توطئـــة:
يلاحظ دارس القصة القصيرة جدا بالوطن العربي أن هناك ثلاثة مواقف نقدية متضاربة حول فن القصة القصيرة جدا على مستوى التجنيس: موقف إيجابي يدافع عن القصة القصيرة جدا، إذ يعتبرها الجنس الأدبي المفضل والصالح للمستقبل(أحمد جاسم الحسين، ويوسف الحطيني، وجميل حمداوي، وعبد الدائم السلامي، وجاسم خلف إلياس، وعبد العاطي الزياني...). في حين، ثمة موقف سلبي رافض لها الفن الوافد، ويقوم على المكابرة والممانعة والعناد، وعدم الاعتراف بهذا الجنس المستحدث (أغلب كتاب الرواية وفن القصة القصيرة الذين يخافون على مكانتهم الأدبية كالقاص المغربي أحمد بوزفور مثلا...). أما الموقف الثالث فهو موقف وسط متردد ومحايد وحذر، لا يعبر عن نفسه بشكل واضح وصريح، بل ينتظر الوقت المناسب الذي يعلن فيه قرار الرفض أو التأييد. وما أكثر أصحاب هذا الموقف! ومن النقاد المترددين في هذا المجال نذكر الناقدتين المغربيتين: سعاد مسكين وسلمى براهمة. وفي هذا الصدد، تقول سعاد مسكين:" تصنف مواقف النقاد داخل مجرة (تقصد مجلة مجرة) إلى نمطين: صنف من النقاد يبدو متحمسا لهذا النوع السردي يدرسه باطمئنان شديد وثقة تامة عند ضبط معالمه وأركانه(جاسم خلف، ورمصيص، وتمارة، والزياني)، وصنف مازال يطرح الأسئلة، ويغامر في وضع ملامح لا أركان ثابتة للقصة القصيرة جدا(سلمى براهمة، وسعاد مسكين)، ربما يعود الأمر إلى كون محور الاشتغال كان يهم الجمالية، وترى الباحثتان أن الجمالية القصصية أمر مبكر على القصة القصيرة جدا بدعوى أننا لم نحسم بعد في جماليات القصة القصيرة، فما بالك بهذا النوع السردي الجديد؟!"[1]
وعليه، إذا كان هذا هو موقف بعض الدارسين من هذا الفن المستحدث، فهل تعد القصة القصيرة جدا فرعا من فروع القصة القصيرة؟ وهل نعتبرها أيضا مجرد تنويع أسلوبي وشكلي من ضمن تنويعاتها المختلفة؟ أم أنها جنس أدبي مستقل بذاته يمتلك خصوصياته الفنية والجمالية وثوابته التجنيسية؟ إذا كان ذلك بالفعل، فما هي المعايير التجنيسية التي تبثت لنا ذلك؟هذا ما سوف نرصده في هذه الورقة التي بين أيديكم.
- مفهوم الجنس الأدبي:
تعد مقولة (الجنس/Genre) مفهوما اصطلاحيا أدبيا ونقديا وثقافيا يهدف إلى تصنيف الإبداعات الأدبية حسب مجموعة من المعايير والمقولات التنميطية كالمضمون، والأسلوب، والسجل، والشكل... وغالبا ما يتمظهر ذلك بشكل جلي في عتبة التجنيس أو التعيين التي تتربع في وسط صفحة الغلاف الخارجي أو الداخلي من الكتاب. وهذه العتبة بمثابة عقد بين المبدع والمتلقي. ومن ثم، يهتدي القارئ إلى التعامل مع العمل على هدي ذلك التجنيس الذي أقره المبدع ، فيعتبره عملا واقعيا أوعملا تخييليا.
هذا، وترتبط عملية التجنيس بالقارئ الذي يعتمد على أفق انتظاره التخييلي في التعامل مع النص الأدبي. ويعني هذا أن المتلقي يستند إلى مجموعة من الاتفاقات التجنيسية التي من خلالها يقرأ ذلك النص تحليلا وتقويما. وبتعبير آخر، يمتلك القارئ معرفة خلفية تجنيسية يستكشف بها النص تشريحا وتأويلا. وبالتالي، فالجنس هو بمثابة عقد نصي أو اتفاق خطابي بين المرسل والمرسل إليه أو بين الكاتب المبدع والمتلقي المفترض.
وعليه، يتحدد الجنس الأدبي من خلال وجود مجموعة من العناصر الأساسية المشتركة التي تلتقي فيها مجموعة من النصوص الأدبية. في حين، توجد عناصر ثانوية يمكن أن تختلف فيها الأجناس والأنواع الأدبية بشكل من الأشكال. فالمهم هو احترام العناصر الرئيسية دون العناصر الثانوية. وتبعا لذلك، فكلما اختلت العناصر الأساسية ننتقل توا إلى جنس أدبي آخر في ضوء قانوني: التحول والتغير.
وإذا تتبعنا تاريخ الأجناس الأدبية، فقد كان الإخلال بالنوع أو الجنس في ثقافات معينة مذمة وتقصيرا وتنقيصا. بينما يعد في الثقافات الأخرى فضيلة وتميزا وحداثة وتجديدا وتجريبا. وهكذا، فعندما:" نتحدث – يقول عبد الفتاح كليطو- عن نوع من الأنواع ، فإنك لامحالة تستند أثناء حديثك، بصفة صريحة أو ضمنية، إلى نظرية في الأنواع. خصائص نوع لا تبرز إلا بتعارضها مع خصائص أنواع أخرى. تعريف النوع لاتبرز إلا بتعارضها مع خصائص أنواع أخرى. تعريف النوع يقترب من تعريف العلامة اللغوية عند دوسوسير: النوع يتحدد قبل كل شيء بما ليس واردا في الأنواع الأخرى.إذا تأملت نوعين(المدح والهجاء مثلا) ، فإنك ستلاحظ خصائص متعارضة ومتبادلة الارتباط؛تحديد النوع يقتضي منك أن تعتبر الترادف في مجموعة من النصوص والتعارض بين النوع وأنواع أخرى. لهذا، فإن دراسة نوع تكون في الوقت نفسه دراسة للأنواع المجاورة."[2]
هذا، وقد استلزمت نظرية الأجناس الأدبية مسألة التقسيم على غرار البلاغة العربية التي تم تشذيرها إلى المعاني والبيان والبديع، فقد قسم كل علم إلى عناصر وفروع كثيرة. وينطبق هذا أيضا على الأنواع الأدبية التي تم تصنيفها إلى جنسين كبيرين : الشعر والنثر ، فقسم الشعر إلى أغراض وفنون ثانوية وفرعية. كما قسم النثر إلى فنون وأنواع وأنماط. وقد رأينا في تراثنا العربي القديم أن هناك من كان يفضل الشعر على النثر، ومن كان يفضل النثر على الشعر.
وبناء على ماسبق، فالأجناس الأدبية مقولات مجردة نظرية وسيطة تربط النص بالأدب من جهة، وتصله بالمتلقي من جهة أخرى. كما أن هذه المقولات هي التي تسعفنا في فهم الأعمال الأدبية وتأويلها وتقويمها، وتساعدنا على تصنيف النصوص وتجنيسها وتنميطها. وهي التي تخلق أفق انتظار القارئ أثناء التعامل مع النصوص والأعمال الفنية. وبهذا، تتحول هذه المقولات المجردة إلى بنيات ثابتة متعالية وأشكال تصنيفية جاهزة تعتمد عليها المؤسات الاجتماعية: الثقافية، والتربوية، والأدبية، وغيرها من المؤسسات المجتمعية، في التمييز بين النصوص والخطابات والأشكال التاريخية، وتصنيفها إلى أنواع وأشكال وأنماط ضمن خانات وأقسام ونظريات مجردة، تقوم بعمليات: الوصف والتفسير والتأويل.
- قوانيــــن التجنيــــس الأدبي:
ثمة مجموعة من القوانين التي ينبغي الانطلاق منها لمعرفة هل القصة القصيرة جدا جنس أدبي جديد أم أنها مجرد فرع من فروع القصة القصيرة؟ وهذه القوانين هي:
- قانــــون المماثلـــة:
يعني هذا القانون أن ثمة مجموعة من النقط المشتركة والمتماثلة بين النصوص الأدبية التي تسمح بإدراجها ضمن خانة تجنيسية واحدة. وللتوضيح أكثر، فكل نص أو خطاب أدبي له مجموعة من العناصر التي تتآلف من خلالها مع باقي النصوص الأخرى. وفي الوقت نفسه، للنص عناصره الخاصة التي تميزه عن باقي تلك النصوص. لكن المشترك والمؤتلف هو الذي يخلق الجنس الأدبي. ومن هنا، يصبح معيار المماثلة مقياسا ضروريا في التصنيف والتجنيس والتنويع والتقسيم والتنميط. وهكذا، فقانون المماثلة هو الذي يوحد بين النصوص الأدبية والخطابات الفنية، ويدخلها ضمن صنف نظري واحد ، ويدرجها ضمن مقولة تجنيسية أدبية موحدة.
وهكذا، تتفق النصوص المدرجة ضمن جنس القصة القصيرة جدا في مجموعة من الخصائص ، مثل: الحجم القصير جدا، والتكثيف، والاقتضاب، والقصصية، وفعلية الجملة، وتراكب الجمل، والتنكير، والحذف، والإضمار، وانتقاء الأوصاف، وإرباك المتلقي، وطرح الأسئلة الكبيرة على الرغم من الحجم القصير جدا...
- قــــانــون التواتـــر:
يسمى هذا القانون كذلك بقانون التردد والتكرار. ويعني هذا القانون الإحصائي أن الجنس الأدبي يتحدد عبر الاستقراء والاستنباط والتحليل والتراكم، برصد العناصر المتواترة والمتكررة في النصوص الأدبية، عبر تطورها التاريخي أو في حقبة زمنية معينة. فالعناصر المتكررة داخل النصوص تصبح هي الضوابط والمعايير والمقاييس التي ينبغي الاستعانة بها في تصنيف الأجناس الأدبية، وترتيبها تجنيسا وتنويعا وتنميطا. والغرض من كل ذلك هو استكشاف العناصر العامة، واستكناه المبادئ الكونية التي تتحكم في الأجناس الأدبية، سواء أكانت تاريخية أم نظرية.
وعليه، تتميز كثير من النصوص القصيرة جدا بتكرار بعض السمات المميزة، مثل: قصر الحجم جدا، والشذرية، والتكثيف، والانتقاء، والتركيز، والتشويق، وتنويع علامات الترقيم، والتناص، والإيحاء، والترميز، وفعلية الجملة والتركيب، والحكائية...
- قانــــون الأهميــة :
يسمى هذا القانون أيضا بقانون الملاءمة. بمعنى أن النصوص الأدبية والفنية تحتوي على عناصر ذات أهمية كبرى، وتتضمن أيضا عناصر ثانوية وفرعية لا أهمية لها. وهذه العناصر المهمة التي يشترك فيها النص الأدبي مع باقي النصوص الأخرى، قد تصبح بحال من الأحوال ظوابط منهجية في عملية التجنيس والتصنيف والتقسيم، وتصبح تلك الضوابط كذلك مقاييس ملائمة لتحليل كل نص أدبي، وتجنيسه في قسم أو مقولة نظرية معينة، بعد أن يكون لذلك الجنس الأدبي تاريخ مشترك مع مجموعة من النصوص الأدبية. وهكذا، ينبغي على المتلقي أو الناقد أو الباحث في نظرية الأجناس الأدبية أن يستخلص الأركان المهمة في النصوص، ويستهدي بشكل من الأشكال بالشروط الثانوية. لكن تبقى الأركان الثابتة هي العناصر المهمة مقارنة بالشروط الفرعية التي قد توجد في مجموعة من الأجناس الأدبية.
ومن ثم، تتضمن القصة القصيرة جدا مجموعة من الأركان المهمة التي تفرد هذا الجنس الأدبي الجديد عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى، مثل: قصر الحجم جدا، والإضمار، والتكثيف، والانتقاء، والتراكب، والتتابع، والتنكير، والتسريع، والمفاجأة، والسخرية، والاقتضاب، والمفارقة، والقصصية، والإدهاش...
- قانـــون القيمــة المهيمنة:
يرتبط الجنس الأدبي - حسب رومان جاكبسون (R.Jakobson)- بقانون القيمة المهيمنة (la valeur dominante). بمعنى أن الجنس الأدبي يتحدد بهيمنة وظيفة معينة ، قد تكون تلك الوظيفة انفعالية أو تعبيرية كما في الشعر الغنائي، أو وظيفة شعرية وجمالية كما في النص الإبداعي، أو وظيفة انتباهية تأثيرية كما في الخطب والوصايا، أو وظيفة حفاظية كما في المكالمات الهاتفية، أو وظيفة مرجعية كما في النصوص التاريخية والإخبارية، أو وظيفة لغوية وصفية كما في النصوص النقدية. وكلما غلبت وظيفة ما في نص ما، صنف ذلك النص ضمن جنس تلك الوظيفة المهيمنة.
وبناء على ما سبق، تحوي القصة القصيرة جدا وظيفتين متقاطعتين: الوظيفة القصصية المبنية على الحبكة السردية من بداية وعقدة وصراع وحل ونهاية، والوظيفة الشذرية المبنية على التقطيع والتشظي والومضة.
- قانـــون الثبــــات:
تتوفر مجموعة من النصوص الأدبية والفنية على عناصر ثابتة وقارة غير متغيرة ولامتحولة. هذه العناصر الثابتة هي التي تجعل هذه النصوص كلها تندرج ضمن خانة تصنيفية معينة. وبهذا، يتحدد الجنس الأدبي انطلاقا من وجود تلك العناصر الثابتة المهيمنة في مقابل العناصر المتغيرة. فرصد ماهو ثابت هو الذي يحدد الجنس الأدبي مأسسة وتسنينا وتشفيرا.وبالتالي، يصبح الجنس مؤسسة أجناسية معترف به أكاديميا وأدبيا ونقديا واجتماعيا. ويرى سعيد يقطين في كتابه (الكلام والخبر) أن قانون الثبات هو الذي:" يحدد لنا العناصر الجوهرية التي بواسطتها نميز ماهية الشيء عن غيرها من الأشياء الأخرى المتصلة بها أو المنفصلة عنها. وحصول هذه العناصر الجوهرية ضروري لتعيين الشيء، لذلك ربطناها بمبدإ الثبات."[3]
وتأسيسا على ما سبق، تتميز القصة القصيرة جدا بمجموعة من العناصر التجنيسية الثابتة ، مثل: الحكائية، والحجم القصير جدا، والإضمار، والحذف، والانتقاء، والتسريع، والمفارقة ، والسخرية، والجرأة، والصورة الومضة، والتراكب، والتتابع، والتنكير في وسم الشخصيات...
- قانـــون التطـــور:
إذا استلهمنا آراء نظرية التطور في التعامل مع الأجناس الأدبية، فيمكن القول بأن الجنس الأدبي مثل الإنسان أو الكائن الحي يخضع لثلاث مراحل متعاقبة، وتشكل تلك المراحل سنة الحياة لكل كائن عضوي حي. فهناك أولا فترة الولادة، ثم ثانيا فترة النمو والنضج، ثم، ثالثا فترة الموت والاندثار والتلاشي. وبتعبير آخر، تظهر – في البداية- أجناس وأنواع أدبية، ثم تنمو وتنضج وتتطور، لتختفي - في الأخير- تلاشيا وانقراضا واضمحلالا. وهكذا، يرى فرديناند برونوتيير (F.Brunetière) أن خطب الوعاظ في القرن السابع عشر،بعد فترة انقطاع، تحولت إلى الشعر الغنائي في القرن التاسع عشر الميلادي.
