المهدي الحمروني - ماءٌ دون وساطة الخزف

سأُوصيكِ بي
أنا طفلُكِ الغضُّ
في مهد نبوّتهِ الشقيةِ
بخلودك في رئة الدهر
أن امسحي على جفن الجفاف المديد
واهطُلي نسيمًا عفويّا
كي تستعيدَ الأرضُ تكوَّنَ خَلقِها
ويندى النقعُ على عجاف اللهفة
مثل نهرٍ قصيّ
خاصٍّ جدًّا
تكاد الضفّةُ تُعانقُ الأُخرى
بقفزةٍ واحدةٍ
حينما يُذيبُ جليدهُ خصِّيصًا
وتفرُّدًا لعاشقه
كموسِمٍ من وصال
عودي ليلمسَ الأديمُ روحهُ
هل تعلمين أنك أكثرَ غضاضةً من الصِبا
وأندى عطرًا من غسق الشِعر
أينما ظهرتِ
فسَّرَ النبعُ مذاق الماء في الساقية
دون وساطة الخزف
واستحَتِ السلاطينُ من مجّانية العروش
من يُأوِّل قُدّاسَ اللغات في عينيك؟
معادلة الحنان على نهدك؟
ليتك تعلمين كيف تترعرع الطفولةُ في معنى ابتسامكِ النبي
كيف يغرورق المحيط في لوح صوتك
كيف تُصحِّحُ الأديان تعاليمها
لموكبك المفرد الجموع
الأفجار وحدها تدري بوحيك
في تديُّن الدهور الفارق
للقلوب الحالمة
ياخَلاقَ التموسُق في اليباس
والرهفِ المُعجِز للقوافي
وبديهة السلاسة في الإيقاع
يدّعي سُدولَ ظفائرك النخلُ
في بكارة الصحو
وعبقَكِ الزيتونُ في ماطر الصبح
أنا الحسرةُ الغائرةُ
في ظمأِ التوق
سأوصيكِ بقلبي
كلما آبَ وحيدًا وتائهًا
في بيداءَ بلا خارطة
كمهزومٍ لا نُصرةَ لهُ
مذعورًا
من وشَكِ
نفاذِ
الماء
___________________________
زليتن. 14 آب 2021 م

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...