فى بلدة تُدعى فلاديمير عاش شاب يانع يعمل بالتجارة اسمه" إيفان ديميرتش ازكينوف" كان يمتلك محلين تجاريين ومنزل خاص به، ازكينوف شاب حسن الطلع لديه شعر كثيف مجعد، ملئ بالمرح والطاقة كان مولعا بالغناء، عندما كان أصغر بالعمر كان يُسرف فى الشراب وعند تناوله الكثير منه يصبح أكثر شغبا وتهورا، لكنه توقف عن ذلك عندما تزوج والتزم فقط المناسبات وبعض الأوقات الخاصة.
فى فصل الصيف قرر اكزينوف الذهاب إلى مدينة " نينجى فير"
بينما يلوح بالوداع لزوجته وأسرته ، أشارت زوجته..
قائلة:" لا تذهب هذه المرة لقد راودنى حلم فظيع ولست مطمئنة لهذة الرحلة."
سخر اكزينوف ضاحكا وقال:" تعتقدين أننى سأذهب للمرح والتنزه ."
ردت زوجته بوجل " لا أعلم مما أنا خائفة كل ما أعلمه أننى رأيت حلما سيئا للغاية، لقد رأيتك عائد من رحلتك وعندما رفعت عن رأسك قبعتك وجدت شعرك تحول من لونه الأسود إلى اللون الرمادى."
ضحك اكزينوف مرة أخرى قائلا انها اشارة حظ جيدة، انتظرينى إلى أن أبيع كل بضاعتى وسأشترى لكِ هدايا رائعة من فير."
-وبالفعل ودع أكزينوف عائلته وذهب فى طريقه.
عندما وصل إلى منتصف الرحلة ، قابل اكزينوف أحد أصدقائه التجار، وقررا أخذ استراحة ووضعا أمتعتهم فى نزل صغير لقضاء الليلة به.
تناول أكزينوف أقداح من الشاى مع زميله التاجر، ثم ذهب كلا منهم لينام بغرفته.
لم يكن من عادة اكزينوف النوم متأخرا وكان يأمل فى أن يسافر قبل أن تزداد حرارة الشمس ولذلك أيقظ سائقه فجرا ليستعدا للرحيل.
خرج أكزينوف للباحة الخلفية للنزل حيث ينام صاحب النزل ليدفع له اجرة الليلة، وخرج مسرعا عندما قطع مسافة خمسة وعشرين ميل ، توقف لإطعام الخيول.
فجأة انطلقت عربة تصدر أجراس رنين معينة، ترجل منها ضابط يتبعه جنديان، تقدم الضابط إلى أكزينوف وبدأ فى استجوابه،سأله بهدوء من أنت؟ ومن أين أتيت؟
أجابه أكزينوف بالكامل عن كل ماطرحه وقال له: " أترغب فى تناول الشاى."
لكن المسئول استمر فى استجوابه
وسأله أين قضيت الليلة الماضية؟
هل كنت بمفردك أم مع تاجر زميل؟
هل رأيت التاجر الآخر هذا الصباح؟
لماذا غادرت الفجر؟
اجابة أكزينوف عن جميع اسئلته ولكنه أخبره لماذا تعاملنى وكأننى لص؟ أنا أسافر فى رحلة عمل خاصة ولا أرى أى داعى لهذا الإستجواب!
أجابه المسئول أستجوبك بصفتى ضابط الشرطه الخاص بهذه المنطقة، ولأن التاجر للآخر وُجد مقتولا هذا الصباح ويجب تفتيش أغراضك الشخصية على وجه السرعة، فكك الجنود أمتعة أكزينوف وتم تفتيشها بالكامل،وفجأة!! أخرج الضابط سكينا ملطخا بالدماء مدفون وسط أغراضه.
ارتبك اكزينوف وشعر بالخوف الشديد، سأله الضابط كيف وُجد هذا الدم على سكينك الخاص، حاول أكزينوف الإجابة ولكنه لم يستطع أن ينطق بكلمة واحدة وتمتم قائلا:" أنا - لا أعرف- هذا ليس لى."
