هند زيتوني - أماّ بعد..

بعد مرور عدة سنوات من الآن
سأصبح ورقةً جافًّةً، كشجرة هرمة
تكنسها رياح الخريف ، و ترميها عند رصيف العويل
لن ترغب العصافير أن تبني أعشاشها فوق رأسي
ولن يلهو النسيم بأوراقي الصفراء
لا أحد سيرغب بمراسلتي
لن يدعوني أحد إلا من أجل عزاء
عائلة سقطت سنديانتها المسنة
وتحولت أخشابها إلى توابيت ومراكب رخيصة
بعد مرور سنوات من الآن …
سأجلس على كرسي قرب الشاطئ، أدخّن سيجارتي الأخيرة
وأفكر كيف انتحر هامينغوي
ربما لأن صديقه رفض أن يدعوه لفنجان من القهوة
أو ربما كان يحتاج لعناق طويل كما قال لي : البير كامو
هناك من سيخاف أن يدعوني إلى فنجانٍ من الشاي
لكي لا أناديه باسم جاره الذي يكرهه
أو لأعيد عليه قصة قديمة كررتها عشرات المرات
وربما أتأمل بوجهه لأسأله عن أسمي !
بعد مرور سنين من الآن
لن يسأل أحد عن صوري ، أو عن رقم هاتفي
ربما سيرسل لي أحدهم رسالة هاتفية يسألني
كيف أنهت فيرجينا وولف حياتها
وهل أطفأت الفرن قبل أن تموت ؟
أخاف أن أسوق مركبتي
خارطة المكان تبدو شاحبة ،تمتّدُ كثعبان مخيف
لا يوجد سوى اتجاه واحد يقودني إلى طريق الآلهة
وعدني الإله بالجنة وأنا وعدته أن أكون عبدة صالحة ، ففشلت
الجسر الذي يصلني بالآخرين تهدّم
أقف عند ناصية العمر
أنتظر شخصاً ليقدم لي كأساً من الصحو
لم أعد أذكر ماذا كنت احتسي بشبابي .!
هل كنت أفضل الكثير من الثلج ؟ وقطعة من الليمون ؟
أعرف أنني أقلعت عن الشرب والرقص، والتدخين ، بسنٍ متأخرٍ
لا أعرف لو أنني مازلت أكتب الشعر ، أم الشعر يكتبني
لم أعد أجهش بالفرح
أخاف أن يخونني زوجي كما خان هوغو زوجته
مع عشيقته بلانش
قال انه يحبني ولا يحب غيري ، ومع ذلك قبلني
في المساء قبلة باردة برائحة الخيانة
يفوح من ياقته رائحة عطر أنثوي لا أعرفه ..!
هل هو جيرلان ؟ أم ڤان كليف ؟
أخذ اليأس يأكلني كمنشار حاد، تحطم قلبي
أحاول أن ألصق تمثال حبنا المكسور
تبدو فيه الشروخ واضحة ، كما الندوب على سطح الروح

هند زيتوني
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...