غياث المرزوق - هُنَاكَ، هُنَالِكَ بَعْدَ ٱلْسَّمَاءِ مَا بَعْدَ ٱلْأَخِيرَةِ -1- «اَلْبَدْأَةُ»

وَأَوَّلُ كُلِّ بِدَايَةٍ جَدِيدَةٍ، أَوَّلُهَا،
/... بِالأَحْرَى،
لا يَهْتَلُّ، لا يَهْتَلُّ، إِلاَّ مِنْ آخِرِ
بِدَايَــةٍ أُخْرَى!
سينيكا

(1)

– «اَلْبَدْأَةُ» –

قَالَتْ لَهُ:
«إِنَّ أَجْمَلَ شَيْءٍ عَلى هٰذِهِ الأَرْضِ،
أَنْ تَتَعَلَّمَ فَنَّ الرَّحِيلِ عَنِ الذَّاتِ،
كَيْمَا تُذَوِّتَ ذَاتَكَ فِي وَاحَةِ الاِنْتِمَاءْ.
وَهٰذَا التَّعَلُّمُ لا يَتَأَقْلَمُ إِلاَّ شَهِيدًا،
صَهِيدًا،
بِأَتُّونِ عُزْلَتِكَ المُسْبَكِرَّةِ عَنْكَ،
وَعَنْ هَاجِسٍ بِالأُفُولِ سَوَاءً سَوَاءْ».

قَالَ لَهَا:
«إِنَّ العُزْلَةَ رَائِعَةٌ، حَقًّا.
فِي حَضْرَتِهَا نُرْهِفُ أَسْمَاعَ المَرْئِيِّ
إِلَيْنَاْ،
وَإِلى مَا تَنْبِسُ أَفْوَاهُ اللَّامَرْئيِّ بِهِ، أَيْضًا،
مِنْ مَبْنىً أَوْ مَعْنَىْ.
لٰكِنَّكِ تَحْتَاجِينَ إِلى إِنْسٍ لِيَقُولَ مِرَارًا:
إِنَّ العُزْلَةَ رَائِعَةٌ، حَقًّا».

***

/... وَهَا هِيَ الأَرْضُ،
بَعْدَ أَنْ ضَاقَتْ بِهِمْ في مَهْمَهِ الحَشْرِ،
مَالَتْ وَاسْتَمَالَتْ، وَمَا بَرِحَتْ تَقُولُ:
«لَيْسَ لِأَجْسَادِكُمْ سِوَى أَنْ تَخْذِفَ أَعْضَاءَهَا
/... خَذْفًا
لِكَيْ تَمُرُّوا، كَمَا الصُمِّ، فُرَادَى،
أَوْ زَرَافَاتٍ،
/... أَوْ حَتَّى مَأْتُونَاءَ وَحْشِيَّةً،
مَأْتُونَاءَ شَوْصَاءَ عَوْصَاءَ، بَلْ بَرْصَاءَ
عَنْ تَضَوٍّ
وَكَيْ تَمُرُّوا كَمَا البُكْمِ، كَذٰلِكَ،
عَنْ تَـرَوٍّ
وَعَنْ تَغَوٍّ
مِثْلَمَا تَمُرُّ أَرْتَالُ الزَّوَاحِفِ المُرْدِ وَالدُّرْدِ
/... والجُرْدِ، مُرْتَاعَةً،
/...
مِنْ هَا هُنَا،
مِنْ مَكَانٍ هَامِشٍ، هَامِسٍ، دَامِسٍ:
/... هَامِشٍ
تَتَعَاوَرُهُ الرِّيحُ كَرِيشِ الدَّجَاجِ المُيَمَّمِ
بِالعَجَاجِ
وَتَعْتَرِيهِ الفُصُولُ
فَلا حَيِّزٌ، إِذَنْ، لِلرَّغَائِبِ جَائِشَةً
أَيَّمَا جَيْشٍ،
وَجَيْشٌ مُتَدَجِّجٌ بِآلاتِ الحِمَامِ يُمَارِسُ
عَادَتَهُ
وَيَهْبِشُهُ الفُضُولُ
/... هَامِسٍ
مِنْ مُحَاقِ القَمْحِ المُسَمَّمِ، حِينَ المُحَاقُ
ﭐلْمُسْتَحَاقُ
يَصُولُ وَلا يَصُولُ
وَلا حَيِّزٌ، إِذَنْ، لِلرَّكَائِبِ طَائِشَةً
أَيَّمَا طَيْشٍ،
وَطَيْشٌ مُتَأَجَّجٌ بِهَالاتِ السُّحَامِ يَشُلُّ
إِرَادَتَهُ
وَيَنْهَشُهُ الذُّبُولُ
/... دَامِسٍ
مِنْ صُرَاخِ الصَّخْرِ المُزَمَّمِ، حِينَ الصُّرَاخُ
ﭐلْمُسْتَصَاخُ
يَجُولُ وَلا يَجُولُ»

***

دبلن،
شباط (فبراير) 2002

/ عن الحوار المتمدن

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...