صلاح عبد العزيز - فوق ما يتصوره الشعراء.. قبل بحيرة النار

لم أكن لأتعرف على أحد فى أسفل العالم ، لم أكن أنظر وجها ، لم أكن أسير ، لم أكن طائرا ، لم أكن محمولا على كتف أحد ، لم أكن جسدا تماما ، مثلها لم أكن روحا أيضا . بفوانيس العتمة الظلمة لم تكن اختيارا ، لم تكن مباركة ، لم تكن مثل عالمى الأول ، لم تكن مثل عالمها الذى أعرف . وقبل بحيرة النار بقليل أسرجَت عتمتها أسرجتُ عتمتى ، كما كنا على نورها الدنيوى ونورنا ، نلتقى . التقينا قبل بحيرة النار بقليل ، لم يكن سوانا فى الحقول البديعة ، لم يكن سوانا بملبسنا ، لم يكن ملبسنا سوى الغبار ، بنصف بركة اقتربنا . كانت معى ولم تكن معى . وكنت معها ولا أدرى من أين تأتى الكتابات وتلك الخطوط على كفى وكفها ، الصور المنتقاة بين أسطر جعلتنى لا أرى ماذا أخط وأنقش . كنت أكتب الثوب الذى تلبسينه ومفترق النهدين من صنعى كمتن داخل متن ومفترق النهدين عاج وغائر كمشبك . المسافات والقياسات المتناهية الدقة يقطن بها حراس الأقاليم ، علامات من التاريخ السرى وجدها الأثريون ضحكات لا نستعيدها وغير مرغم أن تخلق من الطين طيورا لامعة تحفظ ملامحك حينما تعود لشكلك القديم . الآن وأنت تلبس أحذية البوما وملابس كاجوال يمكن أن تكون جالسا مع قاتل مأجور ، هى ذكرياتك على مسلة تهاوت . فى حين أن الغبار لم يكن ليلامسنا فى عصرى الفوضوى وتآكل أطرافنا ، ما كنت تقولينه يا سيدتى عن طلة من نافذة مواربة أصنعها لنفسى ، وما قاله ابن آوى عن باب وعن معدمين وعن مخاضة . يأخذنى القاتل إلى حتفى فأعود للنهار خارجا من عدمى إليك ، خذينى بيديك كما الأيام الخوالى .
/مازلنا نخطط للقصيدة/
ومع ذلك الاكتمال أحيانا هو ما لا نراه كما لا تحس شعلة النار برغبتنا فى تجاوز البحيرة مرات ومرات ، النار ليست بنار بل بحيرة بلا آلام نجتازها إلى الحقول حيث كنا ولخطوات معدودة نلتحم كما كنا فوق ما يتصوره الشعراء فى العودة للنهار قبل بحيرة النار .
#
صلاح عبد العزيز-مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...