عندما دَخلت السجن قبل أربعين عاماً قالت "لم يبق لي من سلاح في حياتي إلا القلم، أدافع به عن نفسي، عن حريتي وحرية الإنسان وأعبر عن مأساة الفقراء والنساء ."، سَخرت من الفضائيات وخرافات برامجها، وقررت في لحظة صدق أن لا تطيع سوى عقلها، وأن لا تكتب إلا ما يمليه عليها هذا العقل، تسخر من الصحف التي تمجد المسؤول، وتقول إنها تصاب بالغثيان عندما ترى وجه سياسي مزيف. نوال السعداوي التي رحلت عن عالمنا أمس بعد حياة مليئة بالمواقف والسجون والخسارات والانتصارات، وكنت أنظر إلى صورها وهي تبتسم بشعرها الأبيض، فأجدها مثل حكيمة قادمة من زمن مختلف، تخشى على مجتمعاتنا من أفكار التعصب والتخلف.. عاشت حياة ضاجة وماتت ولا تزال تثير ضجة حيث انقسمت مواقع التواصل بين من يشيد بمواقفها الجريئة والشجاعة، وبين من يتهمها بالتبرج والالحاد ، وامتلأت صفحات جماعة الأخوان المسلمين بعبارة واحدة: "رحلت ألد أعداء الإسلام"، في الوقت الذي امتنعت هذه الجماعة ومعها جماعات دينية أخرى من وصف عصابات داعش بأعداء الإسلام، فقطع الرقبة حلال، واحترام العقل حرام، وقد قرأت تعليقاً كوميدياً كتبه أحد رواد الفيسبوك يشتمها فيه لأنها لا تلبس الحجاب، وجربت أن أدخل صفحته لأتعرف على هذا المواطن "النيبه" فوجدته وقد وضع صورة حنان الفتلاوي تشير بعلامة النصر، فتذكرت كيف كانت نوال السعداوي تحارب أمية العقل.. كنت قبل أن أنوي الكتابة عن نوال السعداوي قد قررت أن أخصص هذا العمود لمشهد اعتقال إبراهيم الصميدعي الذي يفتقر لابسط حقوق الانسان ، وقبل أن يتهمني البعض بأنني أدافع عن الصميدعي ، اقول انني في هذا المكان كتبت أكثر من مقال عن إبراهيم الصميدعي، وعن دفاعه عن بعض الساسة الفاسدين، ولست في وارد الحديث عن الماضي، لكني أطرح أكثر من علامة استفهام حين أجد البعض يصر على تطبيق قوانين مجلس قيادة الثورة، وإصدار تشريعات تصادر حرية المواطن العراقي.
لعلها نكتة حين نقرأ لائحة الاتهام التي وجهت للصميدعي والتي يقول أصحابها إن إلقاء القبض عليه تم بسبب تهجمه على مؤسسات رسمية ، ولم يخبرنا البيان : من هي هذه المؤسسات؟، لكنه يحذرنا من أن مؤسسات الدولة أصبحت "مقدسة" لا يمكن للعبيد من أمثالنا الاقتراب منها، لكن يسمح "للسادة" أن يشتموا هذه المؤسسات ويسخروا منها في الفضائيات.
أيها السادة أصحاب كتاب "الحفاظ على عفة مؤسسات الدولة"، عليكم أن تعرفوا أن هذه المؤسسات كانت ولا تزال تبث اليأس في نفوس الناس كي يتخلوا عن دورهم في إصلاح هذه الدولة.
ماتت نوال السعداوي لكن كلماتها وكتاباتها ستظل تنبهنا إلى ان العناد في وجه الظلم وحده الكفيل بتحرير الإنسان.
لعلها نكتة حين نقرأ لائحة الاتهام التي وجهت للصميدعي والتي يقول أصحابها إن إلقاء القبض عليه تم بسبب تهجمه على مؤسسات رسمية ، ولم يخبرنا البيان : من هي هذه المؤسسات؟، لكنه يحذرنا من أن مؤسسات الدولة أصبحت "مقدسة" لا يمكن للعبيد من أمثالنا الاقتراب منها، لكن يسمح "للسادة" أن يشتموا هذه المؤسسات ويسخروا منها في الفضائيات.
أيها السادة أصحاب كتاب "الحفاظ على عفة مؤسسات الدولة"، عليكم أن تعرفوا أن هذه المؤسسات كانت ولا تزال تبث اليأس في نفوس الناس كي يتخلوا عن دورهم في إصلاح هذه الدولة.
ماتت نوال السعداوي لكن كلماتها وكتاباتها ستظل تنبهنا إلى ان العناد في وجه الظلم وحده الكفيل بتحرير الإنسان.