ومن ثم، يمكن القول بأن مجموعة من الأجناس الأدبية كالخبر والحديث والكذب والأحجية والقصة القصيرة والأقصوصة والمقامة والحكاية واللغز والنكتة... قد تحولت عبر تطور الزمان إلى جنس القصة القصيرة جدا. فقد كتب نجيب محفوظ الرواية فالقصة القصيرة ثم القصة القصيرة جدا. وكتب جبران خليل جبران الرواية فالقصة القصيرة ثم القصة القصيرة جدا. بمعنى أن تاريخ السرديات يخضع كباقي الكائنات الحية لقانون التغير والتحول بالانتقاء والحذف والتشذيب والاختصار...
- قانــــون العــــدد:
وضع ستالوني (Y. Stalloni) قانون العدد (La loi du nombre) ، ويقصد به أنه توجد مجموعة من الأعمال الأدبية التي تتماثل وتشترك في عدد من النقاط المشتركة والعناصر الملائمة، وتتحدد ائتلافا في مجموعة من الخصائص والمكونات والسمات المتشاكلة عدديا. ولقد استخلص ستالوني هذا القانون من معجم لالاند المتعلق بالمصطلحات التقنية الفلسفية، إذ عرف لالاند (A. Lalande,) الجنس (Genre) قائلا:" يطلق الجنس على شيئين متماثلين لهما بعض الخصائص المشتركة المهمة".[4]
ونجد هذا القانون أيضا لدى فيتور (K.Viëtor) الذي يقول:" كيف يمكن كتابة تاريخ الأجناس الأدبية في غياب أي معيار قبلي لتصنيف الأجناس الأدبية؟.ومن ثم، لايتحدد الجنس الأدبي إلا بعد نظرة كلية لمجموعة من النصوص الفردية التي ظهرت عبر التاريخ؟"[5]
بمعنى أن الجنس الأدبي يتحدد عبر إبراز عدد من العناصر والقواسم المشتركة بين النصوص والخطابات، أو عبر مجموعة من النصوص التي تتراكم في الزمان والمكان.
وينطبق هذا القانون أيضا على جنس القصة القصيرة جدا، فثمة مجموعة من النصوص القصيرة جدا تتفق في مجموعة من الثوابت المشتركة. فإذا أخذنا على سبيل التمثيل بلدا كالمغرب، فقد حقق تراكما كبيرا في هذا المجال بأكثر من أربع ومائة(104) مجموعة قصصية قصيرة جدا. وتتفق هذه الأضمومات في مجموعة من العناصر المتكررة، مثل: القصصية، والحجم القصير جدا، والمفارقة، والإضمار، والحذف، والتركيز، وانتقاء الأوصاف، والتنكير، والاقتضاب، وفعلية الجملة، واستخدام الصورة الومضة بكل آلياتها البلاغية من رمز واستعارة وتشخيص وإيحاء وانزياح...
- قانـــون أفـــق الانتــظار:
يرتبط قانون أفق الانتظار بجمالية التلقي أو التقبل، وخاصة مع هانز روبير ياوس. والمقصود بهذا القانون أن المتلقي يمتلك أفق انتظار في قرائته للنصوص الأدبية والفنية. فحينما يقرأ- مثلا - مسرحية تراجيدية فوق غلاف الكتاب الخارجي، فإنه ينتظر أن تقدم المسرحية أحداثا مأساوية، وتعرض صراعا تراجيديا. وحينما يقرأ مسرحية كوميدية، فينتظر القارئ من ذلك أن تقدم المسرحية أحداثا فكاهية مسلية تثير الضحك .وهكذا، يمتلك المتلقي أفق انتظاره في قراءة النصوص الأدبية وتجنيسها، فكل جنس لايراعي أفق انتظار المتلقي، نقول بأنه قد خيب أفق انتظاره المعهود[6].
وهكذا، يتميز جنس القصة القصيرة جدا بتخييب أفق انتظار القارئ بخاصية الحجم القصير جدا، واستخدام قصصية حكائية مركزة ومقتضبة وموجزة، مع الإكثار من نقط الحذف، وتنويع الخواتم وعلامات الترقيم، وإرباك المتلقي وإدهاشه، وتحويل المتن إلى أسئلة إشكالية صادمة ومستفزة ومحيرة...
- قانـــون التمثيـــل:
يقصد بقانون التمثيل أن يتضمن النص الأدبي مجموعة من العناصر والثوابت القارة التي يمكن أن تمثل جنسا أدبيا معينا.أي: تتوفر على نسبة معينة من العناصر التمثيلية التي تسمح لهذا النص بالانتماء إلى جنس أدبي معين .وبالتالي، تصبح تلك العناصر هي التي تمثل باقي النصوص الأخرى. وبتعبير آخر، يمكن أن يمثل ذلك الجنس الأدبي نظريا مجموعة من التجليات النصية والخطابية التاريخية المتحققة ممارسة وتطبيقا وإبداعا. ومن ثم، ترتكن القصة القصيرة جدا إلى مجموعة من الأركان الثابة ، مثل: الحجم القصير جدا، والحكائية، والحذف، والاقتضاب، والتركيز، والإضمار، وفعلية التركيب، والتنكير، وانتقاء الأوصاف، وإرباك المتلقي، وطرح الأسئلة الكبيرة، والمفارقة، والسخرية...
- قانـــون التــراكـــم:
يتحدد الجنس الأدبي نظرية وممارسة عن طريق التراكم الكمي والكيفي والنوعي. بمعنى أن يكون هناك عدد كبير من النصوص والخطابات الأدبية النوعية المتراكمة من أجل تعيين جنس أدبي معين، أو تسميته اصطلاحا ومفهوما. وغالبا ما يتحدد الجنس الأدبي من خلال تراكم ظواهر معينة، فالقصة هي نتاج لتراكم كثير من الحكايات، والرواية نتاج لتراكم كثير من القصص، والسيرة الذاتية نتيجة لتراكم كثير من أخبار التراجم، وهكذا، دواليك...
وعليه، فالقصة القصيرة جدا قد حققت في السنوات الأخيرة تراكما كبيرا على المستوى الورقي والرقمي والإعلامي، فالمغرب بمفرده أنتج من 1994إلى يومنا هذا (2013م) أربع ومائة (104) أضمومة قصصية قصيرة جدا. ونجد هذا التراكم أيضا قد تحقق بنسب مختلفة ومتفاوتة في سوريا والعراق والأردن وفلسطين والسعودية...بل نلفي مجموعة من كتاب الرواية والقصة القصيرة قد كتبوا قصة قصيرة جدا، مثل: جبران خليل جبران، ونجيب محفوظ، وزكريا تامر، وعبد الرحمن مجيد الربيعي، ومحمد عزالدين التازي، ومحمد زفزاف...
- قانـــون التكامـــل:
يتحدد الجنس الأدبي نظريا وتاريخيا عبر عمليتي التراكم والتكامل، ويعني التكامل ارتباط النوع الأول بالنوع الثاني ارتباطا وثيقا؛ مما يؤدي هذا الترابط والتكامل إلى تشكيل جنس أدبي جديد له مكوناته الخاصة به. فقد تولد جنس الرحلة – مثلا- عن طريق التكامل بين التاريخ والجغرافيا والسيرة الذاتية، وتحقق جنس الرواية عبر تكامل تفاعلي بين الحكاية والقصة والوصف...
وهكذا، فقد تشكل جنس القصة القصيرة جدا عن تداخل مجموعة من الأجناس الأدبية وتفاعلها وتلاقحها، مثل: القصة القصيرة والأقصوصة والأحجية واللغز والحكاية والخبر والحديث والمقامة والرحلة والكذب والنكتة والشعر...
- قانــــون المقارنـــة:
يعمل هذا القانون على المقارنة بين النصوص الأدبية برصد ماهو مشترك وماهو مختلف.أي: يعمل قانون المقارنة على ذكر مواطن الاختلاف والالتقاء بين النصوص الأدبية إن شكلا وإن دلالة وإن وظيفة، وذلك بغية معرفة ما يحدد نصا ما ويميزه عن باقي النصوص الأخرى برصد المتماثل والمختلف. فعملية المقارنة مهمة في عملية التجنيس الأدبي، فانطلاقا منها يتأسس الجنس الأدبي ويتكون ويتولد . وينضاف إلى ذلك، أن النصوص تقارن عبر ضوابط أسلوبية، وموضوعاتية، وخطابية، وشكلية، وإيديولوجية، ووظيفية... وبعبارة أخرى، تتم المقارنة بين النصوص والخطابات المعطاة - تاريخيا ونظريا- شكلا ودلالة ووظيفة.
ومن هنا، تتميز القصة القصيرة جدا عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى بمجموعة من المبادئ الثابتة، مثل: الحجم القصير جدا، والقصصية،والتنكير، وانتقاء الأوصاف، والمفارقة، والسخرية، والتكثيف، والصورة الومضة، والجرأة، والتسريع، والتراكب، والتتابع،...
- قانــــون المشابهــة:
يعد قانون المشابهة من أهم القوانين التي يتكئ عليها الجنس الأدبي في عملية التصنيف من جهة ، وعملية القراءة والتأويل من جهة أخرى. بمعنى أن المشابهة تساعدنا على معرفة النصوص المتشابهة في مجموعة من العناصر المشتركة. كما تسعفنا المشابهة في إدراك نصوص جديدة، وتحليلها في ضوء نصوص قديمة تتشابه معها في مجموعة من العناصر والثوابت التجنيسية المشتركة. وفي هذا الصدد، يقول محمد مفتاح:" إن المشابهة لها دور كبير في التعميم والتصنيف وربط العلائق، وإدراكا من الباحثين لهذا الدور، فإننا نجدهم اهتموا بها، وخصصوها بدراسات مستفيضة، بعضها رياضي، وبعضها لساني، وبعضها سيميائي، ذلك أنها هي حجر الزاوية- وضعيا على الأقل- للمقارنة والمقايسة، ولعقد الصلات أو لرفضها.على أنها قد تكون ظاهرة أحيانا، وقد تكون خفية أحيانا أخرى (وظيفية أو عقلية)، ولكنه مهما كان الأمر، فإنها لابد لمن أراد أن يلحق شيئا بشيء.
بيد أن طبيعة الأشياء وقوتها تفرض أن التفرد هو أساس المشابهة، ومعنى هذا أن إدراك خصائص الشيء المفرد الملاصقة والمفارقة هي أصل القياس. واستنتاجا من هذا أنه لاينبغي بخس الجنس الأدبي خصائصه الظاهرة، فلايعقل أن نسوي بين نص شعري ونص قصصي بدعوى الاشتراك في أصل الوجود وآلاته، فإذا فعلنا هذا فقد نسوي بين مظاهر الطبيعة جميعها، وحينئذ فإننا نقع في اختزال مشين ومضحك، ولكنه ، في الوقت نفسه، يجب ألا يقتصر على الدراسة التجريبية الجزئية التي لاتنتهي إلى استنتاجات عامة؛ فالمزاوجة ، إذاً، بين اكتشاف الثوابت وبين مراعاة المظاهر، أمر متعين."[7]
هذا، ويعد مبدأ التشابه من الآليات التي تسعف الدارس في عملية التجنيس، وقراءة النص الأدبي، وتأويل دلالاته، وخلق اتساقه وانسجامه. بمعنى أن مبدأ التشابه يشدد على " أهمية التجربة السابقة في المساهمة في إدراك المتلقي للاطرادات عن طريق التعميم، ولن يتأتى له ذلك إلا بعد ممارسة طويلة نسبيا، وبعد مواجهة خطابات تنتمي إلى أصناف متنوعة؛ مما يؤهله إلى اكتشاف الثوابت والمتغيرات. وعلى هذا النحو يمكنه الوصول إلى تحديد الخصائص النوعية لخطاب معين.
من ضمن ماتزود به التجربة السابقة المتلقي، القدرة على التوقع. أي: توقع ما يمكن أن يكون اللاحق بناء على وقوفه (أي المتلقي) على السابق. إن تراكم التجارب (مواجهة المتلقي للخطابات)، واستخلاص الخصائص والمميزات النوعية من الخطابات يقود القارئ إلى الفهم والتأويل بناء على المعطى الموجود أمامه، ولكن بناء أيضا على الفهم والتأويل في ضوء التجربة السابقة. أي: النظر إلى الخطاب الحالي في علاقة مع خطابات سابقة تشبهه، أو بتعبير اصطلاحي، انطلاقا من مبدإ التشابه."[8]
وهكذا، فقانون التشابه مهم لتثبيت الجنس، والتعرف عليه بشكل من الأشكال أثناء مواجه النصوص دلاليا، وملامستها فنيا وجماليا وسياقيا.
ومن ثم، تتشابه مجموعة من النصوص القصصية القصيرة جدا في مجموعة من الملاح الكبرى والصغرى، مثل: الحذف، والإضمار، والقصصية، والحجم القصير جدا، وتنويع علامات الترقيم، وإرباك المتلقي، وفعلية التركيب، والصورة الومضة، وتنويع الفضاء، والشذرية، وطرح الأسئلة الكبرى، والانزياح...
- قانــــون التوصيـــف:
يعمد الجنس الأدبي ، باعتباره مقولة تجنيسية مجردة، إلى توصيف النصوص الأدبية وتوسيمها بأوصاف جنسية أو نوعية أو نمطية. بمعنى أن الجنس الأدبي بمثابة لغة وصفية نستعين بها لفهم النص الأدبي، وتفسيره، وتأويله، وتقويمه، والحكم عليه تصنيفا وتقسيما وترتيبا. ويعني هذا أن الجنس الأدبي يستخدم لغة وصفية (Métalangage) متعالية ومجردة للتفكير في النص الأدبي بوصف مكوناته، وتبيان سماته، وتحديد خاصياته الثابتة والمتغيرة، مع تجنيسه في خانة أدبية معينة في ضوء مجموعة من المعايير الدلالية والشكلية والوظيفية، أو في ضوء معايير مضمرة وأنساق أدبية تعمل عليها كثير من النصوص الأدبية بشكل من الأشكال.
وعليه، تمدنا القصة القصيرة جدا بمجموعة من المعايير الوصفية التي تساعدنا على تمييز هذا الجنس الأدبي على باقي الأجناس والأنواع والأنماط الأدبية الأخرى، مثل: القصصية، والجرأة، والوحدة، والتكثيف، والمفارقة، والسخرية، وفعلية الجملة، والتتابع، والشذرة، والتفاعل، والتنكير، وانتقاء الأوصاف، والحذف، والإضمار، وإرباك المتلقي، والحجم القصير جدا، وتنويع البدايات والأجساد والخواتم، واستخدام التناص والرمز والانزياح...
- قانـــون التصنيـــف:
يعد الجنس الأدبي معيارا للتصنيف، والتقسيم ، والتنميط، والتنويع، والتمييز بين الأجناس الراقية النبيلة والأجناس السوقية الشعبية. ويعني هذا أنه معيار للتراتبية الانتقائية. ومن هنا، يتحدد الجنس - حسب تودوروف- بكونه مقولة لتصنيف النصوص[9]. ومن جهة أخرى، يرى كبيدي فاركا (A. Kibédi Varga) بأن الجنس الأدبي هو أداة للتصنيف، والتنميط، والتنويع، والتقسيم. بمعنى أن الجنس:" مقولة توحد مجموعة من النصوص الأدبية حسب معايير مختلفة"[10].
ويتم تصنيف الأجناس الأدبية تاريخيا ونظريا في ضوء معايير وضوابط معينة: شكلية، ودلالية، وخطابية، وأدائية، وإيديولوجية، وأسلوبية، ووظيفية...
