كانت الاشارة حمراء ، و فى قلب كابوس الزحام ،والشمس ساطعة فى كبد السماء،لم أستطع أن أفلت من نظراته المريبة.
جعلت أصيح برفيقتى : لا تلتفتى إليه.
هذا الغريب كان يطل علينا من نافذة سيارتى حاولت عبثا أن اغلقها إلا أن الزجاج علق فى المنتصف تماما.
التفت إلى رفيقتى أوبخها لنظراتها الحادة إليه .
تملكتنى مشاعر وخواطر مضطربة مشوشة .
كان شيخا طاعنا فى السن دميما ،أشعث الشعر' رث الثياب، تفوح من ملابسه رائحة عطنة تشبه رائحة روث البهائم.
هتف الرجل فجأة : أيها الغبى متى تفهم ..؟
وثب قلبى من ضلوعى، وهو يستطرد قائلاً: ألا تعلم أن كل من حولك يخدعونك ؟!
لا أحد ينشد سوى مصلحته حتى رفيقتك تلك التى تجلس إلى جوارك.
لم أنبس ،إلا أنه واصل متسائلا وكأنه يستفسر عن حديث لم أتفوه به :
من هؤلاء الذين اتصلوا بك؟ ...
عموما احترس فهذه ليست وسيلة للصلح إنهم يريدون استغلال مكانتك ومالك ، ونفوذك الكبير و أنت فى الحقيقة أضعف من جناح بعوضة.
قالت لى رفيقتى : لعله يهذى.
كانت كلماته تصك أذنى والخوف ينهشنى وهو يزمجر غضبا :
كفاك مهانة،ليس من الخلق الحسن أن تصمت ،أن تترك حقك يضيع حياء أو خجلا، واجه الجميع بحقيقة أنفسهم، اشلح عنهم ثوب العفة الكاذب وانزع كل ستائر النفاق والضلال....
أنت لن ينفعك إلا الحق ومهما طغى الجبناء فلن يسود في النهاية إلا الشجعان.
ثم أشاح بوجهه عنى، حتى يخرج منديلا يمسح به عرقه ثم بصق فيه، وقبل أن يلتفت إلى كانت الإشارة الخضراء قد أعلنت عن فك أسرى فانطلقت بسيارتى هاربا.