أبو مدين التلمساني - ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا

ما لذَّةُ العيشِ إلّا صحبةُ الفقرا
هم السلاطينُ والساداتُ والأمرا
فاصحبهُم وتأدَّب في مجالسهِم
وخلِّ حظَّك مهما خلّفوكَ ورا
واستغنم الوقتَ واحضر دائماً معهم
واعلم بأن الرضى يخصُّ من حضرا
ولازِم الصمتَ إن سُئِلت فقُل
لا علم عندي وكُن بالجهلِ مستتِرا
ولا تر العيب إلّا فيكَ معتقِداً
عيباً بدا بيناً لكنَّه استتَرا
وحُطّ رأسك واستغفر بلا سببٍ
وقُم على قدم الإنصافِ معتذِرا
وإن بدا منك عيبٌ فاعترف وأقم
وجه اعتذاركَ عمّا فيك منكَ جرا
وقُل عبيدُكُم أولى بصفحِكمُ
فامحوا وخُذوا بالرفقِ يا فقَرا
هم بالتفضُّلِ أولى وهوَ شيمتُهُم
فلا تخف دركاً منهُم ولا ضَرَرا
وبالتفتي على الإخوانِ جد أبداً
حار ومعنى دركا منهم ولا ضرَرا
وراقب الشيخ في أحواله فعسى
يرى عليك من استحانهِ أثَرا
وقدم الجدَّ وانهض عند خدمتهِ
عساهُ يرضى وحاذِر أن تكُن ضجِرا
ففي رضاه رضى الباري وطاعتهِ
يرضى عليك ركن من تركها حذِرا
واعلَم بأن طريق القوم دراسة
وحال من بدعيها اليوم كيف ترى
متى أراهم وأني لي برؤيتهم
أو تسمع الأذن منّي عنهم خبرا
من لي وأني لمثلي أن يزاحمَهُم
على موارِدَ لم ألف بها كدَرا
أحبَّهُم وأداريهم وأوثرهُم
بِمُهجتي وخصوصاً منهمُ نفرا
قوم كرام السجايا حيثما جلسوا
يبقى المكان على آثارهِم عطرا
يهدي التصوّف من أخلاقهِم طرفا
حسن التآلف منهُم راقني نظرا
هم أهل ودّي وأحبابي الذين همُ
ممّن يجرُّ ذيول العزّ مفتخرا
لا زال شملي بهم في اللَه مجتمعا
وذَنبُنا فيه مغفوراً ومغتفَرا
ثمّ الصلاةُ على المختارِ سيدنا
محمدٍ خير من أوفى ومن نذَرا
أعلى