قال الضابط :" لقد فضحتك تعابير وجهك" أخبرنى كيف قتلته؟ وكم من المال سرقت؟.
اقسم أكزؤنوف أنه ليس سارق أو قاتل وأنه لم يرى زميله التاجر بعدما تناول معه الشاى بالأمس، وانه يمتلك ثمانى ألف روبل من ماله الخاص ، أمر قائد الشرطه بتقييد أكزينوف ووضعه بعربة الشرطة وتمت مصادرة أمواله ونقله إلى أقرب سجن لأقرب بلدة مجاورة.
قام المحققون بالإستفسار عن حياة فلاديمير فى بلدته فشهد البعض على إفراطه الأخير فى تناول الشراب
ومن ثم تم إلصاق التهمة كاملة ضد أكزينوف عندما علمت زوجته بالأمر أُصيبت بالذهول التام، وذهبت لزيارة زوجها حاملة الطفل الصغير على كتفها والآخر يسير بجوارها.
فى بادئ الأمر لم يسمح لها بزيارة زوجها إلى أن قدمت الزوجة استئناف لحاكم البلدة لزيارة زوجها وبالفعل قوبل بالموافقة، وعندما رأت زوجها مقيدا جنبا إلى جانب القتلة والمجرمين مرتديا بدلة السجون ، سقطت مغشية لمدة طويلة وبعد أن استفاقت جلست بجوار زوجها
تسأله:" أخبرنى الحقيقة ياعزيزى ألم تكن أنت الفاعل؟"
اجهش أكزينوف فى البكاء وأخبرها حتى أنتِ شككتى بأمرى
ردت الزوجة سنقوم بالإستئناف وإلتماس العفو لرجل شريف مثلك عند حاكم البلدة .
عندما غادرت الزوجة ردد أكزينوف
قائلا :" لقد اشتبه الجميع بأمرى حتى زوجتى، الله وحده يعلم الحقيقة، وعلى الإستئناف إليه فقط، وأقلع بالفعل عن أى أمل آخر أو توسل وإلتماس لأحد غير الله وبدأ يصلى لإظهار الحقيقة"
حُكم على أكزينوف بالجلد وإرساله بعيدا إلى المناجم وتم جلده بالسوط حتى جُرح جسده وعندما تعافت جروحه تم ارساله إلى سيبيريا مع باقى المتهمين.
عاش أكزينوف سته وعشرين عاما بالسجن وسط المجرمين حتى تحول شعره إلى اللون الرمادى وغزا الشيب لحيته بالكامل، أصبح قليل الكلام قل مرحه وهزله، يمشى بصعوبة محنى الظهر ، كثير الصلاة والإنعزال.
تعلم هناك أكزينوف حرفة الإسكافى وكسب منها بعض المال والذى مكنه من شراء كتاب يدعى "حياة القديسين"
وكان يقرأه فى تلك الأوقات التى يتسرب قليل من الضوء إلى زنزانته ، أو فى أيام الآحاد بالكنيسة حيث يستمع إلى دروس العبادات ،ويغنى فى جوقة الكنيسة حيث لازال يملك هذا الصوت العذب كالأيام الخوالى.
لقد نال أكزينوف احترام السلطات بالسجن نظرا لوداعته وأخلاقه ، وأحبه الآخرون وأطلقوا عليه لقب الجد أو القديس.
عندما يريد أحدهم أن يقدم أى إلتماس لإدارة السجن كان يتقدم بأسم أكزينوف حتى يتم قبوله، وإذ دارت أى من المشاجرات بين السجناء يعود الجميع لأكزينوف لحل النزاع والأخذ برأيه ويأتون إليه لتصحيح مسار بعض الأمور.
قضى أكزينوف مدة طويله بالسجن لا يعلم عن أولاده أو زوجته أى أخبار أو تفاصيل ، وذات ليلة قدمت عصابة جديدة إلى السجن إلتف حولهم باقى السجناء ليسألوهم عن تفاصيل بلداتهم وأسباب القدوم بهم إلى هنا.
