حاتم عبد الهادي السيد - لأيّ سوف تنتسبُ؟!.. شعر

لأيٍّ سوق تنتسبُ ؟
لهذي الأرض أم للموت تنتسب؟!
لموج البحر.. أم لرياح أقدارِ ستصطخبُ؟!
أيا قلبًا ـ كهذا الجمر ـ تتقد؛
وتشعل كل أركانٍ ،
وتنتحبُ..
لأي سوف تنتسب؟!
لهذا القهر أم لظلام أيام!!
تميت الحرث والغرس
وتغدو في المدى ظلا وترتحل
لأي سوف تنتسب؟!
تركت مدينة الفردوس والأحلام
والجبل العتيق بمهجة النور البهي،
ورحت تسكب من شذاه الكون ترتشف
وترتشفُ
لهذي الكأس تنتسب؟!
أرك تموج لا تَحْنُ على شيء؛
وفي عينيك أحزان وآهات
وقهر وانسحاب صبابة الألحان من صدرِ عَتِيّ
عائد الدنيا ولكن ليس يزدجر..
وتسأل كل يومٍ رائح نحو البسيطة عن توجهه
تقول بصوتك الدفاق،
تجهر في الضياء، تصيح بالدنيا
تنادي نفسك الصبارة الملتاعة الأشجان،
في حزن:
لأي سوف تنتسب؟!
أراك تغوص في مدن ارتحالك
لا تفيق.. ولا تزور فؤادك المقروح
كلمات نديات .. عتاق؛
بلسم لجروحك المشقوقة الأنحاء
قد تشكو، ولكن يصطفيك الحزن،
تخرج للمدى الرحب الفسيح تصيح:
واوجعاه،
واقلباه..
وا آهاه..
وا وجعي على وجعاه،
واحزناه.. يا عيناه لا تبك.. لم الشكوى؟!
وتنتحب المروج السابحات بفلكنا.
لدموعه الرطب الرطيبةُ تستقي من شهد عينيه
دماه، ولا تفوه بآهةِ نسجت على وجع البسيطة
دائراتٍ من دياجير القلوب المستبيحة حزن صبار
ينزُّ مرارة الوجع الشهي لقلبه المذبوح، يستسقي
المرَار ويستقي.. ويصب كاسات الدماء ندية بالحزن
والصبار والصمت المميت يسائل الأرض الرحيبة
عن فضاء واسع يسع المرار، وواديًا رحب المدار
يسير فيه الدمع كي يصل البسيطة بالسماء..
يقول في صمت أسيٍّ يا فتى:
نَقِّل فؤادك بين حزنٍ ودموعٍ مبحرات؛
ثم نقل وجهة الدنيا لقلبك واستصخ للسمع
قد تسأل: لأي سوف تنتسب ؟
أيا هذا المعذب قد تناديني بكل مرارةٍ في الحلق:
من سينتسبُ لأيّ ؟! ثم لا تفتأ تغادر،
أو تغادر، لا يهم !!
لكلٍ وجهة.. أنت الوجيهُ بما حملت،
وما حُمّلت من أوجاع عصرك لا تسل..
سيان عندك من يجيب ولا يجيب،
تبتل ـ الآن ـ وحوقل ثم غادر جلدك المشقوق
واسكب مهجة القلب الشفيفة لا تسل أين الهواء
قد ارتحل؟ أو كيف تخرج أو تغادر بلدة الأحزان؟
لا تتعب خلايا النور في العقل الوسيع، تَقبّل الموت
الرحيب بصدرك الرحب الوسيع ولا تغادر وجهتك.
علق فؤادك بالفضاء، وأغمض الجفن المحدّق
في السماء ولا تغامر.. شُقّ هذا الصمت
واحفر في الصحاري
قبرك الميمون، واسكب من رمال الصمت
فوق رقائق الجلد المشقق وارتحل..
هذا زمان ليس لك!!
لأي سوف تنتسب؟!
هناك تطير في صمت عصافير المدى
ستقول في صمت:
" ويرقد عاشقٍ ترك البسيطة مفردًا فردًا
كي يعزف الأرغول لحنًا خالدًا عند الغروب ".
