الشاعر حسين عفيف (1902-1979) من رواد الشعر المنثور منذ ثلاثينيات القرن العشرين، من خلال دواوينه مناجاة (1934) الأغنية (1940) العبير (1941) وغيرها وبعد نشر أعماله الكاملة في ثلاثة مجلدات عام 2002 نشر الباحث نبيل فرج مقالا في الأهرام بتاريخ أول أغسطس 2014 استدرك فيه، ما لم ينشر في أعماله الكاملة فذكر أن هناك ديوانين لم تتضمنهما الأعمال الكاملة وهما «مناجاة» و«الأغنية» رغم وضع اسميهما على الغلاف وطالب بنشرهما ولو منفردين حتى تكون أعمال حسين عفيف كاملة بالفعل بين يدي القراء.
ولكن قبل أن نستطرد نود أن يتعرف القارئ على سيرة حسين عفيف وشعره.
ولد حسين عفيف في 6ديسمبر سنة 1902 بمدينة طنطا لأب كان يرأس المحكمة الشرعية بالقاهرة. ولم يعرف حسين الاستقرار في تعليمه أو روابط الإنسانية على نطاق المجتمع بسبب تنقل والده الدائم في المحاكم بين طنطا والقاهرة والزقازيق وأسوان ، مما كان له انعكاسه على تعليم الصبي وعلى صداقاته، وكان ذلك سببا من أسباب انطوائيته وحبه للعزلة .
وفي سنة 1924 التحق حسين عفيف بكلية الحقوق بجامعة القاهرة وتخرج فيها سنة 1928.
وفي سنة 1929 اشترك في تأسيس جمعية لشباب الحقوقيين ونشر كتيبا تحت عنوان «أزمة الحقوق» ثم كتابا بعنوان «البطالة» سنة 1932. وفي الفترة نفسها انضم إلى حزب العمال الذي أنشأه النبيل عباس حليم ليناوئ به الملك فؤاد.
ولكن ما لبث حسين عفيف أن ترك العمل بالسياسة، وتفرغ لعمله ومسئولياته الأسرية لرعاية إخوته الستة بعد وفاة والده عام 1934 وقد بدأ حسين عفيف حياته العملية محاميا حرا، لكنه ما لبث أن عين قاضيا سنة 1934 بمدينة سوهاج، ثم نقل قاضيا إلى مدينة الإسماعيلية 1946، ثم قاضيا بمدينة الزقازيق عام 1947.
ثم نقل رئيسا لنيابة بنها فمستشارا في محكمة المنيا، فمديرا عاما للتفتيش القضائي من سنة 1955حتى سنة 1962، ثم رئيسا لمحكمة استئناف الجيزة حتى إحالته إلى المعاش سنة 1965 بعد تجاوزه السن القانونية .
أما حياته الأدبية فقد انضم إلى جماعة أبوللو سنة 1934 وبدأ ينشر فيها أشعاره التي يلتزم فيها عمود الشعر. وأصدر أول ديوان شعري له بعنوان «مناجاة» سنة 1934، ثم ديوانه «وحيد» سنة 1938، فمسرحيته سهير وديوان «الزنبقة».
وفي سنة 1939 أصدر ديوان «البلبل» وروايته «زينات»، وفي سنة 1940 أصدر ديوان «الأغنية»، ثم ديوان «العبير»سنة 1941.
ثم توقف لمدة عشرين عاما بسبب عمله القضائي وعدم استقراره في بلد واحد، عاود إصدار إبداعاته في مجال الشعر المنثور فأصدر ديوان «الغدير» سنة 1965، ثم ديوان «الغسق» سنة 1968 . وأصدر ديوان «حديقة الورد» في نفس السنة، ثم أصدر ديوان «عصفور الكناريا»سنة 1977.
وقد ظل يواصل إبداعاته حتى رحل عن الحياة في 6 يونيو سنة 1979 عن خمسة وسبعين عاماً . ويعتبر النقاد الشاعر حسين عفيف أحد رواد الشعر المنثور، حيث يعده د. محمد غنيمي هلال فتحا جديدا في الأدب العربي، إذ هو برز فى الشعر العربي الحر غير المقيد بقافية أو وزن في معناهما التقليدي وهو الشعر المنثور وقد جمعت شقيقته الشاعرة الأديبة رابعة عفيف أعماله الكاملة، حيث نجحت في نشرها في المجلس الأعلى للثقافة في ثلاثة مجلدات عام 2002 قبل أن ترحل عن الحياة وتترك آثارها الأدبية مخطوطة لم تنشر حتى الآن .
وقد وصف الكاتب أنيس منصور الشاعر حسين عفيف بأنه آخر الشعراء الرومانسيين في مصر. وقد أضاف البعض عالم حسين عفيف الخاص إلى عالم الرومانسيين الخيالي الحالم الذي يسلك إلى السعادة طرقا مفعمة بالألم والمعاناة، فإذا كان الحب هو شغله الشاغل فإن الجمال هو محرابه الذي يتلو فيه صلواته التي لا تنتهي وحين يقارن الشاعر بين الجمال والمجد فإنه يختار الجمال .
