ما أن ترجل من السيارة حتى أشار له السائق أن يتقدمه ليصعد الدرجات نحو البوابة الزجاجية، ألقى السلام على الحراس دون أن ينتظر ردا ؛ فقد تعود على تجاهل الجميع له من السائق إلى الحراس إلى المسؤلين الذين يستدعونه كل بضعة أسابيع .
يتجه نحو غرفة الانتظار، يجلس مسترخيا على الكنبة الجلدية فربما تمر ساعة او ساعتان قبل أن يستدعوه ..
- هذا أفضل من البقاء في الفندق.
تمتم وهو يغوص أكثر ويمد ربطة عنقه السوداء فوق بطنه الضخمة لتبدو بخطها الأبيض الذي يتوسطها كأنها طريق أسفلتي صاعد فوق جبل مرتفع،
خطر له أن ينهض، ويتجول في طول وعرض الغرفة لينشط الدورة الدموية لكنه تراجع في آخر لحظة وهو يختلس النظر إلى كاميرات المراقبة المبثوثه في السقف والزوايا.
- تفضل ..
باغتته سرعة الاستدعاء، نهض مترنحا يصلح من هندامه، وسار مرتبكا نحو غرفة الاجتماعات، ليرى ثمانية من الضباط قد جلسوا حول الطاولة الكبيره التي تتوسط المكان، وتكدست أمام بعضهم الأوراق، وأجهزة الحاسوب، وقبعاتهم العسكرية السوداء .
الجندي الذي رافقه أشار له بالجلوس في المقعد الشاغر أدنى الطاولة وهو يناوله بعض الأوراق مما حال بينه وبين التمعن في وجوه الضباط الذين ظلت أنظارهم مصوبة على الضابط الواقف أمام شاشة عريضة، حتى وهو يطفئ المؤشر الضوئي ويلتفت مرحبا ببرود :
- نرحب بالمتحدث الرسمي لقوى الثوار، وأحد أفضل المتعاونين معنا.
ثم التفت إلى الشاشة التي تعرض خريطة مقسمة إلى مربعات صغيرة :
- وكما تلاحظون هنا بعض الأهداف التي سيتم قصفها خلال ساعتين من الآن وعددها سبعة أهداف وهي :
1- حارة السلام / سبب الاستهداف : وجود معسكر ومخازن صواريخ ف.....
شعر بصوت الضابط يتلاشى، وبضربات قلبه تتسارع، وبالعرق يتصبب من رأسه، أراد أن يسحب المنديل من جيب البنطلون، لكنه أحس بضيق في التنفس رفع يده في حركة تبدو وكانه يطمئن على عروة ربطة عنقه التي أخذت تضيق على رقبته، أجبره الهواء البارد الذي هب من خلفه جهة اليمين إلى الالتفات خلسة لمعرفة مصدره، تعالت أصوات تكبيرات الأذان يرافقها صوت مألوف يناديه، يندفع نحو النافذة ليرى صديقه حسام وبجانبه حسين ابن إمام المسجد الذي رفع سلسلة صغيرة تأرجح منها مفتاح قديم ليطلق صرخة فرح وهو يطوي نزولا درجات البيت الحجرية في بضع قفزات، وينطلق معهم إلى المسجد، وفي زاوية الصرح المصلل بأحجار البازلت، يكمن ثلاثتهم في انتظار انقضاء الصلاة وخروج المصلين، فيغلقون باب المسجد ويسرعون نحو المئذنة، يولجون المفتاح في ثقب بابها الخشبي، ويدلفون إلى الداخل، ويبدؤون في صعود درجات سلمها الحلزوني.
تثير أقدامهم الصغيرة، وأياديهم التي تصدوا على الاعشاش فزع العصافير والحمام فتنفر عبر الثقوب المنتشرة في وسط وأعلى المأذنة التي منها يطلون برؤوسهم عبر فتحاتها الصغيرة، ليتمتعوا برؤية اسراب الحمام وهي تجوب الفضاء أمامهم، ويتاملون تضاريس حارتهم الأثرية الجميلة حارة السلام، بأزقتها المتعرجة، واسطح منازلها، ونقوش نوافذها الملونة، وشبابيكها البديعة، وتلك العقود الحجرية ذات القباب البيضاء التي تزين مداخلها وساحاتها الجميلة، والتي يتنافس مع أصدقائه خلال العطلة الصيفية على بيع صورها للسياح، وارشادهم حين يجوبون طرقاتها إلى سوقها القديم، ومعالمها الأثرية .
انتزعه صوت الضابط الحاد :
- الهدف الثاني...
شعر بالتوتر، تردد قليلا، كاد أن يتراجع لولا ذلك الوخز اللطيف الذي تحدثه ساعته الروليكس الجديدة كلما حرك معصمه، ليحسم أمره قائلا :
- لو سمحت يا فندم.. أنا اعترض على مضمون الهدف الأول، الذي قد يوقعنا في مشكلة!!
فهذا المكان ببساطة هو حارتي التي ولدت وترعرعت فيها، وهي منطقة أثرية، ولا يمكن أن ندعي بوجود معسكر فيها لأنه لن يصدقنا احد.
أطبق صمت مفاجئ إلا من حركة الرؤوس التي التفتت نحوه دفعة واحدة، فيما سقطت اشارة الليزر على الأرض، وفغر الضابط الواقف فاه كالمصعوق، أما هو فقد وضع مرفقيه على الطاولة مشبكا بين أصابعه، وابتسم كاشفا عن صف أسنان صفراء :
- لذلك أقترح أن نعدل مضمون الهدف فنقول تسلل قيادات إرهابية كانت تستخدم المنطقة الأثرية كمخابئ !! .
