كتب إليّ قريب شاب يدرس في أمريكا أن جاراً له جاء يطلب، بلطف زائد، أن يتفضّل، ويقبل استضافة قطته لأيام معدودات، لأنه مضطر إلى السفر في عمل ضروري. وأفهمه بطريقة غير مباشرة، أنه يمنحه شرفاً عظيماً حين يختاره لهذه المهمة دون غيره من الجيران. ولم يكن أمام قريبي وزوجته إلاّ القبول، على مضض لمثل هذا الشرف العظيم، فهما لم يألفا، من قبل، مثل هذه المهمة.
ولكن الأمر، على عكس ماكان متوقعاً، راق الزوجة، فهي تكاد تكون وحيدة في بلد غريب، وكانت قد أجلّت فكرة الحمل بالاتفاق مع زوجها لضيق ذات اليد. وجدتْ متعة غامرة، في يومها الطويل، وهي تعتني بالقطة وترعاها: طعامها وشرابها وحمّامها ونزهتها.. تنفيذاً لتعليمات الجار المتفضّل.
وأسرّت لزوجها ـ بعد عودة القطة إلى صاحبها ــ رغبتها في اقتناء قطّة تسليها خلال غيابه في الجامعة. وأشار عليه بعض معارفه بالاتصال بمكتب من المكاتب التي تبيع القطط. وفوجىء بأن ثمن بعض القطط يصل إلى آلاف الدولارات، وأن الحد الأدنى لقطّة متواضعة في حدود خمس مئة دولار. وجد أن هذا الحد الأدنى مبلغ كبير، وهو يتذكر القطط المجانية الشاردة في حارات مدينته البعيدة، دون أن يأبه أحد لهذه الثروات الخيالية! ونصحه أصحاب أحد المكاتب بالاتصال بالبوليس، فلديهم قطط لقيطة، تركها أصحابها في الطرقات لسبب أو آخر. وهي ارخص ثمناً من تلك القطط، ذات الاحساب والانساب والأصول. وفعلاً قام بالاتصال المطلوب. ووجد ضالته بسهولة. ولكنه فوجىء مرة أخرى بتحقيق لم يتوقعه:
- يبدو أنك غريب!
- نعم
- هل أنت واثق من رغبتك في اقتناء قطة؟
- أوه... نعم... أنا وزوجتي.
- وهل لديك الوقت للعناية بها؟
- أجل.. زوجتي متفرغة.. لاتعمل
- هل سبق لها أن اقتنت قطة؟
- لا..لا.. ولكن..
- لابأس هناك كتبٌ تعلّمها ذلك. هل أنت قادر على تحمّل نفقاتها المختلفة؟ وهل لديك فكرة عن هذه النفقات؟
- لا.. أعتقد أن الأمر بسيط.. كم يكلف ذلك؟
- القطة تكلّف مئة دولار أسبوعياً ما بين طعام وشراب ورعاية صحيّة، وتأمينات مختلفة.
وكتم ضحكة غالبته. ومع أنه قرر قمع هذه الفكرة عند زوجته، إلاّ أنه تابع الحديث من باب الفضول:
- لابأس.. مئة دولار أسبوعياً؟ لابأس
- ولكن ماهو عملك؟
- أنا طالب موفد أحصل على نصف منحة
- طالب ومتزوج ونصف منحة وتريد اقتناء قطة؟!
- نعم وما المانع؟
- ليس عدلاً أن تموت القطة من الجوع والإهانة في بيتكم.
- في الحقيقة... أهلي يرسلون لي بعض النقود
- الأمر بسيط إذاَ.. ماعليك سوى أن تكتب لأهلك لتأمين كفالة رسمية لإعالة القطة، وترجمتها، وتصديقها من الدوائر المسؤولة ومن سفارة بلدنا في بلدكم.
- كل هذا من أجل تربية قطة؟!
