د. محمد أغ محمد - قصة الثعلب وزوجته

عاد الثعْلبُ ذاتَ يومٍ من الصيد برأس الأرنبِ، وقالت له زوجته: ليسَ من دواعي الفخْر، ولا من مظاهر البطولةِ أن تصطادَ أرْنباً،،، فغضبَ الثَّعلبُ، وأكَّد لها أنّه سيأتيها برؤوسِ الكواسرِ الأشدّاء من وحوش البرَّيةِ، فخرج مسرعاً…

في الطّريق قابَلَ قافلةً، عجيبة التشكيلِ: (فيل، وأسد، ونمر، وثعبان)، فرحَّبوا به، وطلب الانضمامَ إلى المجموعة… وبسرعةٍ نالَ ثقةَ الرِّفاق…

وفي إحدى لحظاتِ المؤانسة، والسمرِ قال لهم الثعلبُ:

يا رفاق ! نحن طالما منسَجمونَ هكَذا، وفي رحلةٍ طيّبةٍ ينبغي أن نَتصارحَ أكثر، ويبوحُ كلُّ واحد منا بعيْبِه، وبما يَضرُّه ويغضبُه، ولا يصبِرُ عليْهِ حتَّى لا يسيءَ البعضُ للٱخر عن جهْلٍ ! ويستمرَّ الودُّ والوئامُ.

استحسنتِ الجماعةُ مقترحَ الصديق الصغير!

فبدأ الفيلُ قائلا:

أنا مشكلتي أنْ يدخُلَ الحصى أو أيُّ شيءٍ في أذْني !

وأضاف الأسدُ:

أنا لا يعجبُني الصراخُ ويُزعجني الضجيجُ والأصواتُ المرتفعةُ.

وقال النَّمرُ:

وأنا أكرهُ النظرَ كثيراً، لا أريد أن يحدِّقَ أحدٌ في وجْهي !

وعلَّق الثعبانُ:

أما أَنا فكلُّ شيءٍ مقبولٌ عندي إلاَّ أنْ يَمشيَ واحدٌ عليَّ.

وسجَّل مدير الجلسة كل هذه النقاطِ، وخَتَمَ الحوارَ بالشكر، والتوصية باحترام سائرِ الحسَّاسيات…

ومضتْ فترةٌ ليستْ بقليلةٍ، فركنت القافلةُ الى الرَّاحةِ تحت شجرةٍ كبيرة، وكان الثعلب يبَيِّتُ ما يبيِّتُ …!

سرْعانَ ما جهَّزَ للأسدِ أريكةً على الشجرة، وبالتحديد فوق رأسِ الفيلِ مباشرةً

فقال له: أنت الزَّعيم ! يمكن أن ترتاحَ على هذا العرشِ المريح! فطابتِ الفكرة للأسدِ.

الأريكة عبارة عن عشِّ مهترئٍ متهالكٍ! ما إنْ صعَد إليها الأسدُ حتى بدأ العشبُ يتساقطُ على الفيلِ، وقبلَ أن يستقرَّ سقطَ كله على رأسِ الفيلِ، فامتلأت أذنُه بالغبار، والحصاة، ….. فنَهَضَ صائحاً هائجاً، وهو يحدِّق جيّداً في النمرِ وكان متقرفصاً قُبالتَهُ …

واغتاظَ النمرُ قافزا على الثعبانِ الذي استيقظَ بدوْرِه مرتاعاً، يفورُ ويطيرُ …!

وهكذا اندلعتْ بينهم معركةٌ قاضيةٌ، وتَقاتَلوا حتى لم يبقَ منهم حيُّ غيرُ الثعلبِ الذي اختفى جانباً ليشاهدَ النزالَ بكلٍ خبْثٍ وانتشاءٍ وسرورٍ…

ولمَّا وضعتِ الحرْبُ أوْزارَها أخَذَ الثعلبُ يقْطَعُ رؤوس الرِّفاق واحداً واحداً، ثمَّ جَمَعَها في جِرابِهِ، وعادَ إلى زوْجَتِه مبتهجاً يتبَخْتَرُ !



*أستاذ الأدب العربي في الجامعة الإسلامية بالنيجر






أعلى