اذاعوا من على الشريط، انَّ سميحا مات.. قلتُ لم يمُتْ.. سميحٌ زُفَّ بالخيل والليل والمزامير...
الشاعر..
النص...
لمحتُ من على الشريط سميحا مات..
تذكرتُ من قبل شهرين ساعةَ كنا تحتَ مظلةِ الغبش
نفترشُ الناعمَ مثل الملائكة، نسبّحُ نَسْبَحُ في الحب،
في بحره العميق جدا، مصغٍ لها، حدَّ انَّ جوارحي انتبهتْ
كالصقر المستفز، تحت الغطاء وتحت الذراع،
قالت..لعل سميحاً ، يمرُّ موكبُهُ قريباً مضيءا،
ولكنْ بلون الحقول، تتبعُهُ الجداولُ والعصافيرُ،
وانساقٌ من الشجر الطِّوال،
ومثلَ انين القطا المُسْربِ ، حيث الضحى،، وبريقُ ماء البحيرة، يخرجن بناتُ فلسطين،،اولُ ما خرجنَ،
نثرنَ على الدرب اَسَاً وورداً وزعفرانْ...
رفعنَ البيارقَ البيضَ والخضرَ، مابين بيرقٍ وبيرقٍ.
صهيلٌ وسيفٌ، حتى ضاقت الطرقاتُ وانفتح الافقُ،
طيّتينِ بعد طيّتينِ، وكان بينهما منارةٌ وفرسٌ وتاجْ،
انبهرتُ اعتراني من الحال الدهشُ، الْتفتُّ يتبعُني الهواءُ
والطواحينُ والمارّةُ، التفتُّ يتبعُني المغيبُ وحمراؤهُ، وسبعٌ
من الظبي الغزالِ،
درجنَ في العشِّ، بناتي من دمي، او قل قصائدي،
ومثلُهنَّ اثنتانِ، في كنفي عزيزتانِ،
ومثلهنَ اثنتانِ اخترتُ الهوى والغوى منذ البدايات الى النهايات، اشتركنا معاً، شربنا معا كاس اللذاذاتِ،
فرحنا، رسمنا في اشدِّ الذهول، في اخصِّ الحلول،
المسارَ...
سئمْنا وراجعنا الحياة محثّينَ كمثل الرياح، ومثل النهار
وجاء الشريط حثيثَ الشريطِ...
يدفع بالصورة والصوت
...سميحٌ ماتَ... سميحٌ ماتَ.
...ماتَ سميحْ...
جاَرنا معاً، وصحنا معاً، بعيد العشاء، ما تاخّرَ منا سوى
هذا الفؤاد، فؤادي انا، ماتَ واحتيى، مات واحتيى وفرَّ مني، مرتينِ، ثلاثَ مراتٍ، في القفص اللدنيِّ...
مكان قلبي في لبِّهِ، رفرف كالطير الحبيس تواً، جابهتْهُ
الضلوعُ، ولولا رحمة الله من شدة الحزن عليك سميح...
ها نحن جيناك نلاقي مثل ابائنا وامهاتنا على طريقتهم
جينا نهرولُ، نهرولُ ويسبقنني واهرولُ،
انكبُّ مثلَ فحلِ الايائلِ صكّتْهُ الجلاميدُ،
انهكهُ المَشْيُ بالوعث والحرث، يرجفُنا السرابُ فوق وبين الهضاب، قطعنا الفيافي والبراري اليك، تلفحُنا الهجيرةُ
ريحُ السمومِ، يرشقْنَني ببارد الماء،
يتيقّظُ الذي فيَّ.. ارهجُ ارهجُ وتحمرُّ عينايَ...
تفرُّ درويشتي، ،روحي العنيدةُ فيَّ... اركضُ اطيرُ..
اطيرُ وانا اركضُ،
...الله.. الله ... لا اعرف لا اعرف من شدة الحزن
...سميحٌ عليك.....
سقطتُ وقمتُ اهرولُ وحلواتي مع الركب مثل الحمام..
يهدلن، اهفو اليك سميحُ، ويدفعُني ويرفعُني الصياحُ
صياحُ القبيلةِ والقرابةِ
صياحُ العروبة، صياحُ الوطن...
فكيف وانت الصديقُ الحميمُ ليَ في كتبه
وكيف مع الوقت نصحوا ونغفوا على شعرنا..