" ويرقد عاشق عزفت ربابته سؤالاً واحدًا وأجابه الصمت :
لأي سوف تنتسب؟!
بكت عيناك من أرق الجوى وسعار أيام تطول ولا يطاولها
الفضاء تقول في أسفٍ أسيف وعينك المدرارة السكابة
المزن الحريق: لأي سوف تنتسب؟!
ناحت حمائم بلدة الأحزان وانفجرت صبابات الرؤى
وتسير وحدك والفضاء، تغادر الوقت المسافر في زمانٍ
ليس ينصفك: لأي سوف تنتسب؟!
عاجت خيول الصمت في عينيك عن رسم يسائل
مهجة الدنيا ويسأل عن فتى جمع الدموع وراح يفتلها
عقيقًا كي يسد الشمس بالأحزان، يسأل في المدى:
ماذا يغير سوسنات الماء كي تعدو لنهر عابرٍ بالحزن
والأحلام والماء الزلال يسائل القطرات عن سر لهذا الضوء،
كيف يضيء ؟ متى يضيء ؟. ومتى سيرتحل ؟!
وأنت تسأل في البراري مفردًا فردًا:
لأي سوف تنتسب؟!
بكت المروج لخف قدمك وانتشى الموج الكثيف لمقدم الوجع
المهاجر من فضاء الروح اسأل في الدجى وهج المياه عن
الذي شقت عصاه النور فارتاعت له الحمم السحيقة في
ثنايا الطحلب المائي:
من يا ماء أخرج مهجة القطرات تشتعل، وتشعل
في الدجى نيران قلب الشاعر الجوال في بحرٍ يسافر
والضباب، ولا يعود بغير سرب من سراب الوقت
يأخذنا لقاع البحر ينتصب،
وينسج لحمة الأحزان فوق شُغافةُ القلب الشفيف
وَثّمّ يبتعد، لنخرج في ظلام الليل والقمر القميء،
نداعب الأحزان نلقيها على جسد القروح
ولا نفيق، فقط نسائل: كيف نرتحل؟!
نخضب من عيون الماء ألحان التبتل ثم ننسحق..
بأي بسيطة يقف المدى ليناظر الوقت الحرون، ويستميل
النخل ، يفتل من رقاق الضوء قنطرة ليعبر كوكب
الأحزان، يخرج من عباءة وقتنا ليعيد ترتيب الضمير،
يشيع نور العدل، يرقى بالمروج لكي نطاول،
نجمة الألق البهي، نبيح خمر العشق والإيمان بالقيوم،
نسكب في القلوب الأمن، نُخْرِجُ لُبّ مأساة تعشش
في الضمير، ولا تجيء بغير أرق الزهرة المخبوءة
الأركان في القلب الحنون،
تصب ماء الصبر للصبر المهاجر من خضار القلب،
تعبر حاجز الرؤية،
لتخرج شمسنا مزهوة بالصفح والغفران،
تشعل في بهاء رياضنا لحنًا يؤمل باقتراب الحق
والخير الجميل بأرضنا الخضراء.. نبتهل،
نغير شكل ملبسنا ونبتهل،
فتنهمر المياه مطيرة بالخير، تورق نبتة ظلت
سنين العمر تنتحب.. وتنتحبُ
أسير ولا أهاجر،
اسأل عابرًا شقت حناياه، وقارب صبره موتًا ،
أيا هذا أجب ـ في الحال ـ أنت، نعم أسائلك:
لأي سوف تنتسب؟!
بكت عيناك، سافرت، ارتحلت، علوت، ثم دنوت
من سهل وجبل، ثم بسيطة صفراء، خضراء،
وسوداء، أسائلك:
لأي سوف تنتسب؟!
أجب في الحال صَبَّا عافه الزمن الصديق وراح
يبحث في محيط الكون عن سر..، يسافر،
لا يعود، يعود ثم يسير مرتحلاً ولا يجد الإجابة
عن سؤال بات يؤرقه، لأي سوف تنتسب؟!