وبناء على ماسبق، يتحدد جنس القصة القصيرة جدا في مجموعة من المقاييس التجنيسية الدلالية والتركيبية والمعمارية والسردية والفضائية والتقبلية والبلاغية والأسلوبية والموازية، مثل: مقياس القصر، ومقياس الترقيم، ومقياس التنوع الفضائي، ومقياس القصصية أو الحكائية، ومقياس التركيز، ومقياس التنكير على مستوى تسمية الشخصيات، ومقياس التنكيت والتلغيز، ومقياس الاقتضاب، ومقياس التكثيف، ومقياس الإضمار والحذف، ومقياس الاشتباك، ومقياس المفاجأة، ومقياس الإدهاش، ومقياس الجملة البسيطة، ومقياس التراكب، ومقياس الفعلية، ومقياس التتابع، ومقياس التسريع، ومقياس التناغم الداخلي، ومقياس البداية والجسد والقفلة، ومقياس التركيب الحدثي، ومقياس الصورة الومضة، ومقياس المفارقة، ومقياس السخرية، ومقياس العنونة، ومقياس الانفتاح الأجناسي، ومقياس التفاعل، ومقياس التناص،ومقياس الانزياح، ومقياس الترميز، ومقياس الأنسنة والتشخيص، ومقياس الفانطازيا، ومقياس التلميح، ومقياس الغموض، ومقياس الإيحاء، ومقياس التجريد، ومقياس الأسلبة، ومقياس الالتفات، ومقياس التنضيد، ومقياس التهجين، ومقياس الالتفات، ومقياس التشخيص الذاتي والموضوعي والميتاسردي...
- قانــــون التقسيـــم:
خضعت الأجناس الأدبية للتقسيم إلى أنواع وأنماط، بمعنى أن تقسيم الجنس الأدبي يتم بشكل متدرج من أعلى قاعدة الهرم إلى أسفله، بالانتقال من الأجناس النبيلة إلى الأجناس السوقية. ومن ثم، تتعدد التقسيمات بشكل يصعب حصر كل الأجناس الأدبية.
وللتمثيل، فقد تفرعت عن الشعر الغنائي والملحمة والدراما أصناف وأنواع كثيرة من الصعب استقصاؤها وحصرها في أشكال ثابتة ومعينة. وفي هذا الصدد، يقول عبد الفتاح كليطو:" مسألة الأنواع تذكر بمسألة الصور البلاغية.هل يمكنك أن تتكلم عن الأنواع دون أن تلجأ إلى التقسيم؟ ثم هل للأنواع عدد يمكن حصره؟ قل الشيء نفسه عن الصور والمحسنات التي تكاثر عددها مع مرور الزمن في المصنفات البلاغية. ولكن الشره الاستيعابي والتقسيمي لم يتعرض للأنواع كما تعرض للصور البلاغية. ومرد ذلك لكون القدماء يميزون بين الأنواع النبيلة والأنواع السوقية، فلا يهتمون إلا بالأولى .أما فيما يخص المحسنات، فإن التفضيل بصفة عامة غير وارد (هل الطباق أنبل من التورية؟)".[11]
وهكذا، نجد علماء نظرية الأدب قد قسموا الصيغة إلى أجناس، وقسموا الأجناس إلى أنواع، وقسموا الأنواع إلى أنماط، وقسموا كل عنصر من هذه العناصر إلى ماهو ثابت، وماهو متحول، وماهو متغير.
ومن ثم، يمكن تقسيم جنس القصة القصيرة جدا إلى أنواع عدة ، مثل: القصة الشذرية، والقصة الومضة، والقصيصة، والقصة التلغرافية، والقصة اللحظة، والقصة اللقطة، والقصة الخاطرة، والقصة البرقية، والقصة المتوهجة، والقصة اللامعة، والحالة القصصية، والصورة القصصية، والمغامرة القصصية، و اللوحة القصصية،و انشطارات قصصية، و أقاصيص، ونصوص بتنورات قصيرة ، ونصوص سردية، وقصص مينيمالية، و قص، ونثيرة، و لقطات قصصية ، وشذرات قصصية، و أقاصيص، و قصيصات،...
- قانـــون المأسسة:
حينما يتكون الجنس الأدبي وفق قواعد جماعية مشتركة مبنية على استقراء مجموعة من النصوص الأدبية المشتركة، يصبح ذلك الجنس الأدبي معيارا اجتماعيا للتصنيف والتجنيس والتقسيم، وتصبح قواعده الثابتة والمهمة والقارة مقاييس ضرورية في عملية التحليل البيداغوجي والديداكتيكي، بل تصبح تلك المقولات التجنيسية ذات طابع اجتماعي مؤسساتي خاضع لسلطة الضبط والتأديب . وفي هذا السياق، يرى تودوروف "أن الجنس الأدبي هو الذي يحدد ثقافة المجتمع، ويؤسس بنيات مؤسساته المعرفية والأدبية والفنية والثقافية. وتبعا لذلك، فالجنس الأدبي يتحاور ويتواصل مع المجتمع الذي يتنمي إليه عبر وساطة المؤسسة، وكيفما كانت نوعية المؤسسة، فالجنس يعبر عن مجموعة من الخصائص المشتركة للمجتمع التي ينتمي إليها الجنس الأدبي."[12]
وهكذا، فقد أصبح جنس القصة القصيرة جدا مؤسسة ثقافية واجتماعية وسلطة أدبية عليا ينبغي احترام قوانينها ومقاييسها الفنية والجمالية والموضوعاتية، وتمثل معاييرها الدلالية والبلاغية والأسلوبية والشكلية.
- قانــــون التنظيـــم:
تنظم نظرية الأجناس الأدبية النصوص والخطابات - حسب بنياتها الداخلية- تشريحا وتركيبا. ومن ثم، يساعد بناؤها النسقي على فهم الجنس أو النوع الأدبي، ويساعدنا على التعرف عليه وتمثله واستيعابه وانتقاده في ضوء بنياته السائدة والمعروفة. وتبعا لذلك، نتعرف الأجناس الأدبية ضمن بناها وعناصرها التنظيمية التي تختلف عن أنساق تنظيمية أخرى.
وهكذا، ينبغي للدارس أو الناقد أو القارئ المفترض أن يلم بجميع المقاييس والقواعد التنظيمية التي ينبني عليها جنس القصة القصيرة جدا حين ملامسة النص أو الخطاب المعطى تفكيكا وتركيبا. وتنتظم هذه القوانين ضمن أركان ثابتة رئيسية لايمكن الاستغناء عنها، وهي التي تميز القصة القصيرة جدا عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى (الحكائية، والحجم القصير جدا، والتكثيف، والتنكير، وفعلية الجملة، والدهشة، والمفارقة، والحذف، والإضمار، وانتقاء الأوصاف، والاقتضاب، والومضة، والشذرة...)، وشروط ثانوية يمكن أن تشترك فيها القصة القصيرة جدا مع باقي الأجناس الأدبية الأخرى (التناص، والتفاعل، وانفتاح الجنس، والاستعارة، والأنسنة، والتشخيص، والأسلبة، والإيحاء، والانزياح...)[13].
- قانــــون التسنيـــن:
يسمى أيضا بقانون التشفير، ويعني هذا أن الجنس الأدبي قد يتحول إلى شفرة مقننة ومسننة. وبالتالي ، يصبح الجنس الأدبي مؤسسة ثابتة وقارة، لها قواعد معينة، ينبغي احترامها، وتمثل ضوابطها، ويمنع انتهاكها، أو الخروج عنها بأي حال من الأحوال. وبتعبير آخر، إن الجنس هو عبارة عن مجموعة من القواعد التي قد تم الاتفاق عليها مؤسساتيا. لذا، فعلى المبدع الانطلاق منها، وعدم مخالفتها بأي شكل من الأشكال، بل يصبح هذا التشفير والتسنين ذا طابع اجتماعي ومؤسساتي من الصعب خرقه، وإلا سيتعرض صاحبه للنقد والعقاب الرمزي بتعبير بيير بورديو(Pierre Bordieu).
ومن ثم، يتسنن جنس القصة القصيرة جدا في مجموعة من الأركان والشروط التي أشارت إليها مجموعة من الدراسات والأبحاث والمقالات والكتب النقدية التي نظرت لهذا الفن الأدبي الجديد، مثل : كتاب أحمد جاسم الحسين(القصة القصيرة جدا) [14]، وكتاب يوسف حطيني(القصة القصيرة جدا بين النظرية والتطبيق)[15]، وكتاب عبد الدائم السلامي( شعرية الواقع في القصة القصيرة جدا)[16]، وكتب جميل حمداوي(القصة القصيرة جدا بالمغرب: المسار والتطور)[17]، و(القصة القصيرة جدا عند الكاتب السعودي حسن علي البطران)[18]، و( القصة القصيرة جدا بالمغرب: قراءة في المتون)، [19]، و(القصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق)[20]، وكتاب عبد العاطي الزياني( الماكروتخييل في القصة القصيرة جدا بالمغرب)[21]، وكتاب سعاد مسكين(القصة القصيرة جدا في المغرب: تصورات ومقاربات)[22]، وكتاب جاسم خلف إلياس( شعرية القصة القصيرة جدا) [23]، وكتاب هيثم بهنام بردى ( القصة القصيرة جدا في العراق)[24]، وكتاب جاسم خلف إلياس( شعرية القصة القصيرة جدا)[25] وكتاب نور الدين الفيلالي (القصة القصيرة جدا بالمغرب)[26]، وكتاب محمد يوب( مضمرات القصة القصيرة جدا)[27]، وكتاب محمد اشويكة (المفارقة القصصية)[28]، وكتاب حميد لحمداني(نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا )[29]، وكتاب حميد ركاطة(القصة القصيرة جدا: قراءة في تجارب مغربية)[30]...
- قانـــون الاختـــلاف:
يعتبر قانون الاختلاف معيارا آخر لتحديد الأجناس الأدبية الأخرى، فقد تشترك النصوص الأدبية في قواسم مشتركة واحدة، تتحدد من خلالها الأجناس الأدبية، بيد أن العناصر التي تم الاختلاف حولها، قد تؤسس جنسا أدبيا فرعيا متميزا، يتولد عن الجنس الرئيس. بمعنى أن هناك أجناسا أدبية رئيسة وأجناسا أدبية فرعية. فمثلا الرواية والقصة القصيرة والحكاية والقصة القصيرة جدا تشترك في مجموعة من العناصر المتآلفة الموحدة، ولكن تختلف في مجموعة من المعايير والعناصر ، وهذا المختلف هو الذي يشكل تنويعة جنسية فرعية آخرى ضمن خانة الأجناس الأدبية. ويمكن أن نقول بمعنى آخر: إن الجنس الأدبي يتحدد بالتعارض مع الأجناس الأدبية الأخرى المقابلة.
وهكذا، يمكن القول بأن جنس القصة القصيرة جدا يتحدد فنيا وجماليا بالاختلاف عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى كالرواية والقصة القصيرة والأقصوصة...
- قانــــون التفاعــل:
من المعلوم أن النص الأدبي لا يوجد بمفرده، ولم يخلق من عدم، وليس نصا نقيا موحدا صافيا، بل تتداخل فيه النصوص والأجناس الأدبية تناصا وامتصاصا وحوارا وتفاعلا. بمعنى أن النص الأدبي يتضمن مجموعة من العناصر المشتركة التي يلتقي فيها مع مجموعة من النصوص الأخرى، بل يشترك حتى مع الأجناس الفرعية و الأنواع والأنماط في تلك القواسم التجنيسية المشتركة. لكن الجنس الأدبي يستضمر مجموعة من المعايير والعناصر الثابتة التي توجد في نصوص سابقة، قبل ولادة نص جديد، ومن ثم يدخل الجنس الأدبي في علاقات تفاعلية وتناصية مركبة ومعقدة مع نصوص سابقة .
وهكذا، تتداخل القصة القصيرة جدا أجناسيا مع الرواية والقصة القصيرة والشعر والشذرة والنكتة والخاطرة والنادرة والطرفة والأحجية والمقامة...
- قانــــون التحـــول:
يسمى هذا القانون كذلك بقانون الانتهاك والانزياح. بمعنى أن الجنس الأدبي قد ينتهك جنسا آخر، حيث يغير كل المعالم التصنيفية القديمة، وينزاح عن المعايير التي تم التعارف عليها بتقديم عناصر جديدة إلى عملية التجنيس، فيتغير الثابت ليتحقق التحول والانتقال إلى جنس أدبي آخر. وبتعبير آخر، يقع هذا التحول - حسب يوس- بتخييب أفق انتظار القارئ؛ لأن المتلقي قد تعود على نص أدبي خاضع لمجموعة من العناصر والضوابط المألوفة، لكن حينما ينتهك هذا الجنس عبر آليات التحديث والتجريب والتفكيك والتقويض يخيب أفق انتظار المتلقي، ويتأسس لديه أفق انتظار جديد ، بعد أن يتمثل آليات هذا الجنس الأدبي المستجد. وهكذا، يتغير الجنس الأدبي بتغير أفق انتظار القارئ. وعن هذا المبدإ، يقول سعيد يقطين بأنه يتعلق :" بكل الظواهر والأشياء.غير أنه يختلف عن الأول بكونه لايتصل بـالعناصر الجوهرية، ولكن بالصفات البنيوية للشيء، وهذه الصفات قابلة للتحول كلما طرأت عوامل جديدة، تؤثر في الظاهرة، وتعطي لصفاتها البنيوية أوضاعا تتحدد بفعل الشروط المحيطة بها.[31]"
وهكذا، فقد تبلورت القصة القصيرة جدا فنيا وجماليا ودلاليا وأجناسيا، بعد أن انزاحت عن الرواية والقصة القصيرة والأقصوصة والنادرة والطرفة والشذرة والمقامة والقصيدة النثرية...
- قانـــون التغــير:
يتعلق قانون التغير بانتقال جنس أو نوع أدبي من حالة إلى أخرى حسب العوامل الذاتية والموضوعية، وحسب التغيرات الزمكانية. ومن ثم، لا يختلف هذا القانون في عمومه عن مبدإ التحول والثبات من حيث الكلية" فكل الظواهر عرضة للتغير الذي ينقلها من حالة إلى حالة أخرى مختلفة تماما،وذلك بفعل تدخل عوامل معينة تتصل مثلا بالزمن. فالصيرورة التاريخية تحيل الشيء أو الظاهرة من وضع إلى آخر.وتبعا لذلك، تكتسب الظواهر سمات مختلفة باختلاف الزمن.لذلك، ننظر في هذه التغيرات، في ذاتها، ومن زاوية علاقة الشيء المتغير بغيره من الظواهر في الحقبة الزمنية نفسها."[32]
ومن هنا، يعتبر التغير قانونا لتطور القصة القصيرة جدا، إذ انتقلت من القصة القصيرة والأقصوصة إلى الشكل الذي نعهده حاليا. وبتعبير آخر، لقد خرجت القصة القصيرة جدا من رحم القصة القصيرة بعد مجموعة من التغيرات والتحولات الشكلية والأسلوبية والفضائية والدلالية والسردية.
- قانــــون الوساطــــة:
يعني هذا القانون أن الجنس الأدبي يعد واسطة للتعرف على النصوص الأدبية. بمعنى أن الناقد الأدبي أو القارئ المفترض لايمكن له ملامسة النص وقراءته وتحليله وتقويمه وتفكيكه إلا بمعرفة الجنس الأدبي. وبهذا، يكون الجنس وسيطا بين الناقد المتلقي والنص الأدبي. وتعد هذه الوساطة المعيارية ضرورية لفهم النص الأدبي وتفسيره وتأويله. كأن الجنس مقولة تصنيفية خارجية تسعف القارئ في استيعاب خصوصيات النص ، وتعرف بنياته الدلالية والفنية والجمالية. ويلاحظ أن قانون الوساطة قانون مجرد يجمع بين عنصرين محسوسين هما: المتلقي والنص الأدبي، أو يربط بين النص والأدب.
ومن ثم، يساعدنا جنس القصة القصيرة جدا على تعرف مبادئه الجمالية والفنية والدلالية، والتمييز بينه وبين باقي الأجناس الأدبية الأخرى، سواء أكانت سردية أم غنائية أم درامية.
