عبد الرؤوف بوفتح - قُل آمين.. يا عبد الله..!

- ( الى روح : حبيب قلبي..ورفيق حرفي ودربي: الشاعر الكبير عبد الله مالك القاسمي.. يرحمه الله.


- كأنّني...
في غار أهل الكهف
تملؤه بيوت العنكبوت
لا اصحاب حذوي
لا كلب.. بالوَصِيد
كل يوم.. أودّع قلبي
أموت.

- أما بعد :
لم اكتب بعدك
شعرا للعصافير.
يا عبد الله
لأشجار باب البحر
لأعشاب الليل
لتمثال " ابن خلدون"
لضحكات الفقراء
وغانيات رصيف
حانة "السفراء"
ومَلْهى " الادغال"
اللائي يُسرعن
الى مائدة أفراحنا
كالزبيب..
ثم يختفين أول الفجر
دون أعراس..
لقطط المطاعم الجائعة التي..
تموء عند اقدامنا..
لعثرتي عند كتفيك
ونحن نتداعى عند
ماسح الاحذية
عند بائع البيض والفُول
بعد منتصف الليل
نُغَرْغر في الحَلق
بقايا نبيذ مُر..
ونسال :
- مَنْ يدلّنا.. علينا..؟
ثم نقتل مع نجمة الصبح
كل المدائن التي نحبها..

وانا أتحسس رضوض ركبتيّ
ثم انهض وحدي
كاتما المي..وعطشي
وماسحا بأوراق " جاك بريفير"
بعض جروحي
- كانني يا صاحبي
لم أعد
اتذكر..
كيف كنا نغمض عينا
ونفتح الاخرى
ونرى افضل من
زرقاء اليمامة
وكيف كّنا
نضحك للريح
لزوابع الخريف الذي
يهجع فينا عبر كل الفصول
وكنا نرفع رؤوسنا
نسأل الله في امرنا
نشكوه ضياع اوطاننا
وتناسل اللصوص في دمائنا
كنا نظن - كفرا-
ان الله فوقنا
ثم.. بعد ان تذهب اوجاعنا
يطفو الايمان
نتذكر..
انه - تعالى-
بخلاف ذلك..
كنا نظن ونحن صغار
حين نرمي بِسِنّ الحليب
نحو الشمس
نناديها
خذي با شمس سِنّ الحمار
وناولينا سِن الغزال
ما زلنا نظن
ان الخطاف يصنع الربيع
ان الهدهد.. جاسوس سليمان
وأن عكازه..
اكلها السوس
وانه مات واقفا وحيدا
دون طيور
ودون بلقيس..
وان سيف علي
لم بنخره الصديد
ولم يرثه أحد
وان المهدي مختبىء بيننا
في عهدة " ذو القرنين"
او .. من يدري
في باطن جبل " أُحُد "

- يا عبد الله في باطني
بحيرات شعر
وكلام يونس
اعماق..اعماق من الظلمات
لم اكتب بعد..
الا ما يكفيني لاكمل صراخي
ما يقبله الله.. لانجو.
فالشعر .. قِشّتنا التي
سوف تحمل كل غريق
الشعر كما تدري
فيه بعض دعاء
يطيل العمر
ويزيل الاوجاع.
لم اكتب بعدك الا..
لبعض نساء
حتى لا يبلى القلب
لا تعطش في شفتي
الاقداح.
وحتى..
لا ابقى على الريق
فالمراة وحدها
تعطينا التمرة.. والضحكة والاوطان
و التين والتفاح
تغمرنا كالطوفان..
وحدائق شتى
ثم ..
تلقي بنا في التيه..
في بحيرات الملح..
وتمنحنا بستانا.. تلو البستان
وكذلك ..
اعتى حريق..
لم اكتب يا عبد الله
منذ رحيلك
غير ألواح صراخي
لم يتركوا في وطني
غير النطيحة والعرجاء
باعونا كالخردة
عند كل رصيف
رمونا مثل قشور الرمان
من كل نافذة..
في كل مكان..
- يا صديقي
لماذا..
نفخنا في اكوام رماد
وكانت
اعيننا مفتوحة كالارانب
لماذا نفخنا على الجرح
وهو مفتوح
على كوب ... ساخن
وهو مُر..
على ثريد للكلاب
لماذا كل هذا..؟؟
- أما قبل..
لم أسالك
عن امرىء القيس
وطرفة بن العبد
والخنساء
عن ابن القارح
والمعري
وأبي نؤاس
وأبي تمام
والبحتري
وسيدنا المتنبي..
ليس ترتيبا..
وقائمة الذين اوجعونا
لم نزل نحبهم
لم اسالك :
- بم غفر لك..؟
اعرف.. ان وادي الشعراء
ليس هناك
وان الجنة..
في تلابيب مُروءَتنا
ليست كما أثّثُوها لنا
لم يزرها احد..
ثم عاد
واخبرنا عنها..
فنحن..
نأكل انفسنا في نهاية العشق
مثل ذكور النحل
ونحن نحب الخير
في الارض
ولا نطلبه..لنا
فقط..
قل" آمين".. با عبد الله
وأشهد..
أنّ .." هذه الجثة لي"..!


عبد الرؤوف بوفتح / تونس.



* هذه الجثة لي: عنوان ديوان شعر احبه.. لصديقي الراحل.
** ذكرت اسماء بعض المواضع..وهي توجد بشوارع العاصمة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...