ويرى البعض أن الشاعر حسين عفيف حين يرسل أناشيده الحالمة إلى حبيب غامض مجهول برموزها البارعة التي تمزج بين التجريد والتجسيد والتي تزخر بها هذه الأناشيد تعجز عن تحديد صورة حبيب معين له قسمات إنسان يعيش على الأرض .
ولعل سر المعجزة الفنية في دواوينه الشعرية هى هذه القدرة على تنويع المتشابه وتقسيم الواحد وتكرار التجربة بصورة توحي بامتدادها مما يجعل القارئ يظن أن الشاعر كتب قصيدة واحدة انقسمت إلى أناشيد ومقاطع حاول الشاعر أن يضع فيها ذوب حياته كلها وخفقات قلبه وهمسات روحه، حيث ظل طيلة حياته يرسل أناشيد الحب والوجد والجمال، ويعزف على قيثارته أناشيد الغرام والحنين والأسى .
وقد حاول النقاد تصنيف شعر حسين عفيف، بين الشعر المنثور وأدب المناجاة فإن التقييم الحقيقي لشعره المنثور أنه هو سيد الشعر المنثور في أدبنا المعاصر بلا منازع، لم ينزل إلى مستوى قصيدة النثر المباشرة التي أصبحت بلا موسيقى، بل كان شعره المنثور هو شعر القلب والروح والوجدان والمشاعر الصادقة بلغة سهلة عذبة رقيقة يطوف بها فى حدائق الورد وعوالم النجوم والخيال فأصبحت كتاباته صورة حية باقية في المشهد الشعري العربي وكأنها أنغام تسري في حديقة مليئة بالزهور تحت سماء مرصعة بالأقمار والنجوم، وهو ليس صيادا يطارد الوحوش في الغابات المظلمة، بل راعيا له ناي وأرغول وإنشاد ويعزف على قيثارته سلافة الحب، وأنغام المحبين والعشاق.
وحسين عفيف في رأي بعض الباحثين مزيج من الرومانسي الحالم والصوفي الذي يلهث وراء لحظة الإشراق ولكنك ربما كنت أقرب إلى الحقيقة إذا تخليت كلية عن محاولة تصنيفه وولجت عالمه الرهيف الذي يشكل الحب أرضه وسماءه وتلمع الطبيعة لتكون وسادا ومهادا لهذا الحب الغامر الذي تطويه حيناً ويبعث في جوانحها وهج التألق والشوق حتى تجىء لحظة الفراق .
إن قصائد حسين عفيف مجرد مقطوعات تتكون في جمل مركزة تكاد تخلو من الموسيقى الخارجية لموسيقى الشعر العربي التقليدية، ولكن يغلب عليها الشجن والأسى وحرارة المشاعر وتوهجها، ليظل حسين عفيف شاعر حدائق الورد والعبير !
ولكن قبل أن نستطرد نود أن يتعرف القارئ على سيرة حسين عفيف وشعره.
ولد حسين عفيف في 6ديسمبر سنة 1902 بمدينة طنطا لأب كان يرأس المحكمة الشرعية بالقاهرة. ولم يعرف حسين الاستقرار في تعليمه أو روابط الإنسانية على نطاق المجتمع بسبب تنقل والده الدائم في المحاكم بين طنطا والقاهرة والزقازيق وأسوان ، مما كان له انعكاسه على تعليم الصبي وعلى صداقاته، وكان ذلك سببا من أسباب انطوائيته وحبه للعزلة .
وفي سنة 1924 التحق حسين عفيف بكلية الحقوق بجامعة القاهرة وتخرج فيها سنة 1928.
وفي سنة 1929 اشترك في تأسيس جمعية لشباب الحقوقيين ونشر كتيبا تحت عنوان «أزمة الحقوق» ثم كتابا بعنوان «البطالة» سنة 1932. وفي الفترة نفسها انضم إلى حزب العمال الذي أنشأه النبيل عباس حليم ليناوئ به الملك فؤاد.
ولكن ما لبث حسين عفيف أن ترك العمل بالسياسة، وتفرغ لعمله ومسئولياته الأسرية لرعاية إخوته الستة بعد وفاة والده عام 1934 وقد بدأ حسين عفيف حياته العملية محاميا حرا، لكنه ما لبث أن عين قاضيا سنة 1934 بمدينة سوهاج، ثم نقل قاضيا إلى مدينة الإسماعيلية 1946، ثم قاضيا بمدينة الزقازيق عام 1947.
ثم نقل رئيسا لنيابة بنها فمستشارا في محكمة المنيا، فمديرا عاما للتفتيش القضائي من سنة 1955حتى سنة 1962، ثم رئيسا لمحكمة استئناف الجيزة حتى إحالته إلى المعاش سنة 1965 بعد تجاوزه السن القانونية .
