تقلّبت الأرملة نرجس ( 40 عاما ) على جمر فراشها في اللية الفائتة، وما أن طّر الفجر، حتى لبست عباءتها، وأتجهت الى المكان الذي تهفو نفسها إليه، كي تخمد حرائق روحها، ولما وصلت الى الصحراء حيث يرقد زوجها، حتى بدأت خيوط الشمس تغسل بياض وجهها الجميل، لكن لا حركة للناس في هذا المكان البعيد عن المدينة، الكل منشغلون بقوت يومهم، التي قشفها الحصار الدامي .. وحده المخبل عنّيد، يعلس تمرا يابسا، كان مقبلا من أعماق الصحراء، ولما شاهدها، أقترب منها، ثم ضحك ضحكته البليدة التي تحبها، وقال لها " اجي وياج " .. توقفت، ثم نظرت إليه بمودة، بعدها قالت له " تعال " ..
يمشي أمامها عنيد، مشيته التي ينحني فيها على الجهة اليمنى بايقاع راقص، ثمة ألم في ساقه اليمنى لا يعرف متى حصل له، يلتفت لها بين حين واخر، يقدم لها تمرة يابسة، تشكره بحركة من رأسها يمنيا وشمالا، عنيد في الثلاثين من العمر ، كان شابا وسيما يتمتع بصحة جيدة قبل أن يصاب باللوثة العقلية في حرب ايران الطويلة، توقف عنيد عن المشي، وترك نرجس تسبقه، فأخذ يسير خلفها ويطلق عبارات لا تفهمها، " همه ما يمشون ، همه نايمين على كفاهم " مع ضحكة يغردها بحشرجة، " نلجس .. نلجس أنت كلش حلوة " لم تلتفت له ولا تعبأ به، بدأت تسرع خطاها، قبل أن تصعد الشمس من إفقها وتصبح بعدئذ عبارة عن مطر هائل من الجمر تصب لهبها على رأسها، أتسعت المسافة بينها وبين عنيد الذي أخذ يكرر عبارته المزعجة بصوت عال " همه ما يمشون، همه نايمين على كفاهم "، لا تعرف معنى العبارة، لكنها تشير الى الراقدين في ذلك المكان، سمعته يقول " نلجس نلجس نلجوسي .. " ألتفتت إليه، " اسمي نرجس مو نلجس " أقترب منها وكاد يضع يده على مؤخرتها الكبيرة خلف العباءة، غير أن نرجس بحدسها الذي لايخطئ، أدركت أن أفضل طريقة لتجنبه، بترك مسافة بينها وبينه، وقد شعرت بالسوء من هذه الرفقة الصعبة.
ولما وصلا الى حفرة كبيرة في إعماق الصحراء، وقفت نرجس تتأمل التراب، ثم وقف عنيد بجانبها ينظر الى عينيها اللتين أغرورقتا بالدموع، بعدها جلست تنتحب وهمست " ليش عفتني وحدي "، جلس بجانبها عنيد ، " انت مو وحدك، آنا وياك .. همه ما يمشون، همه نايمين على كفاهم " لصق فخذه بفخذها وهو يرمي نواة التمر على الحفرة الكبيرة، قالت له بعصبية " شتسوي ..؟ " ضحك وقال لها " حتى لمن تمطل ( تمطر ) الدنيا وتصير نخلة هنا ناكل منها تمل ( تمر )"، وضع القليل من التمر في وسطها، ولامست أصابعه منطقتها الحساسة، فتورد خداها، كانت هناك موسيقى كونية تعزف ألحانها في تلك اللحظات داخل جسد نرجس، عاد عنيد الى ملامستها مرة آخرى من ظهرها نزولا الى مقعدها، وهو يضحك " انا وياك، كل جماعتي المخابيل وياك " ثم ضحك وهو مازال يعلس تمرة، لم تمنعه من الملامسة، فهي تعتبره لاشيء، مجرد كائن أخرق ضاعت بوصلة حياته بسبب الحروب، ولما وجد إنها لا ترفض ملامستها، مد بوزه اليها يريد ان يقبلها من خدها ، عندئذ، بدأت تهتز الارض التي كانت تنظر إليها نرجس، تهتز وتربد، ثم أنشقت فخرجت منها ذراع، وبعد الذراع خرجت كتفا شاب، وبعد الكتفين خرج رأس أحد المدفونين فيها، ومن جهة آخرى، خرجت كتفان آخران ورأس ، وبدأت الارض تنشق عن العديد من الاجساد ، ومن بينهم زوجها، كاد قلبها يطفر من اضلاعها لمشاهدة زوجها يخرج من المقبرة الجماعية التي دفن فيها أثناء الانتفاضة الشعبانية، خاف وذعر عنيد من أشكال الموتى الذين خرجوا من القبر معفرين بالتراب،لا يعرف لماذا خرجو ا يبتسمون، مسكها من ذراعها وساعدها بالنهوض، فهي تريد أن تشبع من رؤية وجه زوجها، وبدأ عنيد يسحبها إليه، ثم أخذ يسبقها، وهي تمشي خلفه خائفة، كل المدفونين خرجوا يسيرون بإتجاه المدينة خلف نرجس وعنيد، يسيرون ببطء شديد، ولما وصل عنيد ونرجس الى تخوم المدينة، بعد الركض والمشي السريع، شاهدت نرجس، كل آهالي المدينة قد خرجوا أيضا، يمشون باتجاههم، وهم يأكلون تمرا يابسا ويرمون النوى في الحفر، تعلوهم غبرة كبيرة، قال لها عنيد " هذوله مثلي يأكلون تمل "، وعبر أهل المدينة نرجس وعنيد واتجهوا الى الصحراء يستقبلون الموتى الذين خرجوا من قبورهم، وهم يرمون النوى في كل مكان .
