المكّي الهمّامي- عيون قدس

(إلى ابنتي الصّغرى)

1

سأحتاجُ قافِيَةً مِنْ جُنون..
تَقافَزُ نَشْوانَةً كالغَزالَةِ،
بَيْنَ التَّفاعيلِ،
كَيْما أَقولَ لَكِ، الْآن،
ما قالَ نايُ الحَنين
لرَمْلِ الصَّحاري البَعيدات،
وما قالَ عُشْبُ الجِبالِ العَصِيَّات
للنَّبْعِ..
[لا شَيْءَ يُشْبِهُ شَعْرَكِ..
لا شيءَ يُشْبِهُ بَسْمَتَكِ العسلِيَّةَ،
–وَهْيَ تُطَبِّبُ جُرْحَ الأُبُوَّةِ–
لا شَيْءَ يُشْبِهُ
ما في قَرارِ العُيونْ..!]

2

سأحتاجُ كلَّ اللُّغات،
[وأكثرَ..!]
كي أشرَحَ الاِسْتِعارَةَ في نِظْرَةٍ،
هِيَ أدهشُ من فِضَّةِ الاِسْتِعارات،
أبعدُ مَعْنًى من الماءِ،
في سيرَةِ النَّهْرِ يَمْضي..
وأكبَرُ من كُلِّ هَذي اللُّغات،
وإنْ جُمِّعَتْ،
لُغَةً،
لغةً،
مِنْ مَظَانِّ المُتُونْ..

3

سأحتاجُ
جَيْشًا من الكَلِمات،
وسُورًا قَدِيمًا مِنَ الصَّلَوات،
وبَيْتًا من الشِّعرِ، حُرًّا،
كَما أَشْتَهي دائِمًا،
وأَسِيرَ غِنائِيَّةٍ فَذَّةٍ
لا يُلامِسُ إيقاعَها
غَيْرُ عازِفِ جِيتارَةٍ عاشِقٍ
[هل تُصِيخُونَ، مِثْلي،
إلى صَوْتِ جِيتارَةٍ قادِمٍ
من جِنانٍ مُعَلَّقَةٍ في المَدَى..؟!؟]
كَيْ أُوَضِّحَ لِلْكَوْنِ، وَهْوَ يُسائِلُني،
سِرَّ هذا الفُتُون، وسَرَّ الصَّبَاحِ
الْمُخَبَّإِ بَيْنَ ظِلالِ الجُفونْ..!

4

سأحتاجُ عُزْلَةَ أَهْلِ التَّصَوُّفِ..
تَغْريبَةً في الفَيَافي،
هِلاَلِيَّةَ الاِمْتِداداتِ،
كَيْ أَتَأَوَّلَ ضِحْكَةَ عَيْنَيْكِ،
وهْيَ تَقُولُ: أُحِبُّكَ، يا أَبَتي..
وتُتَمْتِمُ لي: قَسَمًا بِالدَّمِ المُتَدَفِّقِ
في عُمْقِ أَوْرِدَتي، سأَكُون،
كما شِئْتَ لي أَنْ أكون،
كما كُنتَ تَحْلُمُ بي، أَبَدا:
* وَرْدَةً، في جَبينِ الحقيقَةِ، مُشْرِقَةً..
* فِكْرَةً صُلْبَةً، في زَمانِ التَّخاذُلِ،
صادِقَةً لا تَخُون، وإِنْ حَاصَرَتْها
لَيالي السُّجُونْ..!

5

سأحتاجُ ضَرْبًا من السِّحْرِ/
جَمْرَ الكهانَةِ/ تعويذَةَ الأَوَّلِين/
سَماءً تُعَلِّمُني أَبْجَديَّةَ وَجْهِكِ،
حَتَّى أُتَرْجِمَ
ما قالَتِ العَيْنُ لي، بَغْتَةً
[حينَ كنتُ أُعَدِّلُ زاويَةَ الكاميرا،
لاقْتِناصِ السَّعادَةِ في صورَةٍ..]

وسأحتاجُ، في التِّيهِ،
أخطَرَ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ: مُعْجِزَةً،
رُبَّما،
كَيْ أُفَسِّرَ للطَّيْرِ،
وهْو يُحَلِّقُ في الأُفْقِ:
* خِفَّةَ روحِكِ..
* أجراسَ صوتِكِ..
* رفرفةَ النّورِ في خُصُلاتِكِ،
وهْيَ تَطايَرُ حُرِّيَّةً غَضَّةً،
وسَلاما من الصَّحْوِ،
خلْفَ اخْضِرارِ الغُصونْ..!


شعر/ المكي الهمامي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...