- قانـــون الجمـــال:
من المعروف أن الأجناس الأدبية هي بنيات جمالية وفنية قبل كل شيء. بمعنى أن الجنس الأدبي يحدد القواعد الجمالية التي يستند إليها الجنس أو النوع أو النمط، وتصبح هذه القواعد الجمالية بمثابة مبادئ تنظيمية ومؤسساتية، ينبغي احترامها، والاشتغال وفقها، وكل من ينتهكها أو ينزاح عنها يتعرض لهجوم النقاد والجمهور على حد سواء.
ومن هنا، يتضمن جنس القصة القصيرة جدا في طياته مقومات جمالية وفنية، يبلورها النص المعطى صياغة وخطابا وبناء وتشكيلا وتناصا وأسلبة.
- قانــــون الهرمية أو التراتبــية:
ينبني الجنس الأدبي على تراتبية شكلية معينة، بمعنى أنه يمكن الحديث عن مستويات مختلفة ومتنوعة أثناء حديثنا عن الأجناس الأدبية، فهناك الجنس الأدبي الرئيس، والجنس الأدبي الثانوي، والجنس الأدبي الفرعي. بمعنى أن هناك أشكالا ثابتة، وأشكالا متحولة ثانوية. وبتعبير آخر، يمكن الحديث عن الجنس، والنوع، والنمط. وبالتالي، تخلق هذه الأصناف الفرعية والجزئية تراتبية في التصنيف والتجنيس والتقسيم ، وذلك حسب الأهمية والقيمة والنوعية.
وهكذا، فالقصة القصيرة جدا - باعتبارها جنسا أدبيا رئيسا- تتفرع إلى أنواع وأنماط، مثل: : القصة الشذرية، والقصة الومضة، والقصيصة، والقصة التلغرافية، والقصة اللحظة، والقصة اللقطة، والقصة الخاطرة، والقصة البرقية، والقصة المتوهجة، والقصة اللامعة، والحالة القصصية، والصورة القصصية، والمغامرة القصصية، و اللوحة القصصية،والنثيرة، و انشطارات قصصية، و أقاصيص، ونصوص سردية، و قصص مينيمالية، وقص، و لقطات قصصية ، وشذرات قصصية، وأقاصيص، و قصيصات...
- قانـــون المفاضلـــة:
لقانون المفاضلة دور كبير في ترجيح كفة بعض الأجناس على حساب أجناس أخرى، فقد كانت هناك أجناس نبيلة وراقية كالملحمة والشعر والدراما، وأجناس دونية كالأنواع الهزلية والفكاهية مثلا. فلو أخذنا الرواية – مثلا- فقد كانت قبل القرن الثامن عشر أفقر الأنواع الأدبية، وعدت نوعا مرفوضا عند القراء والنقاد . بيد أن الرومانسية ستعيد الاعتبار لفن الرواية ، فستسمو به إلى أعلى هرم نظرية الأجناس الأدبية؛ لكونه يضم كل الأجناس والأنواع الأخرى ضمن بوتقة فنية واحدة مترابطة ترابطا عضويا وموضوعيا. ولقانون المفاضلة أيضا علاقة بقانون التراتبية، فقد كان الشعر في ثقافتنا العربية أفضل بكثير من النثر؛ لأنه ديوان العرب ، وسجل تاريخهم وآثارهم.
ويبدو أن قانون المفاضلة في الحقيقة تعبير عن تراتبية اجتماعية وطبقية تعكس الصراع بين ماهو علوي وماهو سفلي. ومافتئ كتاب الرواية يفضلون الرواية على باقي الأجناس الأدبية الأخرى، و كتاب القصة القصيرة يفضلون جنسهم الأدبي على باقي الأجناس الأدبية الأخرى. وفي المقابل، نجد كتاب القصة القصيرة جدا ونقادها يدافعون عن هذا الجنس الأدبي الجديد، ويفضلونه على باقي الأجناس الأدبية الأخرى. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على اختلاف الأهواء والأمزجة والأذواق الفنية والجمالية ليس إلا.
- قانـــون التأويـــل:
إذا انطلقنا من تصورات النظرية الظاهراتية أو النظرية التأويلية (الهيرمونيطيقية)، فالجنس الأدبي يقوم على قانون التأويل. بمعنى أن الجنس الأدبي يساعدنا ، وذلك بمجرد الاحتكاك به، وملامسة بنياته الأولى توقعا وافتراضا وقراءة وتجربة ، على استكناه الدلالة فهما وتشريحا وتفكيكا، واستكشاف معاني النص أو الخطاب، ورصد مقاصده القريبة والبعيدة عبر فعل التأويل أوالتفسير. وتبعا لذلك، فالجنس آلية من آليات استكشاف المعنى، ولكن بشرط أن يقوم على عمليتي: الفهم والتأويل.
ويعني هذا أن جنس القصة القصيرة جدا بأركانه الثابتة وشروطه الفنية والجمالية والدلالية يساعدنا على تأويل مختلف النصوص الشذرية أو النصوص السردية القصيرة جدا فهما وتفسيرا ومقصدية.
- قانـــون الممانعـــة:
يلاحظ أن كثيرا من الأعمال والنصوص والمؤلفات الأدبية المعاصرة ترفض عملية التجنيس، وتأباها بشكل مطلق، وتمتنع عن إمكانية تصنيفها ، ولا ترغب في الوجود أصلا، وتعمل على تفكيك نفسها بنفسها، وتحتمي بخاصية الأدب العامة، وتكره التجنيس، وترفض التنميط، وتدرج نفسها ضمن خانة الكتاب أو العمل أو الأثر أو الأدب(L'euvre)، مثل كتابات مابعد الحداثة، مثل: كتابات موريس بلانشو(الفضاء الأدبي) 1955م، و( الكتاب الذي يأتي)1959م)، وكتابات رولان بارت، ونيتشه، وعبد الكبير الخطيبي، وكتابات التفكيكيين بصفة عامة. ويترتب على ذلك صعوبة تصنيفها أو تجنيسها في خانة أدبية ما ؛ وذلك بسبب تمردها انزياحا وتفكيكا وتشتيتا وتأجيلا.
ومن ثم، فهناك مجموعة من النصوص السردية التي تندرج ضمن القصة القصيرة جدا، لكنها ترفض أن تصنف نفسها ضمن خانة هذا الجنس الأدبي. لذا، فهي تختار كلمة (نصوص) أو (قص) أو (نصوص سردية)...
خاتمــــة:
تلكم-إذاً- أهم القوانين والمعايير التنظيمية التي تسعفنا في عملية التجنيس والتصنيف والتمييز والتنميط. وقد تبين لنا - حسب المعايير التجنيسية التي ذكرناها سالفا- أن القصة القصيرة جدا جنس أدبي بامتياز مثل الرواية والقصة القصيرة يمتلك مجموعة من الأركان الثابتة التي تميزه عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى تخصيصا وتفريدا واستقلالية، مثل: القصصية، والحجم القصير جدا، والتكثيف، والاقتضاب، والتركيز، والحذف، والإضمار، والتسريع، والمفاجأة، وفعلية الجملة، والتتابع، والتراكب، والصورة الومضة، وإدهاش المتلقي... في حين، ثمة مجموعة من المعايير والقوانين التجنيسية التي تشترك فيها القصة القصيرة جدا مع باقي الأجناس الأدبية الأخرى، مثل: الأنسنة، والتشخيص، والانزياح، والتناص، والأسلبة، وانفتاح الجنس، والتلميح، والإيحاء، والفانطازيا، ...
هذا، وقد ظفرت القصة القصيرة جدا في السنوات الأخيرة بصك الاعتراف القانوني والمؤسساتي والنقدي والأدبي والأجناسي، بعد أن دافع عنها الإعلام الورقي والرقمي من جهة أولى، ونافح عنها النقد الأدبي من جهة ثانية، واعترفت بها المؤسسات والمعاهد الجامعية من جهة ثالثة.
الهوامش:
[1] - د.سعاد مسكين: القصة القصيرة جدا: تصورات ومقاربات، التنوخي للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2011م، ص:41-42.
2- د.عبد الفتاح كليطو: الأدب والغرابة، دار الطليعة، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 1983م، ص:22.
3- د.سعيد يقطين: الكلام والخبر، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1997م، ص:181.
4- LALANDE (André), Vocabulaire technique et critique de la philosophie. Paris: Presses universitaires de France, 1972, p: 385.
5- Viëtor(K.): (L'histoire des genres littéraires),Poétique,32,1977,pp:490-506.
6 -Yauss(H.R):(Littérature médiévale et théorie des genres),Poétique ,1970,p:91.
7 - د. محمد مفتاح: دينامية النص، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1987م،ص:43.
8 - د.محمد خطابي: لسانيات النص، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1991م، ص:57-58.
9 - T.Todorov:Les genres du discours, Paris, Seuil, 1978, p:47.
10 - KIBÉDI VARGA (Aron), « Les genres littéraires » in BEAUMARCHAIS (Jean-Pierre), COUTY (Daniel) et REY(Alain), Dictionnaire des littératures de langue française, t. II, Paris : Bordas, 1994, pp. 966-970.
11- د.عبد الفتاح كليطو: نفسه، ص:23.
[1] - T.Todorov:Les genres du discours, p:51.
12 - انظر: جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا: أركانها وشروطها، منشورات المعارف، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2013م، 102 صفحة من الحجم المتوسط.
13 - أحمد جاسم الحسين: القصة القصيرة جدا، منشورات دار عكرمة، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 1997م.
15 - ذ.يوسف حطيني: القصة القصيرة جدا بين النظرية والتطبيق، مطبعة اليازجي، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 2004م.
16 - عبد الدائم السلامي: شعرية الواقع في القصة القصيرة جدا، منشورات أجراس، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2007م.
17 - د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بالمغرب: المسار والتطور، مؤسسة التنوخي للطبع والنشر والتوزيع، آسفي، الطبعة الأولى سنة 2008م.
18 - د.جميل حمداوي: خصائص القصة القصيرة جدا عند الكاتب السعودي حسن علي البطران، دار السمطي للنشر والإعلام، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى سنة 2009م.
19- د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بالمغرب: قراءة في المتون، منشورات مقاربات، آسفي، الطبعة الأولى سنة 2009م.
20- د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق، منشورات مطبعة حراء، وجدة، المغرب، ، الطبعة الأولى سنة 2013م.
21 - د. عبد العاطي الزياني: الماكروتخييل في القصة القصيرة جدا بالمغرب، منشورات مقاربات، سلسلة بحوث المجلة، الطبعة الأولى سنة 2009م.
22 - د.سعاد مسكين: القصة القصيرة جدا في المغرب: تصورات ومقاربات، التنوخي للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2011م.
23- جاسم خلف إلياس: شعرية القصة القصيرة جدا، دار نينوى، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 2010م.
24 - هيثم بهنام بردى: القصة القصيرة جدا في العراق، منشورات المديرية العامة لتربية نينوى،العراق،النشاط المدرسي، شعبة الشؤون الأدبية، الطبعة الأولى سنة 2010م.
25- جاسم خلف إلياس: شعرية القصة القصيرة جدا، دار نينوى للدراسات و النشر و التوزيع، العراق، الطبعة الأولى سنة 2010م.
26 - د.نور الدين الفيلالي: القصة القصيرة جدا بالمغرب، شركة مطابع الأنوار المغاربية، وجدة، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
27 - محمد يوب: مضمرات القصة القصيرة جدا، سلسلة دفاتر الاختلاف، مكناس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
28 - محمد اشويكة : المفارقة القصصية، سعد الورزازي للنشر، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2007م.
29- حميد لحمداني: نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا، مطبعة أنفوبرانت، فاس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
30 - حميد ركاطة: القصة القصيرة جدات قراءة في تجارب مغربية، منشورات وزارة الثقافة، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2013م.جزءان.
31- د.سعيد يقطين: الكلام والخبر، ص:181.
32 - د.سعيد يقطين: نفسه، ص:181.
[1] - د.سعاد مسكين: القصة القصيرة جدا: تصورات ومقاربات، التنوخي للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2011م، ص:41-42.
[2]- د.عبد الفتاح كليطو: الأدب والغرابة، دار الطليعة، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 1983م، ص:22.
[3] - د.سعيد يقطين: الكلام والخبر، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1997م، ص:181.
[4] - LALANDE (André), Vocabulaire technique et critique de la philosophie. Paris: Presses universitaires de France, 1972, p: 385.
[5] - Viëtor(K.): (L'histoire des genres littéraires),Poétique,32,1977,pp:490-506.
[6] -Yauss(H.R):(Littérature médiévale et théorie des genres),Poétique ,1970,p:91.
[7] - د. محمد مفتاح: دينامية النص، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1987م،ص:43.
[8] - د.محمد خطابي: لسانيات النص، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1991م، ص:57-58.
[9] - T.Todorov:Les genres du discours, Paris, Seuil, 1978, p:47.
[10] - KIBÉDI VARGA (Aron), « Les genres littéraires » in BEAUMARCHAIS (Jean-Pierre), COUTY (Daniel) et REY(Alain), Dictionnaire des littératures de langue française, t. II, Paris : Bordas, 1994, pp. 966-970.
[11] - د.عبد الفتاح كليطو: نفسه، ص:23.
[12] - T.Todorov:Les genres du discours, p:51.
[13] - انظر: جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا: أركانها وشروطها، منشورات المعارف، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2013م، 102 صفحة من الحجم المتوسط.
[14] - أحمد جاسم الحسين: القصة القصيرة جدا، منشورات دار عكرمة، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 1997م.
[15] - ذ.يوسف حطيني: القصة القصيرة جدا بين النظرية والتطبيق، مطبعة اليازجي، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 2004م.
[16] - عبد الدائم السلامي: شعرية الواقع في القصة القصيرة جدا، منشورات أجراس، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2007م.
[17] - د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بالمغرب: المسار والتطور، مؤسسة التنوخي للطبع والنشر والتوزيع، آسفي، الطبعة الأولى سنة 2008م.
[18] - د.جميل حمداوي: خصائص القصة القصيرة جدا عند الكاتب السعودي حسن علي البطران، دار السمطي للنشر والإعلام، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى سنة 2009م.
[19] - د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بالمغرب: قراءة في المتون، منشورات مقاربات، آسفي، الطبعة الأولى سنة 2009م.
[20] - د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق، منشورات مطبعة حراء، وجدة، المغرب، ، الطبعة الأولى سنة 2013م.
[21] - د. عبد العاطي الزياني: الماكروتخييل في القصة القصيرة جدا بالمغرب، منشورات مقاربات، سلسلة بحوث المجلة، الطبعة الأولى سنة 2009م.
[22] - د.سعاد مسكين: القصة القصيرة جدا في المغرب: تصورات ومقاربات، التنوخي للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2011م.
[23] - جاسم خلف إلياس: شعرية القصة القصيرة جدا، دار نينوى، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 2010م.
[24] - هيثم بهنام بردى: القصة القصيرة جدا في العراق، منشورات المديرية العامة لتربية نينوى،العراق،النشاط المدرسي، شعبة الشؤون الأدبية، الطبعة الأولى سنة 2010م.
[25] - جاسم خلف إلياس: شعرية القصة القصيرة جدا، دار نينوى للدراسات و النشر و التوزيع، العراق، الطبعة الأولى سنة 2010م.
[26] - د.نور الدين الفيلالي: القصة القصيرة جدا بالمغرب، شركة مطابع الأنوار المغاربية، وجدة، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
[27] - محمد يوب: مضمرات القصة القصيرة جدا، سلسلة دفاتر الاختلاف، مكناس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
[28] - محمد اشويكة : المفارقة القصصية، سعد الورزازي للنشر، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2007م.
[29] - حميد لحمداني: نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا، مطبعة أنفوبرانت، فاس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
[30] - حميد ركاطة: القصة القصيرة جدات قراءة في تجارب مغربية، منشورات وزارة الثقافة، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2013م.جزءان.
[31] - د.سعيد يقطين: الكلام والخبر، ص:181.
[32] - د.سعيد يقطين: نفسه، ص:181.
