لقد ضربها ضرباً مبرحاً، وجهها كان مثل وجه الجوكر في الفيلم، ملوناً بالأحمر والبنفسجي، وشفتاها متورمتين. ما تبقى من جسدها لم يخلُ من كدمات وسحجات الجَلد بالحزام..
كانت تبكي أمامي فأشرت للشرطي بأن يأتها بكوب ماء..
- الساعة العاشرة مساء ولا يوجد شيء غير الماء..
ظلت تبكي، فقلت:
- سأدون بلاغاً بالجريمة وأمر قبض فوري على زوجك..
ثم وجهت حديثي للشرطي:
- ءأتوني به فوراً..
وكان عليَّ أن أشغل نفسي بشيء سوى التطلع إلى وجهها المعجون بالأورام والدماء...لكن ماذا يمكن أن يفعله المرء في المساء داخل قسم شرطة برائحة عفنة وليس فيه مشهد جميل؛ حتى الدرج لا يفتح إلا بعد أن أضغط عليه لأسفل ثم أجره بكلتا قبضتيَّ ثم أسحبه ببطء..
خرجت من المكتب وتطلعت عبر نافذة الزنزانة الصغيرة للمساجين..كانت وجوههم شاحبة وهم واجمون كالموت..بدا وكأن كل واحد منهم يحمل هم نفسه فقط..إنهم ليس كما رأيتهم وأنا صبي في الأفلام يضحكون ويتشاجرون..إنهم في الواقع لا يفضلون الشجار..يفضلون إجترار مأستاهم الوجودية..لقد فقدوا حقهم في الحياة لأنهم في الواقع لم يكتسبوها أبداً منذ مولدهم..تقول بعض النظريات بحتمية الجريمة في حياة هؤلاء المنحوسين.. ويبدو أن الأمر كذلك..
دخنت سجارة ومازحت الصول العجوز صاحب القامة الطويلة والعظام القوية رغم نحول جسده..ثم عدت إلى المكتب وكانت صامتة..
بعد قليل أدخلوه:
- لماذا تضرب زوجتك؟
ظل صامتاً فصحت:
- سأجعلهم يضربونك كما فعلت بها..
وسمعت شهقتها.
- تضرب امرأة ضعيفة.. سأجعلك ضعيفاً مع هؤلاء الذين لا يرحمون أيها المجرم..
أمرت الشرطي:
- اذهب به إلى الزنزانة وليوضبوه جيداً..
لكنني تفاجأت بها تصرخ وترتمي في جسد زوجها لتحول بينه وبين الشرطي:
- لا.. لا.. لا تؤذوه .. لقد كان سكراناً فقط..
ظلَّ هو جامداً في وقفته وهي متعلقة به..
فكرت قليلاً:
- حسن.. إنني أحذرك من المساس بها مرة أخرى..لو جاءتني مرة ثانية فلن أرحمك..
وأشرت إلى الشرطي..
- اطلق سراحه وليغادرا سوياً..
خرجا.. كانت تحاول سنده بكتفها حتى لا يتعثر...
همست لنفسي بحنق:
- فعلاً الحب أعمى..
ثم دونت استقالتي على عجل وتركتها على الطاولة وغادرت..
عالم تافه.. تافه..
(تمت)
أمل الكردفاني
كانت تبكي أمامي فأشرت للشرطي بأن يأتها بكوب ماء..
- الساعة العاشرة مساء ولا يوجد شيء غير الماء..
ظلت تبكي، فقلت:
- سأدون بلاغاً بالجريمة وأمر قبض فوري على زوجك..
ثم وجهت حديثي للشرطي:
- ءأتوني به فوراً..
وكان عليَّ أن أشغل نفسي بشيء سوى التطلع إلى وجهها المعجون بالأورام والدماء...لكن ماذا يمكن أن يفعله المرء في المساء داخل قسم شرطة برائحة عفنة وليس فيه مشهد جميل؛ حتى الدرج لا يفتح إلا بعد أن أضغط عليه لأسفل ثم أجره بكلتا قبضتيَّ ثم أسحبه ببطء..
خرجت من المكتب وتطلعت عبر نافذة الزنزانة الصغيرة للمساجين..كانت وجوههم شاحبة وهم واجمون كالموت..بدا وكأن كل واحد منهم يحمل هم نفسه فقط..إنهم ليس كما رأيتهم وأنا صبي في الأفلام يضحكون ويتشاجرون..إنهم في الواقع لا يفضلون الشجار..يفضلون إجترار مأستاهم الوجودية..لقد فقدوا حقهم في الحياة لأنهم في الواقع لم يكتسبوها أبداً منذ مولدهم..تقول بعض النظريات بحتمية الجريمة في حياة هؤلاء المنحوسين.. ويبدو أن الأمر كذلك..
دخنت سجارة ومازحت الصول العجوز صاحب القامة الطويلة والعظام القوية رغم نحول جسده..ثم عدت إلى المكتب وكانت صامتة..
بعد قليل أدخلوه:
- لماذا تضرب زوجتك؟
ظل صامتاً فصحت:
- سأجعلهم يضربونك كما فعلت بها..
وسمعت شهقتها.
- تضرب امرأة ضعيفة.. سأجعلك ضعيفاً مع هؤلاء الذين لا يرحمون أيها المجرم..
أمرت الشرطي:
- اذهب به إلى الزنزانة وليوضبوه جيداً..
لكنني تفاجأت بها تصرخ وترتمي في جسد زوجها لتحول بينه وبين الشرطي:
- لا.. لا.. لا تؤذوه .. لقد كان سكراناً فقط..
ظلَّ هو جامداً في وقفته وهي متعلقة به..
فكرت قليلاً:
- حسن.. إنني أحذرك من المساس بها مرة أخرى..لو جاءتني مرة ثانية فلن أرحمك..
وأشرت إلى الشرطي..
- اطلق سراحه وليغادرا سوياً..
خرجا.. كانت تحاول سنده بكتفها حتى لا يتعثر...
همست لنفسي بحنق:
- فعلاً الحب أعمى..
ثم دونت استقالتي على عجل وتركتها على الطاولة وغادرت..
عالم تافه.. تافه..
(تمت)
أمل الكردفاني