جلس أكزينوف ليستمع بإحباط إلى قصص المساجين الجدد ، حتى تحدث أحدهم يدعى ماكار قادم من بلدة فلاديمير فسأله أكزينوف باهتمام هل سمعت عن تجار فلاديمير هل تعلم عن تاجر يدعى اكزينوف؟
فأجابه ماكار نعم أعلم عن أسرة أكزينوف انهم أغنياء ولكن والدهم مُدان بالحكم فى سبيبريا أيها الجد.
أما أنت ياجدى كيف أتيت إلى هنا ، تنهد أكزينوف وقال بسبب خطاياى قضيت من العمر سته وعشرين عاما.
ماهو ذنبك؟ سأل ماكار أكزينوف لم يجبه ولكن اجابه رفاق السجن عن قصة أكزينوف
فانتفض ماكار وصفع ركبتيه وقال:" كم هذا غريب أن ألتقى بك هنا، ولكن كم عمرك الآن ياجدى؟ "
تسائل البقية عن اندهاش ماكار لرؤية اكزينوف وسألوه هل تعرف أكزينوف مسبقا؟ ولكن ماكار لم يجبهم إلا أنه أمر رائع أن نلتقى هنا جميعا ياشباب.
تحدث أكزينوف إلى ماكار قائلا:" لماذا أصبت بالدهشة عند معرفة قصتى؟ هل تعلم من القاتل؟ فرد ماكار بإستخفاف بالطبع أنه من وضع لك السكين بأمتعتك، ومن سرق الأموال أيضا، كيف يمكن لشخص أن يضع السكين تحت رأسك وأنت نائم كان بأمكانه بالطبع أن يوقظك.
شعر أكزينوف بداخله أن هذا الشخص هو القاتل الذى قتل التاجر تلك الليلة وظل مستيقظا طوال الليل متذكرا زوجته وأطفاله وكل شئ حرم منه ، تذكر ليلة عزفه الجيتار والقبض عليه بتهمة لم يرتكبها، تذكر ليلة جلده والجلاد والواقفون حوله.
شعر بأنه يريد الإنتقام الحق من ماكار ولكنه تمالك اعصابه وظل يردد صلواته طوال الليل.
ظل على هذه الحال لمدة اسبوعين لا يجد السكينة نهارا ويردد الصلاة ليلا ، ولم يعرف النوم اثناء الليل ، كان بائسا جدا ولا يعرف مالعمل.
وفى أحدى الليالى عندما كان يتجول ليلا ، وجد اكزينوف بعض التراب يتدحرج تحت قدمه مكان أحد الأرفف التى ينام عليها السجناء.
فظهر ماكار مرتعدا وقال له :" أنه حفر حفرة فى أرض السجن وكان يفرغ الرمال بحذائه فى اثناء ترحيلهم من مكان لآخر، وعليه أن يكتم السر حتى نخرج جميعا من هنا."
" عليك الصمت أيها العجوز حتى نستطيع جميعا الهرب، وإذا أبلغت عنى سيتم جلدى حتى الموت ولكن قبلها سأقبض روحك."
علم الضباط والمسئولين بهذا الأمر وجاء الحاكم ليستجوب الجميع وقام بإستدعاء أكزينوف نظرا لأنه الشخص الوحيد من بينهم لن يكذب وسيخبرهم بالحقيقة كاملة.
التفت الحاكم إلى اكزينوف قائلا:" أخاطبك لأنك عادل، وعجوز صادق أخبرنى من قام بحفر هذا النفق؟"
ارتجفت شفتاى أكزينوف ولم ينطق بحرف واحدا لمدة طويلة.
ساورته نفسه أن يُفسد حياة الشخص الذى أفسد حياته وانهاها تماما ، ولماذا يبقى السر تجاه هذا البغيض الذى قضى على عمره وافناه فى سجن لمدة سته وعشرين عاما من الألم والوحدة!
ولكن إذا أخبرتهم الحقيقة وتم قتله من الممكن أن أكون مخطئا بحقه .
قال اكزينوف لن استطيع أن اجزم بأى شئ سيادة الحاكم وها أنا أمام يديكم فلتفعل بى ماتشاء.
