خير عون على إدراك ما في عمل الشاعر من مشقة وصعوبة، أن نقارن بين ما في يديه من عتاد البداية، وبين العتاد الذي يتصرف فيه الموسيقار. فانظروا هنيهة ما هو مبذول لهذا وما هو مبذول لذاك وهما مقبلان على العمل، وقد خرجا من حيز النية إلى حيز التنفيذ
فما أسعد الموسيقار! إن تطور فنه قد هيأ له حالة كثيرة المزايا. فوسائله معينة مفصلة، ومادة تأليفه موضوعة وضعها المحكم من قبله. وقد يصح تشبيهه بالنحلة حين لا يصبح لهغا هم غير عسلها، حين تكون أقراص الموم المنتظمة ونخاريب شهادها مصنوعة قبلها. فمهمتها مقدورة مقصورة على إخراج خير ما عندها. ذلكم حال الموسيقار. بل إنه ل
يصح القول بأن الموسيقى قديمة الوجود، وأنها كانت تنتظر الموسيقار. وقد مضى عليها وهي تامة الوضع دهر دهير.
فكيف كانت للموسيقى أوضاعها؟ نحن نعيش بالسمع في عالم الضوضاء، ومن جملة هذه الضوضاء تنفصم مجموعة من ضوضاء لها بساطة خاصة انفردت بها، بحيث تتميزها الأذن وتقوم لها بمثابة المعالم. وتلك عناصر لها فيما بينها علائق بديهية. وهذه العلائق الصحيحة الملحوظة بين العناصر ندركها إدراكنا للعناصر نفسها. فالفترة بين نغمتين نحسها مثل إحساسنا بالنغمة
ومن ثم فهذه الوحدات ذات الرنين، هذه النغمات، قمينة بأن تتركب منها تلكم التواليف المطردة، وتلكم المنظومات المتتابعة أو المتحدة في الزمن، التي تطلع لنا فتروعنا ببنائها وسياقها وتواشجها وتقاطعها.
ونحن نميز حق التمييز بين النغمة والضوضاء، ويومئذ ندرك التباين بينهما، وهذا إحساس له خطورة كبرى، لأنه التفريق بين الخالص وغير الخالص، ويستطرد ذلك إلى التفريق بين النظام والفوضى، وهذا أيضاً يرجع إلى أحكام قوانين ذات أثر فعال. ولكننا نكتفي بهذ القدر.
وهذا التحليل أو التمييز للضوضاء قيض للإنسان إيجاد الموسيقى على أنها عمل قائم بذاته، واستغلال لعالم الأصوات. والفضل في إنجاز هذا أو على الأقل في ضبط سيره وتوحيده وجمع قوانينه، يرجع إلى علم الطبيعة، الذي صار استكشافه هو ذاته بهذه المناسبة وعرف بأنه علم المقاييس. وقد استطاع هذا العلم من قديم الزمان الملائمة بين القياس وبين الإحساس، وأمكنه البلوغ إلى نتيجة كبرى وهي إحداث الإحساس بالصوت على نحو دائم متماثل بواسطة آلات. وما هذه المعازف في حقيقتها إلا آلات للقياس!
فالموسيقار يجد في حوزته مجموعة وافية من الوسائل المحدودة المفصلة تقابل بين الاحساسات والنغمات أتم المقابلة. عناصر عزفه حاضرة بين يديه، محصاة العدد، مرتبة الصفوف. وهذه الإحاطة الدقيقة منه بوسائله بحيث لم يقف عند الإلمام بها بل نفذ إلى كنهها وتزود بها في صميم نفسه، تمكنه من التقدير والتدبير، ومن البناء والتركيب، من غير أن يشغل خاطره بمادة عمله، وميكانيكية فنه بوجه عام.