يلاحظ دارس القصة القصيرة جدا بالوطن العربي أن هناك ثلاثة مواقف نقدية متضاربة حول فن القصة القصيرة جدا على مستوى التجنيس: موقف إيجابي يدافع عن القصة القصيرة جدا، إذ يعتبرها الجنس الأدبي المفضل والصالح للمستقبل(أحمد جاسم الحسين، ويوسف الحطيني، وجميل حمداوي، وعبد الدائم السلامي، وجاسم خلف إلياس، وعبد العاطي الزياني...). في حين، ثمة موقف سلبي رافض لها الفن الوافد، ويقوم على المكابرة والممانعة والعناد، وعدم الاعتراف بهذا الجنس المستحدث (أغلب كتاب الرواية وفن القصة القصيرة الذين يخافون على مكانتهم الأدبية كالقاص المغربي أحمد بوزفور مثلا...). أما الموقف الثالث فهو موقف وسط متردد ومحايد وحذر، لا يعبر عن نفسه بشكل واضح وصريح، بل ينتظر الوقت المناسب الذي يعلن فيه قرار الرفض أو التأييد. وما أكثر أصحاب هذا الموقف! ومن النقاد المترددين في هذا المجال نذكر الناقدتين المغربيتين: سعاد مسكين وسلمى براهمة. وفي هذا الصدد، تقول سعاد مسكين:" تصنف مواقف النقاد داخل مجرة (تقصد مجلة مجرة) إلى نمطين: صنف من النقاد يبدو متحمسا لهذا النوع السردي يدرسه باطمئنان شديد وثقة تامة عند ضبط معالمه وأركانه(جاسم خلف، ورمصيص، وتمارة، والزياني)، وصنف مازال يطرح الأسئلة، ويغامر في وضع ملامح لا أركان ثابتة للقصة القصيرة جدا(سلمى براهمة، وسعاد مسكين)، ربما يعود الأمر إلى كون محور الاشتغال كان يهم الجمالية، وترى الباحثتان أن الجمالية القصصية أمر مبكر على القصة القصيرة جدا بدعوى أننا لم نحسم بعد في جماليات القصة القصيرة، فما بالك بهذا النوع السردي الجديد؟!"[1]
وعليه، إذا كان هذا هو موقف بعض الدارسين من هذا الفن المستحدث، فهل تعد القصة القصيرة جدا فرعا من فروع القصة القصيرة؟ وهل نعتبرها أيضا مجرد تنويع أسلوبي وشكلي من ضمن تنويعاتها المختلفة؟ أم أنها جنس أدبي مستقل بذاته يمتلك خصوصياته الفنية والجمالية وثوابته التجنيسية؟ إذا كان ذلك بالفعل، فما هي المعايير التجنيسية التي تبثت لنا ذلك؟هذا ما سوف نرصده في هذه الورقة التي بين أيديكم.
- مفهوم الجنس الأدبي:
تعد مقولة (الجنس/Genre) مفهوما اصطلاحيا أدبيا ونقديا وثقافيا يهدف إلى تصنيف الإبداعات الأدبية حسب مجموعة من المعايير والمقولات التنميطية كالمضمون، والأسلوب، والسجل، والشكل... وغالبا ما يتمظهر ذلك بشكل جلي في عتبة التجنيس أو التعيين التي تتربع في وسط صفحة الغلاف الخارجي أو الداخلي من الكتاب. وهذه العتبة بمثابة عقد بين المبدع والمتلقي. ومن ثم، يهتدي القارئ إلى التعامل مع العمل على هدي ذلك التجنيس الذي أقره المبدع ، فيعتبره عملا واقعيا أوعملا تخييليا.
هذا، وترتبط عملية التجنيس بالقارئ الذي يعتمد على أفق انتظاره التخييلي في التعامل مع النص الأدبي. ويعني هذا أن المتلقي يستند إلى مجموعة من الاتفاقات التجنيسية التي من خلالها يقرأ ذلك النص تحليلا وتقويما. وبتعبير آخر، يمتلك القارئ معرفة خلفية تجنيسية يستكشف بها النص تشريحا وتأويلا. وبالتالي، فالجنس هو بمثابة عقد نصي أو اتفاق خطابي بين المرسل والمرسل إليه أو بين الكاتب المبدع والمتلقي المفترض.
وعليه، يتحدد الجنس الأدبي من خلال وجود مجموعة من العناصر الأساسية المشتركة التي تلتقي فيها مجموعة من النصوص الأدبية. في حين، توجد عناصر ثانوية يمكن أن تختلف فيها الأجناس والأنواع الأدبية بشكل من الأشكال. فالمهم هو احترام العناصر الرئيسية دون العناصر الثانوية. وتبعا لذلك، فكلما اختلت العناصر الأساسية ننتقل توا إلى جنس أدبي آخر في ضوء قانوني: التحول والتغير.
وإذا تتبعنا تاريخ الأجناس الأدبية، فقد كان الإخلال بالنوع أو الجنس في ثقافات معينة مذمة وتقصيرا وتنقيصا. بينما يعد في الثقافات الأخرى فضيلة وتميزا وحداثة وتجديدا وتجريبا. وهكذا، فعندما:" نتحدث – يقول عبد الفتاح كليطو- عن نوع من الأنواع ، فإنك لامحالة تستند أثناء حديثك، بصفة صريحة أو ضمنية، إلى نظرية في الأنواع. خصائص نوع لا تبرز إلا بتعارضها مع خصائص أنواع أخرى. تعريف النوع لاتبرز إلا بتعارضها مع خصائص أنواع أخرى. تعريف النوع يقترب من تعريف العلامة اللغوية عند دوسوسير: النوع يتحدد قبل كل شيء بما ليس واردا في الأنواع الأخرى.إذا تأملت نوعين(المدح والهجاء مثلا) ، فإنك ستلاحظ خصائص متعارضة ومتبادلة الارتباط؛تحديد النوع يقتضي منك أن تعتبر الترادف في مجموعة من النصوص والتعارض بين النوع وأنواع أخرى. لهذا، فإن دراسة نوع تكون في الوقت نفسه دراسة للأنواع المجاورة."[2]
هذا، وقد استلزمت نظرية الأجناس الأدبية مسألة التقسيم على غرار البلاغة العربية التي تم تشذيرها إلى المعاني والبيان والبديع، فقد قسم كل علم إلى عناصر وفروع كثيرة. وينطبق هذا أيضا على الأنواع الأدبية التي تم تصنيفها إلى جنسين كبيرين : الشعر والنثر ، فقسم الشعر إلى أغراض وفنون ثانوية وفرعية. كما قسم النثر إلى فنون وأنواع وأنماط. وقد رأينا في تراثنا العربي القديم أن هناك من كان يفضل الشعر على النثر، ومن كان يفضل النثر على الشعر.
وبناء على ماسبق، فالأجناس الأدبية مقولات مجردة نظرية وسيطة تربط النص بالأدب من جهة، وتصله بالمتلقي من جهة أخرى. كما أن هذه المقولات هي التي تسعفنا في فهم الأعمال الأدبية وتأويلها وتقويمها، وتساعدنا على تصنيف النصوص وتجنيسها وتنميطها. وهي التي تخلق أفق انتظار القارئ أثناء التعامل مع النصوص والأعمال الفنية. وبهذا، تتحول هذه المقولات المجردة إلى بنيات ثابتة متعالية وأشكال تصنيفية جاهزة تعتمد عليها المؤسات الاجتماعية: الثقافية، والتربوية، والأدبية، وغيرها من المؤسسات المجتمعية، في التمييز بين النصوص والخطابات والأشكال التاريخية، وتصنيفها إلى أنواع وأشكال وأنماط ضمن خانات وأقسام ونظريات مجردة، تقوم بعمليات: الوصف والتفسير والتأويل.
- قوانيــــن التجنيــــس الأدبي:
ثمة مجموعة من القوانين التي ينبغي الانطلاق منها لمعرفة هل القصة القصيرة جدا جنس أدبي جديد أم أنها مجرد فرع من فروع القصة القصيرة؟ وهذه القوانين هي:
- قانــــون المماثلـــة:
يعني هذا القانون أن ثمة مجموعة من النقط المشتركة والمتماثلة بين النصوص الأدبية التي تسمح بإدراجها ضمن خانة تجنيسية واحدة. وللتوضيح أكثر، فكل نص أو خطاب أدبي له مجموعة من العناصر التي تتآلف من خلالها مع باقي النصوص الأخرى. وفي الوقت نفسه، للنص عناصره الخاصة التي تميزه عن باقي تلك النصوص. لكن المشترك والمؤتلف هو الذي يخلق الجنس الأدبي. ومن هنا، يصبح معيار المماثلة مقياسا ضروريا في التصنيف والتجنيس والتنويع والتقسيم والتنميط. وهكذا، فقانون المماثلة هو الذي يوحد بين النصوص الأدبية والخطابات الفنية، ويدخلها ضمن صنف نظري واحد ، ويدرجها ضمن مقولة تجنيسية أدبية موحدة.
وهكذا، تتفق النصوص المدرجة ضمن جنس القصة القصيرة جدا في مجموعة من الخصائص ، مثل: الحجم القصير جدا، والتكثيف، والاقتضاب، والقصصية، وفعلية الجملة، وتراكب الجمل، والتنكير، والحذف، والإضمار، وانتقاء الأوصاف، وإرباك المتلقي، وطرح الأسئلة الكبيرة على الرغم من الحجم القصير جدا...
- قــــانــون التواتـــر:
يسمى هذا القانون كذلك بقانون التردد والتكرار. ويعني هذا القانون الإحصائي أن الجنس الأدبي يتحدد عبر الاستقراء والاستنباط والتحليل والتراكم، برصد العناصر المتواترة والمتكررة في النصوص الأدبية، عبر تطورها التاريخي أو في حقبة زمنية معينة. فالعناصر المتكررة داخل النصوص تصبح هي الضوابط والمعايير والمقاييس التي ينبغي الاستعانة بها في تصنيف الأجناس الأدبية، وترتيبها تجنيسا وتنويعا وتنميطا. والغرض من كل ذلك هو استكشاف العناصر العامة، واستكناه المبادئ الكونية التي تتحكم في الأجناس الأدبية، سواء أكانت تاريخية أم نظرية.
وعليه، تتميز كثير من النصوص القصيرة جدا بتكرار بعض السمات المميزة، مثل: قصر الحجم جدا، والشذرية، والتكثيف، والانتقاء، والتركيز، والتشويق، وتنويع علامات الترقيم، والتناص، والإيحاء، والترميز، وفعلية الجملة والتركيب، والحكائية...
- قانــــون الأهميــة :
يسمى هذا القانون أيضا بقانون الملاءمة. بمعنى أن النصوص الأدبية والفنية تحتوي على عناصر ذات أهمية كبرى، وتتضمن أيضا عناصر ثانوية وفرعية لا أهمية لها. وهذه العناصر المهمة التي يشترك فيها النص الأدبي مع باقي النصوص الأخرى، قد تصبح بحال من الأحوال ظوابط منهجية في عملية التجنيس والتصنيف والتقسيم، وتصبح تلك الضوابط كذلك مقاييس ملائمة لتحليل كل نص أدبي، وتجنيسه في قسم أو مقولة نظرية معينة، بعد أن يكون لذلك الجنس الأدبي تاريخ مشترك مع مجموعة من النصوص الأدبية. وهكذا، ينبغي على المتلقي أو الناقد أو الباحث في نظرية الأجناس الأدبية أن يستخلص الأركان المهمة في النصوص، ويستهدي بشكل من الأشكال بالشروط الثانوية. لكن تبقى الأركان الثابتة هي العناصر المهمة مقارنة بالشروط الفرعية التي قد توجد في مجموعة من الأجناس الأدبية.
ومن ثم، تتضمن القصة القصيرة جدا مجموعة من الأركان المهمة التي تفرد هذا الجنس الأدبي الجديد عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى، مثل: قصر الحجم جدا، والإضمار، والتكثيف، والانتقاء، والتراكب، والتتابع، والتنكير، والتسريع، والمفاجأة، والسخرية، والاقتضاب، والمفارقة، والقصصية، والإدهاش...
- قانـــون القيمــة المهيمنة:
يرتبط الجنس الأدبي - حسب رومان جاكبسون (R.Jakobson)- بقانون القيمة المهيمنة (la valeur dominante). بمعنى أن الجنس الأدبي يتحدد بهيمنة وظيفة معينة ، قد تكون تلك الوظيفة انفعالية أو تعبيرية كما في الشعر الغنائي، أو وظيفة شعرية وجمالية كما في النص الإبداعي، أو وظيفة انتباهية تأثيرية كما في الخطب والوصايا، أو وظيفة حفاظية كما في المكالمات الهاتفية، أو وظيفة مرجعية كما في النصوص التاريخية والإخبارية، أو وظيفة لغوية وصفية كما في النصوص النقدية. وكلما غلبت وظيفة ما في نص ما، صنف ذلك النص ضمن جنس تلك الوظيفة المهيمنة.
وبناء على ما سبق، تحوي القصة القصيرة جدا وظيفتين متقاطعتين: الوظيفة القصصية المبنية على الحبكة السردية من بداية وعقدة وصراع وحل ونهاية، والوظيفة الشذرية المبنية على التقطيع والتشظي والومضة.
- قانـــون الثبــــات:
تتوفر مجموعة من النصوص الأدبية والفنية على عناصر ثابتة وقارة غير متغيرة ولامتحولة. هذه العناصر الثابتة هي التي تجعل هذه النصوص كلها تندرج ضمن خانة تصنيفية معينة. وبهذا، يتحدد الجنس الأدبي انطلاقا من وجود تلك العناصر الثابتة المهيمنة في مقابل العناصر المتغيرة. فرصد ماهو ثابت هو الذي يحدد الجنس الأدبي مأسسة وتسنينا وتشفيرا.وبالتالي، يصبح الجنس مؤسسة أجناسية معترف به أكاديميا وأدبيا ونقديا واجتماعيا. ويرى سعيد يقطين في كتابه (الكلام والخبر) أن قانون الثبات هو الذي:" يحدد لنا العناصر الجوهرية التي بواسطتها نميز ماهية الشيء عن غيرها من الأشياء الأخرى المتصلة بها أو المنفصلة عنها. وحصول هذه العناصر الجوهرية ضروري لتعيين الشيء، لذلك ربطناها بمبدإ الثبات."[3]
وتأسيسا على ما سبق، تتميز القصة القصيرة جدا بمجموعة من العناصر التجنيسية الثابتة ، مثل: الحكائية، والحجم القصير جدا، والإضمار، والحذف، والانتقاء، والتسريع، والمفارقة ، والسخرية، والجرأة، والصورة الومضة، والتراكب، والتتابع، والتنكير في وسم الشخصيات...
- قانـــون التطـــور:
إذا استلهمنا آراء نظرية التطور في التعامل مع الأجناس الأدبية، فيمكن القول بأن الجنس الأدبي مثل الإنسان أو الكائن الحي يخضع لثلاث مراحل متعاقبة، وتشكل تلك المراحل سنة الحياة لكل كائن عضوي حي. فهناك أولا فترة الولادة، ثم ثانيا فترة النمو والنضج، ثم، ثالثا فترة الموت والاندثار والتلاشي. وبتعبير آخر، تظهر – في البداية- أجناس وأنواع أدبية، ثم تنمو وتنضج وتتطور، لتختفي - في الأخير- تلاشيا وانقراضا واضمحلالا. وهكذا، يرى فرديناند برونوتيير (F.Brunetière) أن خطب الوعاظ في القرن السابع عشر،بعد فترة انقطاع، تحولت إلى الشعر الغنائي في القرن التاسع عشر الميلادي.