عبدالله عبدالإله باسلامه
اليمن / ذمار.
يتجه نحو غرفة الانتظار، يجلس مسترخيا على الكنبة الجلدية فربما تمر ساعة او ساعتان قبل أن يستدعوه ..
- هذا أفضل من البقاء في الفندق.
تمتم وهو يغوص أكثر ويمد ربطة عنقه السوداء فوق بطنه الضخمة لتبدو بخطها الأبيض الذي يتوسطها كأنها طريق أسفلتي صاعد فوق جبل مرتفع،
خطر له أن ينهض، ويتجول في طول وعرض الغرفة لينشط الدورة الدموية لكنه تراجع في آخر لحظة وهو يختلس النظر إلى كاميرات المراقبة المبثوثه في السقف والزوايا.
- تفضل ..
باغتته سرعة الاستدعاء، نهض مترنحا يصلح من هندامه، وسار مرتبكا نحو غرفة الاجتماعات، ليرى ثمانية من الضباط قد جلسوا حول الطاولة الكبيره التي تتوسط المكان، وتكدست أمام بعضهم الأوراق، وأجهزة الحاسوب، وقبعاتهم العسكرية السوداء .
الجندي الذي رافقه أشار له بالجلوس في المقعد الشاغر أدنى الطاولة وهو يناوله بعض الأوراق مما حال بينه وبين التمعن في وجوه الضباط الذين ظلت أنظارهم مصوبة على الضابط الواقف أمام شاشة عريضة، حتى وهو يطفئ المؤشر الضوئي ويلتفت مرحبا ببرود :
- نرحب بالمتحدث الرسمي لقوى الثوار، وأحد أفضل المتعاونين معنا.
ثم التفت إلى الشاشة التي تعرض خريطة مقسمة إلى مربعات صغيرة :
- وكما تلاحظون هنا بعض الأهداف التي سيتم قصفها خلال ساعتين من الآن وعددها سبعة أهداف وهي :
1- حارة السلام / سبب الاستهداف : وجود معسكر ومخازن صواريخ ف.....
شعر بصوت الضابط يتلاشى، وبضربات قلبه تتسارع، وبالعرق يتصبب من رأسه، أراد أن يسحب المنديل من جيب البنطلون، لكنه أحس بضيق في التنفس رفع يده في حركة تبدو وكانه يطمئن على عروة ربطة عنقه التي أخذت تضيق على رقبته، أجبره الهواء البارد الذي هب من خلفه جهة اليمين إلى الالتفات خلسة لمعرفة مصدره، تعالت أصوات تكبيرات الأذان يرافقها صوت مألوف يناديه، يندفع نحو النافذة ليرى صديقه حسام وبجانبه حسين ابن إمام المسجد الذي رفع سلسلة صغيرة تأرجح منها مفتاح قديم ليطلق صرخة فرح وهو يطوي نزولا درجات البيت الحجرية في بضع قفزات، وينطلق معهم إلى المسجد، وفي زاوية الصرح المصلل بأحجار البازلت، يكمن ثلاثتهم في انتظار انقضاء الصلاة وخروج المصلين، فيغلقون باب المسجد ويسرعون نحو المئذنة، يولجون المفتاح في ثقب بابها الخشبي، ويدلفون إلى الداخل، ويبدؤون في صعود درجات سلمها الحلزوني.
تثير أقدامهم الصغيرة، وأياديهم التي تصدوا على الاعشاش فزع العصافير والحمام فتنفر عبر الثقوب المنتشرة في وسط وأعلى المأذنة التي منها يطلون برؤوسهم عبر فتحاتها الصغيرة، ليتمتعوا برؤية اسراب الحمام وهي تجوب الفضاء أمامهم، ويتاملون تضاريس حارتهم الأثرية الجميلة حارة السلام، بأزقتها المتعرجة، واسطح منازلها، ونقوش نوافذها الملونة، وشبابيكها البديعة، وتلك العقود الحجرية ذات القباب البيضاء التي تزين مداخلها وساحاتها الجميلة، والتي يتنافس مع أصدقائه خلال العطلة الصيفية على بيع صورها للسياح، وارشادهم حين يجوبون طرقاتها إلى سوقها القديم، ومعالمها الأثرية .
انتزعه صوت الضابط الحاد :
- الهدف الثاني...
شعر بالتوتر، تردد قليلا، كاد أن يتراجع لولا ذلك الوخز اللطيف الذي تحدثه ساعته الروليكس الجديدة كلما حرك معصمه، ليحسم أمره قائلا :
- لو سمحت يا فندم.. أنا اعترض على مضمون الهدف الأول، الذي قد يوقعنا في مشكلة!!
فهذا المكان ببساطة هو حارتي التي ولدت وترعرعت فيها، وهي منطقة أثرية، ولا يمكن أن ندعي بوجود معسكر فيها لأنه لن يصدقنا احد.
أطبق صمت مفاجئ إلا من حركة الرؤوس التي التفتت نحوه دفعة واحدة، فيما سقطت اشارة الليزر على الأرض، وفغر الضابط الواقف فاه كالمصعوق، أما هو فقد وضع مرفقيه على الطاولة مشبكا بين أصابعه، وابتسم كاشفا عن صف أسنان صفراء :
- لذلك أقترح أن نعدل مضمون الهدف فنقول تسلل قيادات إرهابية كانت تستخدم المنطقة الأثرية كمخابئ !! .
عبدالله عبدالإله باسلامه
اليمن / ذمار.