وانت كما انت بالمودة والصحبةِ...
اِنّا نلاقيكَ يرشفُنا الدمعُ والشمعُ والفاتحة
وهذي الوجوهُ احتساها الصفارُ والغبارُ
غاديةً رائحةْ...
ها هُنَّ لبسن السواد عليك، اقمنَ الحدادَ عليك...
ومنذ يومينِ قطعنَ الشرابَ والقوتَ عليك..
فهذي بثينة... قصّتْ جدائلَها الشُقرَ
ولُبْنى وليلى وفردوسُ، قصَصْنَ امام امِّ هاشمَ
الساعدية ... في حضنها كل الظفائر حزنا عليك
قوّالةُ الحي، شيختُه الجليلةُ، عماريةُ الدَّحِ والنَّحِّ
والردْحِ،
نَصَبْنا الماَتمَ والمضايفَ بيتَ العشيرة
سرادقَها الفخمَ، دُرْنا.. ودُرنا.. ودُرنا دورةً كاملةً
بالافق على جبل الليل، وفوق الشمس
مثل الصقور الباشقية، مثل زهو الكراكي الصَّافاتِ
اسرابٌ من الطير الجوارح،
القريشيون.. الزبيديون.. شمّرُ.. تميمُ.. دليمُ.. خويلدُ..
المراشدةُ... الجميعُ الجموعُ.. كلُّنا
العربُ العروبةُ يتقدمها الفخرُ والامرُ
اِنّا ندور عليك، على سواك من العظام، من شعبنا اهلنا
كبارِ القومِ عُلْيَتِهِ...
خرجنا وجيناك... خرجنا وكان الخروج من جنوب العراق
وصلنا وكان الوصول من جنوب العراق
الى حيث حوران، الى حيث الخليل والجليل والقدس والناصرة، وكان التذكّرُ كالسناء شفيفاً،،
انكيدو مرَّهُ الموتُ من هنا، انكيدو مرَّهُ المجد من هناك
اضربنَ بالدفوفِ بناتِ سومر َ، اضربنَ بناتِ الناصريةِ،،
اضربنَ هذا اثر البطل،، هذي عروقُهُ .. ريحُهُ .. حزامُهُ .. وجذورُهُ
لاتبتئسْ.. سميح.. لا تبتئسْ
فلعلَّ الوقت قد حانَ، ولعلَّ السلالَ امتلأت وفاضَ، ولطالما
ساَلوهُ، ما انت والشمسُ..؟ ماانت والقمرُ...؟
قال حدَّ النخاعِ حدَّ المشاشِ في الطين والنهر..
قال اني قحْ.. قحٌ .. قحْ... مِاَةٌ في المِاَةِ صافياً كماء العروس
من ماء العروبة .. اني صحْ.. صحٌ.. صحْ..
وهذا حاصلي بيادرٌ من ذهب وماس، هويتي من فتح
هويتي من حماس، من اخواتها من خبر غزةَ ومبتدئها..
من حروف التشبيهِ في الشجاعيةِ
من عكا ويافا من بيت حانونَ، مع البحر الابيض والمتوسط
والخبب،
جاشتْ بالصراخ الساعديةُ عند سماعها الدَّفَّ والهتفَ
امُّ هاشمَ...
طواها الحالُ والماَلُ هزّتْ بيرقَها شيّعتْ بالكلام والحداء
سميحاً الشاعرَ والمناضلَ والشيخَ...
شيّعتِ الضحايا في العراق من اهلنا في فلسطين اهلنا
بدمشقَ الياسمينَ بدائرة الطباشير واللون..
ردَّدتْ ما قاله سميحٌ ذات يومٍ مع الضوء عبر النهار الاثير
ابكي عراقيَ ام ابكي فلسطيني...
في كل يوم تمطرُ السحبُ .. دماً في العراق
ذُبِحَ المسلمُ وغيرُهُ والمسيحُ... ذبحوا على باردٍ
ياسميحُ.. في كل يوم يمطر الافق،، ضحايا في فلسطين
يا صريخ المستصرخين، مددْ ياربُّ مددْ..
يا ويلي ياويل قصايدي.. بناتي من دمي...
بناتَ الناصرية بنات سومرَ...
