جلس فى أحد الكافيهات ،ينتظر فى حزن ، صديقه المقرب .
الوقت يمضى ببطء. ..
أفكاره تتصادم .
قلبه، تتسارع، نبضاته.
ابنه الوحيد ،قابع، فى أحد المشافى ،يصارع وحشا قلما يفلت من براثنه أحد.
مسح بطرف منديله ، دمعة سقطت منه خلسة .
فى نفس الوقت من السنة، ولكن منذ سنوات بعيدة ، رحلت زوجته وحبيبته، بنفس المرض وتركت له وحيده .
لم تكن لحياته بعدها أى معنى، إلا وجوده من أجل ابنه، الذى لم يعد يبصر إلا بعينيه ولا يسمع إلا بأذنيه.
هو يبغض كل ما يكره، ويعشق كل ما يحب ،ويلبى له طلبه حتى من قبل أن يطلبه.
وحده ،تعب كثيرا فى رعايته،و تربيته.
رفض الزواج ثانية،وفاءً لذكرى حبيبته الراحلة ،وخوفا على فلذة كبدة، من قسوة زوجة الأب.
أضحى لابنه أبا ،وأما،وصديقا.
لديه أصدقاء وأقارب كثر، حاول التواصل معهم ،
الكل مشغول لاه.
عاود الاتصال بصديقه،الذى تأخر كثيرا، ولم يأته أى رد .
قبع ،منتظرا إياه .
كان يود، مجرد الحديث .
مجرد تفريغ للواعج نفسه.
هو لا يستطيع الذهاب إلى المشفى فى هذا الوقت المتأخر من الليل، كما أنه بات يمقت جدران منزله، الذى فرغ من صوت صياح ،وضحكات ابنه. لاشيء لديه سوى الانتظار.
التفت خلفه، ثمة عجوز، طاعنة فى السن، ترتدى عباءة شديدة السواد، تمد يديها للسؤال، والجميع ينهرها ،حتى صاحب الكافيه أمرها بالانصراف.
تطلع إليها قليلا....
يبدو أنها تذكره بشخص ما قريب منه .
ولكنه لا يستطيع الآن ،تحديدا، تذكره ..
شعر أن ثمة شيئا ما ،يشده اليها !!
أشار إليها أن تأتى إليه . .....
- أوامرك ؟
- اجلسى .
- أين ؟
- هنا معى.
أحضر لها شرابا وطعاما .
تطلعت العجوز ،إليه طويلا ،ولم تمد يديها إلي الطعام .
سألته:
- سيدى ... ماذا بك ؟!
أجابها :
- لا شىء .
_ لا تحبس حزنك بداخلك ،تحدث ولا تخف.
أخبرها أنه حزين لمرض ابنه. .. يائس. .. فاقد لأى أمل فى الشفاء .
وهو الآن يشعر بالوحدة ، بالغربة والصقيع الشديد ... إنه يتألم ، فلا يد تربت عليه، ولا كلمة تواسيه،الكل تخلى عنه.
همست العجوز :
- ما أصعب أن يتألم الإنسان ، دون أن يجد أحدا يشاطره أوجاعه.
قال:
- الكل استاء من أحزانى ونفر منى ،ولم يعد أحد يستوعب مقدار ألمى .
_ من قال لك يا سيدى أنك وحدك؟ !
نظر إليها فى دهشة،ثم قال فى ضيق :
_ ولكن للأسف، هذه هى الحقيقة التى أعانى منها.
صاحت العجوز به : لماذا تعتبر أن ما لا تراه ،غير موجود ، غير حقيقي ؟!
قال، وقد بدأت، تنتبه كل حواسه،و بعد أن شعر برجفة صغيرة :
- أنا رجل وحيد بائس، الكل قد فر منه، تجنبا لمشاركته أحزانه، وهمومه.
قالت العجوز فى قوة :
_ أنت لست وحدك ،ولم تكن ، قط وحيدا.
نهضت العجوز.... أخرجت من عمق جلبابها دمية صغيرة،ثم ناولتها له، وقالت :
- اعطها لابنك حين يشفى ،واطلب منه أن يعتنى بها.
لاحظ الرجل التشابه الشديد، بين ملامح الدمية ،وملامح ابنه !!
تجمد الرجل فى مكانه قليلا ...!!
وحين التفت ليسأل العجوز،عن سر هذا التشابه العجيب ،وجد صديقه المقرب وقد جاء معتذرا لتأخره عليه.
تلفت حوله فى وجل .
جعل يبحث عن العجوز ،فى أرجاء المكان ،ولكنه لم يجد لها من أثر !!
سأل صديقه عنها.
أجابه فى دهشة :
انا لم أر أحدا ،سواك ،على هذه المنضدة !!
