تعودَتُ رؤيتهُ أيام العطلِ في نفسِ المكان ..
يَجلسُ على الصخرة ذاتها التي تظللها شجرة صفاف كبيرة تحيطُ بها من الأسفلِ أعشاب بدتْ داكنة جداً في مِثلِ هذا الوقت من السنة .. يَعتمرُ نفسَ القبعة السوداء ذاتَ الحواشي الضيقة.
لولا الكتاب الذي بين يديهِ والذي كانَ دونَ غلاف .. لظننتُ أن هذا المشهدَ ربما من الأمس.
أخذتْ صفحة الماء تزدادُ تلألؤاً .. بعد أن ألقى بسنارتهِ في البحيرة .. بدأ يُقلبُ أوراق الكتاب الصفراء والتي كانت متماسكة أكثر مما ينبغي لكتابٍ قديم.
مرتْ نصفُ ساعة .. بدأ المللُ يتسللُ إليّ ويُحيطني من كلِ جانب .. قطعهُ صوتهُ الخشن :
- لا تدعْ السمكَ يشعرُ بأنكَ مللتَ الساحل .. نحنُ لا نصطاد إلا الأسماكَ المتمردة.
صمت من جديد واستأنفَ القراءة ثانية وكأنهُ لم يوجه الحديثَ إليّ :
- تقصدُ أنها تعي ما تفعل؟
شعورٌ غريبٌ نشرتهُ ريحٌ خفيفةُ حركتْ أغصان الشجرة .. أصواتُ صبية يسبحونَ على الضفةِ المقابلة جعلتهُ ينتبه .. التفتَ إليّ ليستأنفَ حديثهُ :
- ليس قرارها من يدفعها إلى ذلك .. بل غريزتها.
- أيّة غريزة ؟!
- الموت .. هو من يدفعها لبلوغِ الساحل لتبحثَ عن السرِ وراء الأمواج ..
رائحة منعشة امتلأ بها الجو بفعلِ الأمواج أشعرتني بحماسٍ كبير .. فأجبته :
- أو هو الحلم في رؤيةِ العالم الآخر.
- وهنا يكمنُ السر .. وسَيظلُ سّراً لأنها لنْ تعودَ لتخبرَ أحداً به !
انشغلَ بسحبِ سنارتهِ بعد أن عَلِقتْ بها سمكةٌ كبيرةٌ .. أشارَ إليها وهو يقول :
- أرأيت؟! هذا هو الأمر الذي يشغلُ جميعَ المخلوقات .. العالم الآخر! ابتلعتْ الطعم وابتلعتْ معه السّر ..
عادَ إلى تصفحِ كتابه بعد أن تركها على الرمالِ تنازعُ الموت.
صوتُ تكسر الأمواج العالي على الصخور جعلنّي انتظرُ برهةً قبل أن أوجَه لهُ سؤالاً :
- عن أيُّ شيءٍ يتحدثُ الكتاب ؟
- عن شيء أزلي .. عن تقاطعِ الأحلام مع الغريزة .. أنه كتاب خيالي.
شعورٌ غير مألوف سيطرَ عليّ .. شيء ما دفعني لتأمل زورق يتهادى فوقَ أمواج البحر التي كانت تستعدُ لابتلاع الشمس مثل كل يوم ..
وأنا استعدُ للمغادرة بعد أن فشلتُ في صيدِ أيّة سمكة .. قلتُ له :
- كنتُ أمُني نفسي هذا اليوم بأكلِ السمكِ.
ودون أن يلتفتَ إليّ أجابني :
- هل تعلم كيفَ يكونُ الصياد الناجح؟
- لا !
- مَنْ يهوى الصيدَ ولا يحبُ السمك.
صوتُ النوارس وحركة الغيوم البيضاء التي التقتْ فوق البحيرة وسرب بطٍ بري أبيض كانَ يعومُ على صفحة النهر .. شغلوني عن كل شيء.
التفتُ .. كان قد إختفى كما تختفي الأشباح.
تصلبتْ قدماي .. لا أقوى على النهوض لإطفاء التلفاز ..
