النص مستوحى من أغنية " Dans le port d'Amsterdam " لـ " Jacques Brel "
على رصيف الميناء،
كلّما ضاجع حزن عابر قناني "البيرة"،
وُلِدَ من رحم صراخه بحّار جديد !
بحّار:
صدره أشرعة لا تؤمن بخرافة المرفإ الأخير
و لا بنبوءة الجوع الذي ينتظر عودته في حيّ الصيّادين...
ذراعاه شاطئان صخريّان
عليهما قوارب منهكة، شباك صيد ما عادت تتقن الصّبر
وبحارة قذفهم البحر على هيأة أشخاص عاديين
يثرثرون عن الأنواء و مواسم السمك
و عن بقايا نساء، من شمع، ذبن على صدورهم عندما كانوا بحّارة...
أصابعه غجر يعزفون على نساء بلا رائحة، بلا أسماء
و لم يجرّبن الحبّ إلّا في اللّيالي الباردة مع وسائدهن...
شفتاه ثائرتان كما العواصف،
قدماه مرساتان
و بين فخذيه منارة لا تضيء إلّا إذا اكتملت امرأة عابرة في زجاجة النّبيذ...
على رصيف الميناء
بحّار عمره ستّون عاصفة و غرقان يلتهم أحزانه نيئة
و يقهقه
يمزج أحلامه القديمة مع زبد البحر
ثمّ يشربها حتّى يسكر... و يقهقه
يطالب بحّارا صغيرا عمره عاصفة واحدة أن يرقص له
فتضيء منارته لمؤخرّة البحّار الصّغير المستديرة
و يشتم كلّ النّساء المثيرات اللّواتي لم يجرّبن موجه العاتي !!
على رصيف الميناء
ينام بحّار داخل ثمالته،
يتوسّد صدر امرأة موشومة على زنده،
يرفع مرساة القارب الموشوم على زنده الآخر
ثمّ يسافر في الحلم...
لا أحلام ورديّة للبحّارة؛
أحلامهم كما الماء.. لا لون لها !!
أحلامهم كما زبد البحر.. تتلاشى على الشّواطئ !!
على رصيف الميناء
يصل البحّارة، كما الملوك، على متن سفنهم
مع الكثير من المال و من الحكايات؛
يذهبون إلى الحانات و إلى النّساء
فيعودون بمنارات منطفئة و بجيوب فارغة
و بحكاياتهم عن حروبهم في الأجساد العارية...
و يحدث أن يتقاتل البحّارة
عندما تسرّ لهم الرّيح نبوءة العاصفة
من أجل قنينة "بيرة"
أو من أجل امرأة يعبر بها المنتصر إلى ضفّته الباكية
و حين ينهي اللعبة
يرفع أنفه عاليا كنورس يحلّق في السماء
و يتبوّل كلّ ما شربه من "بيرة" على رمالها التي جرّبت أقدام كلّ بحارة الميناء...
هيثم الأمين
تونس
على رصيف الميناء،
كلّما ضاجع حزن عابر قناني "البيرة"،
وُلِدَ من رحم صراخه بحّار جديد !
بحّار:
صدره أشرعة لا تؤمن بخرافة المرفإ الأخير
و لا بنبوءة الجوع الذي ينتظر عودته في حيّ الصيّادين...
ذراعاه شاطئان صخريّان
عليهما قوارب منهكة، شباك صيد ما عادت تتقن الصّبر
وبحارة قذفهم البحر على هيأة أشخاص عاديين
يثرثرون عن الأنواء و مواسم السمك
و عن بقايا نساء، من شمع، ذبن على صدورهم عندما كانوا بحّارة...
أصابعه غجر يعزفون على نساء بلا رائحة، بلا أسماء
و لم يجرّبن الحبّ إلّا في اللّيالي الباردة مع وسائدهن...
شفتاه ثائرتان كما العواصف،
قدماه مرساتان
و بين فخذيه منارة لا تضيء إلّا إذا اكتملت امرأة عابرة في زجاجة النّبيذ...
على رصيف الميناء
بحّار عمره ستّون عاصفة و غرقان يلتهم أحزانه نيئة
و يقهقه
يمزج أحلامه القديمة مع زبد البحر
ثمّ يشربها حتّى يسكر... و يقهقه
يطالب بحّارا صغيرا عمره عاصفة واحدة أن يرقص له
فتضيء منارته لمؤخرّة البحّار الصّغير المستديرة
و يشتم كلّ النّساء المثيرات اللّواتي لم يجرّبن موجه العاتي !!
على رصيف الميناء
ينام بحّار داخل ثمالته،
يتوسّد صدر امرأة موشومة على زنده،
يرفع مرساة القارب الموشوم على زنده الآخر
ثمّ يسافر في الحلم...
لا أحلام ورديّة للبحّارة؛
أحلامهم كما الماء.. لا لون لها !!
أحلامهم كما زبد البحر.. تتلاشى على الشّواطئ !!
على رصيف الميناء
يصل البحّارة، كما الملوك، على متن سفنهم
مع الكثير من المال و من الحكايات؛
يذهبون إلى الحانات و إلى النّساء
فيعودون بمنارات منطفئة و بجيوب فارغة
و بحكاياتهم عن حروبهم في الأجساد العارية...
و يحدث أن يتقاتل البحّارة
عندما تسرّ لهم الرّيح نبوءة العاصفة
من أجل قنينة "بيرة"
أو من أجل امرأة يعبر بها المنتصر إلى ضفّته الباكية
و حين ينهي اللعبة
يرفع أنفه عاليا كنورس يحلّق في السماء
و يتبوّل كلّ ما شربه من "بيرة" على رمالها التي جرّبت أقدام كلّ بحارة الميناء...
هيثم الأمين
تونس