نظرت خلفي .. المنظر اليومي ذاته للمقبرة التي أزورها يومياً ، طقس من طقوس الارتياح حين أزور قبر زوجي ، الهدوء الصامت يكاد يمزق حفيف أوراق الأشجار التي تحاول مغازلة الرخام النائم فوق الأجساد الهاربة من الحياة .
تأملت انانية الأحياء ، بعض المقابر عليها الورود اليانعة التي تدل على اهتمام أقارب الميت، وهناك القبور العارية التي تعاني من برودة الصمت، وهناك القبور التي تحتضن الأزهار التي أصابها اليباس من شدة النسيان.
وقبل الاستمرار في تأمل عصير الحياة الذي يجف في هذا المكان، خرجت من البوابة الحديدية الصدئة، وقد تركت المقبرة خلفي مع تساؤلاتها التي لا تجد الإجابات .
استقبلني الرصيف الذي تكسر بلاطه وخرج التراب من الحفر التي تحولت إلى مستنقعات للمياه بعد أن هطل المطر البارحة.
وقبل أن أستقل سيارتي المركونة إلى جانب الرصف نظرت إلى الرصيف المقابل وإذ بطفلة صغيرة لا تتجاوز الخمس سنوات واقفة تبكي ، سألتها عن اسمها لم تجب ، سألت عن أهلها ؟ اسم امها أو أسم والدها ؟ لم تجب ، احترت بالأمر .. سألتها اذا كانت تعرف بيتها.. أجابت بايماءة من رأسها - أي نعم .- .
أغلقت باب السيارة.. وأمسكت بيدها، سمعت صوتها .. قالت لي البيت قريب !! أشارت إلى الشارع المقابل للمقبرة .. دخلت إلى الشارع ، أنا أعرف هذا الشارع !!همست بيني وبين نفسي !! ودخلت الفتاة في شارع آخر .. تركت يدي مشت لوحدها .. أمشي وراءها.. !! كنت أسير كأن أحدهم قام بتنويمي مغنطيسياً .. حاولت الرجوع لأنني شعرت أن هذه الطفلة تجرني إلى مكان لا أعرفه ..!! لكن بقيت أمشي وراءها.
طالت الطريق والأزقة، والبيوت أصبحت متشابهة ، الغريب أن لا أحد في هذه البيوت ، إنها فارغة لا صوت .. لا صدى .. لا وجوه تطل من الشبابيك ، وفجأة وقفت الطفلة أمام بيت متهالك .. قلت في سري أعرف هذا البيت !! فتحت الطفلة الباب ودخلت .. دخلت وراءها .. لكن اختفت ..!!
نظرت حولي أعرف هذه الغرفة الكبيرة .. أعرف الجدار .. !! هناك صورة قديمة إطارها الذهبي قد تكسر والصورة على وشك السقوط على الأرض .. حملقت.. في الصورة أبي وإلى جانبه أمي ترتدي ثوب الزفاف الأبيض، إنها صورة لزفافهما ، لم أر هذه الصورة مطلقاً ، كانت أمي تؤكد إنها لا تملك صورة ليوم عرسها.
إلى جانب الصورة مرآة كبيرة، وقفت أمام المرآة ، وإذ بالطفلة داخلها وسرعان ما أخذت تكبر وتكبر .. ثم أصبحت الطفلة أنا .. !!
حاولت الهروب من الطفلة ومن البيت ، لكن وجدت البيت دون أبواب ودون نوافذ .. وما زلت عالقة في المرآة والطفلة تشدني كي أبقى إلى جانبها .
تأملت انانية الأحياء ، بعض المقابر عليها الورود اليانعة التي تدل على اهتمام أقارب الميت، وهناك القبور العارية التي تعاني من برودة الصمت، وهناك القبور التي تحتضن الأزهار التي أصابها اليباس من شدة النسيان.
وقبل الاستمرار في تأمل عصير الحياة الذي يجف في هذا المكان، خرجت من البوابة الحديدية الصدئة، وقد تركت المقبرة خلفي مع تساؤلاتها التي لا تجد الإجابات .
استقبلني الرصيف الذي تكسر بلاطه وخرج التراب من الحفر التي تحولت إلى مستنقعات للمياه بعد أن هطل المطر البارحة.
وقبل أن أستقل سيارتي المركونة إلى جانب الرصف نظرت إلى الرصيف المقابل وإذ بطفلة صغيرة لا تتجاوز الخمس سنوات واقفة تبكي ، سألتها عن اسمها لم تجب ، سألت عن أهلها ؟ اسم امها أو أسم والدها ؟ لم تجب ، احترت بالأمر .. سألتها اذا كانت تعرف بيتها.. أجابت بايماءة من رأسها - أي نعم .- .
أغلقت باب السيارة.. وأمسكت بيدها، سمعت صوتها .. قالت لي البيت قريب !! أشارت إلى الشارع المقابل للمقبرة .. دخلت إلى الشارع ، أنا أعرف هذا الشارع !!همست بيني وبين نفسي !! ودخلت الفتاة في شارع آخر .. تركت يدي مشت لوحدها .. أمشي وراءها.. !! كنت أسير كأن أحدهم قام بتنويمي مغنطيسياً .. حاولت الرجوع لأنني شعرت أن هذه الطفلة تجرني إلى مكان لا أعرفه ..!! لكن بقيت أمشي وراءها.
طالت الطريق والأزقة، والبيوت أصبحت متشابهة ، الغريب أن لا أحد في هذه البيوت ، إنها فارغة لا صوت .. لا صدى .. لا وجوه تطل من الشبابيك ، وفجأة وقفت الطفلة أمام بيت متهالك .. قلت في سري أعرف هذا البيت !! فتحت الطفلة الباب ودخلت .. دخلت وراءها .. لكن اختفت ..!!
نظرت حولي أعرف هذه الغرفة الكبيرة .. أعرف الجدار .. !! هناك صورة قديمة إطارها الذهبي قد تكسر والصورة على وشك السقوط على الأرض .. حملقت.. في الصورة أبي وإلى جانبه أمي ترتدي ثوب الزفاف الأبيض، إنها صورة لزفافهما ، لم أر هذه الصورة مطلقاً ، كانت أمي تؤكد إنها لا تملك صورة ليوم عرسها.
إلى جانب الصورة مرآة كبيرة، وقفت أمام المرآة ، وإذ بالطفلة داخلها وسرعان ما أخذت تكبر وتكبر .. ثم أصبحت الطفلة أنا .. !!
حاولت الهروب من الطفلة ومن البيت ، لكن وجدت البيت دون أبواب ودون نوافذ .. وما زلت عالقة في المرآة والطفلة تشدني كي أبقى إلى جانبها .