوليد الطاهر
فقط .. لا تدعه
***
(10)
(تُنسَى كأنكَ لم تكُنْ)
بل لم نكن لنكون
كنا في الزوايا نحتمي
لتمحوَ معالـمَـنا
نصيرُ والحائطَ واحدًا
لا ملامحَ، لا هُويَّـةَ، لا كلام
كانت وتبقى الدموع
سَلْوانا الوحيدة
———
(تُنسَى كأنكَ لم تكُنْ)
لم تكن أيها الطفل الصغير
تحلم بذلك
جحوظ عينيك
بكاؤك الدموي
لقلب والدتك البعيد
وقد دَمِيَ حزنا وفراقا
لشفاهٍ تبسَّمَتْ لعينيك
———–
(تُنسَى كأنكَ لم تكُنْ)
بل كُنَّـا
ولنا أرواحُنا وأجسادُنا
نبتَتْ من هذه الأرض
أرادوا وَأْدَنا
وتتساقط زهور الحياة
لتزينها أكاليل البنفسج
وتجرف الأرض بالحمرة
ولا يبقى لنا سوى ذكرياتٍ
طُعِنت داخلنا
وحسرةً لمن خذلونا
وراءَ البحار
***
(11)
من سقف بيت كئيب قديم
ذي جوانب منقوشة
بالرثة والعفن
تدلى بخيط رفيع
ذو الأرجل الزغبة
صمت…بعينين منكسرتين
طقطقت الجدران
فأحدثت ضجيجا من سقوط صخورها
واندفعت آلة تسري خلالها
صمَتَ…بعينين منكسرتين
ارتفعت حافة الباب السفلى
من فيضان أحمر داكن
غطى ما أمامه واكتسح
أصبح كل شئ مغطى باللزوجة
صمَتَ…بعينين منكسرتين
تحطم زجاج النوافذ
من وحش دخاني أسْوَد
مخلفا وراءه أشلاء زرقاء اللون
صمَتَ بعينين منكسرتين
رأيت غرفة ابنتي من بعيد
تهتز..تصدر صريرا بالإنذار
والدموع تداعب عيني الصغيرة
الحانيتين
والوحش يضحك من خلف الزجاج
والآلة تستعد لتسري بين الجدران
والدم يسري بعروق الطفلة
خائف من تدفقه على الأرض الملساء
أسرعت هنا بخطاي حزينا
لتبدأ دمعة حارة بالخروج
اطمأننت على نفسي
مازلت أملك
ما يحرك الدموع. ..
***
(12)
من قريب…ناجيتُك بتورية الكلمات، ومن بعيد…حاول عقلي الوصول إلى منطقك الثابت، فبنيتُ الأسوارَ أمامه، طوقتُ قلبي كعصفور مبلل، يحتمي بأوراق الشجر، حزنتُ …، وعاندتُ، وأصررتُ على تحطيم حصن الأشواك حول زمردة القلب الذي يأبى الخفقان ، اختلقتُ اللقاءات و الأسباب ، ولسان حالك وفمك لا ينطق إلا بالقدر فقط، خلعتُ عن نفسي رداء الصبر ، صارحتُ … بكلام مرتعش صادم، قابلتني دموعٌ خَجِلةٌ على وجنتيك،
فلَجَمتَها، واتجهتْ يدك نحو العصا البيضاء، فلامس قلبُكَ كِسرَة قلبي :
(عالمي، يا سيدتي، يسودُه الظلام والصمت والأنين، إلا من أصوات الهائجين المتداخلين).
