محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - تقف وحدها

تقف وحدها
تتكئ على ظلها
تنفث سجائرها فيتصاعد مطر
وشيء من الحُلم البعيد
تحمل كتابها
وكأنها تحمل جنيناً غض البشرة والحُلم البنفسجي
والوعي الناقص في اوج جماله
تنفث سجائرها
كأنها تغربل الرئة ، من امواس
خدشت ذاكرة تلك الليالي الدافئة
كأنها قاب قيامة من الحساب
قاب خطوة من السقوط في هاوية الوقت
قاب جرح عن سماع صرخات الضماد من خلفِ نافذة طُرق
تسخر من العابرين
بأوراق الاشجار اليابسة
تقف
تجمع يديها ثم تبعثرها ورقاً من الاشعار ، والقصص الحزينة
وكأنها
تُعيد ترتيب الهواء
لكي تُهيئ زائراً عابرا يُسمى
" صرخة الماضي القديم "
سارت على الطُرقات
تتسول المشردين بعض البراغيث
والثياب مُفرطة الخدوش
تستفز الشتاء ، بالسير حافية فوق ذاكرة الغياب
تتأمل المارة
اراها من البعيد
من مدينة
تنام وحدها في فجوات الوقت
اراها من السراب بحراً يُجادل منطق الصحراء
حول الرمل
والصبار
وخطوات المارد النائم على بوابة التاريخ
تحشو الصباح
باغنيات سيئة الاخلاق
تلكز الوقت من المؤخرة حتى تقف الساعة
خارج مسارها وتمتحن التسكع في ارصفة المغادرين الى المجهول
ترقص بعينيها
بشعرها اسمر اللكنة
ترقص
حتى تستفز " تغيظ " اعين الغيب المحنطة في صدرها
صدرها يعلو و يهبط مثل وتر
شاخ صوته
او اصيب بضيق شرايين العزف
فانكسر ايقاعه
تمشي لتحصد
من رؤوس الصبية بقايا البارود
الحصى
اللغة البسيطة في الحوارات
الشجارات
تفتح زر البلوزة العلوي كأنها تغوي الشمس بالغياب
خلف تلالها السمراء
تغوي الوقت بأن ينزل ساريته
ليتركها
لذاكرة ما
سجينة ماضي كان له مذاق الورد حين يغرقه الندى
وتسير
كأنها تُحيك من الطريق
جلباباً
لتستر عورة المنفى في داخلها
كأنها
تُشعل برجلها
وبالغبار الدفء
لتفك التنمل عن اصابعيّ الشتاء
تمسح على ظهر النهر
لتشفي عظامه
تلك التي كسرتها خطوات السفن
تُعلم الاسماك كيفية النجاة
من مشاغبة الشباك
تُرتق رئة البحارة ليغنوا للبحر ، وللمراكب ، للجنيات
من جديد
يغنوا للرمل الذي يلهو على شرفة المرفإ المُحاصر بعشاق شاخت مقاعدهم
في انتظار قُبلة لم تولد سوى في مخيلة اللحظة
وتمضي خفيفة
كظل غيمة
مُصابة بلعنة الترحال
ترى الغائب في الوجوه
تكشط وجوه العابرين من حولها
تبكيه صمتاً
ودخاناً
من الوجع المميت
تبكيه ركضاً
بينها
وبين ذاكرة لم تمت لكي تبعث من جديد
تبكيه
ثم ترتب الطرقات
كما يشتهي مقعدها الفارغ من الاشياء
وممتلئا بالانتظار

عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...