بت أتساءل لم تظل القلعة أعلى الجبل تثير كل تلك الحكايات ؟
جميع سكان المحروسة يخافون منها، جن أحمر يصرخ في عتمة الليل، تبدو خاوية!
هل ستبقى الأريكة دون أن يعتليها أتابك؟ تجري الخيول غير آبهة لما يدور في الحواري، نترقب موكبهم، يهتفون بحياة القادم شاهرا سيفه، أتسلل من بين الجموع، أبحث عن السلطان الذي يدخر كل الذهب لينثره عند بوابة المتولي، فقير لا أمتلك غير تلك البطن الخاوية، أحلم بأن أكون يوما مثله، يتنادون ليروا ركبه،؛ عاش !
قصور المحروسة تضاء فيها القناديل، لايهم من يعتلي الأريكة، يكفي أن يجد الحرافيش الرغيف وشربة الماء، ينامون في الأزقة؛ يتناسلون في الأشهر الحرم. كل هذه نعم تجلى بها ساكن القلعة التي تحوطها الجبال، يأتيه النهر كل يوم بالسمك المشوي، وتتهادى سفن تجري؛ له المجد، حاكم بأمره والعبيد أياد مسخرة!
تدور الساقية كل يوم بماء آسن، يستمرءونه، تنتفخ بطونهم، الديدان ترتع غير عابئة بفقر أو عجز، يتمسحون بمقام الطاهرة؛ لو يدرون كم تكره فيهم عجزهم عن دفع ابن سمية!
تربط أمي فمي بطرف ثوبي، تعلق مسبحة في رقبتي، تخاف علي من بطش جنود الوالي، اليتم عجز؛ والفقر ثياب تخاف منها الشمس، كل الأبواب تغلق على وهم، تلفح السياط وحوه الساكنين بوابة النصر، اعتاد الحرافيش أن يهتفوا لمن يعتلى أريكة القلعة. أبوابها ترمي بشر يضرب الأبواب السبعة، شارع المعز به سرداب يصل الغورية بباب الخلق؛ يقولون يسكنه المهدي المخفي منذ ألف عام، يتماوج الهلال معانقا مأذنة القلعة، قرون تلف المكان بغلالة من قهر.
تتقلب على مقاعد من جمر، لا تكف عن البهرجة؛ سريعة النسيان، ترتدي ثيابا مزركشة، دائما كانت أمي تقول: زينة المرأة حناء وخلخال وحلق.
جمعت البقايا، كتبت اسمي على ورقة بيضاء، ألقيت بها في مجرى العيون.
في كل حارة بصاص، ضمور أصاب الجياد؛ الأتابك يكره صهيلها، يتمنى أن تبقى خنثى.
مضت سنوات وأنا بباب القلعة أتسول حبات الفول النابت؛
فارس يطير بجواده؛ دم يتساقط أشبه بسيل، شيخ ينفى، الأتابك يمسك بسدة النهر؛ يبني القناطر، يوزع الخبز على دراويش السيدة.
حافيا أبدو بساقي الضامرة ظل رمح، يطردني الحرس، أتلصص على موكب السلطان؛ يقال إنه يركب جواده، يغرس رمحه في قلوب الصغار، ابنته خد التفاح، يسكن القمر في شرفتها؛ تزداد أحلامي ولعا؛ أن أسرق قلب ابنة السلطان!
نمت زمنا لست أحصيه، وجوه بيضاء وصفراء، امرأة شقراء، ضرب الزلزال أسوار قلعة الجبل، تساقطت أحجار بوابة المتولي.
والدراويش يعجزهم الوهم؛ يغوصون في جوف الأرض، استبد بهم الوهن.
لم أختف بين الصفوف، خرجت طالبا شربة ماء، قطط سوداء تلتفت، أتحين أن أرى ابنة السلطان، يقولون: وجهها كالبدر!