(بل عالمك يسوده السلام والبصيرة).
www.hamassa.com
هيَّأتُ نفسي لجلسة أفضي بها عن خفاياي الضمنية الموزونة وغير الموزونة، الظاهرة فوق ابتسامة ضائعة، على جفن عين أسدلت من الألم، هيأتُ نفسي لإحياء ألم خفي، طال لسنين، أجتره.. وأجتره، حتى بدا حالكًا قاتما، يفوق ظلمات البحر، ويعود يَدْمَى من جديد، لا نهاية له، فقط نسيت بدايته، هيأت نفسي لأكشف حقيقتي الحائرة كسؤال هاملت الأسير عن إجابة استقبلت الشهداء في رحابها، هيأت نفسي أمام مرآتي، أنزع قناع الناس الملتصق بوجهي، ليتني استطعت شق الصدر، لأخرج القلب الحبيس، وأنفض عنه غبار الأيام الماضي، وآخذ أملا مَـجْدُولاً من أشعة الشمس الساقطة على شَعري، أضمد به حسرة النفس الذبيحة، ألُفُّ عليه ستائرَ الربيع الناعمة، وهي ترقص رقصة الحياة، بنسيم يداعب خصره.
فاهدأ يا قلب ولا تتنهد، فالحب والجمال يولد من رحم الألم، فأطلِق لعينيك العِنان بحثا عن حلم تحقق لأحده، وأفاقك للبحث عن ظل الأماكن ومرآها، حُلم وفرح، وتنشَّقْ عبير الأطياف السعيدة والورود المبتسم، واجعل ضمادةَ حياتك كأجنحة طير محلقة مرسلةٍ خلفها… لتسعى إلى محياها.
***
(2)
فنجان القهوة الصغير يتربع أمامي، لا يهدأ…لا يصب، يطلق زفراته الشفافة؛ لتتحلل في أصداء الفضاء، وأجلس كالطفل الصغير مُصوِّبـًا نظري على الزخرفات، والورود . اللونُ الأبيضُ يعانق الذهبيّ في سعادة فقط على الفنجان، فالذهبي في عالمي إن عانق الأبيض أفاض الحياة منه، ليتربع هو على كرسي الألوان.
***
(3)
ذهبت إلى الجدول البعيد، تهيأتُ لطقس فريد، أستمع لغناء الماء وجريانه، ليلاحق لحظات السعادة، اتحدتُ والجدولَ، اختلط ماؤه بالدماء في أوردتي بفرح القلب، ليزداد نقره الواثب، وكلانا غنى نشيدَه إلى الجدول البعيد، وضعتُ منديلي جانبًا، استحييتُ من صوت بكاء الجدول، كان غزيرًا قويًا، طغى على جدولي أنا .. كفانا يا جدولَ الحياة، سئمت الألمَ المفاجئ، سئمت الأملَ المفاجئ .. إليك يا جدول ذهبت، نعم المياه تجري، والعشبُ على الجانبين ينمو، وحان وقت الرحيل.
***
(4)
عقَـدْتُ زهرَ البنفسج صفوفًا فوق جبهتك القمرية، الزهر ذا الشجن الحسي، زهر بمعنى الحنين لذكريات مضت، وبقيت تنهش في الأحلام .. زهر يمضي على الخاطرة كالأمل، يبرق ويخطف الأبصار، ويضيء لك السماء كطاقة فضية، لترى واقعك وأحلامك وجها لوجه، وترسل بينهما خيوط السلسبيل، فأنت آلامي وأحلام، ولك أطلقت غنائي، فلا تُلقِي بالعقد المرصع فوق عينيكِ، بل املئِيه أملاً من حبك الصافي، لكي يتحول لزهر الياسمين.
***
(5)
جلستُ وحيدًا منسيًا أو وقفتُ .. لا أدري !! … تضاءلَتْ حركاتي في محيط متضاءل، نسيت ملامحي، تتبعتها بأصابعي؛ ما لمسته كان حارًّا/ من مُقلَةٍ أبت أن تجفّ، لتروي وتحصد حسراتٍ زُرعت، تساوت الألوان، وتلاشت الأضواء، أصبحتْ فقط رماديةً، لا أمل…لا عقاب. .. شكٌّ فقط يملؤه العذاب، خيط ضوء متقطع بخجل، يظهر لأمُـدّ إليه بوجهي، فأغتسل بنور الحياة، لعلها تروي جفاف روحي.
