حوار مع الكاتب والأديب العراقي سعد محمود شبيب

الأستاذ سعد محمود شبيب ولد ونشأ في أحضان بيت عامر بأمات الكتب الأدبية والفكرية والتاريخية، والمخطوطات التراثية النادرة التي وفرتها له مكتبة المغفور له والده المفكر البحاثة والعالم والمحقق الموسوعي. والمؤرخ الشهير الذي كان له دور بارز في الساحة الفكرية مع ألمع عظماء بلاد الرافدين..
في هذه المكاشفة يفتح لنا صدره الرحب قصد التعرف على همومه وهواجسه، وتجربته الأدبية الزاخرة بالعطاء، من خلال نشاطه الصحفي، وتناوله للأدب الساخر، الذي يكاد يكون متجاوزا في الادب العربي لأسباب عدة، وعبر نافذته "الضاحك الباكي"، و"ضحك كالبكاء"، وغيرها من الاهتمامات الابداعية الشائقة..

* سعد محمود شبيب
- ناقد، وقاص، ومحرر لغوي، ومؤرخ، وكاتب ساخر من العراق
- خريج كلية الهندسة جامعة بغداد عام ١٩٩٨
- ماجستير هندسة اتصالات بتقدير جيد جدا عام ٢٠٠٢
- نشر في معظم الصحف العراقية بعد عام ٢٠٠٣ منها: الاحرار، المدى، كل العراق، الزوراء، الدستور. الشرق.
- له اعمدة أسبوعية ثابتة في صحف المشرق، الف باء لم تزل حتى اليوم
- انتجت له الفضائيات عشرة سيناريوهات منها: عين بغداد، قمر بغداد، العلامة محفوظ في ذمة الخلود، ابراج من السماء، مدينة الرشيد وسواها.
- نال الجائزة الاولى في مهرجان السفير الدولي للقصة القصيرة عام ٢٠١٢ عن قصته ( تجليات على اعتاب لوحة الخزاعي)
* له من الاصدارات :
- مجموعة قصصيى بعنوان: جويبر
- كتاب تأريخي عنوانه : خفايا واسرار من حكم بغداد الأخير.


****************

حوارات أنطولوجيا السرد العربي..
أجرى الحوار: نقوس المهدي

> س- الاستاذ سعد محمود شبيب يقولون أنّ الأسلوب هو الكاتب، وبحسب جاك ديريدا فــ"ان كل ما نكتبه هو ترجمة"، وقد عرفناك مهندساً، فما هي قصّتك أنت بالذات؟.. نودّ أن تحدّثنا عن البدايات، وكيف تسترجع محطات تشكّل هذا الشغف بالكتابة؟.
>> - الهندسة مهنتي وتخصصي الذي أحب والذي افنيت في دراسته نصف عمري، وانا متخصص بالاتصالات وهي اجمل فروع الهندسة، اما الكتابة فهي هوايتي وعشقي وعالمي الخاص اللامتناهي الاطراف، العالم الذي لا تشعر فيه بتقييد ولا تتقيّد بغير قوانين الابداع والتحليق نحو عوالم اخرى لن نجدها في عوالم النظريات والارقام والثوابت ، اما عن البدايات فقد تفتحت عيناي على سحنة وجه ام حنون ، ويد اب يمسك بالقلم وتحت يديه أكوام من الورق، فاختلط ريح حليب الرضاع والحبر، ليغرس في نفسي عشق كتابة سيلازمني حتى آخر ايام عمري .

> س- جئت لعالم الأدب والكتابة من قارة أخرى.. ما هي العلاقة بين العلم والادب؟
>> ج- العلم يكمن في الدماغ، والكتابة تنبع من القلب، وكلاهما يسري بهما دم جسد واحد، ومثلما يخطط المهندس ليضع مشروعا، يخطط الكاتب بنفس الطريقة ليصيغ موضوعا، واذا ما كانت للمهندس الناجح شروطه، فشروط نجاح الكاتب اقسى واصعب، لانها تعتمد موهبة ربانية لا صلة لها بالدراسة، مع إلمام تام باللغة، فخطأ نحوي بسيط قد يفسد موضوعا كاملا، ناهيك عن كيفية صعوبة اختيار الموضوع الذي يرضي المتلقين ، وكيف تكتب ما يروق بايجاز وجمال دون ان تدع ذرة من ملل تتسلل نحو سطورك.