أما حياته الأدبية فقد انضم إلى جماعة أبوللو سنة 1934 وبدأ ينشر فيها أشعاره التي يلتزم فيها عمود الشعر. وأصدر أول ديوان شعري له بعنوان «مناجاة» سنة 1934، ثم ديوانه «وحيد» سنة 1938، فمسرحيته سهير وديوان «الزنبقة».
وفي سنة 1939 أصدر ديوان «البلبل» وروايته «زينات»، وفي سنة 1940 أصدر ديوان «الأغنية»، ثم ديوان «العبير»سنة 1941.
ثم توقف لمدة عشرين عاما بسبب عمله القضائي وعدم استقراره في بلد واحد، عاود إصدار إبداعاته في مجال الشعر المنثور فأصدر ديوان «الغدير» سنة 1965، ثم ديوان «الغسق» سنة 1968 . وأصدر ديوان «حديقة الورد» في نفس السنة، ثم أصدر ديوان «عصفور الكناريا»سنة 1977.
وقد ظل يواصل إبداعاته حتى رحل عن الحياة في 6 يونيو سنة 1979 عن خمسة وسبعين عاماً . ويعتبر النقاد الشاعر حسين عفيف أحد رواد الشعر المنثور، حيث يعده د. محمد غنيمي هلال فتحا جديدا في الأدب العربي، إذ هو برز فى الشعر العربي الحر غير المقيد بقافية أو وزن في معناهما التقليدي وهو الشعر المنثور وقد جمعت شقيقته الشاعرة الأديبة رابعة عفيف أعماله الكاملة، حيث نجحت في نشرها في المجلس الأعلى للثقافة في ثلاثة مجلدات عام 2002 قبل أن ترحل عن الحياة وتترك آثارها الأدبية مخطوطة لم تنشر حتى الآن .
وقد وصف الكاتب أنيس منصور الشاعر حسين عفيف بأنه آخر الشعراء الرومانسيين في مصر. وقد أضاف البعض عالم حسين عفيف الخاص إلى عالم الرومانسيين الخيالي الحالم الذي يسلك إلى السعادة طرقا مفعمة بالألم والمعاناة، فإذا كان الحب هو شغله الشاغل فإن الجمال هو محرابه الذي يتلو فيه صلواته التي لا تنتهي وحين يقارن الشاعر بين الجمال والمجد فإنه يختار الجمال .
ويرى البعض أن الشاعر حسين عفيف حين يرسل أناشيده الحالمة إلى حبيب غامض مجهول برموزها البارعة التي تمزج بين التجريد والتجسيد والتي تزخر بها هذه الأناشيد تعجز عن تحديد صورة حبيب معين له قسمات إنسان يعيش على الأرض .
ولعل سر المعجزة الفنية في دواوينه الشعرية هى هذه القدرة على تنويع المتشابه وتقسيم الواحد وتكرار التجربة بصورة توحي بامتدادها مما يجعل القارئ يظن أن الشاعر كتب قصيدة واحدة انقسمت إلى أناشيد ومقاطع حاول الشاعر أن يضع فيها ذوب حياته كلها وخفقات قلبه وهمسات روحه، حيث ظل طيلة حياته يرسل أناشيد الحب والوجد والجمال، ويعزف على قيثارته أناشيد الغرام والحنين والأسى .
وقد حاول النقاد تصنيف شعر حسين عفيف، بين الشعر المنثور وأدب المناجاة فإن التقييم الحقيقي لشعره المنثور أنه هو سيد الشعر المنثور في أدبنا المعاصر بلا منازع، لم ينزل إلى مستوى قصيدة النثر المباشرة التي أصبحت بلا موسيقى، بل كان شعره المنثور هو شعر القلب والروح والوجدان والمشاعر الصادقة بلغة سهلة عذبة رقيقة يطوف بها فى حدائق الورد وعوالم النجوم والخيال فأصبحت كتاباته صورة حية باقية في المشهد الشعري العربي وكأنها أنغام تسري في حديقة مليئة بالزهور تحت سماء مرصعة بالأقمار والنجوم، وهو ليس صيادا يطارد الوحوش في الغابات المظلمة، بل راعيا له ناي وأرغول وإنشاد ويعزف على قيثارته سلافة الحب، وأنغام المحبين والعشاق.
وحسين عفيف في رأي بعض الباحثين مزيج من الرومانسي الحالم والصوفي الذي يلهث وراء لحظة الإشراق ولكنك ربما كنت أقرب إلى الحقيقة إذا تخليت كلية عن محاولة تصنيفه وولجت عالمه الرهيف الذي يشكل الحب أرضه وسماءه وتلمع الطبيعة لتكون وسادا ومهادا لهذا الحب الغامر الذي تطويه حيناً ويبعث في جوانحها وهج التألق والشوق حتى تجىء لحظة الفراق .
إن قصائد حسين عفيف مجرد مقطوعات تتكون في جمل مركزة تكاد تخلو من الموسيقى الخارجية لموسيقى الشعر العربي التقليدية، ولكن يغلب عليها الشجن والأسى وحرارة المشاعر وتوهجها، ليظل حسين عفيف شاعر حدائق الورد والعبير !