فى هذه الليلة العصيبة استلقى أكزينوف فى مرقده ممددا ، وإذ فجأة طل فى الظلام خيال شخص واقترب من سريره وجلس بجواره ،وتعرف عليه فأنه ماكار
فقال له أذهب بعيد ماذا تريد منى اذهب وإلا أبلغت الحراس.
انحنى ماكار على مقربة منه وقال:" سامحنى إيفان ديميرتش."
فرد أكزينوف على ماذا؟
قال له :" أنا من قتلت التاجر تلك الليلة وأخفيت السكين بين أشيائك ، وقصدت قتلك أيضا ولكن الضوضاء بالخارج منعنتى وهربت بسرعة من المكان.
لم يجد اكزينوف مايسعه من القول ولا يعرف ماذا يفعل الآن!!
انحنى ماكار مرة أخرى وانزلق تحت قدميه وقال سامحنى!..أغفر لى!.. من أجل الله فلتسامحنى
رد أكزينوف قائلا:" اننى عانيت طيلة الست وعشرين عاما! أين سأذهب الآن ؟ ماتت زوجتى ولم يعد يعرفنى أبنائي وانقضت حياتى! لا أملك مكان أذهب إليه.."
ضرب ماكار رأسه بالأرض مرددا سامحنى!
أنا تعيس أرجوك سامحنى من أجل المسيح
وبكى ماكار وبكى معه أكزينوف كثيرا..
قال اكزينوف:
" سوف يسامحك الله"
"ربما أنا اسوأ منك مائة مره"
وعندما قال أكزينوف تلك الكلمات انقطع شوقه إلى الوطن، ومات حنينه إلى الذهاب لأى مكان ولم يعد يرغب فى مغادرة السجن مرة أخرى ، بل وشعر بأن النور نما إلى قلبه بعد أن حل محله الظلام.
وتمنى أن تأتى ساعته الأخيرة.
وبالرغم مما قاله أكزينوف لماكار إلا أنه اعترف بالذنب وأسقط جميع التهم عن أكزينوف وعندما حلت ساعة اطلاق سراحه من السجن، كان أجله قد حان أيضا وقضى نحبه فى نفس توقيت الحكم!!!
تمت
فى فصل الصيف قرر اكزينوف الذهاب إلى مدينة " نينجى فير"
بينما يلوح بالوداع لزوجته وأسرته ، أشارت زوجته..
قائلة:" لا تذهب هذه المرة لقد راودنى حلم فظيع ولست مطمئنة لهذة الرحلة."
سخر اكزينوف ضاحكا وقال:" تعتقدين أننى سأذهب للمرح والتنزه ."
ردت زوجته بوجل " لا أعلم مما أنا خائفة كل ما أعلمه أننى رأيت حلما سيئا للغاية، لقد رأيتك عائد من رحلتك وعندما رفعت عن رأسك قبعتك وجدت شعرك تحول من لونه الأسود إلى اللون الرمادى."
ضحك اكزينوف مرة أخرى قائلا انها اشارة حظ جيدة، انتظرينى إلى أن أبيع كل بضاعتى وسأشترى لكِ هدايا رائعة من فير."
-وبالفعل ودع أكزينوف عائلته وذهب فى طريقه.
عندما وصل إلى منتصف الرحلة ، قابل اكزينوف أحد أصدقائه التجار، وقررا أخذ استراحة ووضعا أمتعتهم فى نزل صغير لقضاء الليلة به.
تناول أكزينوف أقداح من الشاى مع زميله التاجر، ثم ذهب كلا منهم لينام بغرفته.
لم يكن من عادة اكزينوف النوم متأخرا وكان يأمل فى أن يسافر قبل أن تزداد حرارة الشمس ولذلك أيقظ سائقه فجرا ليستعدا للرحيل.
خرج أكزينوف للباحة الخلفية للنزل حيث ينام صاحب النزل ليدفع له اجرة الليلة، وخرج مسرعا عندما قطع مسافة خمسة وعشرين ميل ، توقف لإطعام الخيول.
