ترتبط مسارات التاريخ في الطبيعة البشرية وخواص تلك الطبيعة البيولوجية والعضوية والطبقية والاجتماعية . وكذلك العلاقات والمصالح والنزاعات الفردية او الجماعية التي تقرر امر الفكرة الاجتماعية ومناحيها السياسية والاقتصادية والقانونية والاخلاقية . والنزاعات بوصفها المعبر الطبيعي عن الذات البشرية تقع في مستوى ( القلب ) فالأفكار الايديولوجية والافتراضات الاخلاقية عادة تتألف بواسطة التفاعل الذاتي الذي تحدثه نزعة دينية او فكرة او قومية او طبقية في المجموعات البشرية . والاستجابة هي ردة الفعل الطبيعي الوثيق الصلة بالتحريض الذي تحدثه الصبوة او النزعة ..
وبما ان التاريخ يقع في الصعيد الموازي للحقائق المتراكمة في المجتمعات والحضارات والمدنيات فأنه قاعدة للاستغلال والاستثمار , ذلك لان الحضارات والمجتمعات لا تكتسب امكانياتها الا عن طريق الضغط والقهر والاعتساف حيث تتوالد التفاعلات بالضرورة والوجود والواقع .
فالتفاعل الذاتي سواء كان اقتصاديا او فكريا او قوميا لا يعلن عن نفسه الا اذا استطاع ان يغزو عقول البشر ويقلب مصالحهم واتجاهاتهم واغراضهم لغرض دفعهم الى الصراع الذي هو قاعدة الاشياء الحقيقية التي تحاول نسف الاسس الاجتماعية القديمة كما تثبت غيرها . ونتيجة لذلك ينشق المجتمع الى طبقة ثائرة وطبقة رجعية تقاوم التغيير والتطور بكل ضراوة وقسوة . وهذا يعني ان الطبقة الثائرة تكتسب امكانيات التحدي والضغط من القاعدة النظرية التي تنطلق منها , اما الطبقة المتلائمة فتقاوم كي تحافظ على وجودها والالتزامات والافكار التي تستطيع ان تبرر لها الوجود والمجتمع , والحقائق الاجتماعية المترسبة هي القوة المقاومة للتبديل والتغيير , يقابلها القوة التي تؤلف الحقيقة الجديدة ( الغازية ) ونتيجة لذلك يشتد الضغط والمقاومة, فتنقلب الرهوط المنضوية في المجموعة الثائرة الى جلادين وقتلة يبررون القتل بالافتراضات الاخلاقية – والفكرية والايديولوجية التي تحتوي علائق الواقع والكون والطبيعة البشرية . وكذا تتحول الطبقات المنتمية للواقع , فتتحول الدولة الى جهاز بوليسي ويتحول القانون الى آلة للإجبار والضغط والاكراه والقهر, وبالمثل ترد القوة الغازية عندما تنقلب الى طبقة او مجموعة سائدة , فتلجأ الى الاجبار والاغراء والضغط والقوة لأنها تصبح الممثلة الحقيقة للافتراضات الاجتماعية والفكرية والقاعدية التي تتصرف بوحي من شراعها وتفسيراتها وامكانياتها العقيدية والذاتية . ويلعب الترابط بين الشريعة والعقيدة والقانون والاقتصاد والفكرة الكونية دورا هاماً وحاسماً في احلال سيطرة الجماعة السائدة المؤلفة للبناء الاجتماعي ومن ثم الحضاري وكذا الحقائق الواقعية والصلات الانتاجية في مجموعها العام واشكال الوعي والتصرف الاجتماعيين المتممة للقواعد التي هي كالمرآة العاكسة للشيء.
