تهامة رشيد - ماركو بولو..

عندما يرتفع درب الكورنيش بنا وقبل الوصول للعقدة الطرقية المشرفة على البحروالمينا والتي تظللها كنيسة اللاتين بحنيتها
ينزوي إلى اليسار مقهى(ماركوبولو)
وهناك يعمل البني حبيبها
تدلف المقهى، ليلتقيا تحت الدرج الدائري، وآه
لا يمكنها نسيان قبلاته الباكية.
سفَر شفتيها بين شفتيه لم تصفه لارواية عشق ولا فيلم أبيض وأسود
حمرتها النهدية المتلائمة مع ثيابها الخمربة، نحولها ،ورشاقتها،وكل مافيها كان يقبّل ذلك الوجه التعيس للأشقر البني الذي سقط شعره باكراً لكثرة الهم.
تذكرت ذلك اليوم المشهود..
لقد أقنعَت أمها بان تطبخ لهذا الرفيق الغريب الوحيد ..
وأذعنت الأم ..
وركضت هي بحملها وحلمها إلى غرفته المستأجرة...
وأطعمته ..
ووصل صراخهما للطريق
فطريق الحب ملتو
ورغم كل ذلك الصراخ (الذي جمع اجيرانه المستطلعين)
أغمضت عينيها لتتخيل شبيهه المشتهى
وأغمض عينيه، ليتخيل تلك الزهراوية ابنة بلده
وظن كلّ منهما أنّ هذا هو الحبّ.
في ماركو بولو صالحته (بعد اليوم المشهود الذي جمع الجيران) وقبّلته طويلا وانتظرت منه وعداً بالزواج القريب،او العمل
لكن ذلك انقلب عليهما ،فهو تعيس ولا يجد عملاً مناسباً،يقبّلها في الصباح ويشتمعا في النساء ،لقد أضاع بوصلته،شخصيتها القوية ،جمالها،مبادراتها حتى في السرير..
كان هذا يرعبه. أما هي المندفعة والمكبوسة بالاحلام،فظلت تركض إليه وتنسك يده لتعبر به فوق سرير الأحلام، تنام تحته وتتفنن في الابقاء على عذريتها...وترتعب في حال الشك بفقدانها...
علاقتهما المتوترة،ماضيهما المتشابه،رغم البعد الجغرافي،كركبته الواضحة من الخلاف الطائفي والتحرر الزائد ..واهم شيء كونه تلقفها بعد قصة حب فاشلة وحملها ليغريها بان لديه الأفضل،لكنه لم ينس تسديد اللكمات للعشيق السابق..ووصلت بينهما لحد انها قامت هي بتفريقهما وضرب الاثنين،والآن وبعد شهرين عسليين مع كل توتراتهمابدأ مواله.بالنق.....ثم ضربها كف ،ردت عليه بكفين مع أن طعم لعابه في فمها لازال طريا،ومسحت ماتبقى من حمرتها،وهربت راكضة مع كتبها لتصل حديقة البطرني، حيث جلست تستريح وتبكي بصوت مسموع..لحقها لكنها كانت مفجوعة،
لذا صرخت بالناس بأنه غريب يعتدي عليها،ونظرت إليه بوقاحةوشماتة،حيث تجمع شباب لينقذونها،كانت سعيدة بذلك الشعور الوحشي بأنهم سيضربونه وينتقمون لها.لكنه فاجأها بفك حزام بنطاله محاولا الدفاع عن نفسه وصارخا بالقطيع الوحشي الذي يقترب منه:هذه خطيبتي لا أحد يقترب ،وانفك الحشد،وأنكرت هي معرفتها به..وفكّرت بالهروب:انا مابدي ياك بيكفيني بكي وحزن.وتركته يجتر هزائمه،.وذهبت لبيت أخيها لتحجز باليوم التالي إلى دمشق.
هنا في اللاذقية كانت وحيدة وتائهة،ومحطمة.
تحب علاقتها به وتكره ازماته..
لقد كانا شهرين مريرين من التخبط.
لا بد انها لم تتخلص تماما من حبها الاول ،كذلك وضع البني فهو لم يتخلص من ثقل تلك الفتاة.
في السرير لم يكن هو أجمل ماتخيلت وليس الجنس هاجسه كبقية الشباب الذين تعرفهم..ولكنه كان يثيرها ...ويستفز حيوانيتها
ولايبعد خيال من اشتهته مراراً في مراهقتها
وهذا الخيال هو ما أرادت التخلص منه،هذا الخيال الذي يقربها كلما تعرى الأدهم البني.
أصبحت تكره هذا الخيال لشد التصاقه بأحلامها ويقظتها.
هربت إلى دمشق ،حيث صديقها الأفضل،وعاشق أجسام الإناث،الذي نصحها بالتروي،ونسي وعده بالزواج.
قالت له:عندي امتحان تخرج مو وقت تروي
قال لها:انا أحبك اكثر منه قاطعته:لكنك مثله لاتقدر أن تتزوجني ستنبذك الأسرة والطائفة والمجتمع...جبان.
لم تعد تدري كيف ذهبت في اليوم التالي للامتحان حيث عادت إلى اللاذقية في الصباح الباكر بأول بولمان ودرست المادة على الطريق...
وكانت علامتها جيدة..
لم يدر دكتور المادة الذي عشقها بدوره
لم يدر مابها..وحاول استلطافها..لكنها انهزمت من امامه...وتقوقعت في الكتب.
بعد الامتحانات سمحت لنفسها بالانهياروالبكاء..لكن امام أصدقاءها فقط.
لا حظت امها-المخابرات- انها لم تعد تأتِ للبيت كثيرا
وقالت معاتبة:عند بيت أخوكي بترتاحي وعندي بتتعبي معقول؟
بعد مدةصالحت أمها.دون قناعة ولكن فقط للباقة الاجتماعية.وتخرّجت.مهندسة بدرجة جيدة. ونسيت ذلك البني.ونسيت كيف داعب اصابعها ومشاها على اوتار عوده الرائع في محاولة منه لم تكتمل ليعلمها العزف..
نسيت كيف غنى لها:وإن كان امل العشاق القرب ،انا املي في حبِّك هو الحب
وكل اغاني فريد والشيخ إمام بصوته المبحوح تأخذ شكلا آخر ويتغير بها اسم الحنين،ليصبح ولهاً ومرضا لاشفاء منه.
ونسيت كيف كتبت له:بحبك يالبنان..
........
بعد عشرين عاما حدثها أخوصديقها الذي وصفته يوما بالجبن،والذي تزوج متأخرا من إمراة تقليدية لايحبها ويخونها باستمرار (لكنها من بلده وطائفته)
حدثها قائلا:كيف البني؟هل تذكرينه؟ تزوج وحده من دينه وهو يذكركِ بالخير.هو الآن هنا في المهجر الاوروربي وزوجته رات صورتك ع الفيس وقالت انك جميلة...
قلت له:لقد اشفقتهلى نفسينا عندما كنا صغارا كم تقاتلنا وتضاربنا...
كانت علاقتنا متأزمة باستمرار وتوشك بالانفجار مثل هذه البلد..ولقد انفجرت.
لقد ظلمته أخيانا وظلمني ..وفرغنا عقدنا ببعض اشفق عليه وسعدت لانه يذكرني بالخير الحمد لله

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...