هذه الليلة الفيلمُ سخيف ••
_ فوز حمزة _
www.facebook.com
يَجلسُ على الصخرة ذاتها التي تظللها شجرة صفاف كبيرة تحيطُ بها من الأسفلِ أعشاب بدتْ داكنة جداً في مِثلِ هذا الوقت من السنة .. يَعتمرُ نفسَ القبعة السوداء ذاتَ الحواشي الضيقة.
لولا الكتاب الذي بين يديهِ والذي كانَ دونَ غلاف .. لظننتُ أن هذا المشهدَ ربما من الأمس.
أخذتْ صفحة الماء تزدادُ تلألؤاً .. بعد أن ألقى بسنارتهِ في البحيرة .. بدأ يُقلبُ أوراق الكتاب الصفراء والتي كانت متماسكة أكثر مما ينبغي لكتابٍ قديم.
مرتْ نصفُ ساعة .. بدأ المللُ يتسللُ إليّ ويُحيطني من كلِ جانب .. قطعهُ صوتهُ الخشن :
- لا تدعْ السمكَ يشعرُ بأنكَ مللتَ الساحل .. نحنُ لا نصطاد إلا الأسماكَ المتمردة.
صمت من جديد واستأنفَ القراءة ثانية وكأنهُ لم يوجه الحديثَ إليّ :
- تقصدُ أنها تعي ما تفعل؟
شعورٌ غريبٌ نشرتهُ ريحٌ خفيفةُ حركتْ أغصان الشجرة .. أصواتُ صبية يسبحونَ على الضفةِ المقابلة جعلتهُ ينتبه .. التفتَ إليّ ليستأنفَ حديثهُ :
- ليس قرارها من يدفعها إلى ذلك .. بل غريزتها.
- أيّة غريزة ؟!
- الموت .. هو من يدفعها لبلوغِ الساحل لتبحثَ عن السرِ وراء الأمواج ..
رائحة منعشة امتلأ بها الجو بفعلِ الأمواج أشعرتني بحماسٍ كبير .. فأجبته :
- أو هو الحلم في رؤيةِ العالم الآخر.
- وهنا يكمنُ السر .. وسَيظلُ سّراً لأنها لنْ تعودَ لتخبرَ أحداً به !
انشغلَ بسحبِ سنارتهِ بعد أن عَلِقتْ بها سمكةٌ كبيرةٌ .. أشارَ إليها وهو يقول :
- أرأيت؟! هذا هو الأمر الذي يشغلُ جميعَ المخلوقات .. العالم الآخر! ابتلعتْ الطعم وابتلعتْ معه السّر ..
عادَ إلى تصفحِ كتابه بعد أن تركها على الرمالِ تنازعُ الموت.
صوتُ تكسر الأمواج العالي على الصخور جعلنّي انتظرُ برهةً قبل أن أوجَه لهُ سؤالاً :
- عن أيُّ شيءٍ يتحدثُ الكتاب ؟
- عن شيء أزلي .. عن تقاطعِ الأحلام مع الغريزة .. أنه كتاب خيالي.
شعورٌ غير مألوف سيطرَ عليّ .. شيء ما دفعني لتأمل زورق يتهادى فوقَ أمواج البحر التي كانت تستعدُ لابتلاع الشمس مثل كل يوم ..
وأنا استعدُ للمغادرة بعد أن فشلتُ في صيدِ أيّة سمكة .. قلتُ له :
- كنتُ أمُني نفسي هذا اليوم بأكلِ السمكِ.
ودون أن يلتفتَ إليّ أجابني :
- هل تعلم كيفَ يكونُ الصياد الناجح؟
- لا !
- مَنْ يهوى الصيدَ ولا يحبُ السمك.
صوتُ النوارس وحركة الغيوم البيضاء التي التقتْ فوق البحيرة وسرب بطٍ بري أبيض كانَ يعومُ على صفحة النهر .. شغلوني عن كل شيء.
التفتُ .. كان قد إختفى كما تختفي الأشباح.
تصلبتْ قدماي .. لا أقوى على النهوض لإطفاء التلفاز ..
هذه الليلة الفيلمُ سخيف ••
_ فوز حمزة _
فوز حمزة
فوز حمزة is on Facebook. Join Facebook to connect with فوز حمزة and others you may know. Facebook gives people the power to share and makes the world more open and connected.