ويحصل من ذلك، أن يكون للموسيقى مجال خاص بها، هو مجالها على الإطلاق. وإذا عالم الفن الموسيقي، أي عالم الأصوات، ظاهر الانفصال عن عالم الضوضاء. وبينما أن حركة من الضوضاء لا تبعث في وعينا إلا حدثاً مفرداً، فإن نقرة واحدة من النغمات تبعث وحدها كل العالم الموسيقي. وهذه القاعة التي أحاضر فيها والتي تحسون فيها لغط صوتي أو غيره من شتى العوارض المسموعة، إذا أنتم سمعتم فيها على حين غفلة نغمة من النغمات، إذا اهتز وتر أو نبضت آلة منغومة.
فإنه لا يكاد هذا الصوت الفذ الذي لا يخلط بغيره من الأصوات العادية يمس أسماعكم، حتى تحسون فيه فاتحة واستهلالاً وحتى ينشأ في الحال جو آخر، وتخيم على الجميع حالة انتظار خاصة، ويؤذن بالظهور نظام جديد بل علام جديد، وتتهيأ نفوسكم الصاغية لاستقباله، بل إن بها لجنوحاً من تلقاء نفسها إلى توسيع مقدماته؛ وإلى توليد احساسات لاحقة بالإحساس الوارد على نفوسكم، وعلى شاكلته وفي مثل صفائه.
وكما توفر لنا الدليل طرداً فهو متوفر عكساً
فإذا وقع في قاعة من دور السماع، والألحان ترن فيها وتسودها، أن هوى مقعد، أو سعل ساعل أو اصطك باب، فسرعان ما تشعر بانقطاع لا تدري ماهيته وبأن شيئاً لا يمكن وصفه، أشبه بالسحر، قد بطل أو بالزجاج، قد تكسر أو انشعب.
وحاصل القول أن هذا الجو، هذا السحر القدير الوشيك العطب، هذا العالم من الأصوات ميسور لأهون مؤلف موسيقي وذلك بطبيعة فنهن وبما يفيده مباشرة من هذا الفن.
وبخلاف هذا حالة الشاعر، فإن ما أوتيه أقل حظاً من صاحبه بما لا يحد. فتراه يعالج مطلباً لا يختلف كبير اختلاف عما يرومه الموسيقار وهو محروم مما تقدم بيانه من المزايا العظيمة. فهو ملزم بأن يخلق مبدئاً ومعيداً في كل دقيقة، ما يلقاه الآخر جاهزاً مهيئاً.
يلقى الشاعر الأمور على شر حال من السوء والفوضى. فبين يديه هذه اللغة المعتادة، هذه المجموعة من الوسائل الجافية الغليظة التي يطرحها كل علم مضبوط لكي يبتدع لنفسه أدوات التعبير عن أغراضه. فالشاعر لابد له من استعارة هذه الطائفة من الألفاظ والقواعد المأثورة المنقولة غير المعقولة التي صاغها من صاغها غريبة في استعمالها، غريبة في تفسيرها، غريبة في قيد أحكامها.
واقل الأمور صلاحاً لمقصد الفنان، هو هذه الفوضى الأصيلة التي ينبغي له في كل لحظة أن يستخلص منها عناصر النظام المنسوق الذي يريد استحداثه. ولم يرزق الشاعر بعالم من علماء الطبيعة فيحدد له الخصائص الدائمة لعناصر فنه، ويعين علائقها ونسبها والأحوال المتماثلة لإصدارها. وليس لديه مفتاح للدوزان! ولا ميزان لضبط حركة الأصوات ولا واضعون للسلم الموسيقي ولا متنطسون في أصول تركيب الأنغام! وليس يصح عنده علم يقين، اللهم إلا العلم بالتموجات الصوتية المعنوية في اللغة، إلى أن هذه اللغة لا ترد مورد النغمة في اتجاه واحد على السمع وهو الحاسة المثلى للتوقع والإصغاء، بل اللغة بعكس ذلك، خليط من المنبهات الحسية والنفسية غير متماسكة، ولك كلمة هي مجموع وقتي من المؤثرات لا رابطة بينها، فالكلمة تجمع صوتاً ومعنى، بل أخطأت، فإن كل كلمة هي عدة أصوات وعدة معان معاً، أجل، عدة أصوات، أصوات عداد ما في الوطن الواحد من أقاليم، بل عداد ما في كل إقليم من أناس، وهذا ظرف عصيب على الشعراء، إذ يفسد الوقع الموسيقي الذي دبروه، وتشوه معالمه بتصرف القراء. ثم، عدة معان، لأن الصور الذهنية التي توحيها لنا كل كلمة لا تخلو بوجه عام من اختلاف وصورها الثانوية التابعة جد مختلفات.
