قصة قصيرة :
بقلم محمد محمود غدية
( اللحاق بآخر عربات القطار)
فى عينيها إستعلاء ينمان عن كبرياء وتحفظ، لكن إذا أمعنت النظر تكشفان عن حزن دفين، جمالها هادئ قد لا يستوقفك
إذا سمعتها تتكلم، تطلب من الكرة الأرضية أن تكف عن الدوران وتتوقف أمام تلك اللحظة الثرية، التى تنقلك إلى عوالم أكثر بهجة، بسيطة الملبس، تتسم بذوق رفيع وألوان متناسقة، غير مسرفة الأصباغ بوجهها النضر، إذا وجدت متلبسة بالضحك فهى مختصرة، ربما للحزن الذى داهمها وترك أثاره على وجهها وهى فى ريعان الصبا، منذ وفاة والدها المفاجئ ، دون مقدمات لمرض بعد أن عصفت به الخصخصة، وترفض أمها العيش دونه، فتلحق به فى نفس العام، لتجد نفسها وريثة لتركة مثقلة بالهموم، طفلان فى عمر الزهور، تترك التعليم الجامعى المنتظم وتلتحق بأقسام الإنتساب، حتى توفق بين تعليمها وعملها فى إحدى ورش الصناعات الجلدية، مطوحة بالمستحيلات بعد أن وجدت نفسها وحيدة، مستفيدة بالممكن و المتاح رغم مرارة غياب والديها، غمرها الفرح فى نجاح أخوتها فى دراستهم وحصولها على ليسانس الحقوق، أخيراً تعبر مع أخوتها شواطئ الأمان بعد أن تقاذفتها العواصف والأمواج، كانت الشمس تتعانق بألوانها الذهبية فوق سطح الماء وهى ترمى ببصرها بعيداً حيث حلمها الذى نسيته فى معركتها مع الحياة ، لتكتشف أن المسافة بين الحلم والواقع بعيدة جداً كبعد النجوم فى السماء،
تأملت أنوثتها التي أوشكت على الإنطفاء، فوق سطح الماء ووجهها الذى ذهب عنه نضارته، إبتلع البحر دموعها التى إنسابت رغماً عنها، مازالت لديها فرصة اللحاق بآخر عربات قطار الزواج، بقليل من الأصباغ والباديهات التى تكشف أكثر مما تخفى، خلعت عن قدميها حذاء الكوتشى الرياضى وإرتدت الكعب العالى، الذى أعلن عن أنوثة متوثبة، كانت مهملة لسنوات طوال، لا يهم أن زميل العمل يكبرها بعشر سنوات ولا شهادته المتوسطة، يكفى أن لديه شقة مؤثتة فى بيت أسرته ، متخلفة عن تجربة سابقة لزواج لم يكتمل،
كانت قد أهملته لكل هذه الأسباب مجتمعة، كان هذا فى السابق، اليوم ليس لديها إختيارات مع سنواتها التى تقافرت، وأصبحت رصيفاً مهجورا،
لا يتوقف عنده قطار الزواج، لا مانع من أن تشجعه وهى كثيراً ما تضبطه متلبساً وهو يتأمل حدقة عينيها الواسعتين وساقيها الجميلتين، أدهشته حين أبصرها فى ثوب الأنوثة الجديد الذى لم يألفه،
وبقليل من دلال الأنثى، أمسكت به .
بقلم محمد محمود غدية
( اللحاق بآخر عربات القطار)
فى عينيها إستعلاء ينمان عن كبرياء وتحفظ، لكن إذا أمعنت النظر تكشفان عن حزن دفين، جمالها هادئ قد لا يستوقفك
إذا سمعتها تتكلم، تطلب من الكرة الأرضية أن تكف عن الدوران وتتوقف أمام تلك اللحظة الثرية، التى تنقلك إلى عوالم أكثر بهجة، بسيطة الملبس، تتسم بذوق رفيع وألوان متناسقة، غير مسرفة الأصباغ بوجهها النضر، إذا وجدت متلبسة بالضحك فهى مختصرة، ربما للحزن الذى داهمها وترك أثاره على وجهها وهى فى ريعان الصبا، منذ وفاة والدها المفاجئ ، دون مقدمات لمرض بعد أن عصفت به الخصخصة، وترفض أمها العيش دونه، فتلحق به فى نفس العام، لتجد نفسها وريثة لتركة مثقلة بالهموم، طفلان فى عمر الزهور، تترك التعليم الجامعى المنتظم وتلتحق بأقسام الإنتساب، حتى توفق بين تعليمها وعملها فى إحدى ورش الصناعات الجلدية، مطوحة بالمستحيلات بعد أن وجدت نفسها وحيدة، مستفيدة بالممكن و المتاح رغم مرارة غياب والديها، غمرها الفرح فى نجاح أخوتها فى دراستهم وحصولها على ليسانس الحقوق، أخيراً تعبر مع أخوتها شواطئ الأمان بعد أن تقاذفتها العواصف والأمواج، كانت الشمس تتعانق بألوانها الذهبية فوق سطح الماء وهى ترمى ببصرها بعيداً حيث حلمها الذى نسيته فى معركتها مع الحياة ، لتكتشف أن المسافة بين الحلم والواقع بعيدة جداً كبعد النجوم فى السماء،
تأملت أنوثتها التي أوشكت على الإنطفاء، فوق سطح الماء ووجهها الذى ذهب عنه نضارته، إبتلع البحر دموعها التى إنسابت رغماً عنها، مازالت لديها فرصة اللحاق بآخر عربات قطار الزواج، بقليل من الأصباغ والباديهات التى تكشف أكثر مما تخفى، خلعت عن قدميها حذاء الكوتشى الرياضى وإرتدت الكعب العالى، الذى أعلن عن أنوثة متوثبة، كانت مهملة لسنوات طوال، لا يهم أن زميل العمل يكبرها بعشر سنوات ولا شهادته المتوسطة، يكفى أن لديه شقة مؤثتة فى بيت أسرته ، متخلفة عن تجربة سابقة لزواج لم يكتمل،
كانت قد أهملته لكل هذه الأسباب مجتمعة، كان هذا فى السابق، اليوم ليس لديها إختيارات مع سنواتها التى تقافرت، وأصبحت رصيفاً مهجورا،
لا يتوقف عنده قطار الزواج، لا مانع من أن تشجعه وهى كثيراً ما تضبطه متلبساً وهو يتأمل حدقة عينيها الواسعتين وساقيها الجميلتين، أدهشته حين أبصرها فى ثوب الأنوثة الجديد الذى لم يألفه،
وبقليل من دلال الأنثى، أمسكت به .