أصابع حركت اللاشيء، لأعود بذاكرة سمعي إلى أنغام حركات الفؤاد الكسيح، آمال وأحلام علِقتْ معي، وصُفَّت حولنا الأصفاد، نسيتُ، ووَدِدْت أن أُنسَى، كيلا يعود جسدي لذاكرة الحياة، حتى يعود الضوء كاملا كثيفا !!
***
(6)
نسيتُ زُرقةَ السماء والغيوم المتعرجة بين الشمس والهواء، لم تنتظم خطاي على أرضٍ زاد اتساعها، شَقَّ على نفسي الوصول إليها، فتبرأت الخطوات من قدمي، لتجف الأصابع، طُرِحتُ على سرير لا أفرحني بفرشه الوثير ولا أمدني بأمل قريب، حتى عثرت على غيمة أحلامي شاردةً، مددتُ يدي لأهزها، فتناثرت حبات البَــرَد الفتية تروي نفسي، وعادت الخطوات إلى الأرض.
***
(7)
من دبيب النمل الهامس، إلى نقيق الضفادع البارد، والباب الأمامي يستحي من نفاذ أسهم هواء خلسةً، خيَّم الصمت بهيبته على المكان، أصبحنا ضمن عباءته، راح عقلي إلى منطقة الفراغ اللانهائية، جلبتُ المنظار الملقى بعيدا… ورافقت مسيرة النمل إلى النافذة ذات الحوافِّ النصفِ مُهشَّمة، أدرتُ المنظارَ، لتطير عيني بعيدًا، مستطلعةً أعاجيبَ وعوالمَ لم يستقبلها العقل من قبل .. تمردَتْ عيني .. سافرَتْ .. دققتْ النظر على النفيس والرخيص، تساوَوا أمامها، فكلاهما حملَ التفاصيل، حتى الشَّق بجانب زجاج النافذة كان يحمل داخله بُرعمَ زهرةٍ ناشئًا.
***
(8)
تمنيتُ لقاءَك، تمنيت نزولك عن جَوَاد أحلامي فأراك في أرضي، لأشعر بحبك .. خطف الأنفاس .. هروب العين إلى كل ركن خجلا من عينيك .. تلعثم اللسان ونطقه بغير الحق هروبا وسترا لما كتمه القلب. تمنيت لقاءك حتى يكاد الخصام يقطع أوصالنا، لا أستطيع مقاومة الشوق، تأبى قدماي إلا الذهاب إلى مكان اللقاء، لأراك من بعيد تمسح الدمع الخفيف.. متى اللقاء إذن؟ .. متى اللقاء؟
***
(9)
إن صمَتَ الكونُ الدائري
وثبَتَت الصورةُ الحيةُ
واستقرت الطاولةُ فوق الأرض العارية
لم يبق سوى شيءٍ ضئيلٍ يتحرك
رعشةِ أطرافٍ مُستَنفَرَة
بأعين دامعة
وومضاتِ عقلٍ
تكاد تغادره
فلا يسعها
إثر سهم لعين مسنن بالسُّمّ
اخترق الجسد
ما خلَّف إلا غازًا
يسري كالهلاك المبين بالأوردة
ليفورَ ويعلو
بخروج الهواء الساخن
مِن رئتيك
وتبقى أنت كما الصورةِ الحية
أقول لك…
إن انتشر الغازُ المسمم
إلى شرايينك
ليخنقَ القلبَ برماده
لا تدعه….
لا تدعه يتلذذ بموتك الضعيف
تحاملتَ من قبلُ
لن تخذِلَك نفسُك
كُنْ هادئًا أمام ثورِه الهائج
وإن تشيطن
كن هادئا لتذيب عنك
كلَّ الثلوجِ السوداء
لتخرجَ نقيا
صفيًّا
لا تذكر ما حدث
ولمَ حدث !!