اُخْتُرِطي يا خدودُ.. وابتُحي ياحناجرُ
ما تعِبتُ وذي خيزرانتي اولُ الركبِ
اول المهرولين اليه نلاقي سميحاً، نلاقيه في الغبش
نلاقي النعش...
حملتْهُ النجومُ.. حملتهُ بناتُ نعش...
سميحُ.. ما تعبتُ وذي قدمايَ حافيتان عليك يمشيانِ
مثلَ مشينا للحسينِ، في كل عام.. الى كربلاءَ..
نحن المهابيلُ المجانينُ فيه.. الى كربلاءَ فيه...
الى حيث البطولةِ والبطلِ والمشرعةْ... الى حيث فيه
الى مراغةِ الدَّمِ تلك... فيها صورةٌ للبطل... هذا اثرُهُ..
نشمُّ رسمَهُ واسمَهُ ريحَهُ ودَمَهُ...
سميحُ...
ها نحن جيناك من الجنوب ، الى حيث الجنوب..
من اصلهِ وجذره... ما ننقطع نحن سُداةُ الحرير
ماننقطع نحن لُحْمَةُ الضوء.. دقنا النولُ .. نولُ السموات
والرُّسُلِ... دافنا بالكرامات من الصغير الى الكبير...
ربط الخيط بالخيط.. والمصير بالمصير..
سميحُ ما مات.. سميحُ حيٌّ ... مع الله حيٌّ..
ياعظيم البكا.. ياعظيم السُّرى ، نحن المهابيل فيه
في الله..سبحانَهُ . ياهو .. نحن المجاذيبُ فيه...
ذوو الشطح واللمح.. مشعّون يكرهنا الظلامُ والجهالةُ..
حضورٌ فيه...غيابٌ فيه.. مجانينٌ فيه..
سهارى ندامى لا ننامُ.. الهيامُ الغرامُ ... تتجافى جنوبُنا
انكرهنا... فلعلنا الثلّةُ القلّةُ النافرونَ... ذوو الشهادة والاريحية
وما يعلمون.. نحن مع الشمس..مع القمر الفرد... ولعلَّ الوقت قد حان... ولعلَّ السلالَ امتلأت وفاضت... وما يعلمون..
سقط حجرٌ امامي.. تشظّى ثلاثة واصغرَ ... ادمى اصبعي...
بردتُ رجعتُ الى ما كنتُ ... داهمني النشيدُ والجيشانُ...
قوّالةُ الحيّ .. ام هاشمَ... ايقظتني بالصوت والفوت والموت
...الله.. ذاك النعش.. جاء النعش وصل سميح
مضيئاً .. لُفَّ بالعلم العربي المجيد... ذاك بالمنحنى الاخير
فوق الذرى.. والربى الخضر مع الطير والورد والفراشات
ذاك مع الوعول والغزلان... شيخ الربى سيّدُها الاجلُّ..
ذاك فوق اخر حافة للضوء الذي نحن فيه...
الذي شعَّ والتمعَ فصعدَ... ذاك لوّحَ لنا على طريقة الزعماء
لا نسمع ما قال... كان بعيدا.. قرّبَ تاهّبنا درنا قبل الوصول
دورةً مع الريح..
وصل مرّتْ تزفّهُ بناتُ فلسطين وفتيانُها
تزفّهُ الملويةُ في سُرَّ مَنْ راى.. والاهرامُ تزفه من مصر
انطقي ياصحف الاهرام.. ياجرايد عبد الناصر...
يا غوطة الشام.. ياتونسُ.. يالمغرب العربي يا مكةَ النور
يا مليلة يالحمراء .. انطقي
بهم جميعا... مِلْءَ مجرِ الكبش.. كِثارٌ هُمْ.. انطقي
كالنجوم انطقي بالفرات النبيل بالنيل بشريان العروبة
بالدين ..
سميحُ ما ماتَ.. سميحُ زُفَّ بالخيل والليل والمزامير
سميحُ اشتهى الصحبَ والدرب والقضيةَ..
سافر الى رُحْبَة من الضباب المشعِّ في الغابة الجنوية
الى الابدية.. سافر..
ولطالما افترقنا وغبنا.. وغاب رحمة من الله عليه
فلعلنا كهذي النجوم ما ان تغبْ.. تبزغِ الحين وتولد الحين
فيزهرُ المجدُ وتُحْمَدُ العرب...
.............