س- يقول هوراسيو كيروغا ضمن وصاياه في "دليل القاصّ للكمال": ( عليك أن تؤمن بأستاذية هؤلاء: إدغار آلان بو، غي دو موباسان، روديارد كبلينغ، أنطون تشيخوف، كما تؤمن بالله نفسه.) بمن يؤمن سعد محمود؟ من هم كتابك المفضلون؟
>> ربما اختلف مع كيروغا الكبير في تحديده لمن نحب ونعشق، واظنه قد بالغ حين جعل الايمان بأدبهم كالايمان بالرب، فلربما عشقت انا كتابات روسو ونأت نفسك عنها يا صديقي، ولربما كنتُ معجبا بأشعار شوقي وتروق نفسك لأشعار البردوني، فالناس فيما يعشقون مذاهب، وانا على المستوى الشخصي اعجبت بالعملاق منيف وكانت خماسيته الخالدة "مدن الملح" هي التي حببت الي عالم الرواية والقصة وارشدتني الى سبل بناء القصص الصعب والشاق، ولا يمكن ان ننسى الطيب صالح وموسم هجرته الى الشمال، فضلا عن عشقي لكتابات طه حسين والطاهر بن جلون، دون ان انسى الكتاب العالميين، كافكا معشوقي الكبير، وكولن ولسن ودانتي الاليغيري وبوشكين، وغوغول الذي خرج شطر الابداع من معطفه حقا.

س- نجد أن مثقفينا وكتابنا في المشارق يعانون من قصور في معرفة اداب المغارب؟ كيف تفسر هذا التجاهل، وما هي رؤيتك لأدب المغرب العربي، ومعرفتك به؟
>>- استغرب حقا كيف يتابع المثقفون العرب نتاجات الروس والاوربيين وينتظرون نتاجات من بلدان لم نسمع بها ، ويتركون درر ادب المغرب العربي، فمن ذا الذي ينسى (طفل الرمال) للطاهر بن جلون، ومن ذا الذي يغض النظر عن (فوضى الحواس، وذاكرة الجسد) للسيدة أحلام مستغانمي التي تعد اكبر روائية عربية او لنقل من اكبرهن، وكيف نمر مرور الكرام بالاسماء اللامعة محمد شكري وعبد الحق سرحان وسواهم ممن جددوا مسار الادب العربي وكسوه بحلة جديدة نقلته الى العالمية بكل استحقاق.

> س- كتاباتك تكتسي مسحة من السخرية والدعابة السوداء، في حين اننا نجد هذا النوع من الكتابة نادرا جدا ، بدعوى أنه يغير من نظرتنا للأدب الجاد؟ ويزيل عنا قناع الجد والوقار؟
>> اصعب فنون الادب هو الادب الساخر بشكل يكاد أن يكون متفقا عليه ، شريطة أن يقوم على الفكرة العميقة الهادفة والاسلوب المشوق الرصين ، وعلة صعوبة هذا الضرب من ضروب الأدب كونه يحتاج الى مقومات قد لا تتوفر في كل اديب، أهمها سرعة البديهة والطرفة الحاضرة والضربة الأدبية والقدرة على التجديد وسمو الهدف ، أما ما يضيع وقار هذا النوع من الادب الساخر فهو قيامه على السذاجة والاستغفال والألفاظ السوقية وتفاهة المضمون وانحطاط الهدف.
علما باني استخدم الاسلوب الساخر في المقالات والاعمدة الثابتة لي ، اما في مجال القصة فاعتمد اسلوب الواقعية السحرية البعيد تماما عن السخرية.

