من المصطلحات النقدية العربية القديمة مصطلح المغسول ويقابله مصطلح المعمى، حيث يُقصد بالمغسول نوع من الشعر يأتي سليمًا بكل مكونات الشرط الشعري المتعارف عليه، ولكنه يخلو من الشعرية، وكأنه شعر بلا شعر، ويقولون عن صاحبه: يخلي، أي ينساب مع نفسه ويسلم نفسه لسلطة الوزن والقافية فتأتي منه أبيات مغسولة، ضعيفة المعنى وإن كانت متماسكة المبنى، ويقع فيها الفحول من الشعراء، وقالوها في وصفهم لشعر البحتري، حيث تتجاور الأبيات الراقية مع أخرى متوسطة، لا يصفها النقاد بالرديئة، ولكنها ليست جيدة، وترهق النص كما تبلد ذهن القارئ والسامع، منتظرًا أن ينهض النص من سهوته، وليست خاصة بالبحتري فهي ظاهرة عامة، ولكن يشفع للشاعر الفحل أن لديه غيرها مما يرفع من مقام نصه الشعري، وقد ناقشت مصطلح المغسول والمعمى في كتابي (المشاكلة والاختلاف) وأسست لهذين المصطلحين وحفرت عن وجوه استخدامهما، حيث المعمى نقيض المغسول ويعني الشعر حين يتصاعد في شعريته حتى ليحتاج قارئه لسباحة عميقة في أغوار النص.
واليوم تشيع ظاهرة النص المغسول في الأغاني كثيرًا، حيث تهتم الأغنيات بالإيقاع والصورة، وتغفل كثيرًا عن النص، وتأتي نصوص ساذجة تغفل عنها الملاحظة بما أن الإيقاع يحتوي على حالة الاستقبال ويستحوذ عليها، وهذا ما حول صناعة الفن الغنائي لتكون بمنزلة عرض فني للصور والحركات والنغمات، بما أنها مرحلة لثقافة العين والصورة وليست لثقافة الأذن والذاكرة.
واليوم تشيع ظاهرة النص المغسول في الأغاني كثيرًا، حيث تهتم الأغنيات بالإيقاع والصورة، وتغفل كثيرًا عن النص، وتأتي نصوص ساذجة تغفل عنها الملاحظة بما أن الإيقاع يحتوي على حالة الاستقبال ويستحوذ عليها، وهذا ما حول صناعة الفن الغنائي لتكون بمنزلة عرض فني للصور والحركات والنغمات، بما أنها مرحلة لثقافة العين والصورة وليست لثقافة الأذن والذاكرة.