ومن ثم، يمكن القول بأن مجموعة من الأجناس الأدبية كالخبر والحديث والكذب والأحجية والقصة القصيرة والأقصوصة والمقامة والحكاية واللغز والنكتة... قد تحولت عبر تطور الزمان إلى جنس القصة القصيرة جدا. فقد كتب نجيب محفوظ الرواية فالقصة القصيرة ثم القصة القصيرة جدا. وكتب جبران خليل جبران الرواية فالقصة القصيرة ثم القصة القصيرة جدا. بمعنى أن تاريخ السرديات يخضع كباقي الكائنات الحية لقانون التغير والتحول بالانتقاء والحذف والتشذيب والاختصار...
- قانــــون العــــدد:
وضع ستالوني (Y. Stalloni) قانون العدد (La loi du nombre) ، ويقصد به أنه توجد مجموعة من الأعمال الأدبية التي تتماثل وتشترك في عدد من النقاط المشتركة والعناصر الملائمة، وتتحدد ائتلافا في مجموعة من الخصائص والمكونات والسمات المتشاكلة عدديا. ولقد استخلص ستالوني هذا القانون من معجم لالاند المتعلق بالمصطلحات التقنية الفلسفية، إذ عرف لالاند (A. Lalande,) الجنس (Genre) قائلا:" يطلق الجنس على شيئين متماثلين لهما بعض الخصائص المشتركة المهمة".[4]
ونجد هذا القانون أيضا لدى فيتور (K.Viëtor) الذي يقول:" كيف يمكن كتابة تاريخ الأجناس الأدبية في غياب أي معيار قبلي لتصنيف الأجناس الأدبية؟.ومن ثم، لايتحدد الجنس الأدبي إلا بعد نظرة كلية لمجموعة من النصوص الفردية التي ظهرت عبر التاريخ؟"[5]
بمعنى أن الجنس الأدبي يتحدد عبر إبراز عدد من العناصر والقواسم المشتركة بين النصوص والخطابات، أو عبر مجموعة من النصوص التي تتراكم في الزمان والمكان.
وينطبق هذا القانون أيضا على جنس القصة القصيرة جدا، فثمة مجموعة من النصوص القصيرة جدا تتفق في مجموعة من الثوابت المشتركة. فإذا أخذنا على سبيل التمثيل بلدا كالمغرب، فقد حقق تراكما كبيرا في هذا المجال بأكثر من أربع ومائة(104) مجموعة قصصية قصيرة جدا. وتتفق هذه الأضمومات في مجموعة من العناصر المتكررة، مثل: القصصية، والحجم القصير جدا، والمفارقة، والإضمار، والحذف، والتركيز، وانتقاء الأوصاف، والتنكير، والاقتضاب، وفعلية الجملة، واستخدام الصورة الومضة بكل آلياتها البلاغية من رمز واستعارة وتشخيص وإيحاء وانزياح...
- قانـــون أفـــق الانتــظار:
يرتبط قانون أفق الانتظار بجمالية التلقي أو التقبل، وخاصة مع هانز روبير ياوس. والمقصود بهذا القانون أن المتلقي يمتلك أفق انتظار في قرائته للنصوص الأدبية والفنية. فحينما يقرأ- مثلا - مسرحية تراجيدية فوق غلاف الكتاب الخارجي، فإنه ينتظر أن تقدم المسرحية أحداثا مأساوية، وتعرض صراعا تراجيديا. وحينما يقرأ مسرحية كوميدية، فينتظر القارئ من ذلك أن تقدم المسرحية أحداثا فكاهية مسلية تثير الضحك .وهكذا، يمتلك المتلقي أفق انتظاره في قراءة النصوص الأدبية وتجنيسها، فكل جنس لايراعي أفق انتظار المتلقي، نقول بأنه قد خيب أفق انتظاره المعهود[6].
وهكذا، يتميز جنس القصة القصيرة جدا بتخييب أفق انتظار القارئ بخاصية الحجم القصير جدا، واستخدام قصصية حكائية مركزة ومقتضبة وموجزة، مع الإكثار من نقط الحذف، وتنويع الخواتم وعلامات الترقيم، وإرباك المتلقي وإدهاشه، وتحويل المتن إلى أسئلة إشكالية صادمة ومستفزة ومحيرة...
- قانـــون التمثيـــل:
يقصد بقانون التمثيل أن يتضمن النص الأدبي مجموعة من العناصر والثوابت القارة التي يمكن أن تمثل جنسا أدبيا معينا.أي: تتوفر على نسبة معينة من العناصر التمثيلية التي تسمح لهذا النص بالانتماء إلى جنس أدبي معين .وبالتالي، تصبح تلك العناصر هي التي تمثل باقي النصوص الأخرى. وبتعبير آخر، يمكن أن يمثل ذلك الجنس الأدبي نظريا مجموعة من التجليات النصية والخطابية التاريخية المتحققة ممارسة وتطبيقا وإبداعا. ومن ثم، ترتكن القصة القصيرة جدا إلى مجموعة من الأركان الثابة ، مثل: الحجم القصير جدا، والحكائية، والحذف، والاقتضاب، والتركيز، والإضمار، وفعلية التركيب، والتنكير، وانتقاء الأوصاف، وإرباك المتلقي، وطرح الأسئلة الكبيرة، والمفارقة، والسخرية...
- قانـــون التــراكـــم:
يتحدد الجنس الأدبي نظرية وممارسة عن طريق التراكم الكمي والكيفي والنوعي. بمعنى أن يكون هناك عدد كبير من النصوص والخطابات الأدبية النوعية المتراكمة من أجل تعيين جنس أدبي معين، أو تسميته اصطلاحا ومفهوما. وغالبا ما يتحدد الجنس الأدبي من خلال تراكم ظواهر معينة، فالقصة هي نتاج لتراكم كثير من الحكايات، والرواية نتاج لتراكم كثير من القصص، والسيرة الذاتية نتيجة لتراكم كثير من أخبار التراجم، وهكذا، دواليك...
وعليه، فالقصة القصيرة جدا قد حققت في السنوات الأخيرة تراكما كبيرا على المستوى الورقي والرقمي والإعلامي، فالمغرب بمفرده أنتج من 1994إلى يومنا هذا (2013م) أربع ومائة (104) أضمومة قصصية قصيرة جدا. ونجد هذا التراكم أيضا قد تحقق بنسب مختلفة ومتفاوتة في سوريا والعراق والأردن وفلسطين والسعودية...بل نلفي مجموعة من كتاب الرواية والقصة القصيرة قد كتبوا قصة قصيرة جدا، مثل: جبران خليل جبران، ونجيب محفوظ، وزكريا تامر، وعبد الرحمن مجيد الربيعي، ومحمد عزالدين التازي، ومحمد زفزاف...
- قانـــون التكامـــل:
يتحدد الجنس الأدبي نظريا وتاريخيا عبر عمليتي التراكم والتكامل، ويعني التكامل ارتباط النوع الأول بالنوع الثاني ارتباطا وثيقا؛ مما يؤدي هذا الترابط والتكامل إلى تشكيل جنس أدبي جديد له مكوناته الخاصة به. فقد تولد جنس الرحلة – مثلا- عن طريق التكامل بين التاريخ والجغرافيا والسيرة الذاتية، وتحقق جنس الرواية عبر تكامل تفاعلي بين الحكاية والقصة والوصف...
وهكذا، فقد تشكل جنس القصة القصيرة جدا عن تداخل مجموعة من الأجناس الأدبية وتفاعلها وتلاقحها، مثل: القصة القصيرة والأقصوصة والأحجية واللغز والحكاية والخبر والحديث والمقامة والرحلة والكذب والنكتة والشعر...
- قانــــون المقارنـــة:
يعمل هذا القانون على المقارنة بين النصوص الأدبية برصد ماهو مشترك وماهو مختلف.أي: يعمل قانون المقارنة على ذكر مواطن الاختلاف والالتقاء بين النصوص الأدبية إن شكلا وإن دلالة وإن وظيفة، وذلك بغية معرفة ما يحدد نصا ما ويميزه عن باقي النصوص الأخرى برصد المتماثل والمختلف. فعملية المقارنة مهمة في عملية التجنيس الأدبي، فانطلاقا منها يتأسس الجنس الأدبي ويتكون ويتولد . وينضاف إلى ذلك، أن النصوص تقارن عبر ضوابط أسلوبية، وموضوعاتية، وخطابية، وشكلية، وإيديولوجية، ووظيفية... وبعبارة أخرى، تتم المقارنة بين النصوص والخطابات المعطاة - تاريخيا ونظريا- شكلا ودلالة ووظيفة.
ومن هنا، تتميز القصة القصيرة جدا عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى بمجموعة من المبادئ الثابتة، مثل: الحجم القصير جدا، والقصصية،والتنكير، وانتقاء الأوصاف، والمفارقة، والسخرية، والتكثيف، والصورة الومضة، والجرأة، والتسريع، والتراكب، والتتابع،...
- قانــــون المشابهــة:
يعد قانون المشابهة من أهم القوانين التي يتكئ عليها الجنس الأدبي في عملية التصنيف من جهة ، وعملية القراءة والتأويل من جهة أخرى. بمعنى أن المشابهة تساعدنا على معرفة النصوص المتشابهة في مجموعة من العناصر المشتركة. كما تسعفنا المشابهة في إدراك نصوص جديدة، وتحليلها في ضوء نصوص قديمة تتشابه معها في مجموعة من العناصر والثوابت التجنيسية المشتركة. وفي هذا الصدد، يقول محمد مفتاح:" إن المشابهة لها دور كبير في التعميم والتصنيف وربط العلائق، وإدراكا من الباحثين لهذا الدور، فإننا نجدهم اهتموا بها، وخصصوها بدراسات مستفيضة، بعضها رياضي، وبعضها لساني، وبعضها سيميائي، ذلك أنها هي حجر الزاوية- وضعيا على الأقل- للمقارنة والمقايسة، ولعقد الصلات أو لرفضها.على أنها قد تكون ظاهرة أحيانا، وقد تكون خفية أحيانا أخرى (وظيفية أو عقلية)، ولكنه مهما كان الأمر، فإنها لابد لمن أراد أن يلحق شيئا بشيء.
بيد أن طبيعة الأشياء وقوتها تفرض أن التفرد هو أساس المشابهة، ومعنى هذا أن إدراك خصائص الشيء المفرد الملاصقة والمفارقة هي أصل القياس. واستنتاجا من هذا أنه لاينبغي بخس الجنس الأدبي خصائصه الظاهرة، فلايعقل أن نسوي بين نص شعري ونص قصصي بدعوى الاشتراك في أصل الوجود وآلاته، فإذا فعلنا هذا فقد نسوي بين مظاهر الطبيعة جميعها، وحينئذ فإننا نقع في اختزال مشين ومضحك، ولكنه ، في الوقت نفسه، يجب ألا يقتصر على الدراسة التجريبية الجزئية التي لاتنتهي إلى استنتاجات عامة؛ فالمزاوجة ، إذاً، بين اكتشاف الثوابت وبين مراعاة المظاهر، أمر متعين."[7]
هذا، ويعد مبدأ التشابه من الآليات التي تسعف الدارس في عملية التجنيس، وقراءة النص الأدبي، وتأويل دلالاته، وخلق اتساقه وانسجامه. بمعنى أن مبدأ التشابه يشدد على " أهمية التجربة السابقة في المساهمة في إدراك المتلقي للاطرادات عن طريق التعميم، ولن يتأتى له ذلك إلا بعد ممارسة طويلة نسبيا، وبعد مواجهة خطابات تنتمي إلى أصناف متنوعة؛ مما يؤهله إلى اكتشاف الثوابت والمتغيرات. وعلى هذا النحو يمكنه الوصول إلى تحديد الخصائص النوعية لخطاب معين.
من ضمن ماتزود به التجربة السابقة المتلقي، القدرة على التوقع. أي: توقع ما يمكن أن يكون اللاحق بناء على وقوفه (أي المتلقي) على السابق. إن تراكم التجارب (مواجهة المتلقي للخطابات)، واستخلاص الخصائص والمميزات النوعية من الخطابات يقود القارئ إلى الفهم والتأويل بناء على المعطى الموجود أمامه، ولكن بناء أيضا على الفهم والتأويل في ضوء التجربة السابقة. أي: النظر إلى الخطاب الحالي في علاقة مع خطابات سابقة تشبهه، أو بتعبير اصطلاحي، انطلاقا من مبدإ التشابه."[8]
وهكذا، فقانون التشابه مهم لتثبيت الجنس، والتعرف عليه بشكل من الأشكال أثناء مواجه النصوص دلاليا، وملامستها فنيا وجماليا وسياقيا.
ومن ثم، تتشابه مجموعة من النصوص القصصية القصيرة جدا في مجموعة من الملاح الكبرى والصغرى، مثل: الحذف، والإضمار، والقصصية، والحجم القصير جدا، وتنويع علامات الترقيم، وإرباك المتلقي، وفعلية التركيب، والصورة الومضة، وتنويع الفضاء، والشذرية، وطرح الأسئلة الكبرى، والانزياح...
- قانــــون التوصيـــف:
يعمد الجنس الأدبي ، باعتباره مقولة تجنيسية مجردة، إلى توصيف النصوص الأدبية وتوسيمها بأوصاف جنسية أو نوعية أو نمطية. بمعنى أن الجنس الأدبي بمثابة لغة وصفية نستعين بها لفهم النص الأدبي، وتفسيره، وتأويله، وتقويمه، والحكم عليه تصنيفا وتقسيما وترتيبا. ويعني هذا أن الجنس الأدبي يستخدم لغة وصفية (Métalangage) متعالية ومجردة للتفكير في النص الأدبي بوصف مكوناته، وتبيان سماته، وتحديد خاصياته الثابتة والمتغيرة، مع تجنيسه في خانة أدبية معينة في ضوء مجموعة من المعايير الدلالية والشكلية والوظيفية، أو في ضوء معايير مضمرة وأنساق أدبية تعمل عليها كثير من النصوص الأدبية بشكل من الأشكال.
وعليه، تمدنا القصة القصيرة جدا بمجموعة من المعايير الوصفية التي تساعدنا على تمييز هذا الجنس الأدبي على باقي الأجناس والأنواع والأنماط الأدبية الأخرى، مثل: القصصية، والجرأة، والوحدة، والتكثيف، والمفارقة، والسخرية، وفعلية الجملة، والتتابع، والشذرة، والتفاعل، والتنكير، وانتقاء الأوصاف، والحذف، والإضمار، وإرباك المتلقي، والحجم القصير جدا، وتنويع البدايات والأجساد والخواتم، واستخدام التناص والرمز والانزياح...
- قانـــون التصنيـــف:
يعد الجنس الأدبي معيارا للتصنيف، والتقسيم ، والتنميط، والتنويع، والتمييز بين الأجناس الراقية النبيلة والأجناس السوقية الشعبية. ويعني هذا أنه معيار للتراتبية الانتقائية. ومن هنا، يتحدد الجنس - حسب تودوروف- بكونه مقولة لتصنيف النصوص[9]. ومن جهة أخرى، يرى كبيدي فاركا (A. Kibédi Varga) بأن الجنس الأدبي هو أداة للتصنيف، والتنميط، والتنويع، والتقسيم. بمعنى أن الجنس:" مقولة توحد مجموعة من النصوص الأدبية حسب معايير مختلفة"[10].
ويتم تصنيف الأجناس الأدبية تاريخيا ونظريا في ضوء معايير وضوابط معينة: شكلية، ودلالية، وخطابية، وأدائية، وإيديولوجية، وأسلوبية، ووظيفية...
