لم أجد في حياتي لعبة إلا تلك الحيلة من التخفي وراء الدلالات واختلاق تلك الحكايات ؛ بعضها من عالمي وكثير منها نسجه خيالي؛ أمسك بالقلم فأصوغها؛ في مرة قال لي يوسف ابن أخي جادو: عمي أنت حكواتي بارع!
انتبهت لمقالته التي أدهشتني؛ كيف له أن يربط بين الحكي والبراعة؟
ابتسمت له؛ انتبهت لكلمة ألقى بها وفر هاربا: أنت تسرق من كتاب تحتفظ به كل تلك القصص!
التفت إلى مهربه؛ لقد لاذ بحجرة من حجرات البيت الكبير مختفيا وراء الباب؛ ومن ثقبه يرقب فعلي؛ ناديته ألا خوف!
نفحته جنيها فبدت له تلك لعبة يجيدها كلما رآني؛ عرف سر سردي؛ حكواتي يغرف من كتاب!
بالفعل هي لعبة ماكرة أجدت طرفا منها؛ مزاوجة بين حروف الأبجدية كما يفعل من يلاعب القرود، اختزنت المعجم ثم حركت بعضه بسنان قلمي؛ تجذبني براعة خيري شلبي حين يتحدث في عفوية عن المهمشين بل وقل المعدومين في دهاليز الوطن ممن طحنهم قطار الفقر؛ الذين ألقوا بعيدا عن طريق ذوي العطور والثياب المنمقة والأحذية اللامعة؛ لايجدون كسرة الخبز يتسولونها.
ساحر يسلب عقله صنع الله إبراهيم في مالك الحزين حين أبدعت السينما تصويره في الكيت كات وبراعة محمود عبدالعزيز في أداء شخصية الشيخ حسني؛ دعك من تابوهات الفن التي هيمنت على عقولنا؛ دعونا نراه في الوتد وحديث الليل والنهار؛ سوق العصر؛ هذا سحر يخايل حين يوظف جيدا على الشاشة.
حاولت أكثر من مرة كتابة سيرة أبي رحمة الله تعالى عليه؛ بدت صفحات منها، توقفت عند الصفحة الثامنة عشر، تاهت بعض التفاصيل في الردهات المعتمة، لكنني مقبض عليها أسترد من ذاكرتي ما أقدر عليه، أتساءل هل غاب الطيب حتى أكتب عنه؟
مؤكد أنه ارتحل لكن بصمته ماتزال في وفي الصغار فنحن بعضه!
أشاخص بقلمي من عالمي في القرية أو في أرضه فأجد كل ما حولي يستحق السرد، أتخفى في عباءته وأرتدى ثيابه وأتوكأ على عصاه، رغم تباعد في الوظيفة إلا أنني هو، يجذبني حكيه فأشخص إلى موضعه من البيت، تخيلوا أهابه وأترقب عينه حين كان يسرد لي جذر جدي جادو أو عناده حتى لايسرق أحمد الفقي زرعه وبقرته في مراباة تستغل حاجته في سنوات الكساد الكبير؛ أنظر ظهر أبي وقد كوي بالنار علاجا من داء؛ كم أحزنني ذلك!
في أثناء الحكي يأتي قط فيمكث قريبا منه يطعمه ومن ثم يلعب معي وأراقصه؛ كل هذا ومايزال الديك سكر الذي صاحبه زمنا، رأيته يفرد جناحيه احتفاء بالطيب الذي يضع له حبات السكر أو الأرنب الزقزق وهو يشرب الشاي محلى معنا حين نجلس نستمع إلى حكيه، أراني تعلمت السحر من أبي هو مع الطيور والحيوانات وأنا مع الحروف والكلمات.
علني في يوم أكتب سيرته ومن ثم يشاهدها الناس، حتى ذلك اليوم أمارس تلك اللعبة التي أحاول إجادتها.
يرقبني يوسف مرة أخرى؛ يسألني ماذا قال جده؟
أجرب أن أمثل دور الحكواتي؛ المرأة التي نازعت جدك أرضه؛ حاربها في استماتة، كانت حين تعاركه يقهرها بغرس شجرة؛ يتعجب مثلما كنت أبدو؛ لم لايضربها؟
يمسك بيدي ويخبرني؛ تلك حرفة العاجز؛ يوما ستكبر وتغطي ثمارها الحديقة؛ ترزقون منها فتحمدون ربكم؛ لن أرتحل حتى تكونوا رجالا يتبعكم الصغار فيقولون هنا كانت حكاية جدنا شعبان جادو الذي فلح الأرض ورواها بعرقه، رأيته أقوى من سرد خيري شلبي في تأريخه لعمته فاطمة تعلبة؛ لايموت الرجال مذلولين هكذا كان يروي عن عصا العز السابقة ولم تهن يوما!
