محمد محمود غدية - غيمة ممطرة

إختفى من رأسه الشعر الأسود، الذى أصبح كندف الثلج، مما زاده وقارا، دلالة على التجريب والمعرفة، لا يسمح لأحد أن ينبش ماضيه، أو يطرق باب قلبه الموصد، غياب من أحبها، صنع منه الشاعر والفيلسوف،
الأشجار والأزهار تملأ المروج والبساتين، ألوانها تخلب الألباب والنواظر، وحده لا يستطيع الإستمتاع بالأزهار
ولا بنسيم الصبح الرطب، العيب ليس فى الأزهار ولا فى الشمس التى لا يراها، وإنما فى عينه التى أصابها الرمد وقلبه الذى أصابه العطب، الحياة فى منطقها المعاكس والعجيب، قادرة على أن تمسح فى لحظة، من الأحزان مايعجز المحيط عن غسله، كان مدعوا لإلقاء الشعر فى أحد المنتديات الثقافية، بعد أن ذاع إسمه كشاعر موهوب، بجواره جلست أربعينية حسناء،
شعرها يسافر فى كل الدنيا، عينيها النجلاوين أكثر إلتماعا من النور الذى يملأ القاعة، تكتب الشعر مثله لديها طاقة إيجابية عالية، لو وزعت على الحضور يكفى ويفيض، لمست حيرة وعدم إتزان من يجاورها، عرفت فيه الشاعر الذى يكتب الشعر لا بالقلم وإنما بنصل سكين يقطر ألم
شديد الحرص فى عدم الكلام، لكنها إستطاعت أن تفك شفراته بعد جهد، إنه الحب الذى يأتى ويذهب دون إبداء الأسباب،
قرأت فى كراسة شعره قصيدة منقوصة لم يتممها تقول : غادرتنا وإنسحب النسيم برفقتها / بكت السماء / فأسقطت دمعتين / فأنبتت الأرض زهرتين / باقة الشعر والأحزان
قالت الشاعرة : ستقتلك الوحدة ولن تتوقف الحياة برحيل حب منقوص، مثل قصيدتك لأن الحب الحقيقى لا يذهب، إفتح قلبك وإخلع عنك النظارة السوداء، التى حجبت عنك مباهج الحياة،
الحياة لسه فيها أشياء حلوة ينبغى العيش من أجلها، ليست لديك أسرة مثلى، هى بمثابة الدنيا واستأذنته فى الإنصراف، بعد أن بددت الغيوم التى داهمته، فى سقوط أمطار رطبت قلبه .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...