- أجل.. وهل تظن الأمر مزاحاً... نريد ضمان كل شيء
ولم يستطع قريبي أن يتابع المكالمة عند هذا الحد، فانقطعت. وكفّ هو وزوجته عن التفكير في هذا الأمر. وعزما على الانتظار حتى تتحسن أحوالهما الماديّة، فينجبا طفلاً يشغل الزوجة في أوقات فراغها.
ولكن الأمر، على عكس ماكان متوقعاً، راق الزوجة، فهي تكاد تكون وحيدة في بلد غريب، وكانت قد أجلّت فكرة الحمل بالاتفاق مع زوجها لضيق ذات اليد. وجدتْ متعة غامرة، في يومها الطويل، وهي تعتني بالقطة وترعاها: طعامها وشرابها وحمّامها ونزهتها.. تنفيذاً لتعليمات الجار المتفضّل.
وأسرّت لزوجها ـ بعد عودة القطة إلى صاحبها ــ رغبتها في اقتناء قطّة تسليها خلال غيابه في الجامعة. وأشار عليه بعض معارفه بالاتصال بمكتب من المكاتب التي تبيع القطط. وفوجىء بأن ثمن بعض القطط يصل إلى آلاف الدولارات، وأن الحد الأدنى لقطّة متواضعة في حدود خمس مئة دولار. وجد أن هذا الحد الأدنى مبلغ كبير، وهو يتذكر القطط المجانية الشاردة في حارات مدينته البعيدة، دون أن يأبه أحد لهذه الثروات الخيالية! ونصحه أصحاب أحد المكاتب بالاتصال بالبوليس، فلديهم قطط لقيطة، تركها أصحابها في الطرقات لسبب أو آخر. وهي ارخص ثمناً من تلك القطط، ذات الاحساب والانساب والأصول. وفعلاً قام بالاتصال المطلوب. ووجد ضالته بسهولة. ولكنه فوجىء مرة أخرى بتحقيق لم يتوقعه:
- يبدو أنك غريب!
- نعم
- هل أنت واثق من رغبتك في اقتناء قطة؟
- أوه... نعم... أنا وزوجتي.
- وهل لديك الوقت للعناية بها؟
- أجل.. زوجتي متفرغة.. لاتعمل
- هل سبق لها أن اقتنت قطة؟
- لا..لا.. ولكن..
- لابأس هناك كتبٌ تعلّمها ذلك. هل أنت قادر على تحمّل نفقاتها المختلفة؟ وهل لديك فكرة عن هذه النفقات؟
- لا.. أعتقد أن الأمر بسيط.. كم يكلف ذلك؟
- القطة تكلّف مئة دولار أسبوعياً ما بين طعام وشراب ورعاية صحيّة، وتأمينات مختلفة.
وكتم ضحكة غالبته. ومع أنه قرر قمع هذه الفكرة عند زوجته، إلاّ أنه تابع الحديث من باب الفضول:
- لابأس.. مئة دولار أسبوعياً؟ لابأس
- ولكن ماهو عملك؟
- أنا طالب موفد أحصل على نصف منحة
- طالب ومتزوج ونصف منحة وتريد اقتناء قطة؟!
- نعم وما المانع؟
- ليس عدلاً أن تموت القطة من الجوع والإهانة في بيتكم.
- في الحقيقة... أهلي يرسلون لي بعض النقود
- الأمر بسيط إذاَ.. ماعليك سوى أن تكتب لأهلك لتأمين كفالة رسمية لإعالة القطة، وترجمتها، وتصديقها من الدوائر المسؤولة ومن سفارة بلدنا في بلدكم.
- كل هذا من أجل تربية قطة؟!
- أجل.. وهل تظن الأمر مزاحاً... نريد ضمان كل شيء
ولم يستطع قريبي أن يتابع المكالمة عند هذا الحد، فانقطعت. وكفّ هو وزوجته عن التفكير في هذا الأمر. وعزما على الانتظار حتى تتحسن أحوالهما الماديّة، فينجبا طفلاً يشغل الزوجة في أوقات فراغها.