فجأة انطلقت عربة تصدر أجراس رنين معينة، ترجل منها ضابط يتبعه جنديان، تقدم الضابط إلى أكزينوف وبدأ فى استجوابه،سأله بهدوء من أنت؟ ومن أين أتيت؟
أجابه أكزينوف بالكامل عن كل ماطرحه وقال له: " أترغب فى تناول الشاى."
لكن المسئول استمر فى استجوابه
وسأله أين قضيت الليلة الماضية؟
هل كنت بمفردك أم مع تاجر زميل؟
هل رأيت التاجر الآخر هذا الصباح؟
لماذا غادرت الفجر؟
اجابة أكزينوف عن جميع اسئلته ولكنه أخبره لماذا تعاملنى وكأننى لص؟ أنا أسافر فى رحلة عمل خاصة ولا أرى أى داعى لهذا الإستجواب!
أجابه المسئول أستجوبك بصفتى ضابط الشرطه الخاص بهذه المنطقة، ولأن التاجر للآخر وُجد مقتولا هذا الصباح ويجب تفتيش أغراضك الشخصية على وجه السرعة، فكك الجنود أمتعة أكزينوف وتم تفتيشها بالكامل،وفجأة!! أخرج الضابط سكينا ملطخا بالدماء مدفون وسط أغراضه.
ارتبك اكزينوف وشعر بالخوف الشديد، سأله الضابط كيف وُجد هذا الدم على سكينك الخاص، حاول أكزينوف الإجابة ولكنه لم يستطع أن ينطق بكلمة واحدة وتمتم قائلا:" أنا - لا أعرف- هذا ليس لى."
قال الضابط :" لقد فضحتك تعابير وجهك" أخبرنى كيف قتلته؟ وكم من المال سرقت؟.
اقسم أكزؤنوف أنه ليس سارق أو قاتل وأنه لم يرى زميله التاجر بعدما تناول معه الشاى بالأمس، وانه يمتلك ثمانى ألف روبل من ماله الخاص ، أمر قائد الشرطه بتقييد أكزينوف ووضعه بعربة الشرطة وتمت مصادرة أمواله ونقله إلى أقرب سجن لأقرب بلدة مجاورة.
قام المحققون بالإستفسار عن حياة فلاديمير فى بلدته فشهد البعض على إفراطه الأخير فى تناول الشراب
ومن ثم تم إلصاق التهمة كاملة ضد أكزينوف عندما علمت زوجته بالأمر أُصيبت بالذهول التام، وذهبت لزيارة زوجها حاملة الطفل الصغير على كتفها والآخر يسير بجوارها.
فى بادئ الأمر لم يسمح لها بزيارة زوجها إلى أن قدمت الزوجة استئناف لحاكم البلدة لزيارة زوجها وبالفعل قوبل بالموافقة، وعندما رأت زوجها مقيدا جنبا إلى جانب القتلة والمجرمين مرتديا بدلة السجون ، سقطت مغشية لمدة طويلة وبعد أن استفاقت جلست بجوار زوجها
تسأله:" أخبرنى الحقيقة ياعزيزى ألم تكن أنت الفاعل؟"
اجهش أكزينوف فى البكاء وأخبرها حتى أنتِ شككتى بأمرى
ردت الزوجة سنقوم بالإستئناف وإلتماس العفو لرجل شريف مثلك عند حاكم البلدة .
عندما غادرت الزوجة ردد أكزينوف
قائلا :" لقد اشتبه الجميع بأمرى حتى زوجتى، الله وحده يعلم الحقيقة، وعلى الإستئناف إليه فقط، وأقلع بالفعل عن أى أمل آخر أو توسل وإلتماس لأحد غير الله وبدأ يصلى لإظهار الحقيقة"
حُكم على أكزينوف بالجلد وإرساله بعيدا إلى المناجم وتم جلده بالسوط حتى جُرح جسده وعندما تعافت جروحه تم ارساله إلى سيبيريا مع باقى المتهمين.