فالقول شيء مركب، وهو مجموع خصائص مرتبطة بالفعل ومستقلة بطبيعتها في آن واحد. والكلام يمكن أن يكون منطقياً عامراً بالمعنى ولكنه خلو من الإيقاع خلو من الوزن، وقد يكون عذب الورود على السمع وهو سخف ولغو، وقد يكون واضحاً وفارغاً، غامضاً ولذيذاً. . . .
ويكفي لتصوير ضروب الكلام وكثرتها العجيبة، أن نعدد سائر العلوم التي نشأت للتوفر على بحث هذا التنوع، وليستثمر كل علم عنصراً من عناصرها. فالواحد منا يستطيع دراسة نص من النصوص على وجوه شتى كل منها مستقل بذاته، فيمكنك الرجوع به دواليك إلى علم الصوت، وفقه اللغة، وتركيب الكلام والمنطق والبيان - وزد عليهما الوزن والاشتقاق.
وهو هو ذا الشاعر يصارع هذه المادة غير المستقرة وغير الخالصة إلى حد بعيد. فهو مضطر إلى النظر طوراً فطوراً في رقة الألفاظ وفي معناها، واستيفاء الانسجام وتنغيم الفقرات، فضلاً عن شتى المطالب الفكرية والمنطق والنحو وموضوع القصيد وأفانين البديع والوشي بله المتواضع عليه من القواعد.
فتأملوا مبلغ الجهد الذي تقتضيه معالجة الإتقان لكلام يجب أن تتوافر فيه، بمعجزة من المعجزات، جميع هذه المطالب دفعة واحدة.
مجلة الرسالة - العدد 28
بتاريخ: 15 - 01 - 1934
فما أسعد الموسيقار! إن تطور فنه قد هيأ له حالة كثيرة المزايا. فوسائله معينة مفصلة، ومادة تأليفه موضوعة وضعها المحكم من قبله. وقد يصح تشبيهه بالنحلة حين لا يصبح لهغا هم غير عسلها، حين تكون أقراص الموم المنتظمة ونخاريب شهادها مصنوعة قبلها. فمهمتها مقدورة مقصورة على إخراج خير ما عندها. ذلكم حال الموسيقار. بل إنه ل
يصح القول بأن الموسيقى قديمة الوجود، وأنها كانت تنتظر الموسيقار. وقد مضى عليها وهي تامة الوضع دهر دهير.
فكيف كانت للموسيقى أوضاعها؟ نحن نعيش بالسمع في عالم الضوضاء، ومن جملة هذه الضوضاء تنفصم مجموعة من ضوضاء لها بساطة خاصة انفردت بها، بحيث تتميزها الأذن وتقوم لها بمثابة المعالم. وتلك عناصر لها فيما بينها علائق بديهية. وهذه العلائق الصحيحة الملحوظة بين العناصر ندركها إدراكنا للعناصر نفسها. فالفترة بين نغمتين نحسها مثل إحساسنا بالنغمة
ومن ثم فهذه الوحدات ذات الرنين، هذه النغمات، قمينة بأن تتركب منها تلكم التواليف المطردة، وتلكم المنظومات المتتابعة أو المتحدة في الزمن، التي تطلع لنا فتروعنا ببنائها وسياقها وتواشجها وتقاطعها.
ونحن نميز حق التمييز بين النغمة والضوضاء، ويومئذ ندرك التباين بينهما، وهذا إحساس له خطورة كبرى، لأنه التفريق بين الخالص وغير الخالص، ويستطرد ذلك إلى التفريق بين النظام والفوضى، وهذا أيضاً يرجع إلى أحكام قوانين ذات أثر فعال. ولكننا نكتفي بهذ القدر.
