ميمون حِرش - هي و الآخرون

مستغنية
تخطت الأربعين، بلا زوج، بلا أولاد، لكنها أيضاً تخطت اليأس، وسكنت بيت الحروف كملكة متوجة ..
حين تمر شامخة وسط الساكنة، لا تكترث للأصابع الطويلة التي تشير إليها، لا تنظر وراءها أبداً،..
هم، نعم، تعودوا النظر في كل الجهات ، فحين تختفي هي ، تظهر أخرى ،من جهة ما، لتمر بالوجوه نفسها ، خشب مسندة، متأهبة لأن تشير بأصابعها.
لم تكترث قط ،في المناسبات، لغمز ولمز النساء المتزوجات، تبكي عليهن لا منهن، وتعتبرهن مجرد نساء ليس إلاّ.. أما الرجال فقد زلزلتْ قلوبَهم بكبرياء، وأوغرتها ضدها،إذ كلما تعففتْ تفرع أصابعهم أكثر من اللازم.
وحين مرت بالسلف في الخمسين من عمرها مدوا أصابعهم، وأشاروا إليها، ثم قالوا لخلفهم : "إنها العانس"
ردت بهدوء صاخب : " بل مُستغنية".
اللقب
قوامها الرفيع كان يكفي ليميزها عن متسابقات أخريات،كانت العربية الوحيدة بينهن، أخذت مكانها وسطهن، في مواجهة جمهور غفير ، كل شيء كان يوحي بأنها الفائزة باللقب. لوحت لها الأيدي، حين بسمتْ أمطرت لؤلؤاً من فقر دفين، واحتدت القاعة بالتصفيق..لكن سرعان ما خبت حين أعلنت اللجنة النتيجة التي آلت لغيرها.
لا مجال للتشفي،
لا مجال لاستئناف الحكم،
لا مجال لمناقشة قرار اللجنة التي قالت كلمة بحد السيف :
"صحيح جميلة، لكنها معطوبة من الداخل."
الدرس الأول
تحب الصمت بجنون، لذلك لا تحضر مجالس النساء، ولا تشارك الرجال اجتماعاتهم،..
في حضرة النساء اللجوجات هي امرأة رجل، وفي حضرة الرجال "الديكة" مسدس كاتم الصوت لكل رغبة شاذة .
حاروا فيها، وحين سألوا من تكون، رفعت رأسها، ونظرت فوق فأطالت النظر، بدت لهم مثل شجرة سنية، ثمارها جنية .جاروها في فعلتها فتعبت رؤوسهم بسرعة فنكسوها.
شكلوا دائرة،بدوا حولها هُلاميين،رفعت من أجلهم سُبابتها دون أن تطأطئ الرأس،وكتبت في الهواء كلمات انداحت في السماء، ثم تناثرت في الأرض لتشكل جملة واحدة :
"عودوا غداً، للدرس بقية "..
سيجارة
أدمنَتها عطراً بين أحضان الحبيب؛
خانها فأشعلتْ بها الحرائق..
توبة
شكلتْ قلباً من ورق،
وتقيأتِ الذي بين جوانحها..
نصيب
ترسم دائرة..
تقف داخلها،
ترنو إلى السماء:
"هذا نصيبي من الدنيا"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...