ابن النقيب - أتت أسماء ساحبة رداها

أتَتْ أسْماءٌ ساحِبَةً رِدَاها
على إِثْرِ المواطئ من سُرَاها
فديتكَ لو وطئتَ على جفون
لما كادت تُنَبِّه من كراها
وقد سَدَلَتْ غدائِرها لِتُخْفي
إِذا ابتسمتْ صباحاً في دُجاها
وفي طَرَفِ الخباءِ ليوثُ حَرْبٍ
تدورُ عليهمُ أبَداً رَحَاها
خشيتُ بسدلها في الحيّ من أن
يُهبَّ أشَطَهُمْ أدنى شَذَاها
بَدتْ فوجَمت من دَهَشٍ كأني
نفرتُ إلى ودَاعٍ مِنْ لِقاها
فقد حَصِرتْ حياءً عن نظيم
فمجّته نَثاراً مقلتاها
فلا أنسى وقد أنست وطاب الن
نَديُّ بما يحدِّثنيه فاها
حَماماً في الغُصُونِ تنوحُ شوقاً
تبوحُ بسرِّ ما يطوي حشَاها
فكانَ الغُصْنُ لي غصصاً وكا
ن الحَمام لنا بأن حُمّتْ نَواها
فقمتُ لموقفِ التوديع أطوي الض
لوعَ من الشجون على لظاها
فلم أَكُ أن أرى من بعدها في
نساء الحيّ أحسنَ من حُلاها
سوى هيفاء وَفّت من خُدورِ ال
بلاغة قد تسامَى منتماها
عَرُوبةُ حيّها تختالُ تيهاً
على الشِعرى بعيداً مرتماها
تَقَرَّطَتِ الثريّا واستطالتْ
على الجوزاءِ فاقتحَمَتْ ذَرَاها
فما الملكُ الضليل وما زهير
بحوليّاته من مُستماها
وما السَبْعُ الطِوالُ أرقُّ معنى
واشهى في العذوبة من جَناها
وما الروضُ المفوّفُ باكرَتْه
عَزَاليْ السُحُبِ واهية كِلاَها
فاخصَبَتِ الرُبى وافترّ في
ها الأقاصي منه واخضلّت صَباها
بأحسنَ من نضارتها وأشهى
وأحلى في مذاقي من روَاها
ذكرت بها عهوداً قد دعتني
لأشواقٍ بقلبي مصطلاها
فما أدماء تعطو حين تمشي
بجيد عاكل تزجي طَلاها
تداعبُه برَوْقَيْها نهاراً
وإن أمستْ تُوسَّدهُ طَلاها
تحنُّ إِليه من شَغَفٍ وتحنو
عليه ما تَلَتْهُ أو تَلاها
سرى معها وقد نشطَتْ لفخْتٍ
تكمّن في مطاويه أسَاها
وما علمتْ بأنّ الدهر صَالٍ
بكفة حابل تُردي رشاها
فلم يك رْيث ظمأى العَير إِلاّ
وقد نيطَتْ بأرجله عُراها
فباتتْ وهو ينْشُبُ في حِبالٍ
تقطَّعُ دونَها أسَفاً حشاها
بأبرعَ من أخيك بنات شوقٍ
تضاجعُ مهجةً شُقَّت عَصاها
فهاك بها عروساً ترتجي من
كَ أنْ تعفو وتصْفَحَ عن طخاها
ودم واسلم هنيئاً ما تغَنّتْ
على الأغصانِ وِرْقٌ في رُباها

ابن النقيب
أعلى