وهذا التحليل أو التمييز للضوضاء قيض للإنسان إيجاد الموسيقى على أنها عمل قائم بذاته، واستغلال لعالم الأصوات. والفضل في إنجاز هذا أو على الأقل في ضبط سيره وتوحيده وجمع قوانينه، يرجع إلى علم الطبيعة، الذي صار استكشافه هو ذاته بهذه المناسبة وعرف بأنه علم المقاييس. وقد استطاع هذا العلم من قديم الزمان الملائمة بين القياس وبين الإحساس، وأمكنه البلوغ إلى نتيجة كبرى وهي إحداث الإحساس بالصوت على نحو دائم متماثل بواسطة آلات. وما هذه المعازف في حقيقتها إلا آلات للقياس!
فالموسيقار يجد في حوزته مجموعة وافية من الوسائل المحدودة المفصلة تقابل بين الاحساسات والنغمات أتم المقابلة. عناصر عزفه حاضرة بين يديه، محصاة العدد، مرتبة الصفوف. وهذه الإحاطة الدقيقة منه بوسائله بحيث لم يقف عند الإلمام بها بل نفذ إلى كنهها وتزود بها في صميم نفسه، تمكنه من التقدير والتدبير، ومن البناء والتركيب، من غير أن يشغل خاطره بمادة عمله، وميكانيكية فنه بوجه عام.
ويحصل من ذلك، أن يكون للموسيقى مجال خاص بها، هو مجالها على الإطلاق. وإذا عالم الفن الموسيقي، أي عالم الأصوات، ظاهر الانفصال عن عالم الضوضاء. وبينما أن حركة من الضوضاء لا تبعث في وعينا إلا حدثاً مفرداً، فإن نقرة واحدة من النغمات تبعث وحدها كل العالم الموسيقي. وهذه القاعة التي أحاضر فيها والتي تحسون فيها لغط صوتي أو غيره من شتى العوارض المسموعة، إذا أنتم سمعتم فيها على حين غفلة نغمة من النغمات، إذا اهتز وتر أو نبضت آلة منغومة.
فإنه لا يكاد هذا الصوت الفذ الذي لا يخلط بغيره من الأصوات العادية يمس أسماعكم، حتى تحسون فيه فاتحة واستهلالاً وحتى ينشأ في الحال جو آخر، وتخيم على الجميع حالة انتظار خاصة، ويؤذن بالظهور نظام جديد بل علام جديد، وتتهيأ نفوسكم الصاغية لاستقباله، بل إن بها لجنوحاً من تلقاء نفسها إلى توسيع مقدماته؛ وإلى توليد احساسات لاحقة بالإحساس الوارد على نفوسكم، وعلى شاكلته وفي مثل صفائه.
وكما توفر لنا الدليل طرداً فهو متوفر عكساً
فإذا وقع في قاعة من دور السماع، والألحان ترن فيها وتسودها، أن هوى مقعد، أو سعل ساعل أو اصطك باب، فسرعان ما تشعر بانقطاع لا تدري ماهيته وبأن شيئاً لا يمكن وصفه، أشبه بالسحر، قد بطل أو بالزجاج، قد تكسر أو انشعب.
وحاصل القول أن هذا الجو، هذا السحر القدير الوشيك العطب، هذا العالم من الأصوات ميسور لأهون مؤلف موسيقي وذلك بطبيعة فنهن وبما يفيده مباشرة من هذا الفن.
وبخلاف هذا حالة الشاعر، فإن ما أوتيه أقل حظاً من صاحبه بما لا يحد. فتراه يعالج مطلباً لا يختلف كبير اختلاف عما يرومه الموسيقار وهو محروم مما تقدم بيانه من المزايا العظيمة. فهو ملزم بأن يخلق مبدئاً ومعيداً في كل دقيقة، ما يلقاه الآخر جاهزاً مهيئاً.
