محمد محمود غدية - حين تتبدد السحب

حاول أن يجعل مفرداته بسيطة وطيعة، ومشجعة على مواصلة الحوار، ضغط فى موضع الجرح دون أن يدرى، فانسكبت اللآلئ من عينيها، وجد نفسه يعتذر وسط جلبة،
تواطئت مع صمته الذى غاص فى باحات عميقة من نفسه، أربكته دموعها وذلك الشجن الدافق والمتكاثف الذى أحاط به،
- قالت : لم أذق طعم السعادة منذ إنفصال أبى وأمى وقرار أبى الموجع بالسفر إلى شقيقى الذى يدرس فى كندا، عمرى دونك إنطفاء،
كانت هذه آخر كلماتها قبل سفرها الذى شطره نصفين، طالت سنوات الغياب وإنقطعت أخبارها،
وداهمه المشيب وأعياه الوهن، لتنتشله من سحبه الرمادية إبنة عمه، تزوجته وأنجبت له إبنة جميلة، أسماها روان على إسم حبيبته لتظل ذكراها عالقة به طول العمر،
كانت الأقدار رحيمة بهم، حين أجلت اليتم للصغيرة برحيل الأم بعد سنوات خمس،
روان كانت الطفلة المثالية فى المدرسة، لإشتراكها فى العديد من الأنشطة كالموسيقى والغناء، فى الحفل السنوى الذى أقامته المدرسة فى حضور أولياء الامور، كانت هناك مفاجأة زلزلته وعصفت به، حبه الوحيد روان فى مقاعد أولياء الأمور، لم تنل منها سنوات العمر، سوى لون الفضة بشعرها المصفف فى عناية فائقة، إنتظر إنتهاء الحفل، فى يدها طفل يماثل سن إبنته، تلاقت أعينهما فى عناق وشوق، هى من بادرته بالسلام مشيرة لإبنها سامى الذى خلدت بااسمه ذكرى حبها الوحيد، مشيرا لصغيرته روان، بين إبتسامتها التى كانت فى سعة الكون، كلاهما خلد الذكرى وأحيا الحب الذى لم تفلح الغربة فى إطفاءه،
- فى كندا تزوجت من لبنانى مغترب، طلقت منه لرفضه الإقلاع عن شرب الخمر وكانت حامل فى سامى، وجدت عملا فى مكتب للترجمة، بعد زواج شقيقها قررت العودة لمصر، حدثها عن وفاة زوجته، لمح فى عينيها دموع لم تستطع إخفائها، لم يزل قلبهما طيبا ونبيلا، إشتبك الصغار فى لهوهما، والكبار فى حبهما، تفضحهما عيونهما التى لمعت وتوهجت فى حب رائق جميل .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...