مُنْتَظِرًا قَصِيدَتَهُ،
"يُوَرْوِرُ"، ذاهِبًا
في فِضَّةِ الأَشْياءِ، أَبْعَدَ
مِنْ أَصابِعِ باخَ (**)
[وهْوَ يُمَوْسِقُ الأَكْوانَ..!]
أَعْمَقَ مِنْ مَواجِعِ عاشِقٍ،
يَهْوَى الخَسارَةَ في الدُّنَى..
لاَ أُفْقَ..!
لَكِنَّ الغِناءَ سَماؤُهُ..
وأَخافُ أَنْ يُشْفَى
مِنَ الأَحْلامِ.. يَسْقُطَ
في ظَلامِ الصَّمْتِ
والخَرَسِ الرَّدَى..!
مَحْجُوبُ يَسْتَوْلي
عَلَى هَذا الفَضاءِ الرَّحْبِ..
يَحْتَلُّ المَكانَ بِشَدْوِهِ الفَجْرِيِّ..
يَأْسِرُنا جَميعًا،
بِالصُّعودِ إِلَى الأَعَالي..
رِيشُهُ خَدَرٌ لَذيذٌ..
صَوْتُهُ مَطَرٌ خَفِيفٌ،
في خَريفٍ دافِئِ اللَّمَساتِ..
عَيْناهُ الرُّؤَى..
وجَناحُهُ اللَّمَعانُ في بِلَّوْرِهِ..!
هَذا الكَنارِيُّ النَّبِيُّ،
أَحَبَّهُ وَلَدي، كَثيرًا..
قالَ لي: سَمَّيْتُهُ مَحْجوبَ..
هَلْ أَبْهَى مِنَ الدُّرِّ العَجِيبِ،
حَجَبْتُهُ عَنْ فِتْنَةِ المَرْضى
الأَنانِيِّينَ في الدُّنْيا، اللُّصوصِ،
السَّاقِطينَ سُدَى..!؟
مَحْجُوبُ،
كانَ حَبيبَ (آدمَ)،
كانَ ضِحْكَتَهُ المُشِعَّةَ،
مثْلَ أَلْمَاسِ المَنَاجِمِ..
قالَ لي: دَلِّلْ صَباحَ الطَّيْرِ، يا أَبَتي..
صَباحُ الطَّيْرِ: أَنْوارٌ/ طُقوسٌ/ نَشْوَةٌ..
أَطْعِمْهُ [فَضْلاً عَنْ أَساسِ غِذائِهِ]
التُّفَّاحَ، سِرَّ الخُلْدِ في الفِرْدَوْسِ..
لاَ تَبْخَلْ عَلَيْهِ بنِصْفِ أَصْفَرِ
بَيْضَةٍ مَسْلُوقَةٍ.. عَدِّلْ
كَمَنْجَةَ صَوْتِهِ بالبُرْتُقالَةِ،
إِذْ أَتَى فَصْلُ الشِّتاءِ..
وقالَ لِي: سَأَظَلُّ أَذْكُرُهُ،
هُنَالِكَ، لَسْتُ أَنْسَى
طائِرِي الغِرِّيدَ، يا أَبَتي..
ولَسْتُ أَخونُ عَهْدًا مِنْ دَمٍ..
سَأَظَلُّ أَسْألُ عَنْهُ،
دَوْمًا،
ما حَيِيت..!
غَدًا،
سَأَرْحَلُ،
تارِكًا بِنْزَرْت..
[لَوَّحَ،
هَكَذا، بيَدٍ
تُخَبِّئُ دَمْعَةً،
لَكَأَنَّهُ، سِرًّا،
يُدَرِّبُ نَفْسَهُ الثَّكْلَى،
عَلَى جُرْحِ الغِيابِ..!]
مَضَى، بَعِيدًا، آدَمُ
الطِّفْلُ الصَّغيرُ، وغابَ
عَنْ قَلْبي.. وذابَ، هُناكَ،
في مَنْفَى الأُمُومَةِ
[حَيْثُ تُضْطَهَدُ البُنُوَّةُ، والأُبُوَّةُ،
والأُخُوَّةُ، بِاسْمِ تَحْرِيرِ النَّساءِ
مِنَ السَّماءِ..!]
الآنَ، يَرْتَدُّ الصَّدَى..!
الآنَ، يَتَّسِعُ المَدَى..!
مَحْجوبُ يَكْبرُ في القَصيدَةِ،
كَوْنُهُ المَأْساةُ.. وَحْشَتُهُ،
وقَدْ عَمَّتْ، فَلاةٌ/ سَبْسٌ/ قَفْرٌ/
مَهَاوٍ، وانْطِفاءٌ ساطِعُ الخُسْرانِ؛
لا يَخْفَى على الشُّعَراءِ.. يَنْثُرُ
لُؤْلُؤَ الفُقْدانِ، إِذْ يَشْدو كَئِيبًا،
مِثْلَ نايٍ مُتْرَعٍ باليَأْسِ
والشَّجَنِ الأَسَى..!
مَحْجُوبُ يَسْأَلُني،
صَباحًا، عَنْكَ، يا وَلَدي،
مَساءً، كُلَّ آنْ..
وأَنا أُخَبِّئُ دَمْعَتي،
لاَ أَسْتَطيعُ لَها بَيانْ..
مَحْجُوبُ يُحْرِجُني،
وأَنْتَ،
هُناكَ،
لا صَوْتٌ
[ولَوْ بالهاتِفِ المَحْمولِ..!]
يَأْتي خافِتًا: أَهْلاً أَبي..!
لاَ ريشَةٌ بَيْضاءُ مِنْكَ،
تُطَبِّبِ الحِرْمانَ [دُرِّيٌّ
بَهاءُ حُضُورِها، في دَاخِلي..!]
وتُسَكِّنُ الأَوْجاعَ طاحِنَةً؛
وتَمْنَحُني الأَمانْ..!
مَحْجُوبُ
صارَ ضَحِيَّةً،
مِثْلي،
ومِثْلُكَ،
مِثْلُ أُخْتِكَ في الحَياةْ..!
مَحْجُوبُ ماتْ..!!
مَحْجُوبُ ماتْ..!!!
شعر/ المكّي الهمّامي ___________________
(*) القصيدة إدانة شعريّة لجريمة التَّغْيِيبِ الأبويّ.
(**) سباستيان باخ: عازف ألمانيّ شهير، عاش معظم حياته في النّصف الأوّل من القرن الثّامن عشر.
"يُوَرْوِرُ"، ذاهِبًا
في فِضَّةِ الأَشْياءِ، أَبْعَدَ
مِنْ أَصابِعِ باخَ (**)
[وهْوَ يُمَوْسِقُ الأَكْوانَ..!]
أَعْمَقَ مِنْ مَواجِعِ عاشِقٍ،
يَهْوَى الخَسارَةَ في الدُّنَى..
لاَ أُفْقَ..!
لَكِنَّ الغِناءَ سَماؤُهُ..
وأَخافُ أَنْ يُشْفَى
مِنَ الأَحْلامِ.. يَسْقُطَ
في ظَلامِ الصَّمْتِ
والخَرَسِ الرَّدَى..!
مَحْجُوبُ يَسْتَوْلي
عَلَى هَذا الفَضاءِ الرَّحْبِ..
يَحْتَلُّ المَكانَ بِشَدْوِهِ الفَجْرِيِّ..
يَأْسِرُنا جَميعًا،
بِالصُّعودِ إِلَى الأَعَالي..
رِيشُهُ خَدَرٌ لَذيذٌ..
صَوْتُهُ مَطَرٌ خَفِيفٌ،
في خَريفٍ دافِئِ اللَّمَساتِ..
عَيْناهُ الرُّؤَى..
وجَناحُهُ اللَّمَعانُ في بِلَّوْرِهِ..!
هَذا الكَنارِيُّ النَّبِيُّ،
أَحَبَّهُ وَلَدي، كَثيرًا..
قالَ لي: سَمَّيْتُهُ مَحْجوبَ..
هَلْ أَبْهَى مِنَ الدُّرِّ العَجِيبِ،
حَجَبْتُهُ عَنْ فِتْنَةِ المَرْضى
الأَنانِيِّينَ في الدُّنْيا، اللُّصوصِ،
السَّاقِطينَ سُدَى..!؟
مَحْجُوبُ،
كانَ حَبيبَ (آدمَ)،
كانَ ضِحْكَتَهُ المُشِعَّةَ،
مثْلَ أَلْمَاسِ المَنَاجِمِ..
قالَ لي: دَلِّلْ صَباحَ الطَّيْرِ، يا أَبَتي..
صَباحُ الطَّيْرِ: أَنْوارٌ/ طُقوسٌ/ نَشْوَةٌ..
أَطْعِمْهُ [فَضْلاً عَنْ أَساسِ غِذائِهِ]
التُّفَّاحَ، سِرَّ الخُلْدِ في الفِرْدَوْسِ..
لاَ تَبْخَلْ عَلَيْهِ بنِصْفِ أَصْفَرِ
بَيْضَةٍ مَسْلُوقَةٍ.. عَدِّلْ
كَمَنْجَةَ صَوْتِهِ بالبُرْتُقالَةِ،
إِذْ أَتَى فَصْلُ الشِّتاءِ..
وقالَ لِي: سَأَظَلُّ أَذْكُرُهُ،
هُنَالِكَ، لَسْتُ أَنْسَى
طائِرِي الغِرِّيدَ، يا أَبَتي..
ولَسْتُ أَخونُ عَهْدًا مِنْ دَمٍ..
سَأَظَلُّ أَسْألُ عَنْهُ،
دَوْمًا،
ما حَيِيت..!
غَدًا،
سَأَرْحَلُ،
تارِكًا بِنْزَرْت..
[لَوَّحَ،
هَكَذا، بيَدٍ
تُخَبِّئُ دَمْعَةً،
لَكَأَنَّهُ، سِرًّا،
يُدَرِّبُ نَفْسَهُ الثَّكْلَى،
عَلَى جُرْحِ الغِيابِ..!]
مَضَى، بَعِيدًا، آدَمُ
الطِّفْلُ الصَّغيرُ، وغابَ
عَنْ قَلْبي.. وذابَ، هُناكَ،
في مَنْفَى الأُمُومَةِ
[حَيْثُ تُضْطَهَدُ البُنُوَّةُ، والأُبُوَّةُ،
والأُخُوَّةُ، بِاسْمِ تَحْرِيرِ النَّساءِ
مِنَ السَّماءِ..!]
الآنَ، يَرْتَدُّ الصَّدَى..!
الآنَ، يَتَّسِعُ المَدَى..!
مَحْجوبُ يَكْبرُ في القَصيدَةِ،
كَوْنُهُ المَأْساةُ.. وَحْشَتُهُ،
وقَدْ عَمَّتْ، فَلاةٌ/ سَبْسٌ/ قَفْرٌ/
مَهَاوٍ، وانْطِفاءٌ ساطِعُ الخُسْرانِ؛
لا يَخْفَى على الشُّعَراءِ.. يَنْثُرُ
لُؤْلُؤَ الفُقْدانِ، إِذْ يَشْدو كَئِيبًا،
مِثْلَ نايٍ مُتْرَعٍ باليَأْسِ
والشَّجَنِ الأَسَى..!
مَحْجُوبُ يَسْأَلُني،
صَباحًا، عَنْكَ، يا وَلَدي،
مَساءً، كُلَّ آنْ..
وأَنا أُخَبِّئُ دَمْعَتي،
لاَ أَسْتَطيعُ لَها بَيانْ..
مَحْجُوبُ يُحْرِجُني،
وأَنْتَ،
هُناكَ،
لا صَوْتٌ
[ولَوْ بالهاتِفِ المَحْمولِ..!]
يَأْتي خافِتًا: أَهْلاً أَبي..!
لاَ ريشَةٌ بَيْضاءُ مِنْكَ،
تُطَبِّبِ الحِرْمانَ [دُرِّيٌّ
بَهاءُ حُضُورِها، في دَاخِلي..!]
وتُسَكِّنُ الأَوْجاعَ طاحِنَةً؛
وتَمْنَحُني الأَمانْ..!
مَحْجُوبُ
صارَ ضَحِيَّةً،
مِثْلي،
ومِثْلُكَ،
مِثْلُ أُخْتِكَ في الحَياةْ..!
مَحْجُوبُ ماتْ..!!
مَحْجُوبُ ماتْ..!!!
شعر/ المكّي الهمّامي ___________________
(*) القصيدة إدانة شعريّة لجريمة التَّغْيِيبِ الأبويّ.
(**) سباستيان باخ: عازف ألمانيّ شهير، عاش معظم حياته في النّصف الأوّل من القرن الثّامن عشر.