وتؤلف هذه الحقائق والصلات الأسس التي يقوم عليها البناء الاجتماعي , ولذا فان الاشكال القانونية والتشريعية التي تقابلها تقوم على الفرضية التي هي انعكاس الفكرة في الدماغ , او الواقع في الذهن . ومهما يكن فان الأفكار صور الأشياء فذا كانت الفكرة الايديولوجية ذات طبيعة طبقية ونفسية واجتماعية فان جميع الافكار والاديان والمعتقدات شكل من اشكال الوعي المزور الذي تتراءى لنا فيه الأشياء صورا معنوية . وهكذا فان الاحداث الحقيقية التي تعاقبت على سجل التاريخ مليئة بالأكاذيب والزيف والتزوير لان القواعد الايديولوجية شيء يخلق افتراضات مستوحاة بأحاسيس ومشاعر ذاتية تحجب الحقائق الرئيسية المرئية وغير المرئية في الوجود .. وحتى الافكار التي تعكس الأشياء المادية بصورة معنوية تقع في نفس الهاوية ذلك لأنها تستند على خواص مادية متغيرة متطورة غير ثابتة , مضللة خادعة والبناء الفكري والمادي ووعي الانسان للقواعد النظرية يعتمد على الأوضاع والأحوال الاقتصادية المتغيرة . وبما ان الكائن يقع عندما يعتقد في الصراع وتنافر بين الحقيقة والزمن فان وجدوه الاجتماعي في طبيعته هو الذي يحدده من فوق ومن تحت ومهما تحرر من ذلك الوجود فأنه واقع تحت وطأته . فاذا اعتبرنا ان خواص الاشياء متغيرة فأن الفكرة ذاتها تظل غريبة عن الزمن وبالتالي فأن الحقية تصبح بعيدة عن الحقيقة – الحقيقة , الامر الذي يجعل الفكرة والاحكام المعيارية ترتبط بين ما يجب ان يكون وما هو كائن , واعتمادا على هذه القاعدة فان الأيدولوجيات تؤدي بطبيعة حالاتها التقويمية الى مستويين في ( النموذج ) الواقعي والفكري
----------------------------------------------------
*هذا جزء من مقالة بعنوان ( التاريخ كقاعدة للاستغلال ) نشرت مطلع الستينات في مجلة العلوم اللبنانية وفي المقال تناول الاستاذ جميل كاظم المناف جوانب مهمة عن حقيقة مسارات التاريخ في الطبيعة البشرية والصراعات وتنافر الحقيقة والزمن في واقع اجتماعي مظلل خادع للبناء الفكري يقتل الاحاسيس والمشاعر الذاتية ويحجب الحقائق في احلال سيطرة الجماعة ويعد سجل التاريخ مليء بالأكاذيب والزيف والتزوير .
وبما ان التاريخ يقع في الصعيد الموازي للحقائق المتراكمة في المجتمعات والحضارات والمدنيات فأنه قاعدة للاستغلال والاستثمار , ذلك لان الحضارات والمجتمعات لا تكتسب امكانياتها الا عن طريق الضغط والقهر والاعتساف حيث تتوالد التفاعلات بالضرورة والوجود والواقع .
فالتفاعل الذاتي سواء كان اقتصاديا او فكريا او قوميا لا يعلن عن نفسه الا اذا استطاع ان يغزو عقول البشر ويقلب مصالحهم واتجاهاتهم واغراضهم لغرض دفعهم الى الصراع الذي هو قاعدة الاشياء الحقيقية التي تحاول نسف الاسس الاجتماعية القديمة كما تثبت غيرها . ونتيجة لذلك ينشق المجتمع الى طبقة ثائرة وطبقة رجعية تقاوم التغيير والتطور بكل ضراوة وقسوة . وهذا يعني ان الطبقة الثائرة تكتسب امكانيات التحدي والضغط من القاعدة النظرية التي تنطلق منها , اما الطبقة المتلائمة فتقاوم كي تحافظ على وجودها والالتزامات والافكار التي تستطيع ان تبرر لها الوجود والمجتمع , والحقائق الاجتماعية المترسبة هي القوة المقاومة للتبديل والتغيير , يقابلها القوة التي تؤلف الحقيقة الجديدة ( الغازية ) ونتيجة لذلك يشتد الضغط والمقاومة, فتنقلب الرهوط المنضوية في المجموعة الثائرة الى جلادين وقتلة يبررون القتل بالافتراضات الاخلاقية – والفكرية والايديولوجية التي تحتوي علائق الواقع والكون والطبيعة البشرية . وكذا تتحول الطبقات المنتمية للواقع , فتتحول الدولة الى جهاز بوليسي ويتحول القانون الى آلة للإجبار والضغط والاكراه والقهر, وبالمثل ترد القوة الغازية عندما تنقلب الى طبقة او مجموعة سائدة , فتلجأ الى الاجبار والاغراء والضغط والقوة لأنها تصبح الممثلة الحقيقة للافتراضات الاجتماعية والفكرية والقاعدية التي تتصرف بوحي من شراعها وتفسيراتها وامكانياتها العقيدية والذاتية . ويلعب الترابط بين الشريعة والعقيدة والقانون والاقتصاد والفكرة الكونية دورا هاماً وحاسماً في احلال سيطرة الجماعة السائدة المؤلفة للبناء الاجتماعي ومن ثم الحضاري وكذا الحقائق الواقعية والصلات الانتاجية في مجموعها العام واشكال الوعي والتصرف الاجتماعيين المتممة للقواعد التي هي كالمرآة العاكسة للشيء.
وتؤلف هذه الحقائق والصلات الأسس التي يقوم عليها البناء الاجتماعي , ولذا فان الاشكال القانونية والتشريعية التي تقابلها تقوم على الفرضية التي هي انعكاس الفكرة في الدماغ , او الواقع في الذهن . ومهما يكن فان الأفكار صور الأشياء فذا كانت الفكرة الايديولوجية ذات طبيعة طبقية ونفسية واجتماعية فان جميع الافكار والاديان والمعتقدات شكل من اشكال الوعي المزور الذي تتراءى لنا فيه الأشياء صورا معنوية . وهكذا فان الاحداث الحقيقية التي تعاقبت على سجل التاريخ مليئة بالأكاذيب والزيف والتزوير لان القواعد الايديولوجية شيء يخلق افتراضات مستوحاة بأحاسيس ومشاعر ذاتية تحجب الحقائق الرئيسية المرئية وغير المرئية في الوجود .. وحتى الافكار التي تعكس الأشياء المادية بصورة معنوية تقع في نفس الهاوية ذلك لأنها تستند على خواص مادية متغيرة متطورة غير ثابتة , مضللة خادعة والبناء الفكري والمادي ووعي الانسان للقواعد النظرية يعتمد على الأوضاع والأحوال الاقتصادية المتغيرة . وبما ان الكائن يقع عندما يعتقد في الصراع وتنافر بين الحقيقة والزمن فان وجدوه الاجتماعي في طبيعته هو الذي يحدده من فوق ومن تحت ومهما تحرر من ذلك الوجود فأنه واقع تحت وطأته . فاذا اعتبرنا ان خواص الاشياء متغيرة فأن الفكرة ذاتها تظل غريبة عن الزمن وبالتالي فأن الحقية تصبح بعيدة عن الحقيقة – الحقيقة , الامر الذي يجعل الفكرة والاحكام المعيارية ترتبط بين ما يجب ان يكون وما هو كائن , واعتمادا على هذه القاعدة فان الأيدولوجيات تؤدي بطبيعة حالاتها التقويمية الى مستويين في ( النموذج ) الواقعي والفكري
----------------------------------------------------
*هذا جزء من مقالة بعنوان ( التاريخ كقاعدة للاستغلال ) نشرت مطلع الستينات في مجلة العلوم اللبنانية وفي المقال تناول الاستاذ جميل كاظم المناف جوانب مهمة عن حقيقة مسارات التاريخ في الطبيعة البشرية والصراعات وتنافر الحقيقة والزمن في واقع اجتماعي مظلل خادع للبناء الفكري يقتل الاحاسيس والمشاعر الذاتية ويحجب الحقائق في احلال سيطرة الجماعة ويعد سجل التاريخ مليء بالأكاذيب والزيف والتزوير .