بدوي الدقادوسي - الإعدام صمتاً

أطالع التلفاز وأقرأ الصحف في صمت ، أجيب على أسئلة الدنيا بالصمت ، للصمت دلالات تفوق كثيرا كل الكلمات ؛ لست نبيا نذر لربه صوما ،بل سفاح ، يقتل الحرف ويشنقه على شفتيه .للكلمات رائحة كريهة كلما شممتها أتقيأ قيحا .
ما إن لامس الوسن جفني ؛ حتى قمت مسرعا ؛ أتقيأ حروفا نيئة برائحة كريهة وبكيت ؛ توضأت وصليت ؛ونمت : رأيت أخا يأكل لحم أخيه ، يرديه ويبكى على قبره ، المظلوم – بأمر القاضى الحافظ لكلام الله- مربوط فى سلسلة الظالم وعليه الطاعة حتى يحظى بعطف الله وتحنانه ويموت العدل ، والسلطان يضع السيف فى كفة ميزانه الراجحة ؛ أحصيت عدد القتلى والقتلة ؛ عدد الخونة والعملاء ؛ عدد من باع ومن كان على يقين أنه سيباع ؛ جننت ؛قالوا مجنون كبطل قصة ثرثرة فوق النيل ؛لعل ندائي المستميت (الفلاحة ماتت ولازم نسلم نفسنا ) هو ما جعلهم يطلقون هذا الاسم عليّ ؛ومن ذلك اليوم وأنا ألوذ بالصمت .
قرروا قتلي ؛جاءوا بشيخ يقرأ آيات قرآنية ويسألني ماذا تشتهي قبل الموت؟انتظر إجابة ؛أومأت برأسي: أن لاشيء .أنطقني الشهادتين فلم أنطق ؛ فجأة ؛انسابت جملة من شفتيّ.: قل لي ياشيخ نجم الدين ؛فتهلل كل الوافقين : بركات الشيخ أنطقت المريض.
قال ماذا تريد ؟
لي سؤال .
تفضل .
أين تضع لحيتك عند النوم فوق اللحاف أم أسفله؟
تحيّر الشيخ ؛وقال : لا أنتبه لتلك المسألة .
قلت : طلبي أن تجيب سؤالي قبل الموت.
_ دعني ألحظ هذا في ليلتي وأخبرك صباحا .
عندما حل الليل وخلد الشيخ لنومه ؛ وضع لحيته تحت اللحاف تضايق ؛ وضعها فوق اللحاف فبدا كأنه مصلوبا تحت غطائة ؛فوضعها تحت اللحاف وظل هكذا؛ يضعها حينا فوق اللحاف وحينا تحته؛ فارقه النوم نهض مهموما يدعو عليّ؛ وظل كذلك حتى الصباح . تجمع الناس ليسمعوا إجابة الشيخ أين يضع لحيته أثناء النوم ؟ وجاء الشيخ ليجيب أنه لا يدري ! فعفوا عني وطالبوا بقتله.



2009/10/21


تعليقات

ع
هكذا نحن نترك عظام الامور وننشغل بسفاسفها لا فض فوك اخي فتح الله عليك
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...