يمشي أمامها عنيد، مشيته التي ينحني فيها على الجهة اليمنى بايقاع راقص، ثمة ألم في ساقه اليمنى لا يعرف متى حصل له، يلتفت لها بين حين واخر، يقدم لها تمرة يابسة، تشكره بحركة من رأسها يمنيا وشمالا، عنيد في الثلاثين من العمر ، كان شابا وسيما يتمتع بصحة جيدة قبل أن يصاب باللوثة العقلية في حرب ايران الطويلة، توقف عنيد عن المشي، وترك نرجس تسبقه، فأخذ يسير خلفها ويطلق عبارات لا تفهمها، " همه ما يمشون ، همه نايمين على كفاهم " مع ضحكة يغردها بحشرجة، " نلجس .. نلجس أنت كلش حلوة " لم تلتفت له ولا تعبأ به، بدأت تسرع خطاها، قبل أن تصعد الشمس من إفقها وتصبح بعدئذ عبارة عن مطر هائل من الجمر تصب لهبها على رأسها، أتسعت المسافة بينها وبين عنيد الذي أخذ يكرر عبارته المزعجة بصوت عال " همه ما يمشون، همه نايمين على كفاهم "، لا تعرف معنى العبارة، لكنها تشير الى الراقدين في ذلك المكان، سمعته يقول " نلجس نلجس نلجوسي .. " ألتفتت إليه، " اسمي نرجس مو نلجس " أقترب منها وكاد يضع يده على مؤخرتها الكبيرة خلف العباءة، غير أن نرجس بحدسها الذي لايخطئ، أدركت أن أفضل طريقة لتجنبه، بترك مسافة بينها وبينه، وقد شعرت بالسوء من هذه الرفقة الصعبة.
ولما وصلا الى حفرة كبيرة في إعماق الصحراء، وقفت نرجس تتأمل التراب، ثم وقف عنيد بجانبها ينظر الى عينيها اللتين أغرورقتا بالدموع، بعدها جلست تنتحب وهمست " ليش عفتني وحدي "، جلس بجانبها عنيد ، " انت مو وحدك، آنا وياك .. همه ما يمشون، همه نايمين على كفاهم " لصق فخذه بفخذها وهو يرمي نواة التمر على الحفرة الكبيرة، قالت له بعصبية " شتسوي ..؟ " ضحك وقال لها " حتى لمن تمطل ( تمطر ) الدنيا وتصير نخلة هنا ناكل منها تمل ( تمر )"، وضع القليل من التمر في وسطها، ولامست أصابعه منطقتها الحساسة، فتورد خداها، كانت هناك موسيقى كونية تعزف ألحانها في تلك اللحظات داخل جسد نرجس، عاد عنيد الى ملامستها مرة آخرى من ظهرها نزولا الى مقعدها، وهو يضحك " انا وياك، كل جماعتي المخابيل وياك " ثم ضحك وهو مازال يعلس تمرة، لم تمنعه من الملامسة، فهي تعتبره لاشيء، مجرد كائن أخرق ضاعت بوصلة حياته بسبب الحروب، ولما وجد إنها لا ترفض ملامستها، مد بوزه اليها يريد ان يقبلها من خدها ، عندئذ، بدأت تهتز الارض التي كانت تنظر إليها نرجس، تهتز وتربد، ثم أنشقت فخرجت منها ذراع، وبعد الذراع خرجت كتفا شاب، وبعد الكتفين خرج رأس أحد المدفونين فيها، ومن جهة آخرى، خرجت كتفان آخران ورأس ، وبدأت الارض تنشق عن العديد من الاجساد ، ومن بينهم زوجها، كاد قلبها يطفر من اضلاعها لمشاهدة زوجها يخرج من المقبرة الجماعية التي دفن فيها أثناء الانتفاضة الشعبانية، خاف وذعر عنيد من أشكال الموتى الذين خرجوا من القبر معفرين بالتراب،لا يعرف لماذا خرجو ا يبتسمون، مسكها من ذراعها وساعدها بالنهوض، فهي تريد أن تشبع من رؤية وجه زوجها، وبدأ عنيد يسحبها إليه، ثم أخذ يسبقها، وهي تمشي خلفه خائفة، كل المدفونين خرجوا يسيرون بإتجاه المدينة خلف نرجس وعنيد، يسيرون ببطء شديد، ولما وصل عنيد ونرجس الى تخوم المدينة، بعد الركض والمشي السريع، شاهدت نرجس، كل آهالي المدينة قد خرجوا أيضا، يمشون باتجاههم، وهم يأكلون تمرا يابسا ويرمون النوى في الحفر، تعلوهم غبرة كبيرة، قال لها عنيد " هذوله مثلي يأكلون تمل "، وعبر أهل المدينة نرجس وعنيد واتجهوا الى الصحراء يستقبلون الموتى الذين خرجوا من قبورهم، وهم يرمون النوى في كل مكان .