....حميد العنبر الخويلدي
ساعة سماعي الخبر من التلفاز...
الشاعر..
النص...
لمحتُ من على الشريط سميحا مات..
تذكرتُ من قبل شهرين ساعةَ كنا تحتَ مظلةِ الغبش
نفترشُ الناعمَ مثل الملائكة، نسبّحُ نَسْبَحُ في الحب،
في بحره العميق جدا، مصغٍ لها، حدَّ انَّ جوارحي انتبهتْ
كالصقر المستفز، تحت الغطاء وتحت الذراع،
قالت..لعل سميحاً ، يمرُّ موكبُهُ قريباً مضيءا،
ولكنْ بلون الحقول، تتبعُهُ الجداولُ والعصافيرُ،
وانساقٌ من الشجر الطِّوال،
ومثلَ انين القطا المُسْربِ ، حيث الضحى،، وبريقُ ماء البحيرة، يخرجن بناتُ فلسطين،،اولُ ما خرجنَ،
نثرنَ على الدرب اَسَاً وورداً وزعفرانْ...
رفعنَ البيارقَ البيضَ والخضرَ، مابين بيرقٍ وبيرقٍ.
صهيلٌ وسيفٌ، حتى ضاقت الطرقاتُ وانفتح الافقُ،
طيّتينِ بعد طيّتينِ، وكان بينهما منارةٌ وفرسٌ وتاجْ،
انبهرتُ اعتراني من الحال الدهشُ، الْتفتُّ يتبعُني الهواءُ
والطواحينُ والمارّةُ، التفتُّ يتبعُني المغيبُ وحمراؤهُ، وسبعٌ
من الظبي الغزالِ،
درجنَ في العشِّ، بناتي من دمي، او قل قصائدي،
ومثلُهنَّ اثنتانِ، في كنفي عزيزتانِ،
ومثلهنَ اثنتانِ اخترتُ الهوى والغوى منذ البدايات الى النهايات، اشتركنا معاً، شربنا معا كاس اللذاذاتِ،
فرحنا، رسمنا في اشدِّ الذهول، في اخصِّ الحلول،
المسارَ...
سئمْنا وراجعنا الحياة محثّينَ كمثل الرياح، ومثل النهار
وجاء الشريط حثيثَ الشريطِ...
يدفع بالصورة والصوت
...سميحٌ ماتَ... سميحٌ ماتَ.
...ماتَ سميحْ...
جاَرنا معاً، وصحنا معاً، بعيد العشاء، ما تاخّرَ منا سوى
هذا الفؤاد، فؤادي انا، ماتَ واحتيى، مات واحتيى وفرَّ مني، مرتينِ، ثلاثَ مراتٍ، في القفص اللدنيِّ...
مكان قلبي في لبِّهِ، رفرف كالطير الحبيس تواً، جابهتْهُ
الضلوعُ، ولولا رحمة الله من شدة الحزن عليك سميح...
ها نحن جيناك نلاقي مثل ابائنا وامهاتنا على طريقتهم
جينا نهرولُ، نهرولُ ويسبقنني واهرولُ،
انكبُّ مثلَ فحلِ الايائلِ صكّتْهُ الجلاميدُ،
انهكهُ المَشْيُ بالوعث والحرث، يرجفُنا السرابُ فوق وبين الهضاب، قطعنا الفيافي والبراري اليك، تلفحُنا الهجيرةُ
ريحُ السمومِ، يرشقْنَني ببارد الماء،
يتيقّظُ الذي فيَّ.. ارهجُ ارهجُ وتحمرُّ عينايَ...
تفرُّ درويشتي، ،روحي العنيدةُ فيَّ... اركضُ اطيرُ..
اطيرُ وانا اركضُ،
...الله.. الله ... لا اعرف لا اعرف من شدة الحزن
...سميحٌ عليك.....
سقطتُ وقمتُ اهرولُ وحلواتي مع الركب مثل الحمام..
يهدلن، اهفو اليك سميحُ، ويدفعُني ويرفعُني الصياحُ
صياحُ القبيلةِ والقرابةِ
صياحُ العروبة، صياحُ الوطن...
فكيف وانت الصديقُ الحميمُ ليَ في كتبه
وكيف مع الوقت نصحوا ونغفوا على شعرنا..
وانت كما انت بالمودة والصحبةِ...