لأي سوف تنتسب؟! وجلدك قد براه الحزن شقق قشره
وأناخ حزن الوقت داخل جوفك المقروح،
شق عباءة الروح البهية، سافر في الدماء وعاد لا يرجُ
سوى العود، ودائرة تدور ولا سماء ستصطفي
وجع المهاجر، لا بسيطة تفسح الأركان للجسد النحيل
فعد لجلك واثقب الأحزان مركبة وسافر في الفؤاد
وسائل الجسد النحيل، لأي سوف تنتسب؟!
قد جف ماء النبع من عين تفيض وللفضاء،
ولكن يخرج المطر
ويركض في فضاء الكون،
لا يمض حثيثًا، بل يسير ويركض الدمع النديّ
بحدقة الفجر المؤذن فوق جفن الورد،
تختل الضمائر، تنزع الشفق البهي وتنتشي
مهجٌ لوهج لا يغادر وقتنا من ثم يحترق..
يعاود رتق حلم بالرماد، يعود مستترًا بخجل
ثم لا يغدُ يريح صبابة الزمن الرقيم، يشق باحة
وقتنا بخسوف قمر يبهر الأنظار، ينكسر، وينخسف
ويغدو في ارتحالات تدوم ولا تجدد جلدها وتعود تحترق
وتحترق وأسأل دائمًا أبدًا:
لأي سوف تنتسب؟!
غابت رؤاك وعاودتك هواجس الأحلام تسَأل عابرًا
نفس السؤال، يجيب وجدك صوت سؤلك عائدًا
نزق المحيا غائرًا في الحزن يا أنت:
لأي سوف تنتسب؟!
عيناك كحلتا بألق من دموع الشمس،
أحترق وأنت تخرج كل فجر تسَأل الألحان،
تعبر حاجز الخوف البليد، تموسق الأحزان،
تعزف والصبا ورحيق أيام تشهي عاشقًا
يرجو وصالاً يا فتى : من بالصبا وجمال أيام
وأنثى تخرج الصمت الحبيس بوجدك الحيران
تسَألك: لماذا لا تفض علائقًا وتعيد توشيج العلائق،
تسكب الألحان زهرًا، تستبيح الوجه والوجع اللذيذ،
تعاود الترحال في ذاتٍ، تفك الختم من شمع المدائن،
توقظ الحمأ المقيم بداخل الشق العميق،
تعيد موسقة الجمال، تفك طلسم الوجود
وتعبر الوقت الحرون، ترتب الأشياء
داخل مركز الماء المحيط بذرة الكون الفسيح،
تغادر الآهات، تعبر عبر مزرعة البراءة، تعبر
الديجور، توقظ فتنة البللور واللازورد ، تُبقى من
خمائلك الندية أغنيات غائبات من زمان الوصل
بالحلم الدفين، تريح هدبك بين ينبوع تشقق،
ثم شقق كل أركان الحديقة وانتشى بالأقحوان
وزهّر الأرض الخراب، وعاقر الخمر الرطيبة
واستباح العرى من أشجار نبع خريفه الوقت الحرون،
وشق نعناع الحديقة والرياحين المضيئة، غازل
الفردوس واستلب المخبأ من رياض الوقت،
وارتاحت هنيهاتٍ، وعاود للمدى بضًا عفيفًا يستقي
من نيل شوقٍ جارفٍ يحيا على أمل المراودة اللذيذة
من مياهٍ غادرت أركان صبوته سنينًا واستباحت
كوكب الدخان كي تشفي من الوجع المقيم بصبوة
الأشجار.. كن ماءًا زلالاً يختل الوقت، يهاجر عبر
روضٍ يصطفيك، ولا تخف، هذي بسيطتك الحنون
تعيد أضلاع المساء، تربت الكتفين بالشفق المبين،
وتهجر البوح المقيم بباحة الصمت القديم،
تعيد موسقة الحياة صبابة تغدو على وتر النخيل،
تنوح من شوقٍ وتهدل حين يخطفها الضياء،
تغيب ثم تعود، لا ترجُ سوى وصلٍ يعيد نضارة
البستان، يزعق طائر:
ايان تأتي ضمديه، خذيه للحضن الحنون،
وأغلقي بستانك المسجور بالسحر المبين،
وذوبي ماء المحب بماء روضتك الشريفة،
عاقريه صبابة الأزمان، صبي من رحيق
الحب شلالاً يذوّب سحره الإكسير،
لا تدعيه يسأل عن زمان أو مكانٍ
أو يعود يسائل القلب الحزين:
لأي سوف تنتسب؟!