انتبهت لمقالته التي أدهشتني؛ كيف له أن يربط بين الحكي والبراعة؟
ابتسمت له؛ انتبهت لكلمة ألقى بها وفر هاربا: أنت تسرق من كتاب تحتفظ به كل تلك القصص!
التفت إلى مهربه؛ لقد لاذ بحجرة من حجرات البيت الكبير مختفيا وراء الباب؛ ومن ثقبه يرقب فعلي؛ ناديته ألا خوف!
نفحته جنيها فبدت له تلك لعبة يجيدها كلما رآني؛ عرف سر سردي؛ حكواتي يغرف من كتاب!
بالفعل هي لعبة ماكرة أجدت طرفا منها؛ مزاوجة بين حروف الأبجدية كما يفعل من يلاعب القرود، اختزنت المعجم ثم حركت بعضه بسنان قلمي؛ تجذبني براعة خيري شلبي حين يتحدث في عفوية عن المهمشين بل وقل المعدومين في دهاليز الوطن ممن طحنهم قطار الفقر؛ الذين ألقوا بعيدا عن طريق ذوي العطور والثياب المنمقة والأحذية اللامعة؛ لايجدون كسرة الخبز يتسولونها.
ساحر يسلب عقله صنع الله إبراهيم في مالك الحزين حين أبدعت السينما تصويره في الكيت كات وبراعة محمود عبدالعزيز في أداء شخصية الشيخ حسني؛ دعك من تابوهات الفن التي هيمنت على عقولنا؛ دعونا نراه في الوتد وحديث الليل والنهار؛ سوق العصر؛ هذا سحر يخايل حين يوظف جيدا على الشاشة.
حاولت أكثر من مرة كتابة سيرة أبي رحمة الله تعالى عليه؛ بدت صفحات منها، توقفت عند الصفحة الثامنة عشر، تاهت بعض التفاصيل في الردهات المعتمة، لكنني مقبض عليها أسترد من ذاكرتي ما أقدر عليه، أتساءل هل غاب الطيب حتى أكتب عنه؟
مؤكد أنه ارتحل لكن بصمته ماتزال في وفي الصغار فنحن بعضه!
أشاخص بقلمي من عالمي في القرية أو في أرضه فأجد كل ما حولي يستحق السرد، أتخفى في عباءته وأرتدى ثيابه وأتوكأ على عصاه، رغم تباعد في الوظيفة إلا أنني هو، يجذبني حكيه فأشخص إلى موضعه من البيت، تخيلوا أهابه وأترقب عينه حين كان يسرد لي جذر جدي جادو أو عناده حتى لايسرق أحمد الفقي زرعه وبقرته في مراباة تستغل حاجته في سنوات الكساد الكبير؛ أنظر ظهر أبي وقد كوي بالنار علاجا من داء؛ كم أحزنني ذلك!
في أثناء الحكي يأتي قط فيمكث قريبا منه يطعمه ومن ثم يلعب معي وأراقصه؛ كل هذا ومايزال الديك سكر الذي صاحبه زمنا، رأيته يفرد جناحيه احتفاء بالطيب الذي يضع له حبات السكر أو الأرنب الزقزق وهو يشرب الشاي محلى معنا حين نجلس نستمع إلى حكيه، أراني تعلمت السحر من أبي هو مع الطيور والحيوانات وأنا مع الحروف والكلمات.
علني في يوم أكتب سيرته ومن ثم يشاهدها الناس، حتى ذلك اليوم أمارس تلك اللعبة التي أحاول إجادتها.
يرقبني يوسف مرة أخرى؛ يسألني ماذا قال جده؟
أجرب أن أمثل دور الحكواتي؛ المرأة التي نازعت جدك أرضه؛ حاربها في استماتة، كانت حين تعاركه يقهرها بغرس شجرة؛ يتعجب مثلما كنت أبدو؛ لم لايضربها؟
يمسك بيدي ويخبرني؛ تلك حرفة العاجز؛ يوما ستكبر وتغطي ثمارها الحديقة؛ ترزقون منها فتحمدون ربكم؛ لن أرتحل حتى تكونوا رجالا يتبعكم الصغار فيقولون هنا كانت حكاية جدنا شعبان جادو الذي فلح الأرض ورواها بعرقه، رأيته أقوى من سرد خيري شلبي في تأريخه لعمته فاطمة تعلبة؛ لايموت الرجال مذلولين هكذا كان يروي عن عصا العز السابقة ولم تهن يوما!