اِنّا نلاقيكَ يرشفُنا الدمعُ والشمعُ والفاتحة
وهذي الوجوهُ احتساها الصفارُ والغبارُ
غاديةً رائحةْ...
ها هُنَّ لبسن السواد عليك، اقمنَ الحدادَ عليك...
ومنذ يومينِ قطعنَ الشرابَ والقوتَ عليك..
فهذي بثينة... قصّتْ جدائلَها الشُقرَ
ولُبْنى وليلى وفردوسُ، قصَصْنَ امام امِّ هاشمَ
الساعدية ... في حضنها كل الظفائر حزنا عليك
قوّالةُ الحي، شيختُه الجليلةُ، عماريةُ الدَّحِ والنَّحِّ
والردْحِ،
نَصَبْنا الماَتمَ والمضايفَ بيتَ العشيرة
سرادقَها الفخمَ، دُرْنا.. ودُرنا.. ودُرنا دورةً كاملةً
بالافق على جبل الليل، وفوق الشمس
مثل الصقور الباشقية، مثل زهو الكراكي الصَّافاتِ
اسرابٌ من الطير الجوارح،
القريشيون.. الزبيديون.. شمّرُ.. تميمُ.. دليمُ.. خويلدُ..
المراشدةُ... الجميعُ الجموعُ.. كلُّنا
العربُ العروبةُ يتقدمها الفخرُ والامرُ
اِنّا ندور عليك، على سواك من العظام، من شعبنا اهلنا
كبارِ القومِ عُلْيَتِهِ...
خرجنا وجيناك... خرجنا وكان الخروج من جنوب العراق
وصلنا وكان الوصول من جنوب العراق
الى حيث حوران، الى حيث الخليل والجليل والقدس والناصرة، وكان التذكّرُ كالسناء شفيفاً،،
انكيدو مرَّهُ الموتُ من هنا، انكيدو مرَّهُ المجد من هناك
اضربنَ بالدفوفِ بناتِ سومر َ، اضربنَ بناتِ الناصريةِ،،
اضربنَ هذا اثر البطل،، هذي عروقُهُ .. ريحُهُ .. حزامُهُ .. وجذورُهُ
لاتبتئسْ.. سميح.. لا تبتئسْ
فلعلَّ الوقت قد حانَ، ولعلَّ السلالَ امتلأت وفاضَ، ولطالما
ساَلوهُ، ما انت والشمسُ..؟ ماانت والقمرُ...؟
قال حدَّ النخاعِ حدَّ المشاشِ في الطين والنهر..
قال اني قحْ.. قحٌ .. قحْ... مِاَةٌ في المِاَةِ صافياً كماء العروس
من ماء العروبة .. اني صحْ.. صحٌ.. صحْ..
وهذا حاصلي بيادرٌ من ذهب وماس، هويتي من فتح
هويتي من حماس، من اخواتها من خبر غزةَ ومبتدئها..
من حروف التشبيهِ في الشجاعيةِ
من عكا ويافا من بيت حانونَ، مع البحر الابيض والمتوسط
والخبب،
جاشتْ بالصراخ الساعديةُ عند سماعها الدَّفَّ والهتفَ
امُّ هاشمَ...
طواها الحالُ والماَلُ هزّتْ بيرقَها شيّعتْ بالكلام والحداء
سميحاً الشاعرَ والمناضلَ والشيخَ...
شيّعتِ الضحايا في العراق من اهلنا في فلسطين اهلنا
بدمشقَ الياسمينَ بدائرة الطباشير واللون..
ردَّدتْ ما قاله سميحٌ ذات يومٍ مع الضوء عبر النهار الاثير
ابكي عراقيَ ام ابكي فلسطيني...
في كل يوم تمطرُ السحبُ .. دماً في العراق
ذُبِحَ المسلمُ وغيرُهُ والمسيحُ... ذبحوا على باردٍ
ياسميحُ.. في كل يوم يمطر الافق،، ضحايا في فلسطين
يا صريخ المستصرخين، مددْ ياربُّ مددْ..
يا ويلي ياويل قصايدي.. بناتي من دمي...
بناتَ الناصرية بنات سومرَ...
اُخْتُرِطي يا خدودُ.. وابتُحي ياحناجرُ
ما تعِبتُ وذي خيزرانتي اولُ الركبِ
اول المهرولين اليه نلاقي سميحاً، نلاقيه في الغبش
نلاقي النعش...
