” قَدِّر النفسَ فهي كائنٌ هلاميٌّ خفيٌّ يثيرُ الرعب”
مُشبِّكة بين أصابعي وضامة للكفّين … هكذا أكون في لحظات صمتي وشرودي، حتى تحولت لعادة تصاحب يومي، أجول بين المحلات، فيعلق نظري على قميص يضج بالحياة، اشتقت لهذه الألوان، فدخلت غُرفة القياس لتجربته؛ فقط لأشعر بدفئه يسري بداخلي، وأتأمل ازدهار عيني مع التقاء ألوانه، ومع إصرار صاحبة المحل على شرائه اخترت أحد الألوان الترابية.
أفرغتُ الأكياس ووضعت القميص داخل الخزانة دون أن أعيره اهتمامًا أو حتى أشعر بالفوز والسعادة لاقتنائه. تعلو لوحة (الغناء في الجبل ) فوق السرير، لطالما سألني أولادي عن احتفاظي بها مع أنها تبدو للغريب أناسًا لا تظهر ملامحهم، ألوان مبهمة قليلة يغلب عليها الأبيض والأسود ، جبل وغابات تحيط الناس بأحجام مهولة، وكأنها تبتلعهم، وموقد نار يخفت لونه لا تستطيع التمييز هل هو أصفر أم قصد الفنان بدء خفوت لهيبها …فاللوحة أقرب إلى السريالية، أتعلق بقدر الطاقة والغناء في تلك اللوحة وعدم الخشية، فتنتقل اللوحة إلى أعماقي، فأراني أرقص على نغماتي، أكون بطلة اللوحة، ويعلو صوتي بالغناء والضحك، وأصرخ وجميع الأبطال دخان يتلاشى.
أُدير مسجل الموسيقى وأقف هذه المرة على قدمي، على أرضي الخشبية أحاول تأدية تلك الحركات، فلا أستطيع ليس ضعفا وليس لعدم قدرة جسدي على الميلان، ولكن لهَيبةِ الخوف داخلي، أخشى من البسمة إن طالت أو قصرت.
تقاسيم وجهي لا تبدو عابسة أو حزينة… لا قبح يسكن وجهي، أختفي وراء ستاره بحياة ترقص داخلي، الهدوء صفة احتلت عينيّ حتى شفاهي التي تنفرج ببطء، وإذا احتاج فمي إطلاق ضحكة أحاول نسيان سببها فأهدأ رويدا رويدا، وتكفيني تلك الابتسامة… أعود لممارسة أنشطة معتادة كمطالعة الجريدة، فأستغرق في قراءة بعض المشاكل الاجتماعية، وإذا جفلت نفسي بسبب أفكار الشر التي تطرق باب بيتي، ترى وجهي يدور بحركات تلقائية يمينا وشمالا رافضا لها، يعلو صوتي بالاستعاذة أعلى من نغمة الهمس، فأعتدل في جلستي ولا أحبذ الاسترخاء.. لا أدَع جسدي ممدودًا … ضامة لرجليّ بزاوية قائمة، نصف نائمة .. فهذا أفضل بكثير.
دائما أخشى من وقوع الحزن والشر فجأة، في صغري تعلمت عن سرعة الضوء وأنه أسرع من طرفة عين، وعلى الرغم عن عدم إدراكي لذلك لكني خشيته، تخيلت دائما وقوعي –على حين غِرّة- بين براثن همٍّ أو نصَبٍ كارتطام نيزك بالأرض دون مقدمات.
فحين أحتضن السعادة أتلقاها بهدوء بادٍ على وجهي مع دفع قلبي لرئتي ذهابا وإيابا، أردد الآيات والأدعية سرًّا، وكفّاي يهدهدان قلبي ليهدأ ويأنس بالدعاء.
السعادة- على الرغم من لهفتنا لها- تـأتي على مهَلٍ، ومن لحظة قدومها نستقي منها حتى نرتوي، فلا هي انتهَت ولا نحن فرَغنا.