يلقى الشاعر الأمور على شر حال من السوء والفوضى. فبين يديه هذه اللغة المعتادة، هذه المجموعة من الوسائل الجافية الغليظة التي يطرحها كل علم مضبوط لكي يبتدع لنفسه أدوات التعبير عن أغراضه. فالشاعر لابد له من استعارة هذه الطائفة من الألفاظ والقواعد المأثورة المنقولة غير المعقولة التي صاغها من صاغها غريبة في استعمالها، غريبة في تفسيرها، غريبة في قيد أحكامها.
واقل الأمور صلاحاً لمقصد الفنان، هو هذه الفوضى الأصيلة التي ينبغي له في كل لحظة أن يستخلص منها عناصر النظام المنسوق الذي يريد استحداثه. ولم يرزق الشاعر بعالم من علماء الطبيعة فيحدد له الخصائص الدائمة لعناصر فنه، ويعين علائقها ونسبها والأحوال المتماثلة لإصدارها. وليس لديه مفتاح للدوزان! ولا ميزان لضبط حركة الأصوات ولا واضعون للسلم الموسيقي ولا متنطسون في أصول تركيب الأنغام! وليس يصح عنده علم يقين، اللهم إلا العلم بالتموجات الصوتية المعنوية في اللغة، إلى أن هذه اللغة لا ترد مورد النغمة في اتجاه واحد على السمع وهو الحاسة المثلى للتوقع والإصغاء، بل اللغة بعكس ذلك، خليط من المنبهات الحسية والنفسية غير متماسكة، ولك كلمة هي مجموع وقتي من المؤثرات لا رابطة بينها، فالكلمة تجمع صوتاً ومعنى، بل أخطأت، فإن كل كلمة هي عدة أصوات وعدة معان معاً، أجل، عدة أصوات، أصوات عداد ما في الوطن الواحد من أقاليم، بل عداد ما في كل إقليم من أناس، وهذا ظرف عصيب على الشعراء، إذ يفسد الوقع الموسيقي الذي دبروه، وتشوه معالمه بتصرف القراء. ثم، عدة معان، لأن الصور الذهنية التي توحيها لنا كل كلمة لا تخلو بوجه عام من اختلاف وصورها الثانوية التابعة جد مختلفات.
فالقول شيء مركب، وهو مجموع خصائص مرتبطة بالفعل ومستقلة بطبيعتها في آن واحد. والكلام يمكن أن يكون منطقياً عامراً بالمعنى ولكنه خلو من الإيقاع خلو من الوزن، وقد يكون عذب الورود على السمع وهو سخف ولغو، وقد يكون واضحاً وفارغاً، غامضاً ولذيذاً. . . .
ويكفي لتصوير ضروب الكلام وكثرتها العجيبة، أن نعدد سائر العلوم التي نشأت للتوفر على بحث هذا التنوع، وليستثمر كل علم عنصراً من عناصرها. فالواحد منا يستطيع دراسة نص من النصوص على وجوه شتى كل منها مستقل بذاته، فيمكنك الرجوع به دواليك إلى علم الصوت، وفقه اللغة، وتركيب الكلام والمنطق والبيان - وزد عليهما الوزن والاشتقاق.
وهو هو ذا الشاعر يصارع هذه المادة غير المستقرة وغير الخالصة إلى حد بعيد. فهو مضطر إلى النظر طوراً فطوراً في رقة الألفاظ وفي معناها، واستيفاء الانسجام وتنغيم الفقرات، فضلاً عن شتى المطالب الفكرية والمنطق والنحو وموضوع القصيد وأفانين البديع والوشي بله المتواضع عليه من القواعد.
فتأملوا مبلغ الجهد الذي تقتضيه معالجة الإتقان لكلام يجب أن تتوافر فيه، بمعجزة من المعجزات، جميع هذه المطالب دفعة واحدة.
مجلة الرسالة - العدد 28
بتاريخ: 15 - 01 - 1934