تناولنا في الجزء الاول مفهوم التاريخ كقاعدة للاستغلال واعتمد هذه القاعدة أيديولوجيات تؤدي بطبيعة حالاتها التقويمية الى مستويين في ( النموذج ) الواقعي والفكر
النموذج الاول يكون في مستوى الشي والفعل , اما الثاني فيكون في مستوى الحكم او المعيار , ولذلك فأن القاسم المشترك بين المستويين هو الارتباط الموضوعي الي تقوم معايره ومقاييسه على الوجود الشيئي – للقاعدة المعيارية . ولقد تصور الفلاسفة ان الاشياء والقيم مجرد صدى للفكرة او المادة وبهذا الشعور يتراءى لنا العالم اما صورة وشكلا واما مادة مستقلة عنا كليا . وفي كلا الحالتين نجد انفسنا نتجذر في الوجود وتلك هي قيمتنا . الا ان تجذرنا وما يقابله من نشاط وفعالية ولذة واحاسيس وسرور وخيبات وهزائم واحزان وهموم وقضايا اجتماعية وطبقية وفكرية واقتصادية وقيم نصطلح على تسميتها ومبادئ وافتراضات لا تحقق نفسها الا في حالة استعلاء . مما يجعل الكفاح والجهاد والصراع والتنافس سببا للذة . والحركات الثورية تعطي اللذة وتجعل الذات تستغرق في حالات من السرور او الحزن , واذا وضعنا في اعتبرانا ان الوجود يقع في الخارج كلما بدا الداخل سلبيا ادركنا ان كل شيء في التاريخ البشري هو ( بحث عن الداخل ) والذات في كل اعادة او حركة او فكرة او عمل او قاعدة تخلق نفسها لتغير ما في الكون , او بمعنى اخر تريد ان تمتلك خصائص الاشياء كي ما تشعر بوجودها .
بيد ان امتلاك الاشياء التي يطلع بها عقلنا ويتخذ من خلاه مواقف وفلسفات عمومية تحاول ان تخرج البشر في نسق واحد وبما يتسم به من حلول وافكار ومواصفات ومشاريع ومذاهب يتصف بالانحرافية لان طرائق الفهم في شكولها واطاراتها وتحديداتها تفترض ان ينطلق الانسان في تجربته مع الواقع والحياة والكون من موقف واحد وهو لا يصل الى حلول ايجابية الا اذا اصبحت امكانياته مادية والعقلية والفكرية والاجتماعية في نطاق يحتوي ابعاد الاشياء ومحتوياتها . وهكذا فكلما دخلت الاشياء بودقة الفكرة الكونية اصبح الانسان اسير مقولات تربطه بالزمن ة والانسان ازاء ذلك يفرغ مجهوداته في مكان يبني ويعمل ويزرع ويفكر فيه , انه مشروع يتجمع في بؤرة . والحضارة هي واقع البؤرة التي تغري بالاندفاع والعمل الا ما لا نهاية . والحضارة كنتيجة ومعطى من معطيات التاريخ , تتعين حدودهما وممكناتها ومفاعيلها وغاياتها في اللحظة الزمنية التي هي كالحذاء الجديد في البدء لان ما يخصها هو ان تحافض على سلامة القدمين ! اما ابشر الذين يموتون جوعا ويقتلون ويحرقون ويعذبون فأن احتضارهم وصراخهم وانينهم وعذاباتهم مجرد وسائل الطرائق الموصلة للغايات . فاعتبار الاخيرة تبرر كل شيء
----------------------------------------------------
*هذا جزء من مقالة بعنوان ( التاريخ كقاعدة للاستغلال ) نشرت مطلع الستينات في مجلة العلوم اللبنانية وفي المقال تناول الاستاذ جميل كاظم المناف جوانب مهمة عن حقيقة مسارات التاريخ في الطبيعة البشرية والصراعات وتنافر الحقيقة والزمن في واقع اجتماعي مظلل خادع للبناء الفكري يقتل الاحاسيس والمشاعر الذاتية ويحجب الحقائق في احلال سيطرة الجماعة ويعد سجل التاريخ مليء بالأكاذيب والزيف والتزوير .
النموذج الاول يكون في مستوى الشي والفعل , اما الثاني فيكون في مستوى الحكم او المعيار , ولذلك فأن القاسم المشترك بين المستويين هو الارتباط الموضوعي الي تقوم معايره ومقاييسه على الوجود الشيئي – للقاعدة المعيارية . ولقد تصور الفلاسفة ان الاشياء والقيم مجرد صدى للفكرة او المادة وبهذا الشعور يتراءى لنا العالم اما صورة وشكلا واما مادة مستقلة عنا كليا . وفي كلا الحالتين نجد انفسنا نتجذر في الوجود وتلك هي قيمتنا . الا ان تجذرنا وما يقابله من نشاط وفعالية ولذة واحاسيس وسرور وخيبات وهزائم واحزان وهموم وقضايا اجتماعية وطبقية وفكرية واقتصادية وقيم نصطلح على تسميتها ومبادئ وافتراضات لا تحقق نفسها الا في حالة استعلاء . مما يجعل الكفاح والجهاد والصراع والتنافس سببا للذة . والحركات الثورية تعطي اللذة وتجعل الذات تستغرق في حالات من السرور او الحزن , واذا وضعنا في اعتبرانا ان الوجود يقع في الخارج كلما بدا الداخل سلبيا ادركنا ان كل شيء في التاريخ البشري هو ( بحث عن الداخل ) والذات في كل اعادة او حركة او فكرة او عمل او قاعدة تخلق نفسها لتغير ما في الكون , او بمعنى اخر تريد ان تمتلك خصائص الاشياء كي ما تشعر بوجودها .
بيد ان امتلاك الاشياء التي يطلع بها عقلنا ويتخذ من خلاه مواقف وفلسفات عمومية تحاول ان تخرج البشر في نسق واحد وبما يتسم به من حلول وافكار ومواصفات ومشاريع ومذاهب يتصف بالانحرافية لان طرائق الفهم في شكولها واطاراتها وتحديداتها تفترض ان ينطلق الانسان في تجربته مع الواقع والحياة والكون من موقف واحد وهو لا يصل الى حلول ايجابية الا اذا اصبحت امكانياته مادية والعقلية والفكرية والاجتماعية في نطاق يحتوي ابعاد الاشياء ومحتوياتها . وهكذا فكلما دخلت الاشياء بودقة الفكرة الكونية اصبح الانسان اسير مقولات تربطه بالزمن ة والانسان ازاء ذلك يفرغ مجهوداته في مكان يبني ويعمل ويزرع ويفكر فيه , انه مشروع يتجمع في بؤرة . والحضارة هي واقع البؤرة التي تغري بالاندفاع والعمل الا ما لا نهاية . والحضارة كنتيجة ومعطى من معطيات التاريخ , تتعين حدودهما وممكناتها ومفاعيلها وغاياتها في اللحظة الزمنية التي هي كالحذاء الجديد في البدء لان ما يخصها هو ان تحافض على سلامة القدمين ! اما ابشر الذين يموتون جوعا ويقتلون ويحرقون ويعذبون فأن احتضارهم وصراخهم وانينهم وعذاباتهم مجرد وسائل الطرائق الموصلة للغايات . فاعتبار الاخيرة تبرر كل شيء
----------------------------------------------------
*هذا جزء من مقالة بعنوان ( التاريخ كقاعدة للاستغلال ) نشرت مطلع الستينات في مجلة العلوم اللبنانية وفي المقال تناول الاستاذ جميل كاظم المناف جوانب مهمة عن حقيقة مسارات التاريخ في الطبيعة البشرية والصراعات وتنافر الحقيقة والزمن في واقع اجتماعي مظلل خادع للبناء الفكري يقتل الاحاسيس والمشاعر الذاتية ويحجب الحقائق في احلال سيطرة الجماعة ويعد سجل التاريخ مليء بالأكاذيب والزيف والتزوير .