وبناء على ماسبق، يتحدد جنس القصة القصيرة جدا في مجموعة من المقاييس التجنيسية الدلالية والتركيبية والمعمارية والسردية والفضائية والتقبلية والبلاغية والأسلوبية والموازية، مثل: مقياس القصر، ومقياس الترقيم، ومقياس التنوع الفضائي، ومقياس القصصية أو الحكائية، ومقياس التركيز، ومقياس التنكير على مستوى تسمية الشخصيات، ومقياس التنكيت والتلغيز، ومقياس الاقتضاب، ومقياس التكثيف، ومقياس الإضمار والحذف، ومقياس الاشتباك، ومقياس المفاجأة، ومقياس الإدهاش، ومقياس الجملة البسيطة، ومقياس التراكب، ومقياس الفعلية، ومقياس التتابع، ومقياس التسريع، ومقياس التناغم الداخلي، ومقياس البداية والجسد والقفلة، ومقياس التركيب الحدثي، ومقياس الصورة الومضة، ومقياس المفارقة، ومقياس السخرية، ومقياس العنونة، ومقياس الانفتاح الأجناسي، ومقياس التفاعل، ومقياس التناص،ومقياس الانزياح، ومقياس الترميز، ومقياس الأنسنة والتشخيص، ومقياس الفانطازيا، ومقياس التلميح، ومقياس الغموض، ومقياس الإيحاء، ومقياس التجريد، ومقياس الأسلبة، ومقياس الالتفات، ومقياس التنضيد، ومقياس التهجين، ومقياس الالتفات، ومقياس التشخيص الذاتي والموضوعي والميتاسردي...
- قانــــون التقسيـــم:
خضعت الأجناس الأدبية للتقسيم إلى أنواع وأنماط، بمعنى أن تقسيم الجنس الأدبي يتم بشكل متدرج من أعلى قاعدة الهرم إلى أسفله، بالانتقال من الأجناس النبيلة إلى الأجناس السوقية. ومن ثم، تتعدد التقسيمات بشكل يصعب حصر كل الأجناس الأدبية.
وللتمثيل، فقد تفرعت عن الشعر الغنائي والملحمة والدراما أصناف وأنواع كثيرة من الصعب استقصاؤها وحصرها في أشكال ثابتة ومعينة. وفي هذا الصدد، يقول عبد الفتاح كليطو:" مسألة الأنواع تذكر بمسألة الصور البلاغية.هل يمكنك أن تتكلم عن الأنواع دون أن تلجأ إلى التقسيم؟ ثم هل للأنواع عدد يمكن حصره؟ قل الشيء نفسه عن الصور والمحسنات التي تكاثر عددها مع مرور الزمن في المصنفات البلاغية. ولكن الشره الاستيعابي والتقسيمي لم يتعرض للأنواع كما تعرض للصور البلاغية. ومرد ذلك لكون القدماء يميزون بين الأنواع النبيلة والأنواع السوقية، فلا يهتمون إلا بالأولى .أما فيما يخص المحسنات، فإن التفضيل بصفة عامة غير وارد (هل الطباق أنبل من التورية؟)".[11]
وهكذا، نجد علماء نظرية الأدب قد قسموا الصيغة إلى أجناس، وقسموا الأجناس إلى أنواع، وقسموا الأنواع إلى أنماط، وقسموا كل عنصر من هذه العناصر إلى ماهو ثابت، وماهو متحول، وماهو متغير.
ومن ثم، يمكن تقسيم جنس القصة القصيرة جدا إلى أنواع عدة ، مثل: القصة الشذرية، والقصة الومضة، والقصيصة، والقصة التلغرافية، والقصة اللحظة، والقصة اللقطة، والقصة الخاطرة، والقصة البرقية، والقصة المتوهجة، والقصة اللامعة، والحالة القصصية، والصورة القصصية، والمغامرة القصصية، و اللوحة القصصية،و انشطارات قصصية، و أقاصيص، ونصوص بتنورات قصيرة ، ونصوص سردية، وقصص مينيمالية، و قص، ونثيرة، و لقطات قصصية ، وشذرات قصصية، و أقاصيص، و قصيصات،...
- قانـــون المأسسة:
حينما يتكون الجنس الأدبي وفق قواعد جماعية مشتركة مبنية على استقراء مجموعة من النصوص الأدبية المشتركة، يصبح ذلك الجنس الأدبي معيارا اجتماعيا للتصنيف والتجنيس والتقسيم، وتصبح قواعده الثابتة والمهمة والقارة مقاييس ضرورية في عملية التحليل البيداغوجي والديداكتيكي، بل تصبح تلك المقولات التجنيسية ذات طابع اجتماعي مؤسساتي خاضع لسلطة الضبط والتأديب . وفي هذا السياق، يرى تودوروف "أن الجنس الأدبي هو الذي يحدد ثقافة المجتمع، ويؤسس بنيات مؤسساته المعرفية والأدبية والفنية والثقافية. وتبعا لذلك، فالجنس الأدبي يتحاور ويتواصل مع المجتمع الذي يتنمي إليه عبر وساطة المؤسسة، وكيفما كانت نوعية المؤسسة، فالجنس يعبر عن مجموعة من الخصائص المشتركة للمجتمع التي ينتمي إليها الجنس الأدبي."[12]
وهكذا، فقد أصبح جنس القصة القصيرة جدا مؤسسة ثقافية واجتماعية وسلطة أدبية عليا ينبغي احترام قوانينها ومقاييسها الفنية والجمالية والموضوعاتية، وتمثل معاييرها الدلالية والبلاغية والأسلوبية والشكلية.
- قانــــون التنظيـــم:
تنظم نظرية الأجناس الأدبية النصوص والخطابات - حسب بنياتها الداخلية- تشريحا وتركيبا. ومن ثم، يساعد بناؤها النسقي على فهم الجنس أو النوع الأدبي، ويساعدنا على التعرف عليه وتمثله واستيعابه وانتقاده في ضوء بنياته السائدة والمعروفة. وتبعا لذلك، نتعرف الأجناس الأدبية ضمن بناها وعناصرها التنظيمية التي تختلف عن أنساق تنظيمية أخرى.
وهكذا، ينبغي للدارس أو الناقد أو القارئ المفترض أن يلم بجميع المقاييس والقواعد التنظيمية التي ينبني عليها جنس القصة القصيرة جدا حين ملامسة النص أو الخطاب المعطى تفكيكا وتركيبا. وتنتظم هذه القوانين ضمن أركان ثابتة رئيسية لايمكن الاستغناء عنها، وهي التي تميز القصة القصيرة جدا عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى (الحكائية، والحجم القصير جدا، والتكثيف، والتنكير، وفعلية الجملة، والدهشة، والمفارقة، والحذف، والإضمار، وانتقاء الأوصاف، والاقتضاب، والومضة، والشذرة...)، وشروط ثانوية يمكن أن تشترك فيها القصة القصيرة جدا مع باقي الأجناس الأدبية الأخرى (التناص، والتفاعل، وانفتاح الجنس، والاستعارة، والأنسنة، والتشخيص، والأسلبة، والإيحاء، والانزياح...)[13].
- قانــــون التسنيـــن:
يسمى أيضا بقانون التشفير، ويعني هذا أن الجنس الأدبي قد يتحول إلى شفرة مقننة ومسننة. وبالتالي ، يصبح الجنس الأدبي مؤسسة ثابتة وقارة، لها قواعد معينة، ينبغي احترامها، وتمثل ضوابطها، ويمنع انتهاكها، أو الخروج عنها بأي حال من الأحوال. وبتعبير آخر، إن الجنس هو عبارة عن مجموعة من القواعد التي قد تم الاتفاق عليها مؤسساتيا. لذا، فعلى المبدع الانطلاق منها، وعدم مخالفتها بأي شكل من الأشكال، بل يصبح هذا التشفير والتسنين ذا طابع اجتماعي ومؤسساتي من الصعب خرقه، وإلا سيتعرض صاحبه للنقد والعقاب الرمزي بتعبير بيير بورديو(Pierre Bordieu).
ومن ثم، يتسنن جنس القصة القصيرة جدا في مجموعة من الأركان والشروط التي أشارت إليها مجموعة من الدراسات والأبحاث والمقالات والكتب النقدية التي نظرت لهذا الفن الأدبي الجديد، مثل : كتاب أحمد جاسم الحسين(القصة القصيرة جدا) [14]، وكتاب يوسف حطيني(القصة القصيرة جدا بين النظرية والتطبيق)[15]، وكتاب عبد الدائم السلامي( شعرية الواقع في القصة القصيرة جدا)[16]، وكتب جميل حمداوي(القصة القصيرة جدا بالمغرب: المسار والتطور)[17]، و(القصة القصيرة جدا عند الكاتب السعودي حسن علي البطران)[18]، و( القصة القصيرة جدا بالمغرب: قراءة في المتون)، [19]، و(القصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق)[20]، وكتاب عبد العاطي الزياني( الماكروتخييل في القصة القصيرة جدا بالمغرب)[21]، وكتاب سعاد مسكين(القصة القصيرة جدا في المغرب: تصورات ومقاربات)[22]، وكتاب جاسم خلف إلياس( شعرية القصة القصيرة جدا) [23]، وكتاب هيثم بهنام بردى ( القصة القصيرة جدا في العراق)[24]، وكتاب جاسم خلف إلياس( شعرية القصة القصيرة جدا)[25] وكتاب نور الدين الفيلالي (القصة القصيرة جدا بالمغرب)[26]، وكتاب محمد يوب( مضمرات القصة القصيرة جدا)[27]، وكتاب محمد اشويكة (المفارقة القصصية)[28]، وكتاب حميد لحمداني(نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا )[29]، وكتاب حميد ركاطة(القصة القصيرة جدا: قراءة في تجارب مغربية)[30]...
- قانـــون الاختـــلاف:
يعتبر قانون الاختلاف معيارا آخر لتحديد الأجناس الأدبية الأخرى، فقد تشترك النصوص الأدبية في قواسم مشتركة واحدة، تتحدد من خلالها الأجناس الأدبية، بيد أن العناصر التي تم الاختلاف حولها، قد تؤسس جنسا أدبيا فرعيا متميزا، يتولد عن الجنس الرئيس. بمعنى أن هناك أجناسا أدبية رئيسة وأجناسا أدبية فرعية. فمثلا الرواية والقصة القصيرة والحكاية والقصة القصيرة جدا تشترك في مجموعة من العناصر المتآلفة الموحدة، ولكن تختلف في مجموعة من المعايير والعناصر ، وهذا المختلف هو الذي يشكل تنويعة جنسية فرعية آخرى ضمن خانة الأجناس الأدبية. ويمكن أن نقول بمعنى آخر: إن الجنس الأدبي يتحدد بالتعارض مع الأجناس الأدبية الأخرى المقابلة.
وهكذا، يمكن القول بأن جنس القصة القصيرة جدا يتحدد فنيا وجماليا بالاختلاف عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى كالرواية والقصة القصيرة والأقصوصة...
- قانــــون التفاعــل:
من المعلوم أن النص الأدبي لا يوجد بمفرده، ولم يخلق من عدم، وليس نصا نقيا موحدا صافيا، بل تتداخل فيه النصوص والأجناس الأدبية تناصا وامتصاصا وحوارا وتفاعلا. بمعنى أن النص الأدبي يتضمن مجموعة من العناصر المشتركة التي يلتقي فيها مع مجموعة من النصوص الأخرى، بل يشترك حتى مع الأجناس الفرعية و الأنواع والأنماط في تلك القواسم التجنيسية المشتركة. لكن الجنس الأدبي يستضمر مجموعة من المعايير والعناصر الثابتة التي توجد في نصوص سابقة، قبل ولادة نص جديد، ومن ثم يدخل الجنس الأدبي في علاقات تفاعلية وتناصية مركبة ومعقدة مع نصوص سابقة .
وهكذا، تتداخل القصة القصيرة جدا أجناسيا مع الرواية والقصة القصيرة والشعر والشذرة والنكتة والخاطرة والنادرة والطرفة والأحجية والمقامة...
- قانــــون التحـــول:
يسمى هذا القانون كذلك بقانون الانتهاك والانزياح. بمعنى أن الجنس الأدبي قد ينتهك جنسا آخر، حيث يغير كل المعالم التصنيفية القديمة، وينزاح عن المعايير التي تم التعارف عليها بتقديم عناصر جديدة إلى عملية التجنيس، فيتغير الثابت ليتحقق التحول والانتقال إلى جنس أدبي آخر. وبتعبير آخر، يقع هذا التحول - حسب يوس- بتخييب أفق انتظار القارئ؛ لأن المتلقي قد تعود على نص أدبي خاضع لمجموعة من العناصر والضوابط المألوفة، لكن حينما ينتهك هذا الجنس عبر آليات التحديث والتجريب والتفكيك والتقويض يخيب أفق انتظار المتلقي، ويتأسس لديه أفق انتظار جديد ، بعد أن يتمثل آليات هذا الجنس الأدبي المستجد. وهكذا، يتغير الجنس الأدبي بتغير أفق انتظار القارئ. وعن هذا المبدإ، يقول سعيد يقطين بأنه يتعلق :" بكل الظواهر والأشياء.غير أنه يختلف عن الأول بكونه لايتصل بـالعناصر الجوهرية، ولكن بالصفات البنيوية للشيء، وهذه الصفات قابلة للتحول كلما طرأت عوامل جديدة، تؤثر في الظاهرة، وتعطي لصفاتها البنيوية أوضاعا تتحدد بفعل الشروط المحيطة بها.[31]"
وهكذا، فقد تبلورت القصة القصيرة جدا فنيا وجماليا ودلاليا وأجناسيا، بعد أن انزاحت عن الرواية والقصة القصيرة والأقصوصة والنادرة والطرفة والشذرة والمقامة والقصيدة النثرية...
- قانـــون التغــير:
يتعلق قانون التغير بانتقال جنس أو نوع أدبي من حالة إلى أخرى حسب العوامل الذاتية والموضوعية، وحسب التغيرات الزمكانية. ومن ثم، لا يختلف هذا القانون في عمومه عن مبدإ التحول والثبات من حيث الكلية" فكل الظواهر عرضة للتغير الذي ينقلها من حالة إلى حالة أخرى مختلفة تماما،وذلك بفعل تدخل عوامل معينة تتصل مثلا بالزمن. فالصيرورة التاريخية تحيل الشيء أو الظاهرة من وضع إلى آخر.وتبعا لذلك، تكتسب الظواهر سمات مختلفة باختلاف الزمن.لذلك، ننظر في هذه التغيرات، في ذاتها، ومن زاوية علاقة الشيء المتغير بغيره من الظواهر في الحقبة الزمنية نفسها."[32]
ومن هنا، يعتبر التغير قانونا لتطور القصة القصيرة جدا، إذ انتقلت من القصة القصيرة والأقصوصة إلى الشكل الذي نعهده حاليا. وبتعبير آخر، لقد خرجت القصة القصيرة جدا من رحم القصة القصيرة بعد مجموعة من التغيرات والتحولات الشكلية والأسلوبية والفضائية والدلالية والسردية.
- قانــــون الوساطــــة:
يعني هذا القانون أن الجنس الأدبي يعد واسطة للتعرف على النصوص الأدبية. بمعنى أن الناقد الأدبي أو القارئ المفترض لايمكن له ملامسة النص وقراءته وتحليله وتقويمه وتفكيكه إلا بمعرفة الجنس الأدبي. وبهذا، يكون الجنس وسيطا بين الناقد المتلقي والنص الأدبي. وتعد هذه الوساطة المعيارية ضرورية لفهم النص الأدبي وتفسيره وتأويله. كأن الجنس مقولة تصنيفية خارجية تسعف القارئ في استيعاب خصوصيات النص ، وتعرف بنياته الدلالية والفنية والجمالية. ويلاحظ أن قانون الوساطة قانون مجرد يجمع بين عنصرين محسوسين هما: المتلقي والنص الأدبي، أو يربط بين النص والأدب.
ومن ثم، يساعدنا جنس القصة القصيرة جدا على تعرف مبادئه الجمالية والفنية والدلالية، والتمييز بينه وبين باقي الأجناس الأدبية الأخرى، سواء أكانت سردية أم غنائية أم درامية.