حملتْهُ النجومُ.. حملتهُ بناتُ نعش...
سميحُ.. ما تعبتُ وذي قدمايَ حافيتان عليك يمشيانِ
مثلَ مشينا للحسينِ، في كل عام.. الى كربلاءَ..
نحن المهابيلُ المجانينُ فيه.. الى كربلاءَ فيه...
الى حيث البطولةِ والبطلِ والمشرعةْ... الى حيث فيه
الى مراغةِ الدَّمِ تلك... فيها صورةٌ للبطل... هذا اثرُهُ..
نشمُّ رسمَهُ واسمَهُ ريحَهُ ودَمَهُ...
سميحُ...
ها نحن جيناك من الجنوب ، الى حيث الجنوب..
من اصلهِ وجذره... ما ننقطع نحن سُداةُ الحرير
ماننقطع نحن لُحْمَةُ الضوء.. دقنا النولُ .. نولُ السموات
والرُّسُلِ... دافنا بالكرامات من الصغير الى الكبير...
ربط الخيط بالخيط.. والمصير بالمصير..
سميحُ ما مات.. سميحُ حيٌّ ... مع الله حيٌّ..
ياعظيم البكا.. ياعظيم السُّرى ، نحن المهابيل فيه
في الله..سبحانَهُ . ياهو .. نحن المجاذيبُ فيه...
ذوو الشطح واللمح.. مشعّون يكرهنا الظلامُ والجهالةُ..
حضورٌ فيه...غيابٌ فيه.. مجانينٌ فيه..
سهارى ندامى لا ننامُ.. الهيامُ الغرامُ ... تتجافى جنوبُنا
انكرهنا... فلعلنا الثلّةُ القلّةُ النافرونَ... ذوو الشهادة والاريحية
وما يعلمون.. نحن مع الشمس..مع القمر الفرد... ولعلَّ الوقت قد حان... ولعلَّ السلالَ امتلأت وفاضت... وما يعلمون..
سقط حجرٌ امامي.. تشظّى ثلاثة واصغرَ ... ادمى اصبعي...
بردتُ رجعتُ الى ما كنتُ ... داهمني النشيدُ والجيشانُ...
قوّالةُ الحيّ .. ام هاشمَ... ايقظتني بالصوت والفوت والموت
...الله.. ذاك النعش.. جاء النعش وصل سميح
مضيئاً .. لُفَّ بالعلم العربي المجيد... ذاك بالمنحنى الاخير
فوق الذرى.. والربى الخضر مع الطير والورد والفراشات
ذاك مع الوعول والغزلان... شيخ الربى سيّدُها الاجلُّ..
ذاك فوق اخر حافة للضوء الذي نحن فيه...
الذي شعَّ والتمعَ فصعدَ... ذاك لوّحَ لنا على طريقة الزعماء
لا نسمع ما قال... كان بعيدا.. قرّبَ تاهّبنا درنا قبل الوصول
دورةً مع الريح..
وصل مرّتْ تزفّهُ بناتُ فلسطين وفتيانُها
تزفّهُ الملويةُ في سُرَّ مَنْ راى.. والاهرامُ تزفه من مصر
انطقي ياصحف الاهرام.. ياجرايد عبد الناصر...
يا غوطة الشام.. ياتونسُ.. يالمغرب العربي يا مكةَ النور
يا مليلة يالحمراء .. انطقي
بهم جميعا... مِلْءَ مجرِ الكبش.. كِثارٌ هُمْ.. انطقي
كالنجوم انطقي بالفرات النبيل بالنيل بشريان العروبة
بالدين ..
سميحُ ما ماتَ.. سميحُ زُفَّ بالخيل والليل والمزامير
سميحُ اشتهى الصحبَ والدرب والقضيةَ..
سافر الى رُحْبَة من الضباب المشعِّ في الغابة الجنوية
الى الابدية.. سافر..
ولطالما افترقنا وغبنا.. وغاب رحمة من الله عليه
فلعلنا كهذي النجوم ما ان تغبْ.. تبزغِ الحين وتولد الحين
فيزهرُ المجدُ وتُحْمَدُ العرب...
.............
....حميد العنبر الخويلدي
ساعة سماعي الخبر من التلفاز...