ابن الطيب الشرقي - ترنم الطير على غصن بان

تَرَنَّم الطيرُ على غُصنِ بان
إذ بانَ غَيمُ الجَوِّ والصحوُ بان
وقامتِ الأدواحُ راقصةً
لمّا حَكى القُمرِيُّ صوتَ القِيان
فَلتَغتَنِم يومكَ في رَوضةٍ
كأنَّها من غُرفاتِ الجِنان
روضةُ أُنسٍ نورُ نُوارِها
يَشُبُّ نارَ الشَوقِ وَسطَ الجنان
تُذكِّر العاشقَ نَسمَتُها
نَسمَةُ أرضٍ شانُها أيُّ شان
أرضٌ بها حلَّ الحبيبُ الذي
قد كَلَّ عَن تَكييفِهِ الثَقلان
أشرفُ مخلوقٍ وأكرمُ مَن قَد
خَصَّهُ اللَهُ بأعلى مَكان
محمدُ المختارُ خيرُ الوَرى
الحامدُ المحمودُ طولَ الزمان
مَن وَجهُهُ الوَجهُ الجميلُ الذي
يَخجَلُ من أنوارِهِ النَيِّران
ومَن حَوى الحُسنَ بأجمَعِهِ
وجُمِّعَت فيهِ الخِصالُ الحِسان
وأظهرَ اللَهُ على يَدِهِ
كَم مُعجِزاتٍ أفصحت عَن بَيان
إنّ الذي أحرَز من شرَفٍ
عن حَصرِهِ يَعجِزُ إنسٌ وجان
بالحَقِّ ربُّ الخَلقِ أرسَلهُ
فاتّضحَ الحَقُّ به واستبان
وكم حَباهُ اللَهُ من آيةٍ
بَيِّنَةٍ بانت لِقاصٍ ودان
شُقَّ لهُ البَدرُ ورُدّت لهُ
بَعدَ المغيبِ الشمسُ والصَخرُ لان
والضَبُّ والظبيُ بمَجلِسِهِ
قَد كلّماهُ بِفَصيحِ اللسان
والدَوحُ جاءت عَلى سوقِها
تَخُطُّ في الأرضِ بِغَيرِ بَنان
هذا أجَلُّ الخلقِ قاطبةً
هذا شفيعُ الخَلقِ يَومَ الرهان
هذا الذي في حُسنِهِ مُفرَدٌ
هذا الذي ليس يُقاسُ بِثان
أسألُ اللَهَ ربّي يَمنَحُني
بجاهِهِ فوزاً بِنَيلِ الأمان
وأن يكونَ الخَتمُ لي بالرِضى
فإنَّهُ ذو الجودِ والامتِنان
ثُمَّ صلاةُ اللَهِ دائمةٌ
ما كَتَمَ الصبُّ هواهُ وَصان
على النبي والآلِ والصحبِ ما
تَرَنَّمَ الطيرُ على غُصنِ بان
أعلى