تخرج كالوليد الطاهر
فقط .. لا تدعه
***
(10)
(تُنسَى كأنكَ لم تكُنْ)
بل لم نكن لنكون
كنا في الزوايا نحتمي
لتمحوَ معالـمَـنا
نصيرُ والحائطَ واحدًا
لا ملامحَ، لا هُويَّـةَ، لا كلام
كانت وتبقى الدموع
سَلْوانا الوحيدة
———
(تُنسَى كأنكَ لم تكُنْ)
لم تكن أيها الطفل الصغير
تحلم بذلك
جحوظ عينيك
بكاؤك الدموي
لقلب والدتك البعيد
وقد دَمِيَ حزنا وفراقا
لشفاهٍ تبسَّمَتْ لعينيك
———–
(تُنسَى كأنكَ لم تكُنْ)
بل كُنَّـا
ولنا أرواحُنا وأجسادُنا
نبتَتْ من هذه الأرض
أرادوا وَأْدَنا
وتتساقط زهور الحياة
لتزينها أكاليل البنفسج
وتجرف الأرض بالحمرة
ولا يبقى لنا سوى ذكرياتٍ
طُعِنت داخلنا
وحسرةً لمن خذلونا
وراءَ البحار
***
(11)
من سقف بيت كئيب قديم
ذي جوانب منقوشة
بالرثة والعفن
تدلى بخيط رفيع
ذو الأرجل الزغبة
صمت…بعينين منكسرتين
طقطقت الجدران
فأحدثت ضجيجا من سقوط صخورها
واندفعت آلة تسري خلالها
صمَتَ…بعينين منكسرتين
ارتفعت حافة الباب السفلى
من فيضان أحمر داكن
غطى ما أمامه واكتسح
أصبح كل شئ مغطى باللزوجة
صمَتَ…بعينين منكسرتين
تحطم زجاج النوافذ
من وحش دخاني أسْوَد
مخلفا وراءه أشلاء زرقاء اللون
صمَتَ بعينين منكسرتين
رأيت غرفة ابنتي من بعيد
تهتز..تصدر صريرا بالإنذار
والدموع تداعب عيني الصغيرة
الحانيتين
والوحش يضحك من خلف الزجاج
والآلة تستعد لتسري بين الجدران
والدم يسري بعروق الطفلة
خائف من تدفقه على الأرض الملساء
أسرعت هنا بخطاي حزينا
لتبدأ دمعة حارة بالخروج
اطمأننت على نفسي
مازلت أملك
ما يحرك الدموع. ..
***
(12)
من قريب…ناجيتُك بتورية الكلمات، ومن بعيد…حاول عقلي الوصول إلى منطقك الثابت، فبنيتُ الأسوارَ أمامه، طوقتُ قلبي كعصفور مبلل، يحتمي بأوراق الشجر، حزنتُ …، وعاندتُ، وأصررتُ على تحطيم حصن الأشواك حول زمردة القلب الذي يأبى الخفقان ، اختلقتُ اللقاءات و الأسباب ، ولسان حالك وفمك لا ينطق إلا بالقدر فقط، خلعتُ عن نفسي رداء الصبر ، صارحتُ … بكلام مرتعش صادم، قابلتني دموعٌ خَجِلةٌ على وجنتيك،
فلَجَمتَها، واتجهتْ يدك نحو العصا البيضاء، فلامس قلبُكَ كِسرَة قلبي :
(عالمي، يا سيدتي، يسودُه الظلام والصمت والأنين، إلا من أصوات الهائجين المتداخلين).
(بل عالمك يسوده السلام والبصيرة).
في الليل – بقلم: نهى الطرانيسي
(1) هيَّأتُ نفسي لجلسة أفضي بها عن خفاياي الضمنية الموزونة وغير الموزونة، الظاهرة فوق ابتسامة ضائعة، على جفن عين أسدلت من الألم، هيأتُ نفسي لإحياء ألم خفي، طال لسنين، أجتره.. وأجتره، حتى …