- قانـــون الجمـــال:
من المعروف أن الأجناس الأدبية هي بنيات جمالية وفنية قبل كل شيء. بمعنى أن الجنس الأدبي يحدد القواعد الجمالية التي يستند إليها الجنس أو النوع أو النمط، وتصبح هذه القواعد الجمالية بمثابة مبادئ تنظيمية ومؤسساتية، ينبغي احترامها، والاشتغال وفقها، وكل من ينتهكها أو ينزاح عنها يتعرض لهجوم النقاد والجمهور على حد سواء.
ومن هنا، يتضمن جنس القصة القصيرة جدا في طياته مقومات جمالية وفنية، يبلورها النص المعطى صياغة وخطابا وبناء وتشكيلا وتناصا وأسلبة.
- قانــــون الهرمية أو التراتبــية:
ينبني الجنس الأدبي على تراتبية شكلية معينة، بمعنى أنه يمكن الحديث عن مستويات مختلفة ومتنوعة أثناء حديثنا عن الأجناس الأدبية، فهناك الجنس الأدبي الرئيس، والجنس الأدبي الثانوي، والجنس الأدبي الفرعي. بمعنى أن هناك أشكالا ثابتة، وأشكالا متحولة ثانوية. وبتعبير آخر، يمكن الحديث عن الجنس، والنوع، والنمط. وبالتالي، تخلق هذه الأصناف الفرعية والجزئية تراتبية في التصنيف والتجنيس والتقسيم ، وذلك حسب الأهمية والقيمة والنوعية.
وهكذا، فالقصة القصيرة جدا - باعتبارها جنسا أدبيا رئيسا- تتفرع إلى أنواع وأنماط، مثل: : القصة الشذرية، والقصة الومضة، والقصيصة، والقصة التلغرافية، والقصة اللحظة، والقصة اللقطة، والقصة الخاطرة، والقصة البرقية، والقصة المتوهجة، والقصة اللامعة، والحالة القصصية، والصورة القصصية، والمغامرة القصصية، و اللوحة القصصية،والنثيرة، و انشطارات قصصية، و أقاصيص، ونصوص سردية، و قصص مينيمالية، وقص، و لقطات قصصية ، وشذرات قصصية، وأقاصيص، و قصيصات...
- قانـــون المفاضلـــة:
لقانون المفاضلة دور كبير في ترجيح كفة بعض الأجناس على حساب أجناس أخرى، فقد كانت هناك أجناس نبيلة وراقية كالملحمة والشعر والدراما، وأجناس دونية كالأنواع الهزلية والفكاهية مثلا. فلو أخذنا الرواية – مثلا- فقد كانت قبل القرن الثامن عشر أفقر الأنواع الأدبية، وعدت نوعا مرفوضا عند القراء والنقاد . بيد أن الرومانسية ستعيد الاعتبار لفن الرواية ، فستسمو به إلى أعلى هرم نظرية الأجناس الأدبية؛ لكونه يضم كل الأجناس والأنواع الأخرى ضمن بوتقة فنية واحدة مترابطة ترابطا عضويا وموضوعيا. ولقانون المفاضلة أيضا علاقة بقانون التراتبية، فقد كان الشعر في ثقافتنا العربية أفضل بكثير من النثر؛ لأنه ديوان العرب ، وسجل تاريخهم وآثارهم.
ويبدو أن قانون المفاضلة في الحقيقة تعبير عن تراتبية اجتماعية وطبقية تعكس الصراع بين ماهو علوي وماهو سفلي. ومافتئ كتاب الرواية يفضلون الرواية على باقي الأجناس الأدبية الأخرى، و كتاب القصة القصيرة يفضلون جنسهم الأدبي على باقي الأجناس الأدبية الأخرى. وفي المقابل، نجد كتاب القصة القصيرة جدا ونقادها يدافعون عن هذا الجنس الأدبي الجديد، ويفضلونه على باقي الأجناس الأدبية الأخرى. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على اختلاف الأهواء والأمزجة والأذواق الفنية والجمالية ليس إلا.
- قانـــون التأويـــل:
إذا انطلقنا من تصورات النظرية الظاهراتية أو النظرية التأويلية (الهيرمونيطيقية)، فالجنس الأدبي يقوم على قانون التأويل. بمعنى أن الجنس الأدبي يساعدنا ، وذلك بمجرد الاحتكاك به، وملامسة بنياته الأولى توقعا وافتراضا وقراءة وتجربة ، على استكناه الدلالة فهما وتشريحا وتفكيكا، واستكشاف معاني النص أو الخطاب، ورصد مقاصده القريبة والبعيدة عبر فعل التأويل أوالتفسير. وتبعا لذلك، فالجنس آلية من آليات استكشاف المعنى، ولكن بشرط أن يقوم على عمليتي: الفهم والتأويل.
ويعني هذا أن جنس القصة القصيرة جدا بأركانه الثابتة وشروطه الفنية والجمالية والدلالية يساعدنا على تأويل مختلف النصوص الشذرية أو النصوص السردية القصيرة جدا فهما وتفسيرا ومقصدية.
- قانـــون الممانعـــة:
يلاحظ أن كثيرا من الأعمال والنصوص والمؤلفات الأدبية المعاصرة ترفض عملية التجنيس، وتأباها بشكل مطلق، وتمتنع عن إمكانية تصنيفها ، ولا ترغب في الوجود أصلا، وتعمل على تفكيك نفسها بنفسها، وتحتمي بخاصية الأدب العامة، وتكره التجنيس، وترفض التنميط، وتدرج نفسها ضمن خانة الكتاب أو العمل أو الأثر أو الأدب(L'euvre)، مثل كتابات مابعد الحداثة، مثل: كتابات موريس بلانشو(الفضاء الأدبي) 1955م، و( الكتاب الذي يأتي)1959م)، وكتابات رولان بارت، ونيتشه، وعبد الكبير الخطيبي، وكتابات التفكيكيين بصفة عامة. ويترتب على ذلك صعوبة تصنيفها أو تجنيسها في خانة أدبية ما ؛ وذلك بسبب تمردها انزياحا وتفكيكا وتشتيتا وتأجيلا.
ومن ثم، فهناك مجموعة من النصوص السردية التي تندرج ضمن القصة القصيرة جدا، لكنها ترفض أن تصنف نفسها ضمن خانة هذا الجنس الأدبي. لذا، فهي تختار كلمة (نصوص) أو (قص) أو (نصوص سردية)...
خاتمــــة:
تلكم-إذاً- أهم القوانين والمعايير التنظيمية التي تسعفنا في عملية التجنيس والتصنيف والتمييز والتنميط. وقد تبين لنا - حسب المعايير التجنيسية التي ذكرناها سالفا- أن القصة القصيرة جدا جنس أدبي بامتياز مثل الرواية والقصة القصيرة يمتلك مجموعة من الأركان الثابتة التي تميزه عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى تخصيصا وتفريدا واستقلالية، مثل: القصصية، والحجم القصير جدا، والتكثيف، والاقتضاب، والتركيز، والحذف، والإضمار، والتسريع، والمفاجأة، وفعلية الجملة، والتتابع، والتراكب، والصورة الومضة، وإدهاش المتلقي... في حين، ثمة مجموعة من المعايير والقوانين التجنيسية التي تشترك فيها القصة القصيرة جدا مع باقي الأجناس الأدبية الأخرى، مثل: الأنسنة، والتشخيص، والانزياح، والتناص، والأسلبة، وانفتاح الجنس، والتلميح، والإيحاء، والفانطازيا، ...
هذا، وقد ظفرت القصة القصيرة جدا في السنوات الأخيرة بصك الاعتراف القانوني والمؤسساتي والنقدي والأدبي والأجناسي، بعد أن دافع عنها الإعلام الورقي والرقمي من جهة أولى، ونافح عنها النقد الأدبي من جهة ثانية، واعترفت بها المؤسسات والمعاهد الجامعية من جهة ثالثة.
الهوامش:
[1] - د.سعاد مسكين: القصة القصيرة جدا: تصورات ومقاربات، التنوخي للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2011م، ص:41-42.
2- د.عبد الفتاح كليطو: الأدب والغرابة، دار الطليعة، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 1983م، ص:22.
3- د.سعيد يقطين: الكلام والخبر، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1997م، ص:181.
4- LALANDE (André), Vocabulaire technique et critique de la philosophie. Paris: Presses universitaires de France, 1972, p: 385.
5- Viëtor(K.): (L'histoire des genres littéraires),Poétique,32,1977,pp:490-506.
6 -Yauss(H.R):(Littérature médiévale et théorie des genres),Poétique ,1970,p:91.
7 - د. محمد مفتاح: دينامية النص، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1987م،ص:43.
8 - د.محمد خطابي: لسانيات النص، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1991م، ص:57-58.
9 - T.Todorov:Les genres du discours, Paris, Seuil, 1978, p:47.
10 - KIBÉDI VARGA (Aron), « Les genres littéraires » in BEAUMARCHAIS (Jean-Pierre), COUTY (Daniel) et REY(Alain), Dictionnaire des littératures de langue française, t. II, Paris : Bordas, 1994, pp. 966-970.
11- د.عبد الفتاح كليطو: نفسه، ص:23.
[1] - T.Todorov:Les genres du discours, p:51.
12 - انظر: جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا: أركانها وشروطها، منشورات المعارف، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2013م، 102 صفحة من الحجم المتوسط.
13 - أحمد جاسم الحسين: القصة القصيرة جدا، منشورات دار عكرمة، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 1997م.
15 - ذ.يوسف حطيني: القصة القصيرة جدا بين النظرية والتطبيق، مطبعة اليازجي، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 2004م.
16 - عبد الدائم السلامي: شعرية الواقع في القصة القصيرة جدا، منشورات أجراس، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2007م.
17 - د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بالمغرب: المسار والتطور، مؤسسة التنوخي للطبع والنشر والتوزيع، آسفي، الطبعة الأولى سنة 2008م.
18 - د.جميل حمداوي: خصائص القصة القصيرة جدا عند الكاتب السعودي حسن علي البطران، دار السمطي للنشر والإعلام، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى سنة 2009م.
19- د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بالمغرب: قراءة في المتون، منشورات مقاربات، آسفي، الطبعة الأولى سنة 2009م.
20- د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق، منشورات مطبعة حراء، وجدة، المغرب، ، الطبعة الأولى سنة 2013م.
21 - د. عبد العاطي الزياني: الماكروتخييل في القصة القصيرة جدا بالمغرب، منشورات مقاربات، سلسلة بحوث المجلة، الطبعة الأولى سنة 2009م.
22 - د.سعاد مسكين: القصة القصيرة جدا في المغرب: تصورات ومقاربات، التنوخي للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2011م.
23- جاسم خلف إلياس: شعرية القصة القصيرة جدا، دار نينوى، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 2010م.
24 - هيثم بهنام بردى: القصة القصيرة جدا في العراق، منشورات المديرية العامة لتربية نينوى،العراق،النشاط المدرسي، شعبة الشؤون الأدبية، الطبعة الأولى سنة 2010م.
25- جاسم خلف إلياس: شعرية القصة القصيرة جدا، دار نينوى للدراسات و النشر و التوزيع، العراق، الطبعة الأولى سنة 2010م.
26 - د.نور الدين الفيلالي: القصة القصيرة جدا بالمغرب، شركة مطابع الأنوار المغاربية، وجدة، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
27 - محمد يوب: مضمرات القصة القصيرة جدا، سلسلة دفاتر الاختلاف، مكناس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
28 - محمد اشويكة : المفارقة القصصية، سعد الورزازي للنشر، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2007م.
29- حميد لحمداني: نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا، مطبعة أنفوبرانت، فاس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
30 - حميد ركاطة: القصة القصيرة جدات قراءة في تجارب مغربية، منشورات وزارة الثقافة، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2013م.جزءان.
31- د.سعيد يقطين: الكلام والخبر، ص:181.
32 - د.سعيد يقطين: نفسه، ص:181.
[1] - د.سعاد مسكين: القصة القصيرة جدا: تصورات ومقاربات، التنوخي للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2011م، ص:41-42.
[2]- د.عبد الفتاح كليطو: الأدب والغرابة، دار الطليعة، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 1983م، ص:22.
[3] - د.سعيد يقطين: الكلام والخبر، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1997م، ص:181.
[4] - LALANDE (André), Vocabulaire technique et critique de la philosophie. Paris: Presses universitaires de France, 1972, p: 385.
[5] - Viëtor(K.): (L'histoire des genres littéraires),Poétique,32,1977,pp:490-506.
[6] -Yauss(H.R):(Littérature médiévale et théorie des genres),Poétique ,1970,p:91.
[7] - د. محمد مفتاح: دينامية النص، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1987م،ص:43.
[8] - د.محمد خطابي: لسانيات النص، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1991م، ص:57-58.
[9] - T.Todorov:Les genres du discours, Paris, Seuil, 1978, p:47.
[10] - KIBÉDI VARGA (Aron), « Les genres littéraires » in BEAUMARCHAIS (Jean-Pierre), COUTY (Daniel) et REY(Alain), Dictionnaire des littératures de langue française, t. II, Paris : Bordas, 1994, pp. 966-970.
[11] - د.عبد الفتاح كليطو: نفسه، ص:23.
[12] - T.Todorov:Les genres du discours, p:51.
[13] - انظر: جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا: أركانها وشروطها، منشورات المعارف، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2013م، 102 صفحة من الحجم المتوسط.
[14] - أحمد جاسم الحسين: القصة القصيرة جدا، منشورات دار عكرمة، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 1997م.
[15] - ذ.يوسف حطيني: القصة القصيرة جدا بين النظرية والتطبيق، مطبعة اليازجي، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 2004م.
[16] - عبد الدائم السلامي: شعرية الواقع في القصة القصيرة جدا، منشورات أجراس، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2007م.
[17] - د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بالمغرب: المسار والتطور، مؤسسة التنوخي للطبع والنشر والتوزيع، آسفي، الطبعة الأولى سنة 2008م.
[18] - د.جميل حمداوي: خصائص القصة القصيرة جدا عند الكاتب السعودي حسن علي البطران، دار السمطي للنشر والإعلام، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى سنة 2009م.
[19] - د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بالمغرب: قراءة في المتون، منشورات مقاربات، آسفي، الطبعة الأولى سنة 2009م.
[20] - د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق، منشورات مطبعة حراء، وجدة، المغرب، ، الطبعة الأولى سنة 2013م.
[21] - د. عبد العاطي الزياني: الماكروتخييل في القصة القصيرة جدا بالمغرب، منشورات مقاربات، سلسلة بحوث المجلة، الطبعة الأولى سنة 2009م.
[22] - د.سعاد مسكين: القصة القصيرة جدا في المغرب: تصورات ومقاربات، التنوخي للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2011م.
[23] - جاسم خلف إلياس: شعرية القصة القصيرة جدا، دار نينوى، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 2010م.
[24] - هيثم بهنام بردى: القصة القصيرة جدا في العراق، منشورات المديرية العامة لتربية نينوى،العراق،النشاط المدرسي، شعبة الشؤون الأدبية، الطبعة الأولى سنة 2010م.
[25] - جاسم خلف إلياس: شعرية القصة القصيرة جدا، دار نينوى للدراسات و النشر و التوزيع، العراق، الطبعة الأولى سنة 2010م.
[26] - د.نور الدين الفيلالي: القصة القصيرة جدا بالمغرب، شركة مطابع الأنوار المغاربية، وجدة، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
[27] - محمد يوب: مضمرات القصة القصيرة جدا، سلسلة دفاتر الاختلاف، مكناس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
[28] - محمد اشويكة : المفارقة القصصية، سعد الورزازي للنشر، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2007م.
[29] - حميد لحمداني: نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا، مطبعة أنفوبرانت، فاس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
[30] - حميد ركاطة: القصة القصيرة جدات قراءة في تجارب مغربية، منشورات وزارة الثقافة، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2013م.جزءان.
[31] - د.سعيد يقطين: الكلام والخبر، ص:181.
[32] - د.سعيد يقطين: نفسه، ص:181.