محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - كيف أشرح لليل أنني لا أصلح لجلسات التعذيب

كيف أشرح لليل أنني لا أصلح لجلسات التعذيب
ولاقتناص الاعترافات،
أنا مُتآكل
وجُثتي بعثرتها الأرجل الراكضة في هتاف الهرب،
وامامي وابل من الأطفال
والبنات اللواتي خُتنت أثداؤهن بالشفاه العسكرية،
والمارشات
تتنزه في صدري
وتُصيبني بالخوف،
القلب في فِراش الحبيبة، والعيون عالقة في الكوة السرية للباب،
كل هذه المسافات
ولا زلت استيقظ مفزوعاً على جُثتي،
كل هذه المسافة
ونشيج الموتى يبلل وسادتي بالوصايا الأخيرة،
أمام جوع الأريكة للجسد المُعين
ليدها التي تزور لي مُدنًا ، وقصائدَ ، وأنصاف مشاوير .
اتعبتني المراكب التي خلعت أحذيتها
وركضت نحو الغابات.
أتعبتني
المُدن غير السعيدة،
في مدى التنقل بين الحانات، أاتعبتني اللافتات التي اجدني فيها مشدوداً بحبال،
نحو سُرة أفلتها في الدموع الاخيرة للباب ...
يا الله ...
أريدك أن تعيدني كما كنت،
رجلا لم يخض حرباً،
ولم يخسر يدًا في عراك ضد الجوع اللئيم،
وفي صفرة المقصلات النيئة،
أعد لي كل تلك الأيادي التي، خمشت أوطانًا من طاولات الغير، فحُكمت بالصلب،
المسامير الصدئة تُسمم الالتقاط،
الجالسون في المقهى المُسن، يتبادلون النكات حول البقال،
لا يأبهون بجسدي الذي يتساقط كمنزل طيني،
أمام تماسكهم الطويل،
امام جه الميتات المعلبة في شريط الأخبار ...
هذه المُدن الجائعة للفوضى
وللأبطال الذين حملوا جنازاتهم،
وفروا من الصفحات الأولى للتاريخ،
للجواز الذي نشهره في وجه الاشياء ،
كأننا موصومون بالسفر ،
للنساء الصافيات كحُزن الواحدة ليلًا،
للنساء الحارات كساعي بريد لا يملك عائلة،
للنساء الحقيقيات كالموت على حب،
اُريد أن أعود إلى الرصاصة ...
كل هذا الحنين ولا زلت ارتجف،
كل هذه النار التي يضرمها الوقت،
ثأراً من أحذية أكلت جواربها، لتمحوا ذاكرة المشاوير القديمة ...
اريد أن اعود،
لابتلع خزينة ثيابها ، وصوتها ، وأطفالنا الذين اطلقنا عليهم الاسماء،
ثم نسيناهم في الواقي الذكري،
اريد أن ازرعها في الصدر مُنتحراً بها ،
كما تغرز السماء أقدارها،
كما تغرز الأسئلة الحامضة الاستفهام عن القتلة،
كما تغرز الحقيبة المكدسة بالمحطات،
المناديل التي تنسى أذرعها وتلوح بالدمع ...

عزوز
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...