الوقت يمضى ببطء. ..
أفكاره تتصادم .
قلبه، تتسارع، نبضاته.
ابنه الوحيد ،قابع، فى أحد المشافى ،يصارع وحشا قلما يفلت من براثنه أحد.
مسح بطرف منديله ، دمعة سقطت منه خلسة .
فى نفس الوقت من السنة، ولكن منذ سنوات بعيدة ، رحلت زوجته وحبيبته، بنفس المرض وتركت له وحيده .
لم تكن لحياته بعدها أى معنى، إلا وجوده من أجل ابنه، الذى لم يعد يبصر إلا بعينيه ولا يسمع إلا بأذنيه.
هو يبغض كل ما يكره، ويعشق كل ما يحب ،ويلبى له طلبه حتى من قبل أن يطلبه.
وحده ،تعب كثيرا فى رعايته،و تربيته.
رفض الزواج ثانية،وفاءً لذكرى حبيبته الراحلة ،وخوفا على فلذة كبدة، من قسوة زوجة الأب.
أضحى لابنه أبا ،وأما،وصديقا.
لديه أصدقاء وأقارب كثر، حاول التواصل معهم ،
الكل مشغول لاه.
عاود الاتصال بصديقه،الذى تأخر كثيرا، ولم يأته أى رد .
قبع ،منتظرا إياه .
كان يود، مجرد الحديث .
مجرد تفريغ للواعج نفسه.
هو لا يستطيع الذهاب إلى المشفى فى هذا الوقت المتأخر من الليل، كما أنه بات يمقت جدران منزله، الذى فرغ من صوت صياح ،وضحكات ابنه. لاشيء لديه سوى الانتظار.
التفت خلفه، ثمة عجوز، طاعنة فى السن، ترتدى عباءة شديدة السواد، تمد يديها للسؤال، والجميع ينهرها ،حتى صاحب الكافيه أمرها بالانصراف.
تطلع إليها قليلا....
يبدو أنها تذكره بشخص ما قريب منه .
ولكنه لا يستطيع الآن ،تحديدا، تذكره ..
شعر أن ثمة شيئا ما ،يشده اليها !!
أشار إليها أن تأتى إليه . .....
- أوامرك ؟
- اجلسى .
- أين ؟
- هنا معى.
أحضر لها شرابا وطعاما .
تطلعت العجوز ،إليه طويلا ،ولم تمد يديها إلي الطعام .
سألته:
- سيدى ... ماذا بك ؟!
أجابها :
- لا شىء .
_ لا تحبس حزنك بداخلك ،تحدث ولا تخف.
أخبرها أنه حزين لمرض ابنه. .. يائس. .. فاقد لأى أمل فى الشفاء .
وهو الآن يشعر بالوحدة ، بالغربة والصقيع الشديد ... إنه يتألم ، فلا يد تربت عليه، ولا كلمة تواسيه،الكل تخلى عنه.
همست العجوز :
- ما أصعب أن يتألم الإنسان ، دون أن يجد أحدا يشاطره أوجاعه.
قال:
- الكل استاء من أحزانى ونفر منى ،ولم يعد أحد يستوعب مقدار ألمى .
_ من قال لك يا سيدى أنك وحدك؟ !
نظر إليها فى دهشة،ثم قال فى ضيق :
_ ولكن للأسف، هذه هى الحقيقة التى أعانى منها.
صاحت العجوز به : لماذا تعتبر أن ما لا تراه ،غير موجود ، غير حقيقي ؟!
قال، وقد بدأت، تنتبه كل حواسه،و بعد أن شعر برجفة صغيرة :
- أنا رجل وحيد بائس، الكل قد فر منه، تجنبا لمشاركته أحزانه، وهمومه.
قالت العجوز فى قوة :
_ أنت لست وحدك ،ولم تكن ، قط وحيدا.
نهضت العجوز.... أخرجت من عمق جلبابها دمية صغيرة،ثم ناولتها له، وقالت :
- اعطها لابنك حين يشفى ،واطلب منه أن يعتنى بها.
لاحظ الرجل التشابه الشديد، بين ملامح الدمية ،وملامح ابنه !!
تجمد الرجل فى مكانه قليلا ...!!
وحين التفت ليسأل العجوز،عن سر هذا التشابه العجيب ،وجد صديقه المقرب وقد جاء معتذرا لتأخره عليه.
تلفت حوله فى وجل .
جعل يبحث عن العجوز ،فى أرجاء المكان ،ولكنه لم يجد لها من أثر !!
سأل صديقه عنها.
أجابه فى دهشة :
انا لم أر أحدا ،سواك ،على هذه المنضدة !!