تهتز المحروسة، الطبول تدق، الحواة والدراويش في ساحة السيدة، الليلة الكبيرة؛ أم المساكين تجمع التائهين عن الطريق، أصوات المريدين تهز الميدان، يظل في قلعته يحصي خزائنه غير أنه عند مقام السيدة يهب الناس ما يحبون، تطوحت يمينا ويسارا، تتدلى عمامتي؛ درويش من أهل الله أمضي.
تنادي أم هاشم في جنبات المحروسة، يأتي طير أخضر؛ ينثر بقايا الحسين، دمه يعطر النهر، الفرات يطم على جانبيه، العاصي يجيب النداء؛ بردى يروي دمشق؛ النيل يعطف على المساكين.
يزهو بفعله؛ في ساحة المقام أصوات وابتهالات؛ فضل سيدنا؛ يتجمع الناس، كل واحد بماعون؛ الفول النابت بركة ومدد.
يفزع في نومه، يأتيه ثعلب له أذنان يشبهان مذراة القمح، يشبهان سيف ابن سمية، الدم يغطي فراشه، يتسلل درويش إلى حجرته؛ يعتلي الأريكة،يبحثون عمن يأتيهم بتأويل رؤاياه.
يأمر حاجبه بقتل الدراويش، يشيع النبأ في الأسواق، تتناثر الصغار في البر يشبع البحر، أتسلل إلى سرداب صاحب الزمان.
يخرج من باب القلعة نور، يظل الأتابك يحاصره، يسمل عيون الدراويش، يهتفون بمدد أم هاشم؛ يتساقط المطر، يتطوحون عراة؛ يدفع بهم المماليك جهة مجرى العيون، يسبحون حتى مطلع الفجر؛ يرتد إليهم طرفهم، يرون الشمس عروسا، أسمع عصفورا يزقزق، أخرج؛ ابنة الأتابك توزع على الدراويش ثيابا، تبحث عن فتى في خده شامة تشبه قرص الشمع، يأتونها بي، تربطني في جوادها؛ لكل سطوة قيد وسوط وعينا غزال تمرحان في وجه بنت الأتابك.
جميع سكان المحروسة يخافون منها، جن أحمر يصرخ في عتمة الليل، تبدو خاوية!
هل ستبقى الأريكة دون أن يعتليها أتابك؟ تجري الخيول غير آبهة لما يدور في الحواري، نترقب موكبهم، يهتفون بحياة القادم شاهرا سيفه، أتسلل من بين الجموع، أبحث عن السلطان الذي يدخر كل الذهب لينثره عند بوابة المتولي، فقير لا أمتلك غير تلك البطن الخاوية، أحلم بأن أكون يوما مثله، يتنادون ليروا ركبه،؛ عاش !
قصور المحروسة تضاء فيها القناديل، لايهم من يعتلي الأريكة، يكفي أن يجد الحرافيش الرغيف وشربة الماء، ينامون في الأزقة؛ يتناسلون في الأشهر الحرم. كل هذه نعم تجلى بها ساكن القلعة التي تحوطها الجبال، يأتيه النهر كل يوم بالسمك المشوي، وتتهادى سفن تجري؛ له المجد، حاكم بأمره والعبيد أياد مسخرة!
تدور الساقية كل يوم بماء آسن، يستمرءونه، تنتفخ بطونهم، الديدان ترتع غير عابئة بفقر أو عجز، يتمسحون بمقام الطاهرة؛ لو يدرون كم تكره فيهم عجزهم عن دفع ابن سمية!
تربط أمي فمي بطرف ثوبي، تعلق مسبحة في رقبتي، تخاف علي من بطش جنود الوالي، اليتم عجز؛ والفقر ثياب تخاف منها الشمس، كل الأبواب تغلق على وهم، تلفح السياط وحوه الساكنين بوابة النصر، اعتاد الحرافيش أن يهتفوا لمن يعتلى أريكة القلعة. أبوابها ترمي بشر يضرب الأبواب السبعة، شارع المعز به سرداب يصل الغورية بباب الخلق؛ يقولون يسكنه المهدي المخفي منذ ألف عام، يتماوج الهلال معانقا مأذنة القلعة، قرون تلف المكان بغلالة من قهر.