س- (إن الأدب هو أفضل ما تم اختراعه للوقاية من التعاسة) كما يقول يوسا.. هل نستطيع الجزم بأن الأدب لايزال يكتسب نفس الدور في التأثير على المجتمع تحت ظل الرقمنة ؟
>> التكنولوجيا الرقمية تغلبت على الصحافة الورقية وهذا امر لا يمكن نكرانه مطلقا ولاسباب عديدة، منها شبه مجانية اقتناء اعظم المؤلفات وأحدثها، وخزن الوف الكتب في حاسوب محمول صغير، وضمان عدم ضياعها ويسر اعارتها بالنسخ السريع دون ان تضيع ، ورغم ذلك فاني أشجع مطالعة الكتب المطبوعة لان رائحة الورق لوحدها تحفزك على المطالعة قبل ان تدرك كنه المضمون .
اما عن دور الادب في اكتساح البؤس والتعاسة فالدور يتناسب وراحة المتلقي النفسية وخلوه من الهموم ومشاغل العيش التي باتت هوية المواطن العربي ، علما ان الادب الان لا يمكن ان يكون له نفس الدور العظيم على عهد العقاد وطه حسين وبيرم التونسي، وذلك لتنوع وسائل الإعلام وضخامتها وامكاناتها المهولة وكل ما يدخل تحت عنوان السوشيال ميديا .

س- يتكلم الادباء عن النص الأول والكتاب الاول ما هو احساس الكاتب سعد محمود شبيب مع أول نص.؟
>> كان اول نص نشر لي تحت عنوان (الشاطيء)، وحين طالعت اسمي حلقت فرحا نحو السماء حين علمت سحر الطباعه ومعنى ان تطالع اسمك في صحيفة ، وكنت اظن ان الجميع يتحدث به لولا اكتشافي انه مجرد قطرة ببحر، اما بعد نشري لمئات المقالات في الصحافة والادب والتأريخ، فقد أصبح الامر معتادا بالنسبة لي، مثل اي امر مذهل يصبح في النهاية مسالة معتادة لا اكثر.

س- صدرت لكَ إبداعات ورقية حدّثنا عن منجزك الادبي؟.
>> فزت بالجائزة الاولى في مهرجان السفير الدولية للقصة القصيرة عام ٢٠١٢، وجائزة افضل سيناريو ويحمل عنوان عين بغداد من وزارة الثقافة العراقية عام ٢٠١٤، ولي مجموعة قصصية مطبوعة تحت اسم (جويبر) وكذلك لدي كتاب تأريخي قيد الطبع
القاص سعد,
تحت عنوان ( اسرار وخفايا قبل الاحتلال)، فضلا عن مئات المقالات والقصص القصيرة والمقالات النقدية التي اسعى لجمعها في كتاب مستقل قريبا.

س- الكتب التي نحلم بكتابتها لم تكتب بعد ، ترى بما يحلم الكاتب سعد محمود شبيب؟.
>> لي حلم واحد فحسب، وهو ان اكتب عن عراق خال من الدماء والفقر والفساد، ذلك الحال الذي لم نعشه مطلقا مع الاسف الشديد.

س- لاحظنا أنك تتحدث عن والدك الكاتب الكبير والشهير الذي جايل عمالقة علم التاريخ والاجتماع والسياسة والفكر في أزهى عصور الفكر العربي بالعراق.. هل من فكرة حول الموضوع
>> محمود شبيب، هو ثاني اكبر مورخ عراقي بعد عبد الرزاق الحسني، صاحب اربعين مؤلفا في التاريخ والفلسفة والادب المقارن ، وتكفيه الموسوعة السياسية المعاصرة والموسوعة الفلسفية، وقد طبع نصفها ولم تزل العائلة تسعى لطبع باقي منجزاته.

س- أسئلة كنت تنتظر أن نطرحها عليك؟
>> بل أنتظر ان اشكركم على طيبكم وسموكم وتعريفنا بمدى سمو الادباء في المغرب العربي، فبورك بكم وجودكم في التقريب بين الشرق والغرب في الادب، خدمة لأمة العرب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى