(صدرت رواية "نحن" للكاتب الروسي يفغيني إيفانوفيتش زامياتين عن وزارة الثقافة بدمشق عام 1994. ونقلها إلى العربية الأديب يوسف حلاق. وها نحن وقبل أن نحيل القارئ العربي إلى هذه الرواية في طبيعتها العربية، نقدم أحد النصوص النقدية الهامة والذي كتبه الروائي البريطاني المعروف جورج أورويل عن هذه الرواية. ومن الجدير ذكره، أن رواية – زامياتين- هذه تشكل أحد المصادر الهامة التي اتكأ عليها أورويل في روايته الشهيرة 1984. المترجم). أخيرا حصلت على نسخة من رواية زامياتين "نحن" وذلك بعد سنوات من المساعي التي بذلت للحصول عليها. وبعد التنقيب والبحث في كتاب غليب ستروف "خمسة وعشرون عاماً من الأدب السوفييتي الروسي" وجدت. زامياتين المتوفى في باريس عام 1937 روائي وناقد روسي نشر العديد من الكتب قبل الثورة وبعدها. كتب "نحن" حوالي عام 1923. و"نحن" هي فانتازيا عن القرن السادس والعشرين. لم يسمح بنشرها رغم أن لا علاقة لها بروسيا. ولم يكن لها صلة السياسة المعاصرة آنذاك. لكن إحدى النسخ المخطوطة وجدت طريقها إلى خارج البلاد، وظهر الكتاب بالإنغليزية والفرنسية والتشيكية ولكن ليس بالروسية. وظهرت النسخة الإنغليزية في الولايات المتحدة الأمريكية.
يمكننا القول بأنها رواية غير عادية. ما يسترعي الانتباه في البداية، هو أنها مارست تأثيراً هاماً جداً على رواية آلدوس هكسلي "عالم طريف وشجاع". فكلتا الروايتين تعالجان تمرد روح الإنسان الفطري ضد العالم المؤلل والمعقلن. إذ من المفترض أن الأحداث تجري بعد ستمئة عام في كلتا الروايتين، كما أن الجو العام في كلتيهما متشابه، والمجتمع المعني هو نفسه. رغم أن كتاب هكسلي قليل الإشارة إلى الوعي السياسي، كثير التأثر بالنظريات السايكولوجية والبيولوجية الحديثة. ففي القرن السادس والعشرين، يفقد سكان يوتوبيا زامياتين فرديتهم ويستبدلوها بالأرقام ويقطنون في بيوت زجاجية (كتب هذا قبل اختراع التلفاز) تمكن البوليس السري والمعروف باسم "الأوصياء" من الإشراف عليهم ومراقبتهم بسهولة. ويرتدي البشر هناك البذلات ذاتها، ويشار إلى الكائن منهم برقم، أو ببذلة. كما أنهم يقتاتون على غذاء صناعي مركب، وللترويح عن أنفسهم يمشون في صفوف رباعية بينما يعزف نشيد الدولة من خلال مكبرات الصوت. وفي استراحات محددة، يسمح لهم ولساعة واحدة فقط (ساعة ممارسة الجنس) أن يسدلوا الستائر حول مقصوراتهم الزجاجية. وبالطبع ليس هناك من زواج، مع أن الحياة الجنسية عندهم لا تبدو بأنها ممارسات مختلطة. ولممارسة الجنس، يوزع على كل فرد منهم دفتر ببطاقات وردية، يوقع كل من الشريكين على قسائمه. ويحكم هذه الدولة المتفردة شخص يعرف "بالمحسن". ينتخبه الشعب وتجري الانتخابات سنوياً. وبالطبع هناك إجماع عام ودائم على التصويت له. والمبدأ الهادي لهذه الدولة هو "تنافر الحرية والسعادة" ففي جنات عدن كان الإنسان سعيداً، لكنه وبسبب من حماقاته سعى إلى الحرية، وكان الثمن أن قذف به إلى الخلاء.
أما الآن، فقد أعادت هذه الدولة للإنسان سعادته. ولكن بإقصائه عن حريته. حتى الآن يبدو التشابه لافتا مع رواية هكسلي. ورغم أن رواية "زامياتين" أقل تماسكاً وحبكتها ضعيفة ومعقدة، إلا أنها تحتوي على رؤية سياسية لا نجدها في رواية هكسلي. في كتاب هكسلي نجد مشكلة الطبيعة البشرية وقد تم حلها. فهو يفترض أن العلاج السابق على الولادة، بالإضافة إلى الأدوية مترافقة مع الإيحاءات التنويمية، تمكن الكائن البشري من التخصص بالطريقة التي يرغبها. ويتم إنتاج "الشغيل العلمي" بالسهولة ذاتها التي ينتج فيها أي معتوه، وفي كلتا الحالتين يتم التعامل مع بقايا آثار الغرائز البدائية، كالإحساس بالأمومة، أو التوق إلى الحرية، وذلك بسهولة تامة وفي الوقت ذاته، ليس من سبب واضح يرغم المجتمع على العيش بتلك الطريقة، فالهدف ليس الاستغلال الاقتصادي، وليس الدافع هو الرغبة بالتهديد والسيطرة. لا جوع للسلطة، لا سادية مرضية، ولا أية نزعات أخرى. والمتربعون على القمة لا يملكون الدافع للبقاء هناك. والناس هناك سعداء بطريقة غبية وباهتة، وحياتهم لامعنى لها. ومن الصعوبة بمكان الرهان على ديمومة هذا المجتمع.
يتطابق كتاب زامياتين مع أحوال عصرنا بشكل لافت. فعلى الرغم من التربية والرقابة اللتين يحرص عليهما "الأوصياء" فإن الكثير من الغرائز الآدمية القديمة لا تزال باقية عند البشر هناك. إن راوي الحكاية واسمه "د 502" مهندس موهوب، لكنه مخلوق تقليدي مسكين. إنه "بيلي براون" آخر. فهو دائم الخوف من الاندفاعات الخبيئة التي تسكنه. يقع الراوي في الحب – بالطبع هذه جريمة- مع "أ 230" العضو في حركة مقاومة سرية والتي تنجح في أن تقوده إلى التمرد. إبان التمرد، نرى أعداء "المحسن" الكثر، بعيداً عن تآمرهم لإسقاط الحكومة، منغمسين في متعهم – كالتدخين وشرب الكحول- بينما ستائر غرفهم مسدلة. ينجو "د 502" من عواقب حماقاته وتعلن السلطات عن اكتشاف السبب الحقيقي للاضطرابات. ثمة أناس يعانون من مرض الخيال، وقد تم تحديد مركز الأعصاب المسؤول عن هذا الوباء، والمعالجة ممكنة بالأشعة. وبالفعل يخضع
"د 502" لعمل جراحي يصبح بعده من السهل أن يقول ما يعرفه، وما كان عليه أن يقوله، وهو الوشاية بحلفاء الأمس. وببرود تام نجده يراقب "أ 230" وهي تتعذب بالهواء المضغوط المخزن تحت جرس زجاجي: "نظرت إلي. يداها متشبثتان بالكرسي. سرعان ما أغمضت عينيها. أخرجوها ثم أعادوها إلى الوعي بالصدمات الكهربائية. وضعت تحت الجرس من جديد. حدث ذلك عدة مرات. لكنها ظلت صامته، صامدة. أما الآخرون، فكانوا أكثر صدقاً. إذ اعترف الكثير منهم بعد قليل من التعذيب. وغداً سيرسلون بهم إلى "ماكينة المحسن". والماكينة هي المقصلة. والمقصلة هنا ليست الأداة التعسفية القديمة، بل هي نموذج مطور. فهي تقضي على ضحاياها تماماً، وتحولهم في لحظات قليلة إلى سحابة دخان وبركة من الماء الرائق.
هناك الكثير من مشاهد الإعدام التي يتم تنفيذها على الملأ وبحضور "المحسن" نفسه. يترافق ذلك مع إنشاد قصائد نصر يؤديها شعراء رسميون. والإعدام هنا هو أضحية بشرية، والمشهد الذي يصف ذلك، ملون بألوان العبودية الكريهة. إنه التمسك بالجانب اللاعقلاني من التوتاليتارية. فالأضحية البشرية والبشاعة هي غايات بحد ذاتها، وعبادة القائد المتخم بالخصائص المقدسة، ذلك كله يجعل من كتاب زامياتين يتفوق على كتاب هكسلي. وبات من السهل الآن أن نعرف سبب منع الرواية. فالحوار التالي - اختصرته قليلاً- بين "د 502" و "أ230" سيكون كافياً لتحريك يد الرقيب:
- هل تعلمين بأن ما ترمين إليه هو الثورة.
- بالطبع هي الثورة ولم لا؟
- لا يمكن أن توجد ثورة. ثورتنا هي الأخيرة. ولا ثورات بعدها. والجميع يعرف هذا.
- عزيزي، بما أنك عالم رياضي، قل لي ما هو الرقم الأخير.
- ما ذا تعنين بالرقم الأخير؟
- حسن ما هو الرقم الأكبر؟
- هذا سخف، فالأرقام لا تنتهي.
- إذا لماذا تتحدث عن الثورة الأخيرة؟
في النص مقاطع أخرى تشبه ما أسلفناه. ومن المرجح أن زامياتين لم يقصد النظام السوفيتي بهجائه. فالكتابة عن تلك الفترة – عندما توفي لينين – لم تكن لتستدعي أن يشير إلى ديكتاتورية ستالين. والأوضاع في روسيا عام 1923 لم تكن ليثور عليها أحد. فالحياة أصبحت أكثر أمنا وراحة بالمقارنة مع العهود السابقة. ربما كان زامياتين يملك الدافع لكراهية النظام السياسي آنذاك، وهو الذي سجنته حكومة عام 1906 الاستبدادية، ومن ثم سجنه البولشفيك عام 1923 في الزنزانة ذاتها.
يتضح من الرواية، بأن لدى زامياتين ميول قوية حيال النزعة البدائية. فالرواية ببساطة شديدة ليست تعبيراً عن الخوف، بل هي دراسة عن "الماكينة" تلك الجنية التي صنعها الإنسان وأفلتت من عقاله، ولم يعد بإمكانه أن يفعل شيئاً. كما أنه لم يقصد بلداً بعينه، بل سعى إلى كشف الأهداف الخبيئة للحضارة الصناعية. لم أقرأ أياً من كتبه الأخرى، لكنني علمت من كتاب غليب ستروف بأن زامياتين أمضى عدداً من السنوات في إنغلتره، وألف العديد من الكتب هناك. مقالي هذا دعوة مفتوحة لقراءة رواية "نحن" عند ظهورها بالإنغليزية من جديد.
يمكننا القول بأنها رواية غير عادية. ما يسترعي الانتباه في البداية، هو أنها مارست تأثيراً هاماً جداً على رواية آلدوس هكسلي "عالم طريف وشجاع". فكلتا الروايتين تعالجان تمرد روح الإنسان الفطري ضد العالم المؤلل والمعقلن. إذ من المفترض أن الأحداث تجري بعد ستمئة عام في كلتا الروايتين، كما أن الجو العام في كلتيهما متشابه، والمجتمع المعني هو نفسه. رغم أن كتاب هكسلي قليل الإشارة إلى الوعي السياسي، كثير التأثر بالنظريات السايكولوجية والبيولوجية الحديثة. ففي القرن السادس والعشرين، يفقد سكان يوتوبيا زامياتين فرديتهم ويستبدلوها بالأرقام ويقطنون في بيوت زجاجية (كتب هذا قبل اختراع التلفاز) تمكن البوليس السري والمعروف باسم "الأوصياء" من الإشراف عليهم ومراقبتهم بسهولة. ويرتدي البشر هناك البذلات ذاتها، ويشار إلى الكائن منهم برقم، أو ببذلة. كما أنهم يقتاتون على غذاء صناعي مركب، وللترويح عن أنفسهم يمشون في صفوف رباعية بينما يعزف نشيد الدولة من خلال مكبرات الصوت. وفي استراحات محددة، يسمح لهم ولساعة واحدة فقط (ساعة ممارسة الجنس) أن يسدلوا الستائر حول مقصوراتهم الزجاجية. وبالطبع ليس هناك من زواج، مع أن الحياة الجنسية عندهم لا تبدو بأنها ممارسات مختلطة. ولممارسة الجنس، يوزع على كل فرد منهم دفتر ببطاقات وردية، يوقع كل من الشريكين على قسائمه. ويحكم هذه الدولة المتفردة شخص يعرف "بالمحسن". ينتخبه الشعب وتجري الانتخابات سنوياً. وبالطبع هناك إجماع عام ودائم على التصويت له. والمبدأ الهادي لهذه الدولة هو "تنافر الحرية والسعادة" ففي جنات عدن كان الإنسان سعيداً، لكنه وبسبب من حماقاته سعى إلى الحرية، وكان الثمن أن قذف به إلى الخلاء.
أما الآن، فقد أعادت هذه الدولة للإنسان سعادته. ولكن بإقصائه عن حريته. حتى الآن يبدو التشابه لافتا مع رواية هكسلي. ورغم أن رواية "زامياتين" أقل تماسكاً وحبكتها ضعيفة ومعقدة، إلا أنها تحتوي على رؤية سياسية لا نجدها في رواية هكسلي. في كتاب هكسلي نجد مشكلة الطبيعة البشرية وقد تم حلها. فهو يفترض أن العلاج السابق على الولادة، بالإضافة إلى الأدوية مترافقة مع الإيحاءات التنويمية، تمكن الكائن البشري من التخصص بالطريقة التي يرغبها. ويتم إنتاج "الشغيل العلمي" بالسهولة ذاتها التي ينتج فيها أي معتوه، وفي كلتا الحالتين يتم التعامل مع بقايا آثار الغرائز البدائية، كالإحساس بالأمومة، أو التوق إلى الحرية، وذلك بسهولة تامة وفي الوقت ذاته، ليس من سبب واضح يرغم المجتمع على العيش بتلك الطريقة، فالهدف ليس الاستغلال الاقتصادي، وليس الدافع هو الرغبة بالتهديد والسيطرة. لا جوع للسلطة، لا سادية مرضية، ولا أية نزعات أخرى. والمتربعون على القمة لا يملكون الدافع للبقاء هناك. والناس هناك سعداء بطريقة غبية وباهتة، وحياتهم لامعنى لها. ومن الصعوبة بمكان الرهان على ديمومة هذا المجتمع.
يتطابق كتاب زامياتين مع أحوال عصرنا بشكل لافت. فعلى الرغم من التربية والرقابة اللتين يحرص عليهما "الأوصياء" فإن الكثير من الغرائز الآدمية القديمة لا تزال باقية عند البشر هناك. إن راوي الحكاية واسمه "د 502" مهندس موهوب، لكنه مخلوق تقليدي مسكين. إنه "بيلي براون" آخر. فهو دائم الخوف من الاندفاعات الخبيئة التي تسكنه. يقع الراوي في الحب – بالطبع هذه جريمة- مع "أ 230" العضو في حركة مقاومة سرية والتي تنجح في أن تقوده إلى التمرد. إبان التمرد، نرى أعداء "المحسن" الكثر، بعيداً عن تآمرهم لإسقاط الحكومة، منغمسين في متعهم – كالتدخين وشرب الكحول- بينما ستائر غرفهم مسدلة. ينجو "د 502" من عواقب حماقاته وتعلن السلطات عن اكتشاف السبب الحقيقي للاضطرابات. ثمة أناس يعانون من مرض الخيال، وقد تم تحديد مركز الأعصاب المسؤول عن هذا الوباء، والمعالجة ممكنة بالأشعة. وبالفعل يخضع
"د 502" لعمل جراحي يصبح بعده من السهل أن يقول ما يعرفه، وما كان عليه أن يقوله، وهو الوشاية بحلفاء الأمس. وببرود تام نجده يراقب "أ 230" وهي تتعذب بالهواء المضغوط المخزن تحت جرس زجاجي: "نظرت إلي. يداها متشبثتان بالكرسي. سرعان ما أغمضت عينيها. أخرجوها ثم أعادوها إلى الوعي بالصدمات الكهربائية. وضعت تحت الجرس من جديد. حدث ذلك عدة مرات. لكنها ظلت صامته، صامدة. أما الآخرون، فكانوا أكثر صدقاً. إذ اعترف الكثير منهم بعد قليل من التعذيب. وغداً سيرسلون بهم إلى "ماكينة المحسن". والماكينة هي المقصلة. والمقصلة هنا ليست الأداة التعسفية القديمة، بل هي نموذج مطور. فهي تقضي على ضحاياها تماماً، وتحولهم في لحظات قليلة إلى سحابة دخان وبركة من الماء الرائق.
هناك الكثير من مشاهد الإعدام التي يتم تنفيذها على الملأ وبحضور "المحسن" نفسه. يترافق ذلك مع إنشاد قصائد نصر يؤديها شعراء رسميون. والإعدام هنا هو أضحية بشرية، والمشهد الذي يصف ذلك، ملون بألوان العبودية الكريهة. إنه التمسك بالجانب اللاعقلاني من التوتاليتارية. فالأضحية البشرية والبشاعة هي غايات بحد ذاتها، وعبادة القائد المتخم بالخصائص المقدسة، ذلك كله يجعل من كتاب زامياتين يتفوق على كتاب هكسلي. وبات من السهل الآن أن نعرف سبب منع الرواية. فالحوار التالي - اختصرته قليلاً- بين "د 502" و "أ230" سيكون كافياً لتحريك يد الرقيب:
- هل تعلمين بأن ما ترمين إليه هو الثورة.
- بالطبع هي الثورة ولم لا؟
- لا يمكن أن توجد ثورة. ثورتنا هي الأخيرة. ولا ثورات بعدها. والجميع يعرف هذا.
- عزيزي، بما أنك عالم رياضي، قل لي ما هو الرقم الأخير.
- ما ذا تعنين بالرقم الأخير؟
- حسن ما هو الرقم الأكبر؟
- هذا سخف، فالأرقام لا تنتهي.
- إذا لماذا تتحدث عن الثورة الأخيرة؟
في النص مقاطع أخرى تشبه ما أسلفناه. ومن المرجح أن زامياتين لم يقصد النظام السوفيتي بهجائه. فالكتابة عن تلك الفترة – عندما توفي لينين – لم تكن لتستدعي أن يشير إلى ديكتاتورية ستالين. والأوضاع في روسيا عام 1923 لم تكن ليثور عليها أحد. فالحياة أصبحت أكثر أمنا وراحة بالمقارنة مع العهود السابقة. ربما كان زامياتين يملك الدافع لكراهية النظام السياسي آنذاك، وهو الذي سجنته حكومة عام 1906 الاستبدادية، ومن ثم سجنه البولشفيك عام 1923 في الزنزانة ذاتها.
يتضح من الرواية، بأن لدى زامياتين ميول قوية حيال النزعة البدائية. فالرواية ببساطة شديدة ليست تعبيراً عن الخوف، بل هي دراسة عن "الماكينة" تلك الجنية التي صنعها الإنسان وأفلتت من عقاله، ولم يعد بإمكانه أن يفعل شيئاً. كما أنه لم يقصد بلداً بعينه، بل سعى إلى كشف الأهداف الخبيئة للحضارة الصناعية. لم أقرأ أياً من كتبه الأخرى، لكنني علمت من كتاب غليب ستروف بأن زامياتين أمضى عدداً من السنوات في إنغلتره، وألف العديد من الكتب هناك. مقالي هذا دعوة مفتوحة لقراءة رواية "نحن" عند ظهورها بالإنغليزية من جديد.