تتقلب على مقاعد من جمر، لا تكف عن البهرجة؛ سريعة النسيان، ترتدي ثيابا مزركشة، دائما كانت أمي تقول: زينة المرأة حناء وخلخال وحلق.
جمعت البقايا، كتبت اسمي على ورقة بيضاء، ألقيت بها في مجرى العيون.
في كل حارة بصاص، ضمور أصاب الجياد؛ الأتابك يكره صهيلها، يتمنى أن تبقى خنثى.
مضت سنوات وأنا بباب القلعة أتسول حبات الفول النابت؛
فارس يطير بجواده؛ دم يتساقط أشبه بسيل، شيخ ينفى، الأتابك يمسك بسدة النهر؛ يبني القناطر، يوزع الخبز على دراويش السيدة.
حافيا أبدو بساقي الضامرة ظل رمح، يطردني الحرس، أتلصص على موكب السلطان؛ يقال إنه يركب جواده، يغرس رمحه في قلوب الصغار، ابنته خد التفاح، يسكن القمر في شرفتها؛ تزداد أحلامي ولعا؛ أن أسرق قلب ابنة السلطان!
نمت زمنا لست أحصيه، وجوه بيضاء وصفراء، امرأة شقراء، ضرب الزلزال أسوار قلعة الجبل، تساقطت أحجار بوابة المتولي.
والدراويش يعجزهم الوهم؛ يغوصون في جوف الأرض، استبد بهم الوهن.
لم أختف بين الصفوف، خرجت طالبا شربة ماء، قطط سوداء تلتفت، أتحين أن أرى ابنة السلطان، يقولون: وجهها كالبدر!
تهتز المحروسة، الطبول تدق، الحواة والدراويش في ساحة السيدة، الليلة الكبيرة؛ أم المساكين تجمع التائهين عن الطريق، أصوات المريدين تهز الميدان، يظل في قلعته يحصي خزائنه غير أنه عند مقام السيدة يهب الناس ما يحبون، تطوحت يمينا ويسارا، تتدلى عمامتي؛ درويش من أهل الله أمضي.
تنادي أم هاشم في جنبات المحروسة، يأتي طير أخضر؛ ينثر بقايا الحسين، دمه يعطر النهر، الفرات يطم على جانبيه، العاصي يجيب النداء؛ بردى يروي دمشق؛ النيل يعطف على المساكين.
يزهو بفعله؛ في ساحة المقام أصوات وابتهالات؛ فضل سيدنا؛ يتجمع الناس، كل واحد بماعون؛ الفول النابت بركة ومدد.
يفزع في نومه، يأتيه ثعلب له أذنان يشبهان مذراة القمح، يشبهان سيف ابن سمية، الدم يغطي فراشه، يتسلل درويش إلى حجرته؛ يعتلي الأريكة،يبحثون عمن يأتيهم بتأويل رؤاياه.
يأمر حاجبه بقتل الدراويش، يشيع النبأ في الأسواق، تتناثر الصغار في البر يشبع البحر، أتسلل إلى سرداب صاحب الزمان.
يخرج من باب القلعة نور، يظل الأتابك يحاصره، يسمل عيون الدراويش، يهتفون بمدد أم هاشم؛ يتساقط المطر، يتطوحون عراة؛ يدفع بهم المماليك جهة مجرى العيون، يسبحون حتى مطلع الفجر؛ يرتد إليهم طرفهم، يرون الشمس عروسا، أسمع عصفورا يزقزق، أخرج؛ ابنة الأتابك توزع على الدراويش ثيابا، تبحث عن فتى في خده شامة تشبه قرص الشمع، يأتونها بي، تربطني في جوادها؛ لكل سطوة قيد وسوط وعينا غزال تمرحان في وجه بنت الأتابك.