لذا أجّلت صُراخي وانطلاقي- حتى قهقهاتي الواسعة- إلى وقت لا أخشى فيه على ما هو قادم .
www.hamassa.com
مُشبِّكة بين أصابعي وضامة للكفّين … هكذا أكون في لحظات صمتي وشرودي، حتى تحولت لعادة تصاحب يومي، أجول بين المحلات، فيعلق نظري على قميص يضج بالحياة، اشتقت لهذه الألوان، فدخلت غُرفة القياس لتجربته؛ فقط لأشعر بدفئه يسري بداخلي، وأتأمل ازدهار عيني مع التقاء ألوانه، ومع إصرار صاحبة المحل على شرائه اخترت أحد الألوان الترابية.
أفرغتُ الأكياس ووضعت القميص داخل الخزانة دون أن أعيره اهتمامًا أو حتى أشعر بالفوز والسعادة لاقتنائه. تعلو لوحة (الغناء في الجبل ) فوق السرير، لطالما سألني أولادي عن احتفاظي بها مع أنها تبدو للغريب أناسًا لا تظهر ملامحهم، ألوان مبهمة قليلة يغلب عليها الأبيض والأسود ، جبل وغابات تحيط الناس بأحجام مهولة، وكأنها تبتلعهم، وموقد نار يخفت لونه لا تستطيع التمييز هل هو أصفر أم قصد الفنان بدء خفوت لهيبها …فاللوحة أقرب إلى السريالية، أتعلق بقدر الطاقة والغناء في تلك اللوحة وعدم الخشية، فتنتقل اللوحة إلى أعماقي، فأراني أرقص على نغماتي، أكون بطلة اللوحة، ويعلو صوتي بالغناء والضحك، وأصرخ وجميع الأبطال دخان يتلاشى.
أُدير مسجل الموسيقى وأقف هذه المرة على قدمي، على أرضي الخشبية أحاول تأدية تلك الحركات، فلا أستطيع ليس ضعفا وليس لعدم قدرة جسدي على الميلان، ولكن لهَيبةِ الخوف داخلي، أخشى من البسمة إن طالت أو قصرت.
تقاسيم وجهي لا تبدو عابسة أو حزينة… لا قبح يسكن وجهي، أختفي وراء ستاره بحياة ترقص داخلي، الهدوء صفة احتلت عينيّ حتى شفاهي التي تنفرج ببطء، وإذا احتاج فمي إطلاق ضحكة أحاول نسيان سببها فأهدأ رويدا رويدا، وتكفيني تلك الابتسامة… أعود لممارسة أنشطة معتادة كمطالعة الجريدة، فأستغرق في قراءة بعض المشاكل الاجتماعية، وإذا جفلت نفسي بسبب أفكار الشر التي تطرق باب بيتي، ترى وجهي يدور بحركات تلقائية يمينا وشمالا رافضا لها، يعلو صوتي بالاستعاذة أعلى من نغمة الهمس، فأعتدل في جلستي ولا أحبذ الاسترخاء.. لا أدَع جسدي ممدودًا … ضامة لرجليّ بزاوية قائمة، نصف نائمة .. فهذا أفضل بكثير.
دائما أخشى من وقوع الحزن والشر فجأة، في صغري تعلمت عن سرعة الضوء وأنه أسرع من طرفة عين، وعلى الرغم عن عدم إدراكي لذلك لكني خشيته، تخيلت دائما وقوعي –على حين غِرّة- بين براثن همٍّ أو نصَبٍ كارتطام نيزك بالأرض دون مقدمات.
فحين أحتضن السعادة أتلقاها بهدوء بادٍ على وجهي مع دفع قلبي لرئتي ذهابا وإيابا، أردد الآيات والأدعية سرًّا، وكفّاي يهدهدان قلبي ليهدأ ويأنس بالدعاء.
السعادة- على الرغم من لهفتنا لها- تـأتي على مهَلٍ، ومن لحظة قدومها نستقي منها حتى نرتوي، فلا هي انتهَت ولا نحن فرَغنا.
لذا أجّلت صُراخي وانطلاقي- حتى قهقهاتي الواسعة- إلى وقت لا أخشى فيه على ما هو قادم .
الغناء في الجبل – قصة قصيرة بقلم: نهى الطرانيسي
” قَدِّر النفسَ فهي كائنٌ هلاميٌّ خفيٌّ يثيرُ الرعب” مُشبِّكة بين أصابعي وضامة للكفّين … هكذا أكون في لحظات صمتي وشرودي، حتى تحولت لعادة تصاحب يومي، أجول بين المحلات، فيعلق نظري ع…