هذا غذاؤك يا فتى لبنًا ورطبًا رائقًا من كوثر مزج
الأقاحي ثم برّده الجوي، وأتاك عذبًا رائقًا،
خذه بكفيك وذق من مشتهى العناب رمانًا تقاطر
من عصارة عذبها عذب الشراب،
وكوثرًا يأتيك بالعناب يسكبه لمقدمك فخذ وقتًا
لوقتك واستبح وقتًا شهيًا،
أنّى تسير أكون صبو الواقع، موسيقا تطن، تهادن
القطبين، أستفتيك عن حالٍ، وحالٍ ثم أسألك:
لأي سوف تنتسب؟!
لأي سوف تنتسب؟ وما وقع التقاء الموج بالموج؟
وما لغة الكلام الآن؟ كيف تشيخ رؤياه المدى
وتقاطر الدمع الرهيف بكوكب عذب شمائله،
وهذا المائج المشطور من بالله يرجعه لصبو الحلم،
من بالله يسألني ودون تقاطر الأشياء،
دون تمازج الألوان، دون تأرجح الأنوار،
كيف تشيأ الصمت الرءوم لعذب ديدننا
ولا تعدُ تقايض بالجوى ماء المحبة،
تستظل بأثلةْ وتصب من دوم الرؤى دوحًا مخضرة
ونبعًا يستسيغ الشوف للدنيا، يصب دموع رؤيانا
بكأس لا تشي، تستوقف الزمن المهاجر
ثم تغدو توثق النجم المسافر، تستفيق ولا تفيق،
ولا يفوق لوصفها حَدّث!!
أقول لصاحبى فجرًا:
لماذا لا تعود لتوثق الحلم المرابض عند شفة النور
توثقه ليخرج من ثنايا الكون ضوء لا نسايره
ويغمرنا بدفء حنينه دومًا، أقول لصاحبى:
قطرت حدقته مساء العام، كحلت الرؤى بوميضه
كيما يفك طلاسم الومض البريق بمقلتيه،
يعاود التحديق في الوجه البهي،
يغادر الألق المسافر فى هيوليّ الثبات،
يعيد أرجحة الرؤى عبر الظلال ليقفر الضوء
الشجي من الوشيجة، يعلق الآن بومض البرق،
يخطف مهجتينا، ثم لا يغدُ يغير وجهة الكون الرحيب،
يعيد موسقة الرؤى وتناثر الضوء المسجي
من رياض حالمات، عذبت قلب المحب
ليخرج ـ الآن ـ الضياء
يسائل الزمن الحرون: لأي سوف تنتسب؟!
لأي سوف تنتسب؟!
وعيناك انفلات الكون من مشكاة مصباح ينير بعطر
عائدة بصحراء الجمال، تعيد تشتيت الرؤى،
وتصب جام العشق بركانًا يفيض على البسيطة
يأخذ الأعشاب والورد المقيم بجنةٍ فاضت رؤاها
واستراح العطر عبر رياضها وتقول في وله ودل:
يا صبابات عذابٍ من سيمنعنا عن الكون الفسيح
لنوقظ الوجل المؤمل من زمان العشق، يرتقب الصبية
وهي تخرج من ثنايا الضوء تدبقه على الصدر المشهى
ثم تمنحه لأول عابر نحو الضياء،
أسير اسألها بحب واشتياق:
يا حبيبة خبري صَبًّا كواه العشق، رباه الدلال،
ويرتوي من ماء صبوتك ويسأل عن زمان ليس يعرفه..
لأي سوف تنتسب؟!
لأي سوف تنتسب؟!
لأي سوف تنتسب؟!
لأيٍّ سوف
تن
ت
س
بُ
لأي سوف تنتسب؟!

شعر
حاتم عبد الهادي السيد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...