عاش أكزينوف سته وعشرين عاما بالسجن وسط المجرمين حتى تحول شعره إلى اللون الرمادى وغزا الشيب لحيته بالكامل، أصبح قليل الكلام قل مرحه وهزله، يمشى بصعوبة محنى الظهر ، كثير الصلاة والإنعزال.
تعلم هناك أكزينوف حرفة الإسكافى وكسب منها بعض المال والذى مكنه من شراء كتاب يدعى "حياة القديسين"
وكان يقرأه فى تلك الأوقات التى يتسرب قليل من الضوء إلى زنزانته ، أو فى أيام الآحاد بالكنيسة حيث يستمع إلى دروس العبادات ،ويغنى فى جوقة الكنيسة حيث لازال يملك هذا الصوت العذب كالأيام الخوالى.
لقد نال أكزينوف احترام السلطات بالسجن نظرا لوداعته وأخلاقه ، وأحبه الآخرون وأطلقوا عليه لقب الجد أو القديس.
عندما يريد أحدهم أن يقدم أى إلتماس لإدارة السجن كان يتقدم بأسم أكزينوف حتى يتم قبوله، وإذ دارت أى من المشاجرات بين السجناء يعود الجميع لأكزينوف لحل النزاع والأخذ برأيه ويأتون إليه لتصحيح مسار بعض الأمور.
قضى أكزينوف مدة طويله بالسجن لا يعلم عن أولاده أو زوجته أى أخبار أو تفاصيل ، وذات ليلة قدمت عصابة جديدة إلى السجن إلتف حولهم باقى السجناء ليسألوهم عن تفاصيل بلداتهم وأسباب القدوم بهم إلى هنا.
جلس أكزينوف ليستمع بإحباط إلى قصص المساجين الجدد ، حتى تحدث أحدهم يدعى ماكار قادم من بلدة فلاديمير فسأله أكزينوف باهتمام هل سمعت عن تجار فلاديمير هل تعلم عن تاجر يدعى اكزينوف؟
فأجابه ماكار نعم أعلم عن أسرة أكزينوف انهم أغنياء ولكن والدهم مُدان بالحكم فى سبيبريا أيها الجد.
أما أنت ياجدى كيف أتيت إلى هنا ، تنهد أكزينوف وقال بسبب خطاياى قضيت من العمر سته وعشرين عاما.
ماهو ذنبك؟ سأل ماكار أكزينوف لم يجبه ولكن اجابه رفاق السجن عن قصة أكزينوف
فانتفض ماكار وصفع ركبتيه وقال:" كم هذا غريب أن ألتقى بك هنا، ولكن كم عمرك الآن ياجدى؟ "
تسائل البقية عن اندهاش ماكار لرؤية اكزينوف وسألوه هل تعرف أكزينوف مسبقا؟ ولكن ماكار لم يجبهم إلا أنه أمر رائع أن نلتقى هنا جميعا ياشباب.
تحدث أكزينوف إلى ماكار قائلا:" لماذا أصبت بالدهشة عند معرفة قصتى؟ هل تعلم من القاتل؟ فرد ماكار بإستخفاف بالطبع أنه من وضع لك السكين بأمتعتك، ومن سرق الأموال أيضا، كيف يمكن لشخص أن يضع السكين تحت رأسك وأنت نائم كان بأمكانه بالطبع أن يوقظك.
شعر أكزينوف بداخله أن هذا الشخص هو القاتل الذى قتل التاجر تلك الليلة وظل مستيقظا طوال الليل متذكرا زوجته وأطفاله وكل شئ حرم منه ، تذكر ليلة عزفه الجيتار والقبض عليه بتهمة لم يرتكبها، تذكر ليلة جلده والجلاد والواقفون حوله.
شعر بأنه يريد الإنتقام الحق من ماكار ولكنه تمالك اعصابه وظل يردد صلواته طوال الليل.
ظل على هذه الحال لمدة اسبوعين لا يجد السكينة نهارا ويردد الصلاة ليلا ، ولم يعرف النوم اثناء الليل ، كان بائسا جدا ولا يعرف مالعمل.
وفى أحدى الليالى عندما كان يتجول ليلا ، وجد اكزينوف بعض التراب يتدحرج تحت قدمه مكان أحد الأرفف التى ينام عليها السجناء.
فظهر ماكار مرتعدا وقال له :" أنه حفر حفرة فى أرض السجن وكان يفرغ الرمال بحذائه فى اثناء ترحيلهم من مكان لآخر، وعليه أن يكتم السر حتى نخرج جميعا من هنا."
" عليك الصمت أيها العجوز حتى نستطيع جميعا الهرب، وإذا أبلغت عنى سيتم جلدى حتى الموت ولكن قبلها سأقبض روحك."
علم الضباط والمسئولين بهذا الأمر وجاء الحاكم ليستجوب الجميع وقام بإستدعاء أكزينوف نظرا لأنه الشخص الوحيد من بينهم لن يكذب وسيخبرهم بالحقيقة كاملة.
التفت الحاكم إلى اكزينوف قائلا:" أخاطبك لأنك عادل، وعجوز صادق أخبرنى من قام بحفر هذا النفق؟"
ارتجفت شفتاى أكزينوف ولم ينطق بحرف واحدا لمدة طويلة.
ساورته نفسه أن يُفسد حياة الشخص الذى أفسد حياته وانهاها تماما ، ولماذا يبقى السر تجاه هذا البغيض الذى قضى على عمره وافناه فى سجن لمدة سته وعشرين عاما من الألم والوحدة!
ولكن إذا أخبرتهم الحقيقة وتم قتله من الممكن أن أكون مخطئا بحقه .
قال اكزينوف لن استطيع أن اجزم بأى شئ سيادة الحاكم وها أنا أمام يديكم فلتفعل بى ماتشاء.
فى هذه الليلة العصيبة استلقى أكزينوف فى مرقده ممددا ، وإذ فجأة طل فى الظلام خيال شخص واقترب من سريره وجلس بجواره ،وتعرف عليه فأنه ماكار
فقال له أذهب بعيد ماذا تريد منى اذهب وإلا أبلغت الحراس.
انحنى ماكار على مقربة منه وقال:" سامحنى إيفان ديميرتش."
فرد أكزينوف على ماذا؟
قال له :" أنا من قتلت التاجر تلك الليلة وأخفيت السكين بين أشيائك ، وقصدت قتلك أيضا ولكن الضوضاء بالخارج منعنتى وهربت بسرعة من المكان.
لم يجد اكزينوف مايسعه من القول ولا يعرف ماذا يفعل الآن!!
انحنى ماكار مرة أخرى وانزلق تحت قدميه وقال سامحنى!..أغفر لى!.. من أجل الله فلتسامحنى
رد أكزينوف قائلا:" اننى عانيت طيلة الست وعشرين عاما! أين سأذهب الآن ؟ ماتت زوجتى ولم يعد يعرفنى أبنائي وانقضت حياتى! لا أملك مكان أذهب إليه.."
ضرب ماكار رأسه بالأرض مرددا سامحنى!
أنا تعيس أرجوك سامحنى من أجل المسيح
وبكى ماكار وبكى معه أكزينوف كثيرا..
قال اكزينوف:
" سوف يسامحك الله"
"ربما أنا اسوأ منك مائة مره"
وعندما قال أكزينوف تلك الكلمات انقطع شوقه إلى الوطن، ومات حنينه إلى الذهاب لأى مكان ولم يعد يرغب فى مغادرة السجن مرة أخرى ، بل وشعر بأن النور نما إلى قلبه بعد أن حل محله الظلام.
وتمنى أن تأتى ساعته الأخيرة.
وبالرغم مما قاله أكزينوف لماكار إلا أنه اعترف بالذنب وأسقط جميع التهم عن أكزينوف وعندما حلت ساعة اطلاق سراحه من السجن، كان أجله قد حان أيضا وقضى نحبه فى نفس توقيت الحكم!!!
تمت
Bei Facebook anmelden
Melde dich bei Facebook an, um dich mit deinen Freunden, deiner Familie und Personen, die du kennst